الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في بيان أنهم يطلقون العام والأعم على التردُدِ المتقَّدم في الباب الأول على عموم الشمول وهو الأصل
، وعلى
عموم الصلاحية وهو المطلق الذي هو قسم للعام.
فيسمون المطلق عامًا، بسبب أن موارده عامة، غير منحصرة، لا أنه في نفسه عام، فقوله تعالى:{فتحرير رقبة} مطلق، والمقصود بها: القدر المشترك بين جميع الرقاب، غير أن المكلف لما كان له أن يعين هذا الاسم المفهوم المطلق المشترك في أي مورد شاء من رقبة سوداء أو بيضاء، أو طويلة أو قصيرة، أو غير ذلك من الهيئات والصفات التي لا تتناهى قيل: إن لفظ الرقبة عام، ويريدون عموم الصلاحية وعموم البدل، بمعنى: أن له أن يعتق أي رقبة شاء بدلا عن الأخرى، وكل رقبة معينة صالحة لذلك، ما لم يمنع الشرع
منه ولكن لا يلزم المكلف أن يجمع بين رقبتين، بل له الاقتصار على رقبة واحدة بخلاف عموم الشمول، يلزمه تتبع الأفراد حيث وجدها بذلك الحكم كقوله تعالى: } فاقتلوا المشركين كافة {إذا قتل مشركا ثم وجد آخر وجب قتله، وهلم جرا، إلى غير النهاية، وكذلك قوله تعالى: } ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق {إذا وجد نفسَا من النفوس وجب عليه اجتنابها، فإذا وجد أخرى بعدها وجب عليه اجتنابها أيضَا، وكذلك سائر صيغ العموم، بخلاف إعتاق الرقبة، وإخراج شاه من أربعين شاة ودفع دينار في الزكاة من أربعين دينارًا، إذا أخرج فردا من هذه الماليات لا يجب عليه إخراج آخر، بل المحَالُّ التي تعين فيها ذلك العدد غير متناهية لا أن مدلول اللفظ العام متناه، وأما العام في الشمول فغير متناهفكان عموم الشمول بإطلاق لفظ العام أولى من عموم الصلاحية.
غير أن العلماء -رضوان الله عليهم- يطلقون لفظ: العام والأعم على المعنين بطرق الأشتراك ويريدون تارة هذا وتارة ذاك، فاعلم ذلك وتأمله في موارده، ويرشدك إلى مُرَادهم قرينةُ الحال في تلك المادة، هل هي من باب الصلاحية في المحال أو من باب عموم الشمول من جهة مدلول اللفظ؟