المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السبب الرابع: المفيد للعموم، وهو اللفظ بواسطة ما ينضم إليه - العقد المنظوم في الخصوص والعموم - جـ ١

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول: في إطلاقات العلماء العام والأعم

- ‌الباب الثاني في بيان أنهم يطلقون العام والأعم على التردُدِ المتقَّدم في الباب الأول على عموم الشمول وهو الأصل

- ‌الباب الثالث في بيان أن العموم من عوارض الألفاظومن عوارض المعاني

- ‌الباب الرابع في الفرق بين الكلي والكلية والجزء والجزئيَّة والجُزئى

- ‌فائدتان

- ‌الفائدة الأولى: أن الجزئي له في اصطلاح العلماء تفسيران:

- ‌الثاني: أن الجزئي ما اندرج تحت كلي

- ‌الفائدة الثانية: أن ضابط الكلي هو الذي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه

- ‌تنبيه: المعنى بالمثلين أن في الذهن صورة تنطبق عليهما من حيث ذاتيهما دون عوارضهما

- ‌ الفرق بين الكل والكلية

- ‌الباب الخامس في حقيقة مسمى العموم وحده

- ‌ الاحتمال الأول: وهو أن يكون اللفظ موضوعا للقدر المشترك

- ‌الاحتمال الثاني: أن يقال: إنه موضوع للخصوصيا التي تميز بها كل فرد من أفراد العموم

- ‌الاحتمال الثالث: وهو أن يكون اللفظ موضوعاً للمشترك مع الخصوص في كل فرد

- ‌الاحتمال الخامس: أن تكون صيغة العموم موضوعة للمشترك بين أفراده بقيد العدد

- ‌ الاحتمال السادس: أن يكون مسمى لفظ العموم هو القدر المشترك بقيد سلب النهاية

- ‌الباب السادس في الفرق بين العام والمطلق

- ‌ الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص:

- ‌الباب السابع في الفرق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي

- ‌الفرق الأول: أن العموم المعنوي مع خصوصه لكل واحد منهما وجود وعدم

- ‌الفرق الثاني: أن العموم المعنوي جزء مدلول العموم اللفظي؛ لأن مدلول العموم اللفظي كلية، وأفراد الكلية لا بد أن تشترك في معنى كلي

- ‌الفرق الثالث: أن العموم المعنوي يصدق في الوجود بفرد، ويثبت حكمه ويسقط الاستدلال بلفظه على فرد آخر

- ‌الفرق الرابع: أن عدم الحكم في العموم المعنوي في فرد من أفراده لا ينافي صدقه في الوجود؛ لاحتمال ثبوته في فرد آخر وهو كاف فيه

- ‌الباب الثامن في خواص العموم اللفظي

- ‌الخاصية الأولى: أن دلالته على ثبوت حكمه لفرد من أفراده خارجة عن الدلالات الثلاث المقررة في الألفاظ

- ‌الخاصية الثانية: هي عدم التناهي

- ‌الخاصية الثالثة لصيغ العموم: أن مسماها منقسم إلى نوعين

- ‌الخاصية الرابعة لصيغ العموم: انقسام مسماها إلى نوعين:

- ‌الخاصية الخامسة لمسمى صيغ العموم: أنها تقبل أن يستثنى منها ويخرج ما لا يتناهى

- ‌الخاصية السادسة لصيغ العموم: أن الحكم الثابت لمسماها إذا ثبت لكله ثبت لبعضه

- ‌الخاصية السابعة لصيغ العموم: أن أحد مجازاتها الذي هو التخصيص وسلب الحكم عن بعضه وثبوته في البعض مدلول للحقيقة في جميع الأحكام

- ‌الخاصية الثامنة: رجحان مجاز صيغ العموم على جميع المجازات إذا حصل بطريق التخصيص في حكم النهي والنفي

- ‌الباب التاسع في الأسباب المفيدة للعموم

- ‌السبب الأول: وهو الأصل في الباب، المفيد للعموم لغة بطريق المطابقة

- ‌السبب الثاني: المفيد للعموم بدلالة التضمن لا بالمطابقة

- ‌السبب الثالث: المفيد للعموم بطرق دلالة الالتزام، دون المطابقة والتضمن:

- ‌الجنس الأول: مفهوم الشرط

- ‌الجنس الثاني: مفهوم العلة

- ‌الجنس الثالث: مفهوم الصفة

- ‌الجنس الرابع: مفهوم المانع

- ‌الجنس الخامس: مفهوم الحصر

- ‌الجنس السادس: مفهوم الغاية

- ‌الجنس السابع: مفهوم الاستثناء

- ‌الجنس الثامن: مفهوم الزمان

- ‌الجنس التاسع: مفهوم المكان

- ‌الجنس العاشر: مفهوم اللقب

- ‌السبب الرابع: المفيد للعموم، وهو اللفظ بواسطة ما ينضم إليه

- ‌السبب الخامس المفيد للعموم: النقل العرفي في المفردات

- ‌السبب السادس المفيد للعموم: الكائن في المركبات:

- ‌الباب العاشر في الفرق بين ثبوت الحكم في الكلي، وبين نفي الكلي أو النهي عنه

- ‌ ثبوت الحكم في المشترك (يكفي فيه فرد، ونفي المشترك) الكلي يقتضي النفي عن كل فرد

- ‌ينبني على هذا الفرق ثلاث فوائد:

- ‌الباب الحادي عشر في الفرق بين نفي المشترك أو النهي عن مطابقة وبين النفي أو النهي عنه التزاما

- ‌الباب الثاني عشر في سرد صيغ العموم الدالة بالوضع الأول على العموم لغة على ما يدل عليه بعد هذا

- ‌تنبيه: لفظ: (كل) للعموم سواء (وقع) للتأسيس أو للتأكيد

- ‌صيغة

- ‌الباب الثالث عشر في صيغ العموم المستفادة من النقل العرفي دون الوضع اللغوي

- ‌الباب الرابع عشر في إقامة الدليل على أن هذه الصيغ المتقدم ذكرها في البابين قبله للعموم

- ‌ سر قول العلماء: مسائل أصول الفقه قطعية

- ‌ الجمع المعرف بلام الجنس يفيد الاستغراق

- ‌ المفهوم من الجمع المعرف

- ‌ العرب تشترط في التأكيد والنعت المناسبة اللفظية

- ‌الحقيقة بالإجماع:

الفصل: ‌السبب الرابع: المفيد للعموم، وهو اللفظ بواسطة ما ينضم إليه

الألفاظ تدل على دلالة الالتزام على العموم، عشرة من مفهوم المخالفة، وثلاثة من مفهوم الموافقة.

‌السبب الرابع: المفيد للعموم، وهو اللفظ بواسطة ما ينضم إليه

، وهو في نفسه غير دال ألبتة، وهو الذي يفرض ضمه للفظ (وهو ثلاثة أقسام):

/القسم الأول: الإجماع، وصورته أن يكون اللفظ استعمل في مجازه دون حقيقته وينعقد الإجماع على أن المراد مجازه، فيقع العموم في ذلك المجاز إذا كان اللفظ في نفسه عاما وضع للعموم، ولكن إنما يتناوله بمفهومه حقيقته دون مجازه، فحصول العموم في المجاز إنما حصل من جهة أمرين:

أحدهما: كون الصيغة عموم.

وثانيهما: انعقاد الإجماع على إرادة المجاز دون الحقيقة.

فمجموع الأمرين اقتضى العموم في المجاز (لا أحدهما؛ لأنه لو انفرد أحدهما لم يحصل عموم في المجاز) ومثاله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أكبر الكبائر أن يسب الرجل أباه)، قالوا: يا رسول الله كيف يسب الرجل أباه؟ قال: (يسب الرجل الرجل، فيسب الرجل أباه)، فالإجماع منعقد

ص: 279

لأجل هذا التصريح، على أن المراد بسب الأب: السبب لسبه، وأنه من باب إطلاق المسبب على السبب، فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم السبب الباعث على الشيء باسم مسببه الذي هو السبب نفسه، فيعم جميع أنواع التسبب لسب بواسطة الإجماع مع لفظ الحديث العام أن الرجل يلازم التعريف للعموم، وأب مضاف لضمير العموم، والمضاف للعموم يعم؛ لأن اسم الجنس إذا أضيف عم، ولو انفرد اللفظ وحده لم يتناول السبب ألبتة؛ لأن الوسيلة أخفض رتبة من المقصد، والوعيد على الأعلى لا يلزم ثبوته للأدنى، بل مفهومه يمنعه.

وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من قتل فتيلا فله سلبه)، فقوله

ص: 280

عليه الصلاة والسلام: (قتيلا) نكرة في سياق الشرط فيعم كقوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك} فيعم (أحد) في سياق الشرط كما يعم في النفي، واتفق الناس وشهد العوائد والعقل بأن القتيل لا يقتل، وأن المراد بـ (القتيل) ها هنا من قارب القتل بحضوره المعركة، وتسمية الشيء بما قاربه بما حصل له سببه مجاز إجماعا، فيكون العموم حاصلا في هذا المجاز دون الحقيقة بواسطة عموم مع انعقاد الإجماع على عدم إرادة الحقيقة.

وكذلك قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} فإن المشرك من جعل شريكا

ص: 281

في أي شيء كان/ (ولو شارك) أو أشرك غيره في داره أو فرسه، هذا المفهوم العام هو حقيقة اللفظ، وانعقد الإجماع على عدم إرادة هذا العموم العام الذي هو حقيقة اللفظ، وانعقد الإجماع على عدم إرادة هذا العموم العام الذي هو حقيقة اللفظ وأن المراد مشرك خاص، واستعمال اللفظ في الخاص من حيث هو خاص مع أنه موضوع للعام من حيث هو عام مجاز، لأن استعمال اللفظ في غير ما وضع له، ومنه استعمال الحيوان في الإنسان من حيث هو إنسان، لا من جهة أنه حيوان مجاز، وإنما يكون لفظ حيوان في الإنسان حقيقة إذا استعمل في المعنى العام وأطلق على نوعه من حيث هو مشتمل عليه، لا من حيث الخصوص، ولذلك قال العلماء: استعمال لفظ (الدابة) في الفرس أو الحمار مجازا لغويا، وإن كان الحمار دابة حقيقة بسبب أن اللفظ لم يرد به الحمار والفرس من جهة أنهما يدبان أو دابتان، بل من جهة خصوصهما، فلذلك كان اللفظ مجازا، وأنواع هذا القسم في

ص: 282

الكتاب والسنة كثيرة كالكفار والفجار والفساق وغيرها، فإن عسر عليك فهم مثال أو تقرير فخذ غيره.

القسم الثاني: أن ينضم إلى اللفظ آخر ويكون كل واحد من اللفظين لا إشعار له بالعموم، ويحصل من مجموعهما العموم.

ومثاله: كل ضمير لعام صدر للعموم بحكم وأسند للضير حكم آخر كقوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء} ، فالمطلقات عام يقتضى شمول حكم التربص ثلاثة قروء في كل مطلقة، ثم قال تعالى:{وبعولتهن أحق بدرهن في ذلك} أي في أجل العدة، وهذا الضمير ليس عاما في نفسه إلا بإضافته إلى ظاهره، فإن الضمائر من حيث هي ضمائر ليس فيها عموم ولا خصوص وإنما هي تتبع طواهرها، فضمير العام عام، وضمير الخاص خاص، ولا يقضى على الضمير من حيث هو ضمير

ص: 283

بشيء من العموم ولا الخصوص، فيحصل حينئذ العموم في الرجعيات باعتبار أن بعولتهن أولى بهن من جهة الضمير مع إضافة اللفظ الظاهر ليه، مع أن ذلك اللفظ الظاهر أيضا لم يشعر بهذا الحكم ألبتة الذي هو أولوية الأزواج بالرجعة نفيا ولا إثباتا/ فالظاهر لا يقتضى التعميم في هذا الحكم، والضمير لا يقتضيه ومجموعهما يقتضيه، كذلك قوله تعالى:{إلا أن يعفون} هذه النون ضمير خاص بالرشيدات وهو لا عموم فيه ولا خصوص، وإذا اعتبر مع ظاهره الموجب للعموم في الحكم المتقدم من الطلاق حصل العموم في الرشيدات باعتبار هذا الحكم الثاني الذي هو العفو، واعتبر ذلك في موارد النصوص تجده كثيرا.

القسم الثالث: أن ينضم إلى اللفظ المطلق الذي ليس بعام التصريح

ص: 284

بعلة، أو الإيماء لها، أو دليل يدل على تعليل ذلك الحكم الجزئي بعلة تشمل ما لا يتناهى من الأفراد، فيحصل العموم بمجموع القياس، وذلك اللفظ المطلق، وأحدهما وحدة لا يستقل بإفادة العموم، فإن القياس من غير أصل لا يفيد شيئا، ولا يتصور، فلا عموم حينئذ إلا من اللفظ المطلق مع القياس.

مثال التصريح بالعلة قوله عليه الصلاة والسلام في النهي عن ادخار لحوم الأضاحي: (إنما كنت نهيتكم لأجل الدافة)، أي لأجل الطائفة القادمة عليكم حتى تؤثروهم بلحوم الأضاحي، فالضمير في قوله عليه الصلاة والسلام:(نهيتكم)، خاص بالموجودين بحضرته عليه الصلاة والسلام، لا تقتضي اللغة إلا ذلك، وإن كان قد علم بدليل من خارج أن الخلق أجمعين يستوون في الشرائع.

وإذا كان مطلقا في اللغة- أعني ليس عاما- وهذا التعليل المصرح، يقتضي أنه مهما جاءت الدافة وحصلت الضرورة لغيرها، وجب علينا إيثاره بما يقوم به

ص: 285

من الطعام كان الوراد من أرباب الضرورات على أولئك المخاطبين أو غيرهم بل بطريق القياس المصرح بعلة.

مثال الإيماء للعلة: أنه عليه الصلاة والسلام دعى إلى بيت فيه كلب فلم يجب، ودعي إلى بيت فيه هرة فأجاب، فسئل عليه الصلاة والسلام عن ذلك فقال:(إنها من الطوافين عليكم والطوافات)، فقول الراوي: بيت فيه هرة: لا عموم فيه (بل مطلق)، وإيماؤه عليه الصلاة والسلام إلى التعليل بلفظ (إنها)، فإن هذه الصيغة من ألفاظ الإيماء وليس من باب الصرائح تقتضي العموم في كل هرة.

ص: 286

وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام في المحرم الذي وقصته ناقته: (لا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)، وقوله عليه الصلاة والسلام/ في قتلى أحد:(زملوهم بكلومهم، فإنهم يبعثون يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك)، يقتضي القياس تعميم هذين الحكمين في كل محرم وكل شهيد، مع أن اللفظ في نفسه لا عموم فيه، والقياس وحده لا يمكن بدون هذا اللفظ، وبمجموعهما يحصل العموم في هذين الفريقين، فتأمل ذلك.

ص: 287

ومثال الدليل الأجنبي (الدال عل) العلة مع لفظ يتناول صور القياس: الأعرابي الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في شهر رمضان، فقال له عليه السلام: (اعتق رقبة

) الحديث، اللفظ خاص بشخص خاص، لا عموم فيه، وكون الدليل دل على أن سبب وجوب الإعتاق عليه إنما هو مطلق الجرأة على الإفساد كيف كان، أو الجرأة على الإفساد بالجماع على اختلاف العلماء في علة هذا الحكم، هذا الدليل الدال على العلية بأحد هذين التفسيرين مع ذلك اللفظ الذي ليس بعام، مجموعهما يقتضي تعميم وجوب الكفارة على كل قاصد إفساد الصوم، وإن

ص: 288