الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكون
الفرق بين علم الجنس وعلم الشخص:
أن علم الشخص: هو الموضوع المشترك بقيد الشخص (الخارجي، وعلم الجنس: هو الموضوع المشترك بقيد التشخيص) الذهني.
وكان هذا التقرير في غاية الجودة من جهة أن التشخص والخصوص لم يفارق العملية، لا في علم الشخص ولا في علم الجنس، فصار محل الإشكال الذي هو علم الجنس في غاية المشابهة للجلي الواضح المعلوم، الذي هو اسم الجنس، وأبعد أحوال المجهول (أن تبين) أنه مساو للعموم وها هنا كذلك، فتأمله.
فإن قلت: إذا كان علم الجنس موضوعا لجزئي مشخص، وهو تلك الصورة، فكيف يمكن أن يقال بعد ذلك، إنه يصدق على كل (أسد)؟ فإن الجزئي لا يقبل الشركة، وهذا جزئي فلا يقبل الشركة، أو يقال: إنه يقبل الشركة/ فلا يصح ما قلتموه إنه وضع لجزئي، فالجمع بين كونه جزئيا ويقبل الشركة لا سبيل إليه، فهذا إشكال قوي لا بد من الجواب عنه، ليتحصل المقصود من التقرير السابق.
قلت: الصورة الذهنية إنما حصلت في الذهن بعد التجريد من الجزئيات،
فصدقت على الجزئيات.
بيانه: أنا إذا جردنا (زيدا) أيضا عن مشخصاته، لم يبق في ذهننا إلا القدر المشترك الذي هو الحيوان الناطق، فإذا جردنا (عمرا) أيضا عن مشخصاته لم يبق في ذهننا إلا الصورة الأولى، فكذلك تجريد بقية الأشخاص، وهذه الصورة الجزئية لما كانت إنما حصلت في الذهن من تجريد (زيد) و) عمرو) وجب أن يصدق على (زيد) و) عمرو)؛ لأنها مجردة منهما، وكذلك الكلام في غيرهما؛ لأن المجرد عن الشيء لا بد أن يصدق على الشخص المجرد بالضرورة، وإلا لما يكن مجرد منه بل مباينا له، فحصل - حينئذ- لهذه الصورة: أنها كلية من جهة صدقها على كثيرين، وأنها جزئية من جهة أنها فرد من أفراد تصور هذا النوع، وتعاقب أمثالها بعدها بسبب تخلل المتعقلات فاجتمع الجزئي والكلي في شيء واحد، وكان الجزئي صادقا على كثيرين، بل ما لا يتناهى وهو جزئي، فكان اللفظ الواحد موضوعا لشيء واحد وهو جزئي، وذلك الجزئي بعينه هو كلي، فهو من غرائب المعقولات وعجائب الموضوعات، ولا تجد له نظيرا من نوعه في الموضوعات، بل كل موضوع في لسان العرب إما لجزئي محض كعلم الشخص، أو كلي محض كاسم الجنس واسم العدد والمضمرات وغيرها من المعارف، كما تقدم أنها موضوعة لكليات.
فإن قلت: فصيغة العموم هي عندك (موضوعة) لكلي أو جزئي، فعلى الأول: يلزم أن تكون مطلقة، وليس كذلك، وعلى الثاني: يلزم أن يكون علما، وليس كذلك، فيتعين أن صيغة العموم قسم آخر، ويبطل ما ذكرته من حصر الموضوعات في الجزئي والكلي.
قلت: نختار أن صيغة العموم موضوعة لجزئي، بناء على قول الكل من أرباب الاصطلاح/ أن الجزئي هو: الذي يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، ونحن إذا تصورنا كلية أفراد الإنسان أو غيره حتى لا يبقى فرد من ذلك النوع، ونحن إذا تصورنا كلية أفراد الإنسان أو غيره حتى لا يبقى فرد من ذلك النوع، وحصرت هذه الكلية في ذهننا مستوعبة استحال أن يقدر على فرد آخر منها، وإذا استحال تثنيتها وجمعها امتنع قبولها للشركة فقد تصور معناها مانعا من قبول الشركة، وهذا هو حد الجزئي، فيكون جزئية فثبت حصر الموضوعات إما لجزئي وإما لكلي، ولم يوضع لهما معا إلا علم الجنس.
وكذلك اسم العدد الذي هو (عشرة) - مثلا- وضع لمرتبة معينة من العدد نجدها تارة عارضة للثياب، وتارة للدنانير، وتارة لغيرهما، وهذا اللفظ الذي هو لفظ (العشرة) موضوع للقدر المشترك بين هذه العوارض.