الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونفيها ولا يلزم من عزله عن ذلك أن يكون قابلا للشركة، ولا أنها ممتنعة عليه، فقد يقبلها في بعض الموارد، وقد لا يقبلها في بعضها.
تنبيه: المعنى بالمثلين أن في الذهن صورة تنطبق عليهما من حيث ذاتيهما دون عوارضهما
، وإلا فوجود مثلين في الخارج محال قطعا، لأنهما إن أخذا بقيد عوارضهما، وما وقع به تعينهما فهما خلافان، بل ضدان من هذا الوجه، لأن ما به تعيين أحدهما مخالف لما وقع به تعيين الآخر، فهما مختلفان من هذا الوجه، ويمتنع اجتماعهما، وهذا هو ضابط الضدين، وإن قطع النظر عما وقع به تعيينهما لم يبق إلا المشترك بينهما، والمشترك بينهما واحد، والواحد ليس بمثلين، فالمثلان على هذا التقدير حقيقتهما مستحيلة، وإنما الواقع ضدان أو واحد ليس بمثلين.
وأما إذا فسر المثلانبانطباق صورة ذهنية عليهما من حيث ذاتيهما دون
عوارضهما تصور المثلان.
وقولي: من حيث ذاتيهما احتراز من الضدين، والخلافين، فإن الصورة الذهنية تنطبق عليهما باعتبار أمر مشترك بينهما هو الضدية، أو اللونية، أو غير ذلك من الأمور المشتركة بينهما، من غير أن يكون ذلك كمال الحقيقة، بل للحقيقة ذاتيان غير تلك الصورة، فتأمل هذا الوضع فهو نفيس، زمنه يستفاد استحالة الوضع لمثلين عقلَا، وإن كنا نتصور العقلين مثلا بسبب أن الواضع إن وضع لتلك الصورة الذهنية فهي واحدة، والواحد ليس بمثلين، وإن وضع اللفظ للمتناقضين الخارجين مثلا من حيث تعينهما، فهما ضدان كما تقدم، لا مثلان، كما تقدم بيانه، أولهما مع قطع النظر عن تعينهما، فهما واحد، والواحد ليس بمثلين، فعلم أن وضع لفظ لمثلين مستحيلٌ عقلاً.
فإن قلت: إن كان تصورهما ممكن أمكن الوضع لهما، لأن ما أمكن تصوره أمكن الوضع له، وإن كان تصورهما غير ممكن فيكون من قبيل المستحيلات وهو خلاف إجماع العقلاء فإن لنا مثلين في الخارج قطعًا كالبياض والحركتين والجوهرين وذلك لا يعد ولا يحصى.
قلت: تصورهما ممكن بما ذكرته من التفسير من انطباق صورة واحدة في الذهن عليهما، وليس في الذهن مثلان ولا في الخارج مثلان، بل الواقع في الخارج مختلفان، وفي الذهن شيء واحد، والواضع إما لما في الذهن أو لنا في الخارج، ولا مثلين فيهما إلا بالتفسير الذي ذكرته.
فإن قلت: نجوزُ اجتماع صورتين للبياض مثلا، فيقع الوضع لتلك الصورتين وهما مثلان.
قلت: الصورتان في الذهن إنما يتصوران إذا قلنا: النفس ذات جواهر، لستحالة حصول المثلين أو العلمين فيث محل واحد، فإن التصور عام، وإذا كانت النفس ذات جواهر كان حصول الصورتين في محلين منهما، لحصول البياضين في الخارج في محلين، فيفتقران إلى تعين كل واحد منهما، فإن أُخذا بقيد يعينهما، فهما ضدان، كما تقدم، وبغير تعينهما فهما واحد كما تقدم، فيستحيل الوضع لمثلين أيضا على هذا التقدير، فظهر استحالة الوضع لمثلين مع إمكان تصورهما ولكن بما ذكرته من التفسير، فتأمله.
وفي الكلي مباحث كثيرة لا يليق ذكرها هنا، نحو: قبوله للوجود الخارجي، وعدم قبوله، وانقسامه للكلي المنطقي، والطبيعي، والعقلي وأقسامة، وكيفية حصولع في النفس، إلى غير ذلك من المباحث المقررة في علم المنطق.
وأما الكلية: فهي عبارة عن الحكم على كل فرد فرد من أفراد تلك المادة حتى لا يبقى منها فرد، فهي جزئية لا كلية، ويقابلها الجزئية وهي: القضاء على بعض تلك الأفراد، إما واحد كزيد، وإما عدد متناه كالمائة ونحوها من أفراد الإنسان أو عدد غير متناه كالرجال بالنسبة إلى أفراد الإنسان، فإن قولنا: كل إنسان حيوان كلية، وقولنا: كل رجل إنسان هو كلية في نفسه، وهو جزئية بالقياس إلى تلك الكلية، فهذا تحرير الكلية والجزئية.