الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن وصف التأكيد أن لا يكون منشئا، بل مقررا، لما تقدم، ومقويا له فقط، فإن قولك: ما رأيت القوم، يقتضي عموم النفي في كل فرد من أفراد القوم، وأن الصيغة والحكم للعموم إن جعلنا النفي لا يعم فيه لتقدمه عليه، يقتضي أنه أبطل حكم العموم، وصير الكلية جزئية، والعام مخصوصا، وحقيقة العموم مجازا في الخصوص كلحوق الصفة بالعموم.
وهذا عكس التأكيد؛ لأنه إبطال وتنافر، فلا يكون تأكيدا (والمقدر أنه تأكيد)، وإعرابه كذلك عند النحاة، هذا خلف، وإن لم نسو بين الصورتين وقلنا بنفي العموم على عمومه، فقد نقضنا قاعدة (كل)، وأنها موضوعة للكلية مع تقدم النفي، والكل مع تأخره (والعموم مع تأخره)، والخصوص مع تقدمه، وكلاهما محظور، فأي المحظورين نلتزم؟ ! والظاهر عندي التزام قاعدة كل، والتزام قاعدة التأكيد، وأن اختلاف النفي في التقدم والتأخر إنما هو في كل فرد، إذا كان مستقلا، لا تبعا وتأكيدا.
/
تنبيه: لفظ: (كل) للعموم سواء (وقع) للتأسيس أو للتأكيد
،
فإذا قلت: جاء القوم كلهم، للعموم أيضا، إذا لو لم يكن للعموم لما أكد العموم، فإن من شرط التأكيد المساواة، ولذلك استدل الإمام فخر الدين رحمه الله على أن الجمع المعرف باللام للعموم، فإنه يؤكد بما يقتضي العموم، كقوله تعالى:{فسجد الملائكة كلهم أجمعون} .
الصيغة الثانية للعموم صيغة ((كل): وهي للمثنى المذكر، فكل شيء يتصور وضعه بصيغة) المشار إليه بلفظ (كلا)، يجب اندراجه في لفظ (كلا) كقولك: الحمرة والبياض كلهما محبوب، فإن لفظ (كلا يشمل جميع أفراد الحمرة والبياض) إلى غير النهاية، وكذلك إذا قلت: زيدا وعمرو كلاهما محبوب، (وهما وإن كانا جزئين)، والعموم لابد وأن يشمل ما لا يتناهى، فإنك قد علمت في خصائص العموم، أن الواقع من العموم قد يكون متناهيا محصورا، ولا ينافي ذلك العموم، فليس بين الوقوع ومدلول العموم ملازمة، فيقول الله تعالى: {فاقتلوا
المشركين}، ولا يوجد منهم إلا زيد وعمرو، ويقول المستفهم: من عندك؟ فتقول له: زيد، فيكون جوابا منطبقا على السؤال، مع أن المذكور جوابا ليس بعام، بل هو جزئي محصور متناه، كذلك ها هنا، زيد وعمرو لفظان موضوعان لحقيقتين، والذي يتصور إن يقع فيهما غير متناه، والواقع من ذلك متناه، كما وقع في السواد والبياض، (إذا قلت: السواد والبياض) كلاهما لون، فالواقع منهما الموصوف باللونية متناه محصور، لدخوله في الوجود، ومدلول اللفظ عام غير متناه، وهو (ما) يمكن أن يكون سوادا، أو بياضا، فلا تنافي بين التناهي في الوقوع، وعدم التناهي في المدلول.
واختصت هذه الصيغة دون (كل)، بأنها تثنية، ليس لها مفرد من لفظها، والخبر عنها مفرد مثل (كل)، تقل: كلا الرجلين قائم.
الصيغة الثالثة للعموم: كلتا، للتثنية المؤنثة، والكلام فيها كما تقدم في تقرير أن (كلا) للعموم، والخبر عنها مفرد أيضا، قال الله تعالى:{كلتا الجنتين آتت أكلها} ولم يقل: آتتا.
ومن خواص هذين الصيغتين (كلا) و (كلتا) أنهما لا يعربان إلا إذا أضيفتا إلى مضمر، تقول: جاء الرجلان كلهما، ورأيت الرجلين كليهما، ومررت بالرجلين كليهما، ولو قلت: كلا الرجلين قاما، لم تعربا، وجريا مجرى الأسماء المقصورة نحو: عصاهما، ورحاهما، وأما (كل) فمعربة، أضيفت لظاهر أو مضمر، تقول: كله حسن، وكل رجل قائم.
/الصيغة الرابعة: صيغة (أجمع)، تستعمل في تأيد العموم والخصوص، تقول: قبضت المال أجمع، وأحل الله البيع، وحرم الربا، وحرم الخمر أجمع هذا (في) العموم، وفي الخصوص: اشتريت هذا الجمل
أجمع، فيكون للعموم لتأكيده العموم، والمؤكد للشيء لابد أن يلائمه، ولا ينافيه، كما تقدم، وأما تأكيدها للخصوص، وقد تقدم الجواب عنه في (كل) و (كلتا)، فلا يؤكد بهذه الصيغة إلا ما يتبعض حقيقة، باعتبار الفعل المسند إليه، كما تقدم في كل.
ومن خصائص هذه الصيغة: أنها (غير) منصرفة، دون جميع ما تقدم؛ لان فيها وزن الفعل والصفة، أو لغير ذلك، كما هو مبسوط في علم النحو.
الصيغة الخامسة: أجمعان للتثنية، وتقريرها ما تقدم في صيغة الإفراد.
الصيغة السادسة: أجمعون، للجمع، وتقريره ما تقدم في صيغ الإفراد.
الصيغة السابعة: جمعاء، للمؤنث، تقول: مررت بدارك جمعاء.
الصيغة الثامنة للعموم: (جمع)، لجمع المؤنث، تقول: مررت بالنسوة جمع.
الصيغة التاسعة للعموم: أكتع، فإنه يؤكد به العموم، تقول: خلق الله الخلق أجمع أكتع، فتؤكد به لفظ الخلق، الذي هو للعموم، ومؤكد العموم ومقويه أولى ان يكون للعموم.
الصيغة العاشرة للعموم: أكتعان، للتثنية، تقول: الخير والشر بقضاء الله وقدره أجمعان أكتعان، فتؤكد بهما التثنية لعامة، فتكون للعموم.
الصيغة الحادية عشر للعموم: أكتعون، يقال: جاء القوم أجمعون أكتعون.
الصيغة الثانية عشر: كتعاء، للمؤنثة.
الصيغة الثالثة عشر للعموم: كتع، للجمع المؤنث، تقول: مررت بالنسوة كتع.
الصيغ الرابعة عشر للعموم أبصع، تقول: قبضت المال أجمع أبصع،
فتؤكد بها العموم، وأصله من بعص العرق وأخراج دمه دفعة، كما أن أصل أكتع من تكنع الجلد إذا ألقي في النار فاجتمع، فذلك كله إشارة إلى الاجتماع في الفعل، وأن المراد بالكلام حقيقة العموم، وانسحاب الحكم على جميع الأفراد.
الصيغة الخامسة عشر للعموم: أبصعان، للتثنية.
الصيغة السادسة عشر للعموم: أبصعون، للجمع.
الصيغة السابعة عشر للعموم: / بصعاء، للمؤنثة.
الصيغة الثامنة عشر للعموم: بصع، للجمع المؤنث.
الصيغة التاسعة عشر للعموم: نفسه، الموضوع للتأكيد في قولك: قبضت (المال نفسه).
الصيغة العشرون للعموم: نفساهما، لتأكيد التثنية.
الصيغة الحادية والعشرون للعموم: أنفسهم، للجمع مع (أن الصحيح) أنه يستعمل للتثنية، وأنك تقول: رأيت الجمعين أو الزيدين
أنفسهم؛ لأن (القاعدة): أن كل شيء أضيف إلى شيء هو بعضه، ففيه ثلاث لغات: الإفراد، والتثنية، والجمع، سمع من العرب: كأنه وجه ترس، بلفظ الإفراد، وقال الشاعر:
ومهمهمين قذفين مرتين
…
ظهراهما مثل ظهور الترسين
فثنى الظهر في الأول، وجمع الثاني، فحصلت ثلاث لغات.
الصيغة الثانية والعشرون للعموم: عينه، الموضوعة للعموم في قولك: قبضت المال نفسه عينه.
الصبغة الثالثة والعشرون: عيناهما، للتثنية، على اللغة الشاذة، والفصيح لغة الجمع.
الصيغة الرابعة والعشرون للعموم: أعينهم، للجمع.
الصيغة الخامسة والعشرون للعموم: النكرة في سياق النفي، إذا ركبت
مع لا، نحو: لا رجل في الدار.
الصيغة السادسة والعشرون: لا رجل في الدار، بالرفع والتنوين، فإن العموم فيها من وجه دون وجه، على ما يأتي بيانه في الباب الموضوع لذلك، إن شاء الله تعالى.
الصيغة السابعة والعشرون: النكرة في سياق النفي مع غير (لا)، نحو: ليس في الدار أحد، وما جاءني أحد، (أو مع)(لا) بينهما حائل، أو مضاف نحو:{لا فيها غول} ، وقولك: أرى حربا (ولا حامل سيف)، فإن هذا معرب، بخلاف قولك: لا رجل في الدار، وفي هذا القسم تفصيل يأتي عند قيام الحجج على كون هذه الصيغة للعموم.
الصيغة الثامنة والعشرون للعموم: النكرة مع الشرط، كقولك: إن جاءك أحد أكرمه، قال الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره
حتى يسمع كلام الله}.
الصيغة التاسعة والعشرون: النكرة مع الاستفهام، نحو: هل في الدار راجل؟
الصيغة الثلاثون: الفعل في سياق النفي، كقوله تعالى:{لا يموت فيها ولا يحيى} .
الصيغة الحادية والثلاثون: الفعل المتعدي، إذا كان في سياق النفي، هل تعم مفاعيله؟ ، خلاف، والذي قبله/ عمومه باعتبار مصدره، لا باعتبار مفاعيله، فكأنك قلت: لا موت له فيها ولا حياة، والثاني العموم فيه باعتبار مصدره ومفاعيله [معا]، ونحو قوله: والله لا آكل، فإنه يعم أفراد الأكل وأفراد المأكول عند القائل بعمومه.
الصيغة الثانية والثلاثون: اسم الجنس المفرد المضاف، نحو: مالي صدقة.
الصيغة الثالثة والثلاثون: التثنية من اسم الجنس إذا أضيفت، نحو: مالاي صدقة.
الصيغة الرابعة والثلاثون: اسم الجنس إذا أضيفت، (وهو جمع) نحو: عبيدي أحرار، قال صاحب كتاب الروضة: اسم الجنس إذا أضيفت يعم، سواء كان مفردا، أو تثنية، أو جمعا.
الصيغة الخامسة والثلاثون: المفرد من أسماء الأجناس، المعرف بالألف واللام: نحو: قبضت المال.
الصيغة السادسة والثلاثون: التثنية من اسم الجنس، إذا عرفت بلام التعريف كقولك: المالان لزيد.
الصيغة السابعة والثلاثون الموضوعة للعموم: اسم الجنس المجموع المعرف باللام نحو: الأموال، في قولك: قبضت الأموال، ويلحق باسم الجنس المشتقات كلها نحو: الزاني والزانية، واقتلوا المشركين، فإنها صيغ عموم كأسماء الأجناس الجوامد.
الصيغة الثامنة والثلاثون الموضوعة للعموم: الذي، نحو قولك: أكرمت الذي في الدار، أو أحب الذي يطيع الله تعالى.
الصيغة التاسعة والثلاثون للعموم: الذي، بتشديد الياء، لغة فيه.
الصيغة الأربعون: الذ، بحق الياء وكسر الذال، لغة في الذي.
الصيغة الحادية والأربعون: الذ، بسكون الذال، لغة في الذي.
الصيغة الثانية والأربعون للعموم: حذف الذال من الذي، والاقتصار على الألف واللام واقتصروا به على المشتقات نحو قولك: الضارب، والمكرم، (أي): الذي ضرب، والذي أكرم، فهذه خمس لغات في (الذي)، حكاها الزمخشري في المفصل، وابن عصفور في المقرب.
الصيغة الثالثة والأربعون: اللذان، للتثنية، بتخفيف النون رفعا، واللذين، بالتخفيف نصبا وخفضا، قال الله تعالى:{والذان يأتيانها منكم} .
الصيغة الرابعة والأربعون للعموم: اللذان، بتشديد النون، لغة في تثنية الذي.
الصيغة الخامسة والأربعون/ اللذا، بحذف النون للتثنية، قال الفرزدق:
أبني كليب إن عمى اللذا
…
فتلا الملوك وفككا الأغلالا
الصيغة السادسة الأربعون للعموم: اللذي، بتسكين الياء، لغة في تثنية الذي، فهذه أربع لغات في تثنية الذي، وقعت في المفصل وغيره.
الصيغة السابعة والأربعون للعموم: الذين، بالياء في جميع الأحوال، الرفع والنصب والخفض، وهي اللغة المشهورة، قال الله تعالى:{وقال الذين لا يرجون لقاءنا} ، فأثبت الياء مع الرفع.
الصيغة الثامنة والأربعون للعموم: الذون، في الرفع، والذين، في النصب والخفض، كجموع السلامة؛ لأن الذين لا يرجون، معناه غير الراجين، فهو في معنى المشتق، فأجروه مجراه، ومن العرب من يحذف نونه، وهي لغة فصيحة.
قال الله تعالى: {وخضتم كالذي خاضوا} ، أي: كالذين خاضوا. وقال الشاعر:
إن الذي حانت بفلج دماؤهم
…
هم القوى كل القوم يا أم عامر
ويحتمل أن يكون من باب التعبير بالمفرد عن الجمع، كقوله تعالى:{ثم نخرجكم طفلا} ، أي أطفالا، لكن هذا النوع قليل، وحذف النون أكثر والحمل على الأكثر أولى.
الصيغة التاسعة والأربعون للعموم: اللائين، في الرفع والنصب والخفض، لغة بني هذيل في اللذين.
الصيغة الخمسون: اللاؤن، في الرفع، واللائين، في النصب والجر، لغة في اللذين.
الصيغة الحادية والخمسون للعموم: اللاي، في الرفع والنصب والخفض، لغة في الذين، بحذف النون والذال.
الصيغة الثانية والخمسون للعموم: اللاو، بالواو وحذف النون في الرفع، واللاي، بالياء وحذف النون في الخفض والنصب، لغة في اللذين. فهذه ست لغات في (اللذين)، نقلها صاحب المقرب، وكلها للعموم.
الصيغة الثالثة والخمسون للعموم: التي، للواحدة المؤنثة، بتخفيف الياء.
الصيغة الرابعة والخمسون للعموم: التي، بتشديد الياء، لغة في التي.
الصيغة الخامسة والخمسون/ للعموم: الت، بحذف الياء، لغة في التي.
الصيغة السادسة والخمسون للعموم: الت (بتسكين) التاء، باثنتين من فوقها، لغة في التي، (فهي أربع لغات في التي)، كالأربع التي في (الذي) حكاها ابن عصفور في المقرب.
الصيغة السابعة والخمسون للعموم: اللاتي، في جمع (التي) للجمع المؤنث.
الصيغة الثامنة والخمسون للعموم: اللاي، بالياء باثنتين من تحتها، لغة في اللاتي.
الصيغة التابعة والخمسون للعموم: اللواتي، لغة في اللاتي.
الصيغة التون للعموم: اللات، بحذف الياء، من، اللغة الأولى، لغة فيها.
الصيغة الحادية والستون للعموم: اللا، بحذف الياء، من اللغة الثانية.
الصيغة الثانية والستون: اللوات، بحذف الياء، باثنتين من تحتها، من اللغة الثالثة، لغة فيها.
الصيغة الثالثة والستون للعموم: اللواء، بالمد، لغة فيها.
الصيغة الرابعة والستون للعموم: اللوا، بالقصر، لغة فيها
الصيغة الخامسة والستون للعموم: اللواي، بالياء، باثنين من تحتها، من غير همزة، لغة فيها
الصيغة السادسة والستون للعموم: اللاء، بغير ياء، لغة فيها.
الصيغة السابعة والستون اللعموم: اللات.
فهذه إحدى عشرة لغة في جمع (التي)، وهي صيغ متباينة في البناء، حكاها ابن عصفور في المقرب، وكلها للعموم.
الصيغة الثامنة والستون للعموم: ذو، في لغة طيء، بمعنى الذي، قال شاعرهم:
لانتحين للعظم ذو أنا عارقه
…
أي: الذي (أنا) عارقه.
الصيغة التاسعة والستون للعموم: ذات، مؤنثة ذو الطائية.
الصيغة السبعون للعموم: ذوا، تثنية ذو الطائية في الرفع، وذوي، في النصب والخفض.
الصيغة الحادية والسبعون للعموم: ذواتا، تثنية ذات الطائية (في الرفع)، وذواتي، في النصب والخفض.
الصيغة الثانية والسبعون للعموم: ذوات، بضم التاء، جمع ذات الطائية.
الصيغة الثالثة والسبعون للعموم: ذوو، جمع ذو الطائية في الرفع، وذوي، في الخفض والنصب، حكى هذه الصور كلها ابن عصفور في المقرب/ ووافقه جماعة على أكثرها.
الصيغة الرابعة والسبعون: ما الموصولة، نحو قولك: رأيت ما عندك. وهي موضوعة للعموم فيما لا يعقل، وفي أنواع من يعقل من المذكرين والمؤنثات، وفي صفة من يعقل، قال الله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من
النساء}، والمراد بـ (ما) صفة من يعقل، وقال الله تعالى:{ما منعك أن تسجد لما خلفت بيدي} والمراد: آدم عليه السلام.
و(من) تقع على من يعقل، وهو الأصل، وعلى من لا يعقل إذا عومل معاملة من يعقل أو اختلط به، فإنه يتناول الجميع، فالمعامل كقوله تعالى:{أفمن يخلق كمن لا يخلق} ، والذي لا يخلق (المراد به ها هنا: ) الأصنام، لما عوملت بالعبادة عبر عنها بـ (من)، والمختلط كقوله تعالى:{والله خلق كل دابة من ماء بمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} ، فعبر عن الذي يمشي على بطنه نحو: الحيات، وعلى أربح نحو: الخيل والإبل بـ (من)، لاختلاطها مع من يعقل في صدر الآية في قوله تعالى:{والله خلق كل دابة من ماء} ، وعموم الدابة يشمل العقلاء وغيرهم، فغلب على الجميع حكم من يعقل، فكأن الجميع عقلاء، فلذلك جاء التفصيل كله بلفظ (من).
و(الذي) يقع: على من يعقل، وما لا يعقل من المذكرين.
و (اللذين): لا يقع إل على من يعقل خاصة؛ لأن الياء التي فيه مشبهة بالياء في جميع السلامة نحو: المشركين، والزيدين، الخاص بمن يعقل، وتثنيته تقع على من يعقل وما لا يعقل؛ لأن ياء التثنية لا تختص بمن يعقل تقول: الزيدين، والفرسين، فلا تختص.
و(التي) تعم من يعقل وما لا يعقل من المؤنثات، وكذلك تثنيتها، وجمعها و (الألف واللام) بمعنى الذي والتي، تعم من يعقل، ومن لا يعقل من المذكرين والمؤنثات، وكذلك (أي): إلا أن بعضهم إذا أراد التأنيث قال: أية.
و(ذو): تقع على من يعقل وما لا يعقل (من المذكرين؛ لأن لفظه مذكر.
و(ذات): تعم من يعقل وما لا يعقل) من المؤنثات، لأن لفظه مؤنث وحكى الفراء): بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله
به)، يريد: بها، بحذف الألف، ونقل الفتحة إلى الباء.
و(اللاء): بمعنى اللذين، يفع على من يعقل من المذكرين (لما تقدم في تعليل اللذين).
و(ذا): إذا كان مع من، وقعت على من يعقل من المذكرين والمؤنثات، لأنه شابه (ما) وهذه الأحكام كلها ذكرها الشيخ ابن عصفور في المقرب.
تنبيه: (يندرج من يعقل مع ما لا يعقل إذا قصد العموم المعنوي من الأجناس العامة، بخلاف إذا قصد الخصوص مما لا يعقل، كما) / يندرج ما يعقل مع من يعقل إذا قصد الجمع بينهما، أو تقدمت عبارة تشملهما.
بيان الأول: أنك إذا قلت: انظر إلى ما خلق الله من شيء، فإنك تشير
إلى مطلق الموجود بصيغة العموم، فيندرج فيها كل موجود (من حيث موجود، والموجود من حيث هو موجود) أعم من كونه يعقل، لأن الأصل الجواهر الجمادية في أجزاء العالم (حتى) يعرض لها العقل والحياة ونحوهما، والأعم لا يستلزم الأخص، فلم يتعين اندراج العقلاء من حيث هم عقلاء في العموم حتى يستحق التعبير عنه بصيغة من يعقل، بل الذي يستحقه هذا العموم صيغة ما لا يعقل؛ لأنه من حيث هو جمادات، والجمادات إنما تستحق صيغة ما لا يعقل، فظهر [من] ذلك أن كل من يعقل يندرج في هذه الحالة في صيغة ما لا يعقل من جهة عمومه؛ لأن كل عاقل فهو جواهر.
وكذلك إذا قلت: أنا لا أعلم ما علم الله، يتعين لغة أن يعبر بـ (ما)، دون (من (، لأنك قصدت واجدة المعلومات من حيث هي معلومات، والمعلوم من حيث هو معلوم أعم من كونه واجبا، أو ممكنا، أو مستحيلا، والقاعدة: أن الأعم المعنوي لا يستلزم أخصه، فلذلك لم تكن الصيغة في هذا المقام متناولة
الموجود من حيث هو موجود، فضلا عن العاقل من حيث هو عاقل، وإن تناولت جميع ذلك من جهة كونه معلوما، وهو من هذا الوجه ليس بعاقل، فتعين التعبير عنه لغة بصيغة ما لا يعقل.
فتأمل ذلك، فهو كثير، وتورد الفضلاء الأسئلة لأجله، فتقول: كيف عبر عمن يعقل في هذه الآية أو في هذا الحديث بصيغة ما لا يعقل؟
والجواب: أنه في الحقيقة ما عبر بـ (ما (إلا عما لا يعقل، ومن ذلك قوله تعالى: {أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء}، فعبر بـ (ما (، ولم يقل: انظروا إلى من خلق الله، ولو قال ذلك، لفات العموم الحاصل في جميع الموجودات، واختص الكلام بطور العقلاء، فتأمل ذلك فهو اللغة والمعقول، وليس فيه التعبير عمن يعقل بلفظ (ما) ألبتة، بل اندرج من يعقل من جهة أنه لا يعقل، هذه صورة الاندراج لمن يعقل في صيغة ما لا يعقل.
وأما اندراج ما لا يعقل في صيغة من يعقل، فله سببان:
أحدهما: التغليب، كما إذا قلت: رأيت من في الدار، / وأنت تريد الرجال والنساء، والجمادات، والبهائم، فإنك تقول: رأيت من في الدار، ولا تقول: ما في الدار، تغليبا لوصف العقلاء، لشرفه على البهائم، والجماد لخسته، وتعم الصيغة الجميع، لكن تعميما ينشأ عن إرادة المستعمل، دون الوضع
اللغوي، ولذلك إذا لم تطلع على إرادته، لا يحمل اللفظ إلا على عقلاء الدار خاصة، ولا يثبت الحكم لما لا يعقل من الكائن في الدار؛ فيكون التعميم ليس بالوضع، بل بإرادة المستعمل، وهو الفرق بين هذا التغليب وبين ما قبله، فإن ذلك بالوضع اللغوي إلا أنه ناشئ عن إرادات المستعملين.
وثانيهما: أن تتقدم صيغة شاملة للقسمين نحو: (ما خلق الله من شيء)، أو: ما يعلمه الله، أو قوله تعالى:{والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} فعبر عن الحيات وذوات الأربع بلفظ (من)؛ لأجل أن هذين القسمين لما اندرجا في العموم أولا، غلب من يعقل على غيره، لشرفه، فصار الجميع كأنه كله عقلاء، فوقع التقسيم بلفظ (من) لذلك، وهذا القسم أيضا مجاز، لا بالوضع اللغوي، فإن التعبير عن الحيات بخصوصها بلفظ (من) ليس بالوضع اللغوي، فتأمل هذه الأقسام وتباينها في تناولها وحقيقتها ومجازها.
تنبيه: يحصل من هذا التنبيه المتقدم بيان قاعدة أخرى وهي: أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات، وهي قاعدة يحتاج إليها كثير في باب التخصيص وغيره.
وبيان ذلك: أن العام في الأشخاص لو كان عاما في الأحوال، لكنا إذا قلنا: انظروا إلى ما خلق الله من شيء (كان) عموما لفظيا في جميع المخلوقات، عاما في جميع أحوالها، ومن جملة أحوالها كان بعضها عقلاء، وأن اللفظ يتناول هذه الحالة لعمومه، وإذا ما تناولها مع غيرها يكون قد اجتمع من يعقل وما لا يعقل، فيتعين التغليب كما تقدم، فيكون التعبير حينئذ بلفظ (من)، (لا بلفظ (ما)، لكن لما كانت العرب تعبر بلفظ (ما) في هذا المقام دون لفظ (من) دل ذلك على أن هذه الحالة التي هي حالة العقلاء، لم يتناولها اللفظ ألبتة، وأنه إنما يتناول عموم الموجودات من حيث هي
موجودات/ مع مطلق الحالة وهي حالة (ما)، غير معينة، التي هي أعم من العقلاء والجمادات، والقاعدة: أن الأعم المعنوي لا يستلزم الأخص، فلذلك لم يتعين اندراج حالة العقل في مدلول اللفظ فلم يتعين التلغيب، ولا وجد سببه، وهذا برهان قوي على أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال، فتأمل ذلك.
الصيغة الخامسة والسبعون للعموم: ما الاستفهامية، تقول: ما عندك؟ فيعم استفهامك جميع ما لا يعقل من الكائن عنده.
الصيغة السادسة والسبعون: (مه)، وهي ما الاستفهامية، تقلب ألفها هاء كما جاء في الحديث، قال أبو ذؤيب:(قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالإحرام، فقلت: مه؟ ، فقيل: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم).
الصيغة السابعة والسبعون للعموم: ما الشرطية، نحو قولك: ما تصنع
أصنع، فإنه يعم جميع الأحوال في نصها شرطا.
الصيغة الثامنة والسبعون للعموم: مهما، وهي (ما) الشرطية، إذا لحقت ألفها ما الزائدة فإن ألف ما الأولى تقلب هاء، كما تقلب في الاستفهام، فتقول مهما، قال الله تعالى:{وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا} ونص على هذين القلبين في الألف الزمخشري وغيره.
الصيغة التاسعة والسبعون للعموم: (م)، بغير ألف وهي ما الاستفهامية، إذا لحقها حرف جر، فإن ألفها تحذف قال الله تعالى:{عم يتساءلون} و {فيم أنت من ذكراها} ، وتقول: عم؟ ، ولم؟ ، وبم؟ ، وسائر بقية الحروف الجارة كذلك يحذف معها الألف وتكون للعموم.
الصيغة الثمانون للعموم: (ما) الزمانية، نحو قولك: لأعظمنك ما طرد الليل النهار، قال الله تعالى:{لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما} .
تقدير الأول: أعظمك في زمن طرد الليل النهار، فالتعظيم عام في جميع أزمنة طرد الليل النهار. وتقدير الثاني: لا يؤده إليك إلا في زمان دوام قيامك عليه، وملازمتك له، فإمكان القيام عام في جميع أزمنة مداومتك له، وهي لا تكون بعدها إلا في فعل، في تأويل المصدر، كما رأيت في التقديرين المذكورين.
وقد أشكل على بعضهم الزمانية بالمصدرية؛ لأن كل واحدة منهما ما بعدها إلا الفعل/ وكلاهما يقدر بالمصدرية، وكلاهما لا يظهر فيه إعراب يميز بينهما.
والفرق بينهما: أن الزمانية إذا أضيف إليها اسم تعين نصبه على الظرف، والمصدرية إذا أضيف إليها اسم لا يتعين نصبه، بل تجري عليه أحكام العوامل. تقول (في الزمانية): آتيك كل ما طرد الليل النهار، بنصب كل ليس إلا على الظرف، وتقول في المصدرية: أعجبني كل ما صنعت، برفع (كل) على الفاعلية، والتقدير: أعجبني كل صنيعك، وعجبت من كل (ما) صنعت، وأحببت كل ما صنعت، فيختلف إعراب (كل) معها، بخلاف الزمانية،
الزمانية، النصب ليس إلا، فبهذا يظهر التغاير بينهما، وأما الصورة (التي) قبل هذا فواحدة.
فإن قلت: لو كانت للعموم لكانت الأخرى للعموم؛ لأن كليهما مقدر بالمصدر المضاف، والمصدر المضاف اسم جنس مضاف، واسم الجنس إذا أضيف يعم، فيكونان معا للعموم.
قلت: المصدرية ليست للعموم، بخلاف الزمانية (والفرق من جهة المعنى: أن العموم مفهوم من الزمانية) قبل السبك مصدرا، فلا يفهم من قولك: ما طرد الليل النهار إلا العموم، والعموم في المصدرية يحدث قبل السبك، والكائن بعد السبك صيغة أخرى غير (ما)[المصدرية] المقصودة ها هنا، وقبل السبك إنما يفهم فردا واحدا (وعددا محصورا داخلا) في الوجود قد تعين وتحقق بطرفيه، متناه محصور، ومثل هذا لا عموم فيه، نحو قولك: أعجبني ما قلت، فإن الذي أعجبك قول معين لشخص قد دخل الوجود، وهو متناه، فلا يكون المحصور المتناهي عموما، هذا هو مدلول الفعل قبل السبك، فإذا سبكت جاءت صيغة أخرى ليس فيها لفظ (ما)، بل مصدر مضاف مقتضاه العموم، وليس الكلام فيه، إنما الكلام في لفظ (ما) وما معها من الفعل.
والفرق بين قبل السبك وبعده: أن الكائن قبل الفعل فعل في سياق الإثبات، قد دخل الوجود وانقضى، والفعل في سياق الإثبات مطلق إجماعا، لا عموم فيه، والمصدر المضاف اسم جنس أضيف فيعم، فلما اختلف حال (ما) المصدرية قبل السبك وبعده، والكلام فيها إنما هو فيها قبل السبك وليس هو للعموم، لم أعدها في العموم، وما الزمانية لا مفهوم فيها حالة وجودها من غير سبك، ولا يعتبر للعموم، فلذلك جعلتها للعموم، فتأمل الفرق بينهما، هذا إذا كانت (ما) المصدرية/ موصولة بفعل ماض، أما إذا وصلت بفعل مستقبل فإنها تكون للعموم.
الصيغة الحادية والثمانون (للعموم): ما المصدرية، إذا وصلت بفعل مستقبل، نحو قولك: يعجبني ما تصنع، ويتقبل الله من المؤمنين ما يعملون، ونحو ذلك، فإن أعجابك متعلق بكل فعل بصيغة في المستقبل، هذا هو المفهوم من الكلام، والواقع من صيغة والمتوقع غير متناه، فذلك كانت للعموم، لعدم حصر المستقبل، بخلاف (ما) إذا وصلت بفعل ماض، فإنه محصور، يتعذر فيه العموم، فتأمل ذلك.
فهذه ثماني صيغ لـ (ما) للعموم، وبقية صيغ (ما) وأقسامها لا تصلح للعموم، نحو: الكافة في إنما، والمهيئة في ربما، والزائدة في مهما وكيفما، والنكرة الموصوفة نحو: مررت بما معجب لك، والنكرة غير الموصوفة نحو: ائتني بشيء ما.
ومثل (ما) ما التعجبية، في نحو: ما أحسن زيدا، فالصحيح أنها بمعنى شيء، فلا تكون للعموم، والتقدير: شيء حسن زيدا، فهي نكرة في سياق الإثبات، وقيل: إنها موصولة، وعلى هذا القول تكون مندرجة في
الموصولة، فلم يبقي من أقسام (ما) شيء يصلح للعموم غير الثمانية المتقدمة.
الصيغة الثانية والثمانون للعموم: من الخبرية الموصولة نحو قوله تعالى: {ولله يسجد من في السماوات والأرض} .
الصيغة الثالثة والثمانون: من الشرطية، نحو قوله تعالى:{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)} ، فإنها تعم كل عمل.
الصيغة الثالثة والثمانون: من الاستفهامية، كقوله تعالى حكاية عن (قوم) إبراهيم عليه السلام:{قالوا من فعل هذا بآلهتنا} .
الصيغة الخامسة والثمانون للعموم: منو، في الحكاية في النكرات، إذا قال: جاء رجل، تقول: منو؟
الصيغة السادسة والثمانون للعموم: منا، في حكاية النكرة المنصوبة، إذا قيل: أكرمت رجلا، تقول: منا؟ ، مستفهما عنه.
الصيغة السابعة والثمانون للعموم: منى، في حكاية النكرات
المخفوضة، إذا قيل لك: مررت برجل، تقول: مني؟ ، فتتبع أبدا حركة المتكلم بما يناسبها في لفظك أنت عن المستفهم بها، حتى يعتقد أنك لم تستفهمه عن غير كلامه، وأنك لم تعدل عنه [إلا] لكراهتك فيه، كما يفعله من يقول له: إن الملك سيقتل، فتكره الخوض في حديث الملوك خوفا من غائلتهم، فتقول: بياع الدقيق/، أي هذا هو الذي يعنيني، وتعدل عن كلام المخبر، كراهة فيه، فإذا وقعت المشابهة بين الحركات جزم المخبر بأنك لم تعدل عن كلامه، وأنك إنما استفهمته عنه، ولما كانت العرب لا تقف على متحرك، أشبعت هذه الحركة، فتولد عناه ما يناسبها من الألف والواو والياء.
الصيغة الثامنة والثمانون: منان، وهي (تثنية) من، إذا استفهمت بها عن تثنية نكرة، فإذا قال لك: جاءني رجلان، تقول: منان، تحقيقا للحكاية كما تقدم.
الصيغة التاسعة والثمانون: منين، وهي (تثنية) من، إذا استفهمت بها عن تثنية (نكرة) مجرورة أو منصوبة إذا قيل لك: أكرمت رجلين، أو مررت برجلين، فتقول: منين؟ بالياء للحكاية وتحقيقها، والنون ساكنة للوقف.
الصيغة التسعون للعموم: منون، إذا استفهمت بها عن جمع من النكرات مرفوع، إذا قيل لك: جاءني رجال، تقول: منون؟ فالواو لتحقيق
الحكاية كما تقدم، والنون ساكنة للوقف.
الصيغة الحادية والتسعون للعموم: منين، في حكاية جمع النكرات المنصوبة والمخفوضة، إذا قيل لك: أكرمت رجالا، أو مررت برجال، تقول: منين؟ بالياء لتحقيق الحكاية كما تقدم، وتسكين الياء السكون الميت، بخلاف الياء في التثنية فإن ياءها ساكنة السكون الحي.
الصيغة الثانية والتسعون للعموم: منه، في حكاية الواحدة المؤنثة، والهاء للسكت.
الصيغة الثالثة والتسعون: منتان، في حكاية النكرتين المؤنثتين المرفوعتين إذا قيل لك: جاءني امرأتان، تقول: منتان؟ تحقيقا للحكاية في الرفع والتأنيث، والنون ساكنة؛ لأنه وقف، والوقف على المتحرك لا يجوز.
الصيغة الرابعة والتسعون للعموم: منتين، وهي ما إذا استفهمت بها عن نكرتين مؤنثتين منصوبتين أو مخفوضتين، تحقيقا لإعراب في حكاية المخبر والتأنيث، وتسكين النون.
الصيغة الخامسة والتسعون للعموم: منتات، وهي (جمع) من، إذا استفهمت بها عن جمع مؤنث في الحكاية، مرفوع أو منصوب/ أو
مخفوض، والتاء الأولى للتأنيث، والألف والتاء الثانية (للجمع، والتاء الثانية) ساكنة، كما سكنت النون في الجمع، حذرا من الوقف على المتحرك، وهذا كله في الوقف، فإن وصلت كلامك في الاستفهام بكلام لك آخر نحو قولك: من يأتي؟ أسقطت هذا كله، وأتيت بـ (من) ساكنة النون، ولذلك قال النحاة: إن قول الشاعر:
أتوا ناري فقلت منون أنتم
…
فقالوا الجن، قلت عموا ظلاما
أنه شاذ من وجهين: أحدهما، إثبات هذه الزوائد في الوصل، الثاني، تحريك النون، قال ابن جني في الخصائص:(سمع من العرب): أكرم من منا، من غير صلة ولا صفة، شاذ، قال ابن عصفور في المقرب: إنما جمع (هذا) الشاعر منون بالواو والنون بناء على هذه اللغة الشاذة، فهذه
أربع عشرة لغة لـ (من) في العموم، بحسب أقسامها وأحوالها.
الصيغة السادسة والتسعون للعموم: ماذا، في قول العرب: ماذا صنعت؟ قال سيبويه رحمه الله: وفيه وجهان:
أحدهما: أن تكون بمعنى أي شيء، وذا معنى الذي، وتكون صنعت صلته، وعلى هذا يكون الجواب أن تقول: حسن، بالرفع، لأنه جواب مرفوع كما تقول في جواب من قال: ما زيد؟ بالرفع، وأنشد للبيد في هذا الوجه شعر:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول
…
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل
فجعل (أنحب) جوابا لقوله: ماذا يحاول؟ ، وأجراها مجرى الذي، وما بعده وهو قوله: يحاول، صلته.
وثانيهما: أن يكون (ماذا) كما هو، بمنزلة اسم واحد في تقدير أي شيء صنعت، فيكون الاسم المتقدم في (ما قبل) الفعل المتقدم، وجوابه على هذا التقدير بالنصب، لأنه سألك عن مفعول، فتجيبه بالنصب، كما إذا قيل: من أكرمت؟ فإنك تقول: زيدا، بالنصب، كذلك ها هنا، وقرئ قوله تعالى:{ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} ، بالرفع والنصب، على التأويلين. قال سيبويه: ولا يكون ذا بمعنى الذي إلا مع (ما) أو (من)، وأما إذا انفرد فهو اسم إشارة مثل هذا وذاك، لا موصول، ولا عموم فيه. وقال/ الكوفيون: تكون بمعنى الذي، إذا انفرد، وأنشدوا في ذلك قول الشاعر:
عدس ما لعباد عليك أمارة
…
أمنت وهذا تحملين طليق
أي: والذي تحملينه طليق، وهو شاذ عند البصريين.
الصيغة السابعة والتسعون: (من ذا)، قال ابن عصفور في المقرب: إذا كانت (ذا) مع (من) الاستفهامية، كان ذا معناه: الذي والتي، وكذلك إذا كانت مع (ما، غير أنها إذا كانت مع)(من) وقعت على من يعقل من المذكرين والمؤنثات، وإذا كانت مع (ما) وقعت على ما لا يعقل من المذكرين والمؤنثات، وعلى التقديرين هي بمعنى: الذي والتي، ويجري فيها الخلاف الذي ينسب للكوفيين، والوجهان اللذان ذكرهما سيبويه.
سؤال: إذا كانت (ما) تقع بمعنى الذي، والذي تقع على من يعقل إجماعا، والقاعدة: أن اللفظين إذا ترادفا كان معناهما واحدا، وأنهما إذا كانا بحيث يقوم أحدهما مقام الآخر، كانا مترادفين، ونصوص النحاة متضافرة على إقامة أحدهما مقام الآخر فيكونان مترادفين، فإن هذه
الإقامة ليست من باب المجاز، بل من باب مقام الحقيقة، وأن (ما) إذا كان معناها (الذي)، كانت حقيقة في ذلك الاستعمال إجماعا، فتكون (ما) موضوعة لمن يعقل، وأخذ يتعجب ممن يقول: إنها لا تكون لمن يعقل، مع مرادفتها للذي، والذي لمن يعقل، وهو كلام غبش يحتاج إلى تأمل.
جوابه: أن (الذي) و (التي) وضعا للقدر المشترك بين من يعقل وما لا يعقل، و (من) وضع لأحد نوعي هذا المشترك، و (ما) وضع للنوع الآخر، وهو ما لا يعقل، فـ (ما) ترادف الذي والتي في أحد نوعي مسماها، لا في جميع المسمى، فهما في الحقيقة وضعا لغير ما وضع له الذي والتي.
ونظير ذلك لفظ الحيوان، وضع للقدر المشترك بين الإنسان والبهيم من الفرس وغيره، والفرس وضع لأحد نوعي هذا المشترك، والإنسان وضع للنوع الآخر، فكما يستعمل الفرس ويراد به ما يراد بالحيوان في أحد موارده، ولا يكون موضوعا للإنسان، كذلك تستعمل (ما) بمعنى (الذي) و (التي) ولا يكون معناه من يعقل، وكذلك العدد، موضوع للقدر المشترك بين الزوج والفرد، والزوج يرادفه في أحد أنواعه، والفرد يرادفه في النوع الآخر، ولا
يقال: إن الزوج موضوع/ للفرد، كذلك ها هنا، وكذلك أسماء جميع الأجناس، وأسماء أنواعها، ولا ترادف بين شيء من هذه الألفاظ، كذلك ها هنا لا ترادف بين (ما) و (الذي) و (التي)، أعني أنه ليس المسمى واحدا، بل الوضع حصلت فيه الموافقة في البعض، ومن شرط الترادف في الاصطلاح أن يقع التساوي بين اللفظين في المسمى، والسؤال إنما يتم على هذا التقدير، وإلا فلا يلزم من وضع اللفظ لبعض أنواع مسمى لفظ، وضعه للنوع الآخر.
وبهذا ظهر أن (ما) تكون بمعنى الذي والتي، الذين يتناولان من لا يعقل ولا تكون (ما) تتناول من يعقل.
وفي التحقيق ليس في الثلاثة شيء وضع لمن يعقل ولا يتناوله وضعا، بل من جهة الإرادة خاصة، كما يراد بالحيوان الإنسان، وإن كان لفظ الحيوان لم يوضع للإنسان ولا يتناوله؛ لأن اللفظ الموضوع للأعم لا يتناول الأخص، لا مطابقة، ولا التزاما، لأن الأعم لا يستلزم الأخص، كذلك إذا كان (الذي) وضع لقدر مشترك أعم من العاقل وغيره، يكون كالحيوان في عدم تناوله للإنسان، فلا يدل على العاقل ألبتة، ولا يكون موضوعا له.
نعم قد يراد به التعبير عن العاقل، فتقول: رأيت الذي في الدار، وتريد زيدا، كما تقول: رأيت حيوانا، وتريد زيدا. فتأمل هذا السؤال، وهذا الجواب، فيظهر لك بطلان (قول) من يقول: إن (الذي) وضع لمن يعقل، أو هو يتناول من يعقل، بل العبارة الصحيحة فيه أنه قد يراد به من يعقل، وقد يراد
به ما لا يعقل، كما يراد بلفظ العدد تارة الفرد وتارة الزوج، مع أنه لم يوضع لواحد منهما، وتقول: معي عدد، وتريد العشرة، ومعي عدد، وتريد الخمسة، وتقول: معي عدد زوج، ومعي عدد فرد، ويكون اللفظ حقيقة في الجميع، إن أريد ذلك الخاص، وذلك النوع من جهة عمومه لا من جهة خصوصه، أما متى أريد الخاص بلفظ موضوع لما هو أعم منه من حيث هو خاص فهو مجاز، وكذلك تقول: لفظ الحيوان إذا استعمل في الإنسان من حيث هو إنسان، هو مجاز، ومتى أريد بـ (الذي) من يعقل، من حيث هو عاقل، كان اللفظ مجازا فيه، وإنما يكون (الذي) حقيقة فيمن يعقل، إذا أريد به العاقل من حيث عمومه، لا من حيث خصوصه، فتأمل ذلك.
/سؤال: قول النحاة أن: (من) موضوعة لمن يعقل، ليس كذلك، بل هو باطل قطعا.
وبيانه: إذا قلنا: من دخل داري فله درهم، فهذا اللفظ موضوع في لسان العرب لمن اتصف بالدخول من العقلاء، أما (غير) العاقل فليس
بداخل، فلا يتناوله هذا اللفظ ألبتة إجماعا، وكذلك لو أعطي المأمور بالدفع لعاقل لم يدخل الدار، استحق العتب، وإذا كان اللفظ إنما وضع للعاقل الداخل والعقل الداخل أخص من العاقل، واللفظ الموضوع للأخص لا يلزم أن يكون موضوعا للأعم، كما أن لفظ الإنسان لما وضع لما هو أخص من الحيوان، لم يقل أحد إن لفظ الإنسان موضوع للحيوان، كذلك ها هنا.
هذا في (من) الشرطية، وكذلك الموصولة في قولك: أعجبني من دخل الدار، لا يتناول اللفظ عاقلا لم يدخل الدار، لا يتناول اللفظ عاقلا لم يدخل الدار، بل إنما هذا اللفظ موضوع للعاقل الداخل، فهو موضوع لما هو أخص من العاقل، والموضوع لما هو أخص من العاقل، لا يكون موضوعا للعاقل، وإنما تكون (من) موضوعة للعاقل إذا استعملت نكرة موصوفة كذلك: مررت بمن معجب لك، أي بعاقل معجب لك، وكذلك على اللغة الشاذة في استعمالها نكرة غير موصوفة في قولهم: أكرم من منا، كما قاله ابن جني وغيره.
أما أنها موضوعة لمن يعقل مطلقا، حتى في الموصولة، والشرطية، والاستفهامية فلا، بل هي موضوعة في الاستفهامية في قولك: من في الدار؟ للعاقل الكائن في الدار خاصة، أما عاقل ليس في الدار، فلم تتعرض باستفهامك له ألبتة.
فظهر بهذا التفصيل، في هذا السؤال، بطلان قول النحاة والأصوليين: إن من موضوعة لمن يعقل مطلقا.
جوابه: أن السؤال ظاهر صحيح، والحق في (من) أن يقال فيها: إنها لفظ مشترك بين الخبرية، والاستفهامية، والشرطية، والنكرة الموصوفة، وأنها وضعت لهذه الموارد على سبيل الاشتراك، وأنها في النكرة الموصوفة، أو غير الموصوفة على اللغة الشاذة موضوعة لمن يعقل جزما، وفيما عدا ذلك موضوعة لما هو أخص من العاقل، وهو العاقل الموصوف بتلك الصلة، أو الصفة الكائنة بعده، وليست موضوعة للعاقل، ويحمل قول العلماء/ في ذلك على أنها ترد في تلك (الموارد) لموصوف، وهو عاقل، فالعاقل ورد فيه اللفظ، لا أن اللفظ موضوع له، ولذلك يكون قول من يقول: إن لفظ (من) يتناول العقلاء أقرب للصواب من قول من يقول: إن لفظ (من) موضوع لمن يعقل، أو العقلاء؛ لأن التناول قد يكون بطريق التضمن والتبع، فقائله لم يصرح بالوضع، لكنه توهم الوضع، أما القائل الآخر فمصرح بالوضع، وغير المصرح بالخطأ أقرب للصواب من المصرح به.
فهذه أسئلة وأجوبة تعينك على تحقيق فهم كلام العلماء في إطلاقاتهم في هذه المواطن، وتتأهل بهذا البحث للجواب عن هذه الإشكالات إذا وردت عليك في هذه الألفاظ.
الصيغة الثامنة والتسعون للعموم: لفظ (أي) الموصولة، نحو قولك: أكرم أيهم أفضل.
الصيغة التاسعة والتسعون: (أي) الشرطية، كقولك: أيهم يأتيني أكرمه، بجزم أكرم على جواب الشرطية.
الصيغة المائة: (أي) الاستفهامية، ابتداء من غير حكاية، كقولهم: أيهم حضر؟
الصيغة الحادية بعد المائة: (أي) الموصوفة، كقولك: يأيها الرجل،
(أي) هو المنادى، ولفظ (ها) صلة زائدة بين الصفة والموصوف، والرجل صفة أي، وهو المنادى في المعنى، غير أن العرب كرهت الجمع بين حرف النداء وحريف التعريف، لأن حرف النداء فيه معنى التعريف بالقصد والحضور، فلا يجتمع على الاسم الواحد معرفان لفظيان، وقولي: لفظيان، احترازا من قولهم: يا زيد، فجمعوا بين حرف النداء والعلمية، لكن العلمية تعريف معنوي لا لفظي دخل على الاسم، كما اتفق في لام التعريف، ولما كرهوا ذلك صدروا كلامهم بـ (أي)، فجعلوه المنادى في الصورة، وجعلوا المنادى المعنى صفة له، فصارت أي تقع مثل (من) موصولة، وموصوفة واستفهامية وشرطية.
الصيغة الثانية بعد المائة: (أي) المبنية، إذا وقعت صلتها محذوفة الصدر، كما في قوله تعالى:{لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا}
قال الشاعر:
إذا ما أتيت بني مالك
…
فسلم على أيهم أفضل
/بضم أي، وبناؤها على الضم؛ لأجل حذف صدر الصلة، قال سيبويه:
فإذا كملت الصلة أعربت، تقول: عرفت أيهم في الدار، بنصب أي، وقد قرئ {أيهم أشد} ، بنصب أي، والأول مذهب سيبويه والجادة.
الصيغة الثالثة بعد المائة: ((أي)، في حكاية النكرات في الوصل، تقول لمن قال لك جاءني رجل: أي، بالرفع، فتلحق في كلامك مثل حركة كلامه، تنبيها على عدم العدول عن كلامه، وأنك إنما استفهمت عنه.
الصيغة الرابعة بعد المائة: أيا، بالنصب في الحكاية لمن قال لك: رأيت رجلا، فتحكيه منصوبا مثل كلامه، كما تقدم في تعليل (من)
إذا حكيت بها.
الصيغة الخامسة بعد المائة للعموم: أي، بالخفض، حكاية من قال لك: مررت برجل، فتستفهمه بالخفض مثل كلامه.
الصيغة السادسة بعد المائة للعموم: أيان، إذا استفهمت عن تثنية النكرة المرفوعة كقولك لمن قال لك: جاء رجلان، فتقول: أيان.
الصيغة السابعة بعد المائة للعموم: أيين، إذا استفهمت عن تثنية النكرات المنصوبة أو المخفوضة لمن قال لك: رأيت رجلين، أو مررت برجلين، فتقول له: أيين، بفتح الألف، وفتح الياء الأولى، وسكون الياء الثانية السكون الحي، وفي الجمع يكون بالسكون الميت.
الصيغة الثامنة بعد المائة للعموم: أيون، إذا استفهمت عن جمع النكرات المرفوع، فتقول لمن قال لك: جاءني رجال، أيون، وتكون الواو لحكاية ما في كلامه من رفع الرجال، وأنه مجموع كما كانت الألف ففي التثنية دالة على الرفع والتثنية.
الصيغة التاسعة بعد المائة: أيين، إذا استفهمت عن جمع من النكرات
منصوب أو مخفوض، كمن قال لك رأيت رجالا، أو مررت برجال، فتقول له: أيين، بكسر الياء الأولى، وتسكين الثانية السكون الميت، وفتح النون، للفرق بين لفظ التثنية والجمع، كما فعلوا ذلك في الزيدين والزيدين، تثنية وجمعا، فعلت ذلك لتحكي ما في كلامه من الجمع والنصب والخفض.
الصيغة العاشرة بعد المائة: أية، إذا استفهمت عن الواحدة المؤنثة، فتلحق التأنيث في كلامك، للمشابهة، كما تقدم تعليله.
الصيغة الحادية عشر بعد المائة للعموم: أيتان، إذا/ استفهمت عن تثنية النكرات المؤنثة المرفوعة، كمن قال لك: جاءتني امرأتان، فتقول: أيتان.
الصيغة الثانية عشر بعد المائة: أيتين، في تثنية حكاية النكرات المنصوبة أو المخفوضة (المؤنثة)، كمن قال لك: رأيت امرأتين، أو مررت بامرأتين، فتقول له: أيتين، بفتح الياء الأولى وسكون الثانية السكون الحي، وكسر النون لتحكي ما في كلامه من (التثنية والتأنيث)، والنصب والخفض.
الصيغة الثالثة عشر بعد المائة: أيات، في حكاية جماعة المؤنث، المرفوع، كمن قال لك: جاءني نساء؛ فتقول: أيات، لتحكي ما في كلامه من الجمع والتأنيث والرفع.
الصيغة الرابعة عشر بعد المائة للعموم: أيات، في حكاية جمع النكرات المؤنثات، المنصوب أو المخفوض، كمن قال لك: رأيت نسوة، أو مررت بنسوة، فتقول: أيات، فتحكي ما في كلامه (من الجمع والتأنيث، والنصب أو الخفض، وتخفض التاء من كلامه) كما تفعله بمسلمات.
هذا كله إذا وصلت فقلت: يا فتى، ونحوه، أما إذا وقفت، فتسقط التنوين وتسكن النون آخر كلامك مطلقا، هذا كله محكي في كتب النحاة، وحكوا أيضا أن مما تجوزه العرب أن تقول: أي، في الرفع، وأيا، في النصب، وأي، في الخفض في الأحوال كلها من الإفراد والتثنية والجمع والتأنيث والتذكير.
وحكى يونس: أن من العرب من يعرب (من)، ويحكي بها النكرات مثل
(أي)، قال الشيخ ابن عصفور في المقرب، ولابد من إدخال حرف الجر على (من) و (أي) إذا استفهمت بها عن مخفوض، ويكون المجرور متعلقا بفعل مضمر يقدر بعدهما، وإذا استفهمت بهما عن مرفوع كانا مبتدأين والخبر محذوف، لفهم المعنى وإذا استفهمت بهما (عن منصوب)، كانا منصوبين بفعل مضمر محذوف، لفهم المعنى، وقال الزمخشري في المفصل: إن محلها الرفع في الأحوال كلها على الابتداء، وما في لفظه من الرفع والنصب والجر حكاية.
الصيغة الخامسة عشر بعد المائة للعموم: المني، إذا استفهمت عن نسب المسئول عنه إذا كان من العقلاء/، ومعنى كلامك أقرشي هو أم تميمي ونحو ذلك.
الصيغة السادسة عشر بعد المائة للعموم: المنيان، إذا استفهمت عن نسب المسئول عنه، وهو تثنية مرفوعة.
الصيغة السابعة عشر بعد المائة للعموم: المنيين، إذا استفهمت عن مسئول عنه عاقل، وهو تثنية منصوبة أو مخفوضة، فالياء حكاية، فيحاكي بها عن لفظ المخبر من النصب والجر، وبفتح الياء للفرق بين التثنية والجمع.
الصيغة الثامنة عشر بعد المائة للعموم: المنيون، إذا استفهمت عن نسب مسئول عنه ممن يعقل، وهو جمع مرفوع، كما إذا قيل (لك): جاءني رجال، فتقول في المسئول عن نسبهم: المنيون، فيكون الواو لمحاكاة الرفع، وللدلالة على الجمع.
الصيغة التاسعة عشر بعد المائة للعموم: المنيين، إذا استفهمت عن نسب جمع عاقل من النكرات، منصوب أو مجرور، كما إذا قيل لك: رأيت رجالا، أو مررت برجال، فتقول: المنيين، بكسر الياء، وفتح النون، للفرق بين التثنية والجمع.
الصيغة العشرون بعد المائة للعموم: (المنة)، إذا استفهمت عن نسب نكرة مؤنثة من العقلاء.
الصيغة الحادية والعشرون بعد المائة: المنتان، إذا استفهمت عن نسب تثنية من النكرات المؤنثة المرفوعة ممن يعقل.
الصيغة الثانية والعشرون بعد المائة: المنيتن، إذا استفهمت عن نسب (تثنية) منصوبة أو مخفوضة من النكرات العقلاء، ويكون سكون الياء فيها حيا، والنون مكسورة، للفرق بين التثنية وجمع السلامة المذكر.
الصيغة الثالثة والعشرون بعد المائة للعموم: المنيات، إذا استفهمت عن نسب جمع من النكرات العقلاء المرفوعة، فترفع (التاء) لتحاكي الرفع في كلام المخبر.
الصيغة الرابعة والعشرون بعد المائة للعموم: المنيات، بكسر التاء، إذا استفهمت عن نسب جمع من النكرات العقلاء المنصوبة أو المخفوضة، وبكسر
التاء لمحاكاة ما في كلامه من النصب أو الخفض.
الصيغة الخامسة والعشرون بعد المائة للعموم: الماوي، إذا استفهمت عن نسب ما لا يعقل/ وهو مفرد مرفوع.
الصيغة السادسة والعشرون (بعد المائة): الماوي، بنصب الياء، إذا استفهمت عن نسب من لا يعقل من النكرات التي لا تعقل.
الصيغة السابعة والعشرون (بعد المائة) الماوي، بكسر الياء، إذا استفهمت عن نسب من لا يعقل من النكرات المفردة المخفوضة.
الصيغة الثامنة والعشرون (بعد المائة) للعموم: الماويان: إذا استفهمت عن نسب ما (لا) يعقل من النكرات المثناة المرفوعة.
الصيغة التاسعة والعشرون (بعد المائة) للعموم: الماويين، إذا استفهمت عن نسب ما لا يعقل من تثنية النكرات المنصوبة أو المخفوضة، بكسر النون، وتسكين الياء السكون الحي، للفرق بين التثنية وجمع المذكر السالم.
الصيغة الثلاثون بعد المائة للعموم: (الماويون)، إذا استفهمت عن نسب
جمع مذكر مرفوع من النكرات التي لا تعقل.
الصيغة الحادية والثلاثون بعد المائة للعموم: [الماويين]، إذا استفهمت عن نسب ما لا يعقل من جمع النكرات المنصوبة المذكرة.
الصيغة الثانية والثلاثون بعد المائة: الماوية، إذا استفهمت عن نسب ما لا يعقل، مفردا مؤنثا منكرا مرفوعا.
الصيغة الثالثة والثلاثون بعد المائة: الماوية، إذا استفهمت عن نسب نكرة مفردة مما لا يعقل منصوبة مؤنثة.
الصيغة الرابعة والثلاثون بعد المائة للعموم: الماوية، إذا استفهمت عن نسب نكرة لا تعقل مخفوضة مؤنثة.
الصيغة الخامسة والثلاثون (بعد المائة): الماويتان، إذا استفهمت عن نسب تثنية مرفوعة من النكرات التي لا تعقل.
الصيغة السادسة والثلاثون (بعد المائة) للعموم: [الماويتين]، إذا استفهمت عن نسب تثنية منصوبة أو مخفوضة من النكرات المؤنثة التي لا تعقل.
الصيغة السابعة والثلاثون (بعد المائة) للعموم: الماويات، إذا استفهمت عن نسب من لا يعقل من جموع النكرات المؤنثات المرفوعة.
الصيغة الثامنة والثلاثون بعد المائة للعموم: الماويات، بكسر التاء، إذا
استفهمت عن نسب جمع مؤنثة من النكرات/ التي لا تعقل.
الصيغة التاسعة والثلاثون بعد المائة للعموم: المائي (بغير واو)، برفع الياء، وتشديدها، إذا استفهمت عن نسب نكرة لا تعقل مرفوعة.
الصيغة الأربعون بعد المائة للعموم: المائي، بنصب الياء، إذا استفهمت عن نسب نكرة منصوبة لا تعقل.
الصيغة الحادية والأربعون بعد المائة للعموم: المائي، بخفض الياء، إذا استفهمت عن نسب (ما لا يعقل، نكرة مخفوضة)
الصيغة الثانية والأربعون بعد المائة: المائيان، إذا استفهمت عن نسب نكرة مثناة مرفوعة لا تعقل.
الصيغة الثالثة والأربعون بعد المائة للعموم: المائيين، إذا استفهمت عن نسب تثنية نكرة منصوبة أو مخفوضة، لا تعقل.
الصيغة الرابعة والأربعون بعد المائة للعموم: المائية، إذا استفهمت عن
نسب واحدة مؤنثة منكرة، تقول كذلك.
الصيغة الخامسة والأربعون بعد المائة للعموم: المائيات، بتشديد الياء، وضم التاء، إذا استفهمت عن نسب جمع مؤنث منكر مرفوع، وبرفع التاء، لتحكي الرفع في كلامه.
الصيغة السادسة والأربعون بعد المائة للعموم: المائيات، بكسر التاء، إذا استفهمت عن نسب جمع مؤنث منكر منصوب أو مخفوض، وبكسر التاء، لتحكي النصب، أو الخفض في كلامه، وتكون كسرة التاء علامة النصب والخفض، كما يصنع في مسلمات ونحوها.
والضابط في هذه المثل الأخيرة أن (المني) بالنون للاستفهام عن نسب (من يعقل من النكرات، و (الماوي) بالواو، و (المائي) بغير واو للاستفهام عن نسب) ما لا يعقل من النكرات، ثم تتنوع هذه الصيغ بحسب الإفراد والتثنية والجمع والتأنيث والتذكير، والرفع والنصب والخفض، نقله ابن عصفور في
المقر، فتأمل هذه الأقسام، فإن وجدت من المثل شيئا على خلاف هذا القانون فأصلحه على (هذا الضابط/، فيحصل من لفظ (أي) وحده من صيغ العموم بحسب) هيئاتها وأقسامها نحو خمسين صيغة.
الصيغة السابعة والأربعون بعد المائة للعموم: متى، إذا استفهمت (بها) عن زمان مجهول، ولا يجوز الاستفهام بها عن زمان متعين بالعادة، فلا يجوز أن تقول: متى تطلع الشمس؟ لأنه منضبط بالعادة (بخلاف قولك: متى يقدم زيد؟ لأنه غير منضبط بالعادة).
الصيغة الثامنة والأربعون بعد المائة للعموم: أين: استفهام عن المكان، تقول: أين زيد؟ فيعم استفهامك جميع الأمكنة، كما يعم استفهامك بمتى جميع الأزمنة.
الصيغة التاسعة والأربعون بعد المائة للعموم: كيف، وهي يعم فيها الاستفهام جميع الأحوال، فما من حالة إلا وقد تعلق بها غرضك في الاستفهام.