الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَهِيَ تَدَّعِي الطَّلَاقَ، أَوْ تُنْكِرُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ مَعَهَا مَا دَامَ الْقَاضِي مَشْغُولًا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ، وَلَا يُخْرِجُهَا الْقَاضِي فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، وَلَكِنْ يَجْعَلُ مَعَهَا امْرَأَةً أَمِينَةً تَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَدْلًا، وَنَفَقَةُ الْأَمِينَةِ هَاهُنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ طَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي النَّفَقَةَ، وَهِيَ تَقُولُ: طَلَّقَنِي، أَوْ تَقُولُ: لَمْ يُطَلِّقْنِي، أَوْ تَقُولُ: لَا أَدْرِي أَطَلَّقَنِي أَمْ لَمْ يُطَلِّقْنِي؟ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا فَالْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهَا بِالنَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَالْقَاضِي يَقْضِي لَهَا بِمِقْدَارِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، فَإِنْ تَطَاوَلَتْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الشُّهُودِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لَمْ يَزِدْهَا الْقَاضِي عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ شَيْئًا، وَبَعْدَ هَذَا إنْ زُكِّيَتْ الشُّهُودُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا سَلِمَ لَهَا مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ، وَإِنْ لَمْ تُزَكِّ الشُّهُودَ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَعْطَاهُ الزَّوْجُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
امْرَأَةٌ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى رَجُلٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ لِمَا رَأَى مِنْ الْمَصْلَحَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهَا: إنْ كُنْتِ امْرَأَتَهُ، فَقَدْ فَرَضْتُ لَكِ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا وَكَذَا، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ، وَقَدْ اسْتَدَانَتْ وَعَدَّلَتْ الْبَيِّنَةَ أَخَذَتْهُ بِنَفَقَتِهَا مُنْذُ فُرِضَ لَهَا، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ النِّكَاحَ، وَهِيَ تَجْحَدُ فَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا.
أُخْتَانِ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَجْحَدُ فَأَقَامَتَا الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ فَلَهُمَا نَفَقَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الشُّهُودِ نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ امْرَأَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَتَهَا مِنْ زَوْجِهَا شَهْرًا، ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ]
ِ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ إذَا كَانَ رَضِيعًا، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَالصَّغِيرُ يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَلَدُ لَبَنَ غَيْرِهَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُجْبَرُ أَيْضًا، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ: تُجْبَرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ مَالٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إرْضَاعُ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ يُوجَدُ مَنْ تُرْضِعُهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَتَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَهَذَا إذَا مَا وَجَدَتْ مَنْ تُرْضِعُهُ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجِدْ مَنْ تُرْضِعُهُ فَتُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَقِيلَ: لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِلَى الْأَوَّلِ مَالَ الْقُدُورِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا فِي الْكَافِي وَلَيْسَ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَ الْوَلَدِ فِي بَيْتِ أُمِّهِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَيَسْتَغْنِي الْوَلَدُ عَنْهَا
فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَإِذَا أَبَتْ الظِّئْرُ أَنْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْإِرْضَاعُ عِنْدَ الْأُمِّ كَانَ لَهَا أَنْ تَحْمِلَ الْوَلَدَ فَتُرْضِعَهُ، أَوْ تَقُولَ: أَخْرِجُوهُ فَأُرْضِعَهُ فِي فِنَاءِ دَارِ الْأُمِّ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْوَلَدُ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ شَرَطُوا فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الظِّئْرُ عِنْدَ الْأُمِّ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَتْهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْقَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى إرْضَاعِ الْوَلَدِ لَبَنَهَا، وَمَنَافِعُهَا لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلَدَ إلَى غَيْرِهَا وَأَرَادَتْ هِيَ إرْضَاعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِلصَّبِيِّ شَهْرًا، فَلَمَّا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَبَتْ إرْضَاعَهُ، وَهُوَ لَا يَأْخُذُ لَبَنَ غَيْرِهَا تُجْبَرُ عَلَى إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ بِالْإِرْضَاعِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا، وَهِيَ زَوْجَتُهُ، أَوْ مُعْتَدَّتُهُ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ تَسْتَحِقُّ أَجْرَ الرَّضَاعَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ
وَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا فَاسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِ وَلَدِهَا جَازَ، فَإِنْ قَالَ الْأَبُ: لَا أَسْتَأْجِرُهَا وَجَاءَ بِغَيْرِهَا فَرَضِيَتْ الْأُمُّ بِمِثْلِ أَجْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَهِيَ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ الْتَمَسَتْ زِيَادَةً لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا الزَّوْجُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا، وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ، أَوْ مُعْتَدَّتُهُ لِإِرْضَاعِ ابْنٍ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَ الصُّلْحُ حَالَ الْقِيَامِ بِالنِّكَاحِ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ جَازَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِذَا صَالَحَهَا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ، وَوَجَبَتْ النَّفَقَةُ لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ، وَلَيْسَتْ بِنَفَقَةِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَبَعْدَ الْفِطَامِ يَفْرِضُ الْقَاضِي نَفَقَةَ الصِّغَارِ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ الْأَبِ وَتُدْفَعُ إلَى الْأُمِّ حَتَّى تُنْفِقَ عَلَى الْأَوْلَادِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ ثِقَةً تُدْفَعُ إلَى غَيْرِهَا لِيُنْفِقَ عَلَى الْوَلَدِ.
امْرَأَةٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَلَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ فَأَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْ نَفَقَتَهُمْ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنْتُ قَبَضْتُ عِشْرِينَ، وَنَفَقَةُ مِثْلِهِمْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ هَذَا عَلَى نَفَقَةِ مِثْلِهِمْ، وَأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنْ قَبَضَتْ عِشْرِينَ، وَإِنْ قَالَتْ بَعْدَ إقْرَارِهَا بِقَبْضِ النَّفَقَةِ: ضَاعَتْ النَّفَقَةُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِمْ بِنَفَقَةِ مِثْلِهِمْ.
رَجُلٌ مُعْسِرٌ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فَإِنْ أَبَى أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُحْبَسُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ يَفْرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ وَيَأْمُرُ الْأُمَّ حَتَّى تَسْتَدِينَ عَلَى زَوْجِهَا، ثُمَّ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ يَجِدُ نَفَقَةَ الْوَلَدِ يَمْتَنِعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ يَفْرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ، ثُمَّ تَرْجِعُ الْأُمُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْأَبِ نَفَقَةَ الْوَلَدِ فَتَرَكَهُ الْأَبُ بِلَا نَفَقَةٍ وَاسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَبِ، وَيُحْبَسُ الْأَبُ بِنَفَقَةِ
الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْبَسُ بِسَائِرِ دُيُونِهِ، وَلَوْ فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ، فَلَمْ تَسْتَدِنْ الْأُمُّ، وَأَكَلَ الْوَلَدُ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ لَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِمَسْأَلَةِ النَّاسِ نِصْفُ الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ نِصْفُ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ، وَتَصِحُّ النَّفَقَةُ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي، وَكَذَا لَوْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ فَأَكَلُوا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي فُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بِشَيْءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي بَعْدَ مَا فَرَضَ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ حَتَّى يَثْبُتَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَبِ فَمَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ هَذِهِ النَّفَقَةَ هَلْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ تَرَكَ مَالًا؟ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهَا ذَلِكَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ تَرَكَ مَالًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَنَفَقَةُ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْفِطَامِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَالِهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ مَالُ الصَّغِيرِ غَائِبًا أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ يَوْمَ دَفَعَ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ عَقَارٌ، أَوْ أَرْدِيَةٌ، أَوْ ثِيَابٌ، وَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِلنَّفَقَةِ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
صَغِيرٌ لَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ وَجَدٌّ أَبُو الْأَبِ مُوسِرٌ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ غَائِبٌ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْأَبِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَبُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهَكَذَا فِي الْقُدُورِيِّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْأَبَ الْفَقِيرَ مُلْحَقٌ بِالْمَيِّتِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ زَمِنًا، وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يَقْضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يَرْجِعُ الْجَدُّ بِذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أُمٌّ مُوسِرَة وَأَبٌ مُعَسِّرٌ أُمِرَتْ أَنْ تُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ زَمِنًا، وَإِنْ كَانَ زَمِنًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْمُسْلِمُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ الْكَافِرِ الزَّمِنِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْأُمُّ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا، أَوْ الْأُمُّ مُوسِرَةً، وَلِلصَّغِيرِ جَدٌّ مُوسِرٌ تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا، ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَلَا يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ أَعْطَتْ الْأَوْلَادَ نِصْفَ الْكِفَايَةِ تَرْجِعُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا كَانَ لِلْأَبِ الْمُعْسِرِ أَخٌ مُوسِرٌ يُؤْمَرُ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
الذُّكُورُ مِنْ الْأَوْلَادِ إذَا بَلَغُوا حَدَّ الْكَسْبِ، وَلَمْ يَبْلُغُوا فِي أَنْفُسِهِمْ يَدْفَعُهُمْ الْأَبُ إلَى عَمَلٍ لِيَكْسِبُوا، أَوْ يُؤَاجِرَهُمْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ، وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَاجِرَهُنَّ فِي عَمَلٍ، أَوْ خِدْمَةٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ فِي الذُّكُورِ إذَا سَلَّمَهُمْ فِي عَمَلٍ فَاكْتَسَبُوا أَمْوَالًا فَالْأَبُ يَأْخُذُ كَسْبَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَمَا فَضَلَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ يُحْفَظُ
ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إلَى وَقْتِ بُلُوغِهِمْ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُسْرِفًا لَا يُؤْمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُخْرِجُ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ وَيَجْعَلُهُ فِي يَدِ أَمِينٍ وَيَحْفَظُ لَهُمْ، فَإِذَا بَلَغُوا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: إذَا كَانَ الِابْنُ مِنْ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ، وَلَا يَسْتَأْجِرُهُ النَّاسُ فَهُوَ عَاجِزٌ، وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ الْكَسْبِ لَا يَهْتَدُونَ إلَيْهِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ إذَا كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِالْخِلَافِيَّاتِ الرَّكِيكَةِ وَهَذَيَانِ الْفَلَاسِفَةِ، وَلَهُمْ رُشْدٌ، وَإِلَّا لَا تَجِبُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَنَفَقَةُ الْإِنَاثِ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا عَلَى الْآبَاءِ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مَالٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ الذُّكُورِ الْكِبَارِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ لِزَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ لَكِنْ لَا يُحْسِنُ الْعَمَلَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَاجِزِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. .
وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا، أَوْ زَمِنًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ كِفَايَةِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
الرَّجُلُ الْبَائِعُ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا، أَوْ أَشَلَّ الْيَدَيْنِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا، أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مَفْلُوجًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ مُوسِرٌ، وَأُمٌّ مُوسِرَةٌ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَيَدْفَعُ مَا فَرَضَ لَهُمْ إلَيْهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَدْخُلُ تَحْتَ تَقْدِيرِ الْمُقَدِّرِينَ فِي مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَفْوًا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا تَدْخُلُ تَقْدِيرَ الْمُقَدِّرِينَ فَإِنَّهَا تُطْرَحُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ نَفَقَتِهِمْ بِأَنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ يَبْلُغُ إلَى مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا كَانَ الرَّجُلُ غَائِبًا، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِالنَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ إلَّا الْأَبَوَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ الْفُقَرَاءَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالْكِبَارَ الذُّكُورَ الْفُقَرَاءَ الْعَجَزَةَ عَنْ الْكَسْبِ وَالْإِنَاثَ وَالْفَقِيرَاتِ وَالزَّوْجَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَكَانَ النَّسَبُ مَعْرُوفًا، أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَمَرَهُمْ بِالنَّفَقَةِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّسَبِ، فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَدِيعَةً عِنْدَ إنْسَانٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهَا أَمَرَهُمْ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى إنْسَانٍ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْ الْمَدْيُونُ مُنْكِرًا فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْتَفِتْ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالطَّعَامِ وَنَحْوِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
، وَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ عَنْ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الزَّوْجَةِ مَالٌ مِنْ جِنْسِ حُقُوقِهِمْ فَأَنْفَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ جَازَ، وَلَمْ يَضْمَنُوا، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ غَيْرُهُمْ وَأَعْطَاهُمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى أَنْفَقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَضْمَنْ صَاحِبُ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي