الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَجَدَاتٍ فَالْمُؤَدَّى سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى فَتَمَّ لَهُ رَكْعَةٌ ثُمَّ يُصَلَّى رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلَّى الثَّالِثَةَ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا نَوَى بِهَا عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى لَا تُلْتَحَقَ بِرُكُوعٍ آخَرَ بَعْدَ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَمَّا إذَا سَجَدَ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَنْوِ يَجِبُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ وَحُكْمُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَحُكْمِ ذَوَاتِ الِاثْنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، وَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
وَإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ تَرَكَ يَسْجُدُ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً مُسْتَحَقَّةً، وَلَوْ تَرَكَهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَيَقْعُدُ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُصَلِّي أُخْرَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَإِنْ تَرَكَ خَمْسَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ ثَلَاثًا، وَلَا يَقْعُدُ بَعْدَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ احْتِيَاطًا. وَإِنْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَا يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ يُصَلِّي رَكْعَةً. وَإِنْ تَرَكَ سَبْعًا سَجَدَ سَجْدَةً وَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَالُوا: هَذَا إذَا نَوَى بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ، وَإِنْ سَجَدَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ سَاهِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ وَيَنْوِي بِإِحْدَاهُمَا مَا عَلَيْهِ حَتَّى تُلْتَحَقَ إحْدَاهُمَا بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَصَارَ مُصَلِّيًا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ إذَا صَلَّى ثَلَاثًا وَتَشَهَّدَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الثَّلَاثِ ثُمَّ صَلَّى الرَّابِعَةَ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ.
وَلَوْ صَلَّى الْفَجْرَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ قَعَدَ وَتَرَكَ سَجْدَةً، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَفْسُدُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ، وَلَوْ تَرَكَ أَرْبَعًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً.
وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَتَرَكَ سَجْدَةً فَسَدَتْ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ أَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا لَمْ تَفْسُدْ وَهُوَ كَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَتَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَرَكَ سَبْعًا لَمْ تَفْسُدْ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ تَرَكَ ثَمَانِ سَجَدَاتٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ تَرَكَ تِسْعَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَةً ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً ثُمَّ يَقْعُدُ وَهَذِهِ الْقَعْدَةُ سُنَّةٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيَقْعُدُ مُسْتَحَقًّا. وَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا عَشْرَ سَجَدَاتٍ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .
وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَلَوْ تَرَكَ خَمْسًا لَا تَفْسُدُ وَيَسْجُدُ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً، وَلَوْ تَرَكَ سِتًّا سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَمَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الزَّكَاةِ وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا]
(كِتَابُ الزَّكَاةِ)(وَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ)
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَصِفَتِهَا وَشَرَائِطِهَا)
أَمَّا تَفْسِيرُهَا فَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ، وَلَا مَوْلَاهُ بِشَرْطِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِلَّهِ - تَعَالَى - هَذَا فِي الشَّرْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا صِفَتُهَا فَهِيَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ يَكْفُرُ جَاحِدُهَا وَيُقْتَلُ مَانِعُهَا هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَتَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ حَتَّى يَأْثَمَ بِتَأْخِيرِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَفِي رِوَايَةِ الرَّازِيّ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَأْثَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَأَمَّا شَرْطُ أَدَائِهَا فَنِيَّةٌ مُقَارِنَةٌ لِلْأَدَاءِ أَوْ لِعَزْلِ مَا وَجَبَ هَكَذَا فِي الْكَنْزِ فَإِذَا نَوَى أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَلَمْ يَعْزِلْ شَيْئًا فَجَعَلَ يَتَصَدَّقُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى آخِرِ السَّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ لَمْ يُجْزِ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ إذَا كَانَ فِي وَقْتِ التَّصَدُّقِ بِحَالٍ لَوْ سُئِلَ عَمَّا إذَا تُؤُدِّيَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ فَذَلِكَ يَكُونُ نِيَّةً مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ
مَا تَصَدَّقْت إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَقَدْ نَوَيْت عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا وَكَّلَ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ التَّوْكِيلِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ جَازَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ فِي الزَّكَاةِ دُونَ الْوَكِيلِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَلَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَدَفَعَ، وَلَمْ يَنْوِ عِنْدَ الدَّفْعِ جَازَ. وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى الذِّمِّيِّ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْآمِرِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ تَجَدَّدَ لِلْمُوَكِّلِ نِيَّةٌ أُخْرَى بَعْدَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ قَبْلَ دَفْعِ الْوَكِيلِ إلَى الْفَقِيرِ كَانَ عَمَّا نَوَى أَخِيرًا حَتَّى لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَلَمْ يَدْفَعْ الْمَأْمُورُ حَتَّى نَوَى الْآمِرُ أَنْ يَكُونَ عَنْ نَذْرِهِ وَقَعَتْ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ فَدَخَلَ وَهُوَ يَنْوِي عِنْدَ الدُّخُولِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الزَّكَاةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ الْمُودَعِ فَدَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَهُوَ فَقِيرٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ يُرِيدُ بِهِ الزَّكَاةَ لَا يُجْزِيهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالزَّاهِدِيِّ وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالْعَيْنِيِّ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ أَدَّى زَكَاةَ غَيْرِهِ عَنْ مَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَأَجَازَهُ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَائِمًا فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ نِصَابِهِ وَلَا يَنْوِي الزَّكَاةَ سَقَطَ فَرْضُهَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ النَّفَلَ أَوْ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ.
وَلَوْ دَفَعَ جَمِيعَ النِّصَابِ إلَى الْفَقِيرِ يَنْوِي بِهِ عَنْ النَّذْرِ أَوْ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَمَّا نَوَى وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْوَاجِبِ.
وَلَوْ وَهَبَ بَعْضَ النِّصَابِ مِنْ الْفَقِيرِ يَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ الْمُؤَدِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِثْلُهُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَأَبْرَأَهُ عَنْهُ سَقَطَ عَنْهُ زَكَاتُهُ نَوَى بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ كَالْهَلَاكِ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ سَقَطَ زَكَاةُ ذَلِكَ الْبَعْضِ لِمَا قُلْنَا وَزَكَاةُ الْبَاقِي لَا تَسْقُطُ، وَلَوْ نَوَى بِهِ إلَّا الْأَدَاءَ عَنْ الْبَاقِي كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَنِيًّا فَوَهَبَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَضْمَنُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَمَرَ فَقِيرًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ وَنَوَاهُ عَنْ زَكَاةِ عَيْنٍ عِنْدَهُ جَازَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَهَبَ دَيْنَهُ مِنْ فَقِيرٍ وَنَوَى زَكَاةَ دَيْنٍ آخَرَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَوْ نَوَى زَكَاةَ عَيْنٍ لَهُ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَدَاءُ الْعَيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ الدَّيْنِ جَائِزٌ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ عَنْ الْعَيْنِ وَعَنْ دَيْنٍ يُقْبَضُ لَا يَجُوزُ، وَأَدَاءُ الدَّيْنَ عَنْ دَيْنٍ لَا يُقْبَضُ يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَدَاءَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ قَالُوا الْأَفْضَلُ الْإِعْلَانُ وَالْإِظْهَارُ، وَفِي التَّطَوُّعَاتِ الْأَفْضَلُ هُوَ الْإِخْفَاءُ وَالْإِسْرَارُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ أَعْطَى مِسْكِينًا دَرَاهِمَ وَسَمَّاهَا هِبَةً أَوْ قَرْضًا وَنَوَى الزَّكَاةَ فَإِنَّهَا تُجْزِيهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ نَاقِلًا عَنْ الْمُبْتَغَى وَالْقُنْيَةِ (وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهَا فَمِنْهَا)
الْحُرِّيَّةُ حَتَّى لَا تَجِبَ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ، وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْكَافِرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى ارْتِدَادِهِ سِنِينَ فَبَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِتِلْكَ السِّنِينَ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَقَامَ سِنِينَ هُنَاكَ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ الْأَخْذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يُفْتَى
بِالدَّفْعِ إنْ كَانَ عَلِمَ بِالْوُجُوبِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَيُفْتَى بِالدَّفْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا يُفْتَى بِالدَّفْعِ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَمِنْهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) فَلَيْسَ الزَّكَاةُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إذَا وُجِدَ مِنْهُ الْجُنُونُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ فَلَوْ أَفَاقَ فِي جُزْءٍ مِنْ السَّنَةِ بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ هَذَا فِي الْجُنُونِ الْعَارِضِيِّ بِأَنْ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَمَّا فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَتَجِبُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ حَوْلًا كَامِلًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
(وَمِنْهَا كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا) فَلَا تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْكَنْزِ رَجُلٌ أَدَّى خَمْسَةً مِنْ الْمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلِ إلَى الْفَقِيرِ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ لِأَجْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا دِرْهَمٌ سَتُّوقَةٌ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخَمْسَةُ زَكَاةً لِنُقْصَانِ النِّصَابِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسَةَ مِنْ الْفَقِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهَا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمِنْهَا الْمِلْكُ التَّامُّ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْمِلْكُ وَالْيَدُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَ الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَالصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ وُجِدَ الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَدْيُونِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقِيلَ لَا يَكُونُ نِصَابًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ نِصَابًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِي عَبْدِهِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ إذَا أَبَقَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ. وَلَا عَلَى الزَّوْجِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفٍ، وَلَمْ يُقْبِضْهَا سِنِينَ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَلَا عَلَى الرَّاهِنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِكَسْبِهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَكَسْبُهُ لِمَوْلَاهُ وَعَلَى الْمَوْلَى زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْأَخْذِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَعَلَى ابْنِ السَّبِيلِ زَكَاةُ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَائِبِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَالِ التِّجَارَةِ.
(وَمِنْهَا فَرَاغُ الْمَالِ) عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَيْسَ فِي دُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَسِلَاحِ الِاسْتِعْمَالِ زَكَاةٌ، وَكَذَا طَعَامُ أَهْلِهِ وَمَا يَتَجَمَّلُ بِهِ مِنْ الْأَوَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا الْجَوْهَرُ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ والبلخش وَالزُّمُرُّدُ وَنَحْوُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا لِلنَّفَقَةِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَآلَاتُ الْمُحْتَرِفِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا فِي الْآلَاتِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهَا، وَلَا يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَبْقَى أَثَرُهَا فِي الْمَعْمُولِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الصَّبَّاغُ عُصْفُرًا أَوْ زَعْفَرَانًا لِيَصْنَعَ ثِيَابَ النَّاسِ بِأَجْرٍ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ ابْتَاعَ عَيْنًا لِيَعْمَلَ بِهِ وَيَبْقَى أَثَرُهُ فِي الْمَعْمُولِ كَالْعَفْصِ وَالدُّهْنِ لِدَبْغِ الْجِلْدِ فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْعَيْنِ أَثَرٌ فِي الْمَعْمُولِ كَالصَّابُونِ وَالْحُرْضِ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
(وَمِنْهَا الْفَرَاغُ عَنْ الدَّيْنِ) قَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: كُلُّ دَيْنٍ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْبَيْعِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَجَبَ بِخُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ دَمِ عَمْدٍ، وَهُوَ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ أَوْ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَدَيْنِ الزَّكَاةِ فَإِنْ كَانَ
زَكَاةَ سَائِمَةٍ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ الْعَيْنُ قَائِمًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ زَكَاةَ الْأَثْمَانِ وَزَكَاةَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَفِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي السَّوَائِمُ.
وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَرَاجَ أَرْضٍ يُمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ خَرَاجًا يُؤْخَذُ بِحَقٍّ، وَكَانَ تَمَامَ الْحَوْلِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ إدْرَاكِهَا فَلَا، وَمَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ إذَا أَخْرَجَتْ طَعَامًا وَاسْتَهْلَكَهُ وَضَمِنَ مِثْلَهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ يَمْنَعَ مُؤَجَّلًا كَانَ أَوْ مُعَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ مَهْرٌ مُؤَجَّلٌ لِامْرَأَتِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ: لَا يُجْعَلُ مَانِعًا مِنْ الزَّكَاةِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْعَادَةِ، وَأَنَّهُ حَسَنٌ أَيْضًا هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَأَمَّا نَفَقَاتُ الزَّوْجَاتِ فَمَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا إمَّا بِفَرْضِ الْقَاضِي أَوْ بِالتَّرَاضِي لَا تَمْنَعُ وَتَسْقُطُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَضَاءُ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي، وَكَذَا نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ إذَا فَرَضَهَا الْقَاضِي فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ نَحْوَ مَا دُونَ الشَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بَلْ تَسْقُطُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمَّا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَلَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا الدَّيْنُ الْمُعْتَرِضُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ فَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ وَعَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْعَبْدِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ، وَكَفَلَ بِهَا رَجُلٌ بِأَمْرِ الْمَدْيُونِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِهِمَا لَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَلَوْ اغْتَصَبَ رَجُلٌ أَلْفًا مِنْ رَجُلٍ فَجَاءَ آخَرُ وَاغْتَصَبَ الْأَلْفَ مِنْ الْغَاصِبِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالِ الْغَاصِبَيْنِ كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ أَلْفِهِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ مُعَدٌّ لِلتَّقَلُّبِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الدَّيْنُ مَصْرُوفًا إلَيْهِ، فَأَمَّا الدَّارُ وَالْخَادِمُ فَمَشْغُولَتَانِ بِحَاجَتِهِ فَلَا يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَيْهِ، وَمَالِكُ الدَّارِ وَالْخَادِمِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ حَاجَتَهُ بَلْ يَزِيدُ فِيهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ تَحِلُّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ صَاحِبُ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قِيلَ، وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ يَكُونُ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَالسِّلَاحُ، وَكَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ الْفَقِيهَ إذَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْ الْكُتُبِ مَا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا، وَلَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ فَضْلًا عَنْ حَاجَتِهِ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْفَاضِلُ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ تَصْنِيفٍ نُسْخَتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِذَا سَقَطَ الدَّيْنُ كَأَنْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ اُعْتُبِرَ ابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ سُقُوطِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجِبُ الزَّكَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَكُلُّ دَيْنٍ لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ كَدُيُونِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوُجُوبِ الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَضَمَانُ
اللُّقَطَةِ لَا يَمْنَعُ، وَكَذَا ضَمَانُ الدَّرْكِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَمْنَعُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَقَالُوا فِيمَنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْحَوْلِ يَمْنَعُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ نُصُبٌ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ وَسَوَائِمُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ صُرِفَ الدَّيْنُ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوَّلًا فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمَا صُرِفَ إلَى الْعُرُوضِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهَا فَإِلَى السَّوَائِمِ فَإِنْ كَانَتْ السَّوَائِمُ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً صُرِفَ إلَى أَقَلِّهَا زَكَاةً، وَإِنْ اسْتَوَتْ فِيهَا صُرِفَ إلَى أَيِّمَا شَاءَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَهَذَا إذَا حَضَرَ الْمُصَدِّقُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ فَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ شَاءَ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى السَّائِمَةِ، وَأَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ هُمَا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي حَقِّ الْمُصَدِّقِ فَإِنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ السَّائِمَةِ دُونَ الدَّرَاهِمِ فَلِهَذَا صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَأَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ السَّائِمَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. لَهُ مِائَتَانِ وَوَصِيفٌ وَتَزَوَّجَ عَلَى مِثْلِهِ وَاسْتَقْرَضَ بُرًّا لِحَاجَةٍ وَبَقِيَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ صُرِفَ إلَى النُّقُودِ وَالْمَالِ الْفَارِغِ، وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ صَرْفُ الدَّيْنِ إلَى الْجِنْسِ كَذَا فِي الْكَافِي.
(وَمِنْهَا كَوْنُ النِّصَابِ نَامِيًا) حَقِيقَةً بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَالتِّجَارَةِ أَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ نَائِبِهِ وَيَنْقَسِمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى قِسْمَيْنِ خِلْقِيٌّ، وَفِعْلِيٌّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ فَالْخِلْقِيُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلِانْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهِمَا فِي دَفْعِ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا نَوَى التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا أَوْ نَوَى النَّفَقَةَ وَالْفِعْلِيُّ مَا سِوَاهُمَا وَيَكُونُ الِاسْتِنْمَاءُ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ، وَنِيَّةُ التِّجَارَةِ وَالْإِسَامَةِ لَا تُعْتَبَرُ مَا لَمْ تَتَّصِلْ بِفِعْلِ التِّجَارَةِ أَوْ الْإِسَامَةِ ثُمَّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ قَدْ تَكُونُ صَرِيحًا وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً فَالصَّرِيحُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ عَقْدِ التِّجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ لِلتِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ شِرَاءً أَوْ إجَارَةً وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ.
وَأَمَّا الدَّلَالَةُ فَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَيْنًا مِنْ الْأَعْيَانِ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ أَوْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ فَتَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ صَرِيحًا لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ الِاخْتِلَافَ فِي بَدَلِ مَنَافِعِ عَيْنٍ مُعَدَّةٍ لِلتِّجَارَةِ فَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ بِلَا نِيَّةٍ، وَفِي الْجَامِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ فَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ كَانُوا يُصَحِّحُونَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ وَمَا مَلَكَهُ بِعَقْدٍ لَيْسَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ أَصْلًا كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَبَدَلِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَلَوْ وَرِثَهُ فَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي السَّائِمَةِ، وَمَالِ التِّجَارَةِ إنْ نَوَى الْوَرَثَةُ الْإِسَامَةَ أَوْ التِّجَارَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوُوا قِيلَ تَجِبُ وَقِيلَ لَا تَجِبُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِلتِّجَارَةِ وَنَوَاهَا لِلْخِدْمَةِ بَطَلَتْ عَنْهَا الزَّكَاةُ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مِثْلُ مَالُ الضِّمَارِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ كُلُّ مَا بَقِيَ أَصْلُهُ فِي مِلْكِهِ وَلَكِنْ زَالَ عَنْ يَدِهِ زَوَالًا لَا يُرْجَى عَوْدُهُ فِي الْغَالِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَمِنْ مَالِ الضِّمَارِ الدَّيْنُ الْمَجْحُودُ وَالْمَغْصُوبُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إلَّا فِي غَصْبِ السَّائِمَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا، وَمِنْهُ الْمَفْقُودُ وَالْآبِقُ وَالْمَأْخُوذُ مُصَادَرَةً وَالسَّاقِطُ فِي الْبَحْرِ وَالْمَدْفُونُ فِي الصَّحْرَاءِ الْمَنْسِيُّ مَكَانُهُ، وَأَمَّا الْمَدْفُونُ فِي حِرْزٍ، وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ إذَا نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فِي أَرْضِهِ أَوْ كَرْمِهِ قِيلَ تَجِبُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُمْكِنٌ وَقِيلَ لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ حَفْرَ جَمِيعِهَا مُتَعَسِّرٌ بِخِلَافِ الْبَيْتِ وَالدَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً
لَا يَنْعَقِدُ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى جَاحِدٍ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ غَيْرُ عَادِلَةٍ قِيلَ لَا تَجِبُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَجِبُ كَذَا فِي الْكَافِي. وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالدَّيْنِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى، وَفِي مُقِرٍّ بِهِ تَجِبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ مُفْلِسًا كَذَا فِي الْكَافِي. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُفْلِسٍ فَلَّسَهُ الْقَاضِي فَوَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ كَانَ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَا مَضَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَمَّا قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي جَحَدَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَمَضَى زَمَانٌ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ ثُمَّ عُدِّلُوا سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ مِنْ يَوْمِ جَحَدَ عِنْدَ الْقَاضِي إلَى أَنْ عُدِّلَ الشُّهُودُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ هَرَبَ غَرِيمُهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا سَائِرُ الدُّيُونِ الْمُقِرِّ بِهَا فَهِيَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ضَعِيفٌ، وَهُوَ كُلُّ دَيْنٍ مَلَكَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ نَحْوُ الْمِيرَاثِ أَوْ بِفِعْلِهِ لَا بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ كَالْوَصِيَّةِ أَوْ بِفِعْلِهِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا زَكَاةَ فِيهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ نِصَابًا وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ. وَوَسَطٌ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ إذَا قَبَضَ مِائَتَيْنِ زَكَّى لِمَا مَضَى فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَقَوِيٌّ، وَهُوَ مَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ إذَا قَبَضَ أَرْبَعِينَ زَكَّى لِمَا مَضَى كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
(وَمِنْهَا حَوَلَانُ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ) الْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ لِلْحَوْلِ الْقَمَرِيِّ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَإِذَا كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا فِي طَرَفَيْ الْحَوْلِ فَنُقْصَانُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَوْ اسْتَبْدَلَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ، وَلَوْ اسْتَبْدَلَ السَّائِمَةَ بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا يَنْقَطِعُ حُكْمُ الْحَوْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مَالًا مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَى مَالِهِ وَزَكَّاهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ نَمَائِهِ أَوَّلًا وَبِأَيِّ وَجْهٍ اسْتَفَادَ ضَمَّهُ سَوَاءٌ كَانَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْغَنَمِ مَعَ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. فَإِنْ اسْتَفَادَ بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُمُّ وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلٌ آخَرُ بِالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ إنَّمَا يُضَمُّ الْمُسْتَفَادُ عِنْدَنَا إلَى أَصْلِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا فَأَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَتَكَامَلُ بِهِ النِّصَابُ وَيَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا حَالَ وُجُودِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ مِنْ السَّائِمَةِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَزَكَّاهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، وَمَعَهُ نِصَابٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَوْلِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَضُمُّ إلَيْهِ ثَمَنَ السَّائِمَةِ بَلْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلًا جَدِيدًا وَعِنْدَهُمَا يَضُمُّهُ وَيُزْكِيهِمَا جَمِيعًا، وَهَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ السَّائِمَةِ يَبْلُغُ نِصَابًا بِانْفِرَادِهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَبْلُغُ نِصَابًا ضَمَّهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا ثَمَنُ الطَّعَامِ الْمَعْشُورِ، وَثَمَنُ الْعَبْدِ الَّذِي أَدَّى صَدَقَةَ فِطْرِهِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إجْمَاعًا، وَلَوْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمَاشِيَةٍ ضَمَّ الثَّمَنَ إلَى جِنْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ بِأَنْ يَضُمَّ الدَّرَاهِمَ إلَى الدَّرَاهِمِ، وَالْمَاشِيَةَ إلَى الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ جَعَلَ الْمَاشِيَةَ بَعْدَ مَا زَكَّاهَا عَلُوفَةً ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إجْمَاعًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَأَدَّى خَرَاجَهَا ثُمَّ بَاعَهَا ضَمَّ ثَمَنَهَا إلَى أَصْلِ النِّصَابِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا سَائِمَةً وَعِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهَا سَائِمَةٌ لَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مَالٍ أُدِّيَتْ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَلْفٌ ثُمَّ أَفَادَ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي