الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ ضَامِنًا هَذَا إذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ الْغَائِبُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ فَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعُوا شَيْئًا مِنْ مَالِ الْغَائِبِ لِنَفَقَتِهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سِوَى الْوَلَدِ الْمُحْتَاجِ لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَ عَقَارِ الْغَائِبِ، وَلَا بَيْعَ عُرُوضِهِ بِالنَّفَقَةِ، وَأَمَّا الْأَبُ الْمُحْتَاجُ فَيَمْلِكُ بَيْعَ الْمَنْقُولِ بِالنَّفَقَةِ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ الْغَائِبُ صَغِيرًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْمَفْقُودِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ حَالَ حَضْرَةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ بَيْعُ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَإِنْ كَانَ الْأَبُ قَدْ مَاتَ وَتَرَكَ أَمْوَالًا، وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا كَانَتْ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ وَارِثًا فَنَفَقَتُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ تَكُونُ نَفَقَتُهَا فِي حِصَّتِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا بَعْدَ هَذَا يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَالْوَصِيُّ يُنْفِقُ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَالْقَاضِي يَفْرِضُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّغَارِ فِي نَصِيبِهِ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى قَدْرِ سَعَةِ أَمْوَالِهِمْ وَضِيقِهَا وَيَشْتَرِي لِلصَّغِيرِ خَادِمًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْخَادِمِ؛
لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَصَالِحِهِ، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْمَصَالِحِ
فَالْقَاضِي يَشْتَرِي ذَلِكَ لِلصَّغِيرِ مِنْ نَصِيبِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَصِغَارٌ فَنَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَكُونُ فِي نَصِيبِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ قَاضٍ فَأَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ كَانُوا ضَامِنِينَ فِي هَذِهِ النَّفَقَةِ، وَهَذَا فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ كَانَا فِي سَفَرٍ فَأُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا مَاتَ فَجَهَّزَهُ صَاحِبُهُ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا الْعَبِيدُ الْمَأْذُونُونَ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانُوا فِي الْبِلَادِ، فَمَاتَ مَوْلَاهُمْ فَأَنْفَقُوا فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَيَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ كَانَ الْكِبَارُ أَنْفَقُوا عَلَى الصِّغَارِ، ثُمَّ لَمْ يُقِرُّوا بِذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِبَقِيَّةِ أَنْصِبَاءِ الصِّغَارِ وَيُرْجَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ وَكَذَا، لَوْ مَاتَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَوَدِيعَةٌ عِنْدَ آخَرَ فَفِي الْحُكْمِ لَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهَا عَلَيْهِمْ، وَيَحْتَسِبَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ فَعَلَ، وَحَلَفَ عَلَى أَنْ لَا مَالَ عَلَيْهِ لِلْمَيِّتِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يُؤَاخَذَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ]
ِ قَالَ: وَيُجْبَرُ الْوَلَدُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ مُسْلِمَيْنِ كَانَا، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ قَدَرَا عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرَا بِخِلَافِ الْحَرْبِيَّيْنِ الْمُسْتَأْمَنِينَ، وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدُ الْمُوسِرُ أَحَدًا فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ الْمُعْسِرَيْنِ كَذَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ. الْيَسَارُ مُقَدَّرٌ بِالنِّصَابِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالنِّصَابُ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا اخْتَلَطَتْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ
وَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا فَائِقٌ فِي الْغِنَى وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصَابًا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ قَالَ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ إذَا تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا، وَأَمَّا إذَا تَفَاوَتَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَيَجِبُ أَنْ يَتَفَاوَتَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ الْأَبَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْآخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ النَّفَقَةِ، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ الْمُعْسِرِ زَوْجَةٌ لَيْسَتْ أُمَّ ابْنِهِ الْكَبِيرِ لَمْ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ وَأَمَتُهُ لَا يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْأَبِ عِلَّةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى خِدْمَةِ نَفْسِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى خَادِمٍ يَقُومُ بِشَأْنِهِ وَيَخْدُمُهُ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِ الْأَبِ مَنْكُوحَةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْأَبُ إذَا كَانَ فَقِيرًا مُعْسِرًا، أَوْ لَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ مَحَاوِيجُ، وَابْنٌ كَبِيرٌ مُوسِرٌ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ وَنَفَقَةِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْأُمُّ إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الِابْنَ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، أَوْ هِيَ غَيْرَ زَمِنَةٍ، وَإِذَا كَانَ الِابْنُ يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَالْأُمُّ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَبٌ، وَابْنٌ صَغِيرٌ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَالِابْنُ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا يَأْكُلَانِ مَعَهُ مَا أَكَلَ، وَإِنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى زَوْجَةٍ، وَالِابْنُ مُوسِرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً، وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْ الِابْنَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْأَبِ، وَهُوَ يُوَزِّعُهَا عَلَيْهِنَّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا كَسُوبًا، وَالْأَبُ زَمِنًا يُشَارِكُ الِابْنَ فِي الْقُوتِ بِالْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُشَارِكْهُ يُخْشَى عَلَى الْأَبِ التَّلَفُ ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي إنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا، وَلَمْ يَكُنْ كَسُوبًا فَقَالَ الْأَبُ لِلْقَاضِي: إنَّ ابْنِي يَكْتَسِبُ مَا يَقْدِرُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيَّ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِي كَسْبِ الِابْنِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ يُجْبَرْ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، وَلَكِنْ يُؤْمَرُ مِنْ حَيْثُ الدِّيَانَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْأَبُ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَ فِي قُوتِهِ وَيَجْعَلَهُ كَأَحَدٍ مِنْ عِيَالِهِ، وَلَا يَجْبُرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا عَلَى حِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَسُوبًا هَلْ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى الْكَسْبِ وَالنَّفَقَةِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ: قِيلَ: يُجْبَرُ، وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَعْتَبِرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ لِاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ الْفَقْرُ لَا غَيْرُ عَلَى مَا هُوَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَكَذَا تُفْرَضُ نَفَقَةُ الْجَدَّاتِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ، وَنَفَقَةُ الْجَدَّاتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَجْدَادِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ
وَالنَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً بَالِغَةً فَقِيرَةً، أَوْ كَانَ ذَكَرًا فَقِيرًا زَمِنًا، أَوْ أَعْمَى
وَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَيُجْبَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا حَقِيقَتُهُ كَذَا فِي النُّقَايَةِ.
لَا يَقْضِي بِنَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا كَانَ غَنِيًّا أَمَّا الْكِبَارُ الْأَصِحَّاءُ فَلَا يَقْضِي لَهُمْ بِنَفَقَتِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ، وَتَجِبُ نَفَقَةُ الْإِنَاثِ الْكِبَارِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَإِنْ كُنَّ صَحِيحَاتِ الْبَدَنِ إذَا كَانَ بِهِنَّ حَاجَةٌ إلَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يُشَارِكُ الزَّوْجَ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَحَدٌ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُعْسِرٌ، وَابْنٌ مُوسِرٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الزَّوْجِ، أَوْ أَبٌ مُوسِرٌ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ لَا عَلَى الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ لَكِنْ يُؤْمَرُ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ، أَوْ الْأَخُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ وَالِدٌ وَابْنُ ابْنٍ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَالِدِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ، أَوْ ابْنُ بِنْتٍ، وَلَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ لَا لِوَلَدِ الْبِنْتِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ، وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَّا أَنَّ الِابْنَ يَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ الثَّابِتِ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ، وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا عَلَى الْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الِابْنِ، وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْفَقِيرِ بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ، وَهُمَا مُوسِرَتَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَتَا تَسْتَوِيَانِ فِي الْإِرْثِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنٌ نَصْرَانِيٌّ، وَلَهُ أَخٌ مُسْلِمٌ وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ وَهُمَا مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْمِيرَاثِ، وَكَذَا الْمُعْسِرَةُ إذَا كَانَتْ لَهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى ابْنَتِهَا، وَإِنْ كَانَتَا تَشْتَرِكَانِ فِي الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا، الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْجَدِّ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْعُصْبَةِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَجَدَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَسْدَاسًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ دُونَ الْعَمَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَالٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا عَلَى الْعَمَّةِ وَثُلُثُهَا عَلَى الْخَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ خَالٌ وَخَالَةٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ خَالٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَابْنُ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْخَالِ، وَالْمِيرَاثُ لِابْنِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ كَانَ رَحِمًا غَيْرَ مَحْرَمٍ نَحْوُ ابْنِ عَمٍّ، وَهُوَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَعَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ أَسْدَاسًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ، وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ مُعْسِرًا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ
مَنْ كَانَ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ مُعْسِرٌ يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ وَإِذَا جُعِلَ كَالْمَيِّتِ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْبَاقِينَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ يُحْرِزُ بَعْضَ الْمِيرَاثِ لَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِ مَنْ كَانَ يَرِثُ مَعَهُ، بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ: رَجُلٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَهُ ابْنٌ مُعْسِرٌ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، أَوْ هُوَ صَغِيرٌ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ، فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَعَلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ أَسْدَاسًا سُدُسٌ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَاصَّةً، وَلَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِنَّ، وَنَفَقَةُ الِابْنِ عَلَى عَمَّتِهِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ بِنْتٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَنَفَقَةُ الْأَبِ فِي الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَلَى أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي الْأَخَوَاتِ الْمُتَفَرِّقَاتِ عَلَى أُخْتِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الْبِنْتِ عَلَى الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
الْأَبُ مَعَ الِابْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ قَالَ الِابْنُ: هُوَ غَنِيٌّ، وَلَيْسَ عَلَيَّ نَفَقَتُهُ، وَقَالَ الْأَبُ: أَنَا مُعْسِرٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْأَبِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ مُعْسِرٌ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ الِابْنُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا، ثُمَّ عَتَقَ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الِابْنِ، ثُمَّ خَاصَمَهُ الِابْنُ فَقَالَ: أَنْفَقْتَهُ، وَأَنْتَ مُوسِرٌ، وَقَالَ الْأَبُ: فَعَلْتُهُ، وَأَنَا مُعْسِرٌ قَالَ: اُنْظُرْ إلَى حَالِ الْأَبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ هَذَا فِي إطْلَاقِ الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا فُرِضَ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ الْأَبِ وَكِسْوَتُهُ وَأَعْطَى نَفَقَةَ شَهْرٍ وَكِسْوَةَ سَنَةٍ، وَقَالَ الْأَبُ: ضَاعَتْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ صَادِقٌ يُجْبَرُ ثَانِيًا، وَكَذَا سَائِرُ الْمَحَارِمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا وَأَبَى الِابْنُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ قَاضٍ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ وَبِوُجُودِ قَاضٍ ثَمَّةَ يَأْثَمُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وَبِإِعْطَاءِ الِابْنِ مَالًا يَكْفِيهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ وَبِسَرِقَةٍ فَوْقَ الْكِفَايَةِ يَأْثَمُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، وَلَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مَالَ ابْنِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ مَسْكَنٌ، أَوْ دَابَّةٌ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنْ تُفْرَضَ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْكَنِ فَضْلٌ نَحْوُ أَنْ يَكْفِيَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْأَبُ بِبَيْعِ الْفَضْلِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْأَبُ تُفْرَضُ نَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ لِلْأَبِ دَابَّةٌ نَفِيسَةٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الْأَوْكَسَ وَيُنْفِقَ الْفَضْلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْأَوْكَسِ تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَالِدَانِ وَالْمَوْلُودُونَ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَلَا تَجِبُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ نَفَقَةُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ