الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة التاسعة والعشرون: في البصمة الوراثية
أولًا: التعريف بالبصمة الوراثية:
لقد دلَّت الاكتشافات الطبية أنه يوجد في داخل النواة التي تستقر في خلية الإنسان (ستة وأربعون) من الصبغيات (الكروموسومات)، وكل واحد من الكروموسومات يحتوي على عدد كبير من الجينات الوراثية قد تبلغ في الخلية البشرية الواحدة إلى مئة ألف مورثة جينية تقريبًا، وهذه المورثة هي التي تتحكم في صفات الإنسان، والطريقة التي يعمل بها، بالإضافة إلى وظائف أخرى تنظيمية للجينات.
وقد أثبتت التجارب الطبية الحديثة بواسطة وسائل تقنية في غاية التطور والدقة: أنَّ لكل إنسان جينومًا بشريًّا يختص به دون سواه، لا يمكن أن يتشابه فيه مع غيره أشبه ما يكون ببصمة الأصابع في خصائصها بحيث لا يمكن تطابق الصفات الجينية بين شخص وآخر حتى وإن كانا توأمين.
ولهذا جرى إطلاق عبارة (بصمة وراثية) للدلالة على تثبيت هوية الشخص أخذًا من عينة الحمض النووي المعروف بـ (دنا- DNA) الذي يحمله الإنسان بالوراثة عن أبيه وأمه إذ أنَّ الكروموسومات، لـ (ستة وأربعين) التي يحملها كل شخص داخل كل خلية من خلايا جسمه، يرث نصفها وهي (ثلاثة وعشرين) كروموسومًا عن أبيه بواسطة الحيوان المنوي، والنصف الآخر وهي (ثلاثة وعشرين) كروموسومًا يرثها عن أمه بواسطة البويضة، وكل واحدة من هذه الكروموسومات والتي هي عبارة عن جينات الأحماض النووية (دنا) ذات شقين، يرث الشخص شقًا منها عن أبيه والشق الآخر عن أمه، فينتج عن ذلك كروموسومات خاصة به، لا تتطابق مع كروموسومات أبيه من كل وجه، ولا مع كروسومات أمه من كل وجه، وإنما جاءت
خليطًا منهما، وبهذا الاختلاط اكتسب صفة الاستقلالية عن كروموسومات أي من والديه مع بقاء التشابه معهما في بعض الوجوه، لكنه مع ذلك لا يتطابق مع أي من كروموسومات والديه فضلًا عن غيرهما.
وعلماء الطب الحديث يرون أنهم يستطيعون إثبات الأبوة أو البنوة لشخص ما أو نفيه عنه من خلال إجراء فحوصات على جيناته الوراثية؛ حيث دلَّت الأبحاث الطبية التجريبية على أن نسبة النجاح في إثبات النسب قد تصل إلى قريب من القطع وذلك بنسبة (99 %) تقريبًا، وفي حالة نفي النسب تصل إلى حدِّ القطع، أي: بنسبة (100 %).
وطريقة معرفة ذلك: أن يؤخذ عينة من أجزاء الإنسان بمقدار رأس الدبوس من البول، أو الدم، أو الشعر، أو المني، أو العظم، أو اللعاب، أو خلايا الكلية، أو غير ذلك من أجزاء جسم الإنسان، وبعد أخذ هذه العينة يتم تحليلها وفحص ما تحتوي عليه من كروموسومات -صبغيات- تحمل الصفات الوراثية، فبعد معرفة هذه الصفات الوراثية الخاصة بالابن وبوالديه يمكن بعد ذلك أن يثبت أنَّ بعض هذه الصفات الوراثية في الابن موروثة له عن أبيه، لاتفاقهما في بعض هذه الجينات الوراثية فيحكم عندئذ بأبوته له، أو يقطع بنفي أبوته عنه لعدم تشابههما في شيء من هذه الجينات الوراثية، فيحكم عندئذ بنفي أبوته له وكذلك الحال بالنسبة للأم.
ويرى المختصون في المجال الطبي وخبراء البصمات أنه يمكن استخدام البصمات الوراثية في مجالات كثيرة، ترجع في مجملها إلى مجالين رئيسين هما:
1 -
المجال الجنائي: وهو مجال واسع يدخل ضمنه الكشف عن هوية المجرمين في حالة ارتكاب جناية قتل أو اعتداء، وفي حالات الاختطاف بأنواعها، وفي حالة انتحال شخصيات آخرين وغير ذلك.