الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة الخامسة عشرة: ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالجراحة الطبية
الجراحة الطبية في العصر الحديث تنوعت وتطورت بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل، وكل ذلك راجع إلى فضل الله ورحمته ثم إلى الجهود التي يقوم بها أهل الطب لخدمة الإنسانية.
غير أن هذه العمليات الجراحية لها ضوابط شرعية تضبطها أشار إليها الفقهاء وهي مستقاة من أصول الشرع وقواعده سنعرضها في هذه النازلة.
أولًا: شروط جواز الجراحة الطبية:
1 -
أن تكون الجراحة مشروعة: فإن كانت غير مشروعة كجراحة التجميل التحسينية التي سبق الإشارة إليها في نازلة التجميل فلا يجوز للمريض أن يطلب فعلها ولا يجوز للطبيب إن يجيبه إلا بعد أن تكون تلك الجراحة مأذونًا بفعلها شرعًا؛ لأنّ الجسد ملك لله فلا يجوز للإنسان أن يتصرف فيه إلا بإذن المالك الحقيقي.
2 -
أن يكون المريض محتاجًا إلى الجراحة: كأن يخاف على نفسه الهلاك أو تلف عضو من أعضاء جسده أو تخفيف الألم ونحو ذلك.
3 -
أن يأذن المريض أو وليه بفعل الجراحة: فإذا رفض المريض ولو كان يتألم فلا يجوز للطبيب أن يجري الجراحة حتى يأذن له.
4 -
أن تتوفر الأهلية في الطبيب الجراح:
ويتحقق هذا الشرط بوجود أمرين: أن يكون ذا علم وبصيرة بالعملية المطلوبة، وأن يكون قادرًا على تطبيقها وأدائها على الوجه المطلوب، فإن كان جاهلًا بالكلية كأن تكون خارجة عن اختصاصه أو جاهلًا ببعضها فإنه يحرم عليه فعلها، ويعتبر إقدامه عليها في حال جهله بمثابة الجاني المعتدي على الجسم المحرم بالقطع والجرح.
5 -
أن يغلب على ظن الطبيب الجراح نجاح الجراحة: بمعنى أن تكون نسبة نجاح العملية ونجاة المريض من أخطارها أكبر من نسبة عدم نجاحها وهلاكه، فإذا غلب على ظنه هلاك المريض بسببها فإنه لا يجوز له فعلها.
6 -
ألا يوجد البديل الذي هو أخف ضررًا من الجراحة: كالعقاقير والأدوية، فإن وجد البديل لزم المصير إليه صيانة لأرواح الناس وأجسادهم؛ حتى لا تتعرض لأخطار الجراحة وأضرارها ومتاعبها كالقرحة الهضمية، في بدايته يتم علاجه بالعقاقير والتي ثبت مؤخرًا تأثيرها على القرحة وأنها أنجح العلاجات وأفيدها.
أما إذا كان الدواء أشد خطرًا وضررًا ولا ينفع في علاج الداء أو زواله، فإنه لا يعتبر موجبًا للصرف عن فعل الجراحة كبعض الأمراض العصبية حيث يمكن علاج المريض بالعقاقير المهدئة، لكنها لا تنفع في زوال الداء، وقد تسبب الإدمان فوجود البديل على هذا الوجه وعدمه سواء.
7 -
أن تترتب المصلحة على فعل الجراحة (1).
(1) انظر: المغني لابن قدامة (5/ 538)، وشرح السُّنَّة للبغوي (12/ 147)، وقواعد الأحكام (1/ 4). وأحكام الجراحة الطبية: محمَّد بن محمَّد المختار الشنقيطي، والوجيز في أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها: فهد بن عبد الله الحزمي.