الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة السادسة والعشرون: السر في المهن الطبية
لا شك أن مهنة الطب فيها اطلاع على الأسرار، وأهم ما يعتمد عليها في مهنة الطب قضية الأمانة التي يسميها الغربيون "شرف المهنة"، ونحن نسميها "أمانة" أوصانا الله عز وجل بحفظها. فقد يطلع الطبيب على ما لا يطلع عليه غيره فالواجب عليه أن يحافظ على الأسرار التي قد علم بها أثناء كشفه على المريض أو أثناء إجراء عملية جراحية له. لكن قد يحتاج أحيانًا إلى إفشاء بعض الأسرار في بعض الأمور منها:
1 -
إذا كان أحد الزوجين مصابًا بمرض جنسي معد (ينتقل بالمباشرة)، فإنه يجب إبلاغ الطرف الآخر.
2 -
إذا كان المريض غير لائق بعمل معين كالمصاب بالاضطرابات العصبية أو ضعف الرؤية الشديد فلا بد من إبلاغ جهة عمله فيما لو كان سائقًا مثلًا.
3 -
إذا علم بوجود مرض معد سارٍ.
4 -
عند الكشف الطبي قبل الزواج، إذا تبين عدم توافق أحد الزوجين مع الآخر فلا بد من إبلاغه.
5 -
إذا تبين له أن وفاة الشخص قد حصلت نتيجة جريمة.
6 -
إذا علم بإصابة الزوج بمرض غير معد، ولا تعلم به الزوجة مثلًا فإنه لا يجوز له إخبارها لعدم الموجب.
ومما جاء في القوانين الطبية في المادة الثالثة والعشرين ما نصه:
يجب على الطبيب أن يحافظ على الأسرار التي علم بها عن طريق مهنته ولا يجوز له إفشاؤها إلا في الأحوال التالية:
1 -
إذا كان الإفشاء مقصودًا به الإبلاغ عن وفاة ناجمة عن حادث جنائي، أو الحيلولة دون ارتكاب جريمة، ولا يجوز الإفشاء في هذه الحالة إلا للجهة الرسمية المختصة.
2 -
إذا كان الإفشاء بقصد التبليغ عن مرض سار أو معد.
3 -
إذا كان الإفشاء بقصد دفع الطبيب لاتهام موجه إليه من المريض أو ذويه يتعلق بكفاية أو بكيفية ممارسته المهنة.
4 -
إذا وافق صاحب السر كتابة على إفشائه، أو كان الإفشاء لذوي المريض مفيدًا لعلاجه.
5 -
إذا صدر له أمر بذلك من جهة قضائية.
وقد صدر قرارٌ من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي (1) بخصوص هذه النازلة ومما جاء فيه:
ج- الأصل حظر إفشاء السر، وإفشاؤه بدون مقتض معتبر موجب للمؤاخذة شرعًا.
د- يتأكد واجب حفظ السر على من يعمل في المهن التي يعود الإفشاء فيها على أصل المهنة بالخلل، كالمهن الطبية، إذ يركن إلى هؤلاء ذوو الحاجة إلى محض النصح وتقديم العون، فيفضون إليهم بكل ما يساعد على حسن أداء هذه المهام الحيوية، ومنها أسرار لا يكشفها المرء لغيرهم حتى الأقربين إليه.
2 -
تستثنى من وجوب كتمان السر حالات يؤدي فيها كتمانه إلى ضرر يفوق ضرر إفشائه بالنسبة لصاحبه، أو يكون في إفشائه مصلحة ترجح على مضرة كتمانه،
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي العدد 8، (3/ 15) قرار رقم: 79 (10/ 8).
وهذه الحالات على ضربين:
أ- حالات يجب فيها إفشاء السر بناء على قاعدة ارتكاب أهون الضررين لتفويت أشدهما، وقاعدة تحقيق المصلحة العامة التي تقضي بتحمل الضرر الخاص لدرء الضرر العام إذا تعين ذلك لدرئه.
وهذه الحالات نوعان:
* ما فيه درء مفسدة عن المجتمع.
* وما فيه درء مفسدة عن الفرد.
ب- حالات يجوز فيها إفشاء السر لما فيه:
* جلب مصلحة للمجتمع.
* أو درء مفسدة عامة.
وهذه الحالات يجب الالتزام فيها بمقاصد الشريعة وأولوياتها من حيث حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
ج- الاستثناءات بشأن مواطن وجوب الإفشاء أو جوازه ينبغي أن ينص عليها في نظام مزاولة المهن الطبية وغيره من الأنظمة، موضحة ومنصوصًا عليها على سبيل الحصر، مع تفصيل كيفية الإفشاء، ولمن يكون، وتقوم الجهات المسؤولة بتوعية الكافة بهذه المواطن.