الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة الثالثة والعشرون: منع الزوج زوجته من تناول العلاج الموصوف لها لمرض الصرع
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه (زاد المعاد في هدي خير العباد)(1) ما نصه:
"الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة. والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء؛ في سببه وعلاجه.
وأما صرع الأرواح فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها.
وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم، ومن يعتقد بالزندقة فضيلة فأولئك ينكرون صرع الأرواح، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع، وليس معهم إلا الجهل، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك، والحس والوجود شاهد به. وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط هو صادق في بعض أقسامه لا في كلها. . . إلى أن قال: وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك من جهل هؤلاء وضعف عقولهم.
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعد قويًّا، فمتى تخلف أحدهما لم يغن
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 66 - 69).
السلاح كثير طائل" انتهى.
ومن خلال ما ذكره ابن القيم رحمه الله يتبين لنا أنه إذا كان نوع الصرع من الأرواح الخبيثة الأرضية فإن العلاج الطبي قد لا يكون نافعًا له، لكن لا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من تناول العلاج الطبي؛ لأنها قد تجد راحة في أخذه، ولعل ما يكون عندها هو عوارض نفسية أو قد يكون ما عندها من الصرع هو من النوع الذي يحتاج إلى علاج طبي، وقد صدر بخصوص هذه النازلة قرار من مجمع الفقه الإسلامي (1) جاء فيه:
"ليس للزوج منع زوجته من تناول العلاج المناسب، المباح شرعًا، الموصوف لها من الطبيب الثقة المؤتمن؛ لأن في منعها من العلاج إلحاقًا للضرر بها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم -عن الضرر فقال: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ". وهذالحكم ينطبق أيضًا على كل ولي، فلا يجوز له منع المولَّى عليه من العلاج المباح له شرعًا".
(1) قرارات مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قرار رقم: 112 (6/ 19).