الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة الأربعون: المواد المحرمة والنجسة في الدواء
أولًا: إن قضية المواد المحرمة والنجسة:
المستخدمة في الأدوية وما يتفرع عنها من المسائل والجزئيات من الأمور المهمة التي تشغل بال كثير من المسلمين في هذا الزمان، ويتكرر السؤال عنها والاستفتاء فيها في سائر الديار التي يعيش فيها المسلمون وخصوصًا في البلدان الغربية؛ لملابستها لمعيشتهم وصلتها باحتياجاتهم، وتعذر الانفكاك عن العلاقة بها في كثير من الأحيان، بداعي الضرورة، أو عموم البلوى، أو مسيس الحاجة، أو غير ذلك.
ثانيًا: الحكم الشرعي لهذه النازلة:
نقول: لما كان الكحول مادة مسكرة فلا يجوز خلط الأدوية بها، لكن لو خلطت بالكحول جاز استعمالها إن كانت نسبة الكحول قليلة ولم يظهر أثرها في لون الدواء ولا طعمه ولا ريحه ريثما يتحقق ما يتطلع إليه المسلمون من تصنيع أدوية لا يدخل الكحول في تركيبها ولا سيما أدوية الأطفال والحوامل؛ وذلك لأن المسكر إذا خلط بنسبة قليلة مع الماء أو الدواء، فإنه يستهلك ولا يبقى له أثر، فلا يصير الشراب المشتمل على نسبة كحول (5 %) مثلًا مسكرًا، والإسكار هو علة التحريم في الخمر، فإذا انتفت عن ذلك المخلوط، لم يأخذ حكم التحريم الوارد في الخمر؛ لا من حيث حرمة تناوله، ولا من حيث نجاسته.
فالحاصل أنه لا مانع شرعًا من تناول الأدوية التي تصنع حاليًا ويدخل في تركيبها نسبة ضئيلة من الكحول؛ لغرض الحفظ، أو إذابة بعض المواد الدوائية التي لا تذوب في الماء مع عدم استعمال الكحول فيها مهدئًا، وهذا حيث لا يتوافر بديل عن تلك الأدوية.
ومما جاء من قرارات بخصوص هذه النازلة ما جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإِسلامي بمكة المكرمة (1)، ومما جاء فيه:
"وبعد النظر في الأبحاث المقدمة عن الأدوية المشتملة على الكحول والمخدرات، والمداولات التي جرت حولها، وبناء على ما اشتملت عليه الشريعة من رفع الحرج، ودفع المشقة، ودفع الضرر بقدره، وأن الضرورات تبيح المحظورات، وارتكاب أخف الضررين لدرء أعلاهما، قرر ما يلي:
1 -
لا يجوز استعمال الخمرة الصرفة دواء بحال من الأحوال؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله لم يَجْعَل شِفَاءَكمْ فِيمَا حَرَّم عَلَيْكُمْ"(2). ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله أنزَل الدَّاءَ وجعَل لِكُلِّ داءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا، ولا تَتَدَاوَوْا بحَرَامٍ"(3)، وقال لطارق بن سويد، لما سألة عن الخمر يُجعَلُ في الدواء:"إنَّ ذلك لَيْسَ بِشِفَاءٍ، ولَكِنَّه دَاءٌ"(4).
2 -
يجوز استعمال الأدوية المشتملة على الكحول بنسب مستهلكة تقتضيها الصناعة الدوائية التي لا بديل عنها، بشرط أن يصفها طبيب عدل، كما يجوز استعمال الكحول مطهرًا خارجيًّا للجروح، وقاتلًا للجراثيم، وفي الكريمات والدهون الخارجية.
3 -
يوصي المجمع الفقهي الإِسلامي شركات تصنيع الأدوية والصيادلة في الدول الإسلامية، ومستوردي الأدوية، بأن يعملوا جهدهم في استبعاد الكحول من
(1) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة قرار رقم: 94 (6/ 16).
(2)
رواه أحمد في الأشربة، رقم (159)، والطبرانيُّ (23 / رقم 749)، وابن حبان رقم (1391) من حديث أم سلمة. وفيه حسان بن مخارق لم يوثقه إلا ابن حبان. ورواه البخاري، كتاب الأشربة: باب شراب الحلوى والعسل، رقم (5614) موقوفًا على عبد الله بن مسعود تعليقًا بصيغة الجزم.
(3)
رواه أبو داود، كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة (3874) عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
(4)
رواه مسلم، كتاب الأشربة، باب تحريم التداوى بالخمر وبيان أنها ليست بدواء (1984) عن وائل بن حجر- رضي الله عنه.
الأدوية، واستخدام غيرها من البدائل.
4 -
كما يوصي المجمع الفقهي الإِسلامي الأطباء بالابتعاد عن وصف الأدوية المشتملة على الكحول ما أمكن".