الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة الرابعة والثلاثون: رتق غشاء البكارة
أولًا: التعريف بغشاء البكارة:
البكارة: فعالة من البكر، وهو أوّل كلِّ شيء، والمرأة البكر هي العذراء، وهي التي لم تجامع بنكاح ولا غيره، وعلامة ذلك غشاء رقيق يغلق الفتحة الفرجية لدى الفتاة يزول عند الوطء، وينتج عن ذلك نقطة أو نقطتان من الدم.
وليس وجود الغشاء أو عدم وجوده دليل حتمي قاطع على حصول الوطء، فإن بعض البنات يولدن دون غشاء بكارة، كما قد تكون فتحة غشاء البكارة واسعة خلقةً لا تتأثر بالوطء، كما أن تمزقه قد يحصل نتيجة حادث عادي، وقد تحتاج المرأة لإجراء عملية لفتح غشاء بكارة مقفل يمنع خروج دم الحيض، ولكنه مع ذلك قرينة تدل على حصول الوطء من عدمه.
ثانيًا: حكم رتق غشاء البكارة:
اتفق الفقهاء أنَّه إذا تمزق غشاء البكارة بسبب وطء في عقد نكاح صحيح أنَّه يحرم رتقه سواء كانت المرأة متزوجة أو مطلقة أو أرملة؛ لأنه بذلك لا مصلحة فيه.
وكذلك اتفقوا أيضًا أنه إذا تمزق غشاء البكارة بسبب زنى اشتهر بين الناس إما نتيجة صدور حكم على الفتاة بالزنى أو لتكرره منها واشتهارها به، فإنه يحرم على الطبيب رتق عشاء البكارة، لعدم المصلحة واشتماله على المفسدة.
واختلفوا في حكم رتق غشاء البكارة إذا كان سبب التمزق حادثًا ليس وطئًا، أو إذا كان بسبب زنى لم يشتهر بين الناس على قولين:
الأول: أنه لا يجوز الرتق مطلقًا، واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
1 -
أن رتق غشاء البكارة يسّهل ارتكاب الزنى، وفيه اطلاع على العورة دون موجب ضروري.
2 -
أنه قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب، إذ قد تحمل المرأة من جماع سابق، ثم تتزوج بعد الرتق فيلحق الحمل بالزوج.
3 -
أنه نوع من غش الزوج والغش محرم.
4 -
أنه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك، وإن تعذر الدرء والتحصيل، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة. وتطبيقًا لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة وما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه.
5 -
أن من قواعد الشريعة الإِسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر، وبناء على ذلك لا يجوز للفتاة أن تزيل الضرر عنها برتق الغشاء وتلحقه بالزوج.
6 -
أن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي؛ لأنه نوع من الغش، والغش محرم شرعًا.
7 -
أن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجؤوا إلى إجراء عمليات الإجهاض، وإسقاط الأجنّة بحجة السّتر. وأما الضرر اللاحق بالمرأة فيكفي في منعه إعطاؤها شهادة طبيّة بحقيقة حالها.
القول الثاني: أنه يجوز في هذه الحالات، أي:(إذا كان سبب التمزق حادثًا ليس وطئًا أو إذا كان بسبب زنى لم يشتهر بين الناس)، واستدلوا لقولهم بأدلة منها:
1 -
أن النصوص الشرعية دالة على مشروعية الستر وندبه، ورتق غشاء البكارة معين على تحقيق ذلك في الأحوال التي حكمنا بجواز فعله فيها.
2 -
أن المرأة البريئة من الفاحشة إذا أجزنا لها فعل جراحة الرتق قفلنا باب سوء الظن فيها، فيكون في ذلك دفع للظلم عنها، وتحقيق لما شهدت النصوص الشرعية باعتباره وقصده من حسن الظن بالمؤمنين والمؤمنات.
3 -
أن رتق غشاء البكارة يوجب دفع الضرر عن أهل المرأة، فلو تركت المرأة من غير رتق واطلع الزوج على ذلك لأضرها، وأضر بأهلها، وإذا شاع الأمر بين الناس فإن تلك الأسرة قد يمتنع من الزواج منهم؛ فلذلك يشرع لهم دفع الضرر لأنهم بريئون من سببه.
4 -
أن قيام الطبيب المسلم بإخفاء تلك القرينة الوهمية في دلالتها على الفاحشة له أثر تربوي عام في المجتمع، وخاصة فيما يتعلق بنفسية الفتاة.
5 -
أن مفسدة الغش في رتق غشاء البكارة ليست موجودة في الأحوال التي حكمنا بجواز الرتق فيها.
والذي يترجح عندنا هو القول بجواز رتق غشاء البكارة وبخاصة للمغصوبة والتائبة لما يترتب عليه من مصلحة هي أعلى من المفسدة (1).
(1) ويرى الشيخ الطيار أنه لا يجوز رتق غشاء البكارة مطلقًا لأن رتقها يسّهل ارتكاب الزنى وفيه اطلاع على العورة دون موجب ضروري وأنه قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب، إذ قد تحمل المرأة من جماع سابق ثم تتزوج بعد الرتق فيلحق الحمل بالزوج، ولأنه نوع من غش الزوج والغش محرم.