الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النازلة الحادية والعشرون: زراعة الأعضاء التناسلية
لا يجوز نقل الأعضاء التناسلية من إنسان إلى آخر كالخصيتين أو المبيضين، لأن الخصيتين والمبيضين فيها سر الوراثة، وفيها سر الإمناء، إذ زرع الخصية من شخص لآخر يعني: انتقال الحيوانات المنوية من المتبرع إلى المتلقي.
فالوليد الذي يأتي من المنقول إليه يعد آتيًا من المنقول منه، وهذا يؤثر على الإنسان تأثيرًا مباشرًا، ولا فرق بينه وبين الزنا والبغاء، إذ العلة ذاتها بين الزاني وبين المنقول إليه، وكذلك الحال في الإفتاء بحرمة نقل المبيض؛ لأن المبيض فيه سر الخلق والوراثة، إذ الجنين لا يتكون إلا من اجتماع (الحيمن) والبييضة التي تكون أمشاجًا بعد اختلاطها بالحيامن المنوية، فكأن البييضة التي خرجت من المنقول إليها قد خرجت من المنقول منها، وهي أجنبية لا زوجة، ولهذا يتحقق الزنا والبغاء بسبب اختلاط الأنساب، ومن هنا قلنا بتحريم نقل الخصيتين والمبيضين تحريمًا قطعيًّا.
وكذلك يحرم نقل الذكر أو الفرج من شخص لآخر، فإنه في حالة زرع الفرج يكون الرجل قد وطئ فرجًا لا يملكه لكونه فرج غير امرأته، وفي حالة زرع الذكر تكون المرأة قد وطئت بذكر غير زوجها، ويكون الوطء اللاحق لذلك من قبيل الوطء المحرم شبيهًا بالزنا المحرم.
وقد رجح الدكتور محمَّد المختار الشنقيطي (1) حرمة نقل الخصيتين خاصة لعدة أمور منها:
1 -
أن جواز النقل يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وهو أمر محرم شرعًا.
(1) أحكام الجراحات الطبية والآثار المترتبة عليها (392 - 398).
2 -
أن المعتبر قوله في هذه المسائل من الناحية الطبية هم أهل الاختصاص والمعرفة من الأطباء، وقد شهدوا بأن نقل الخصيتين يوجب انتقال الصفات الوراثية الموجودة في الشخص المنقولة منه إلى أبناء الشخص المنقولة إليه الخصية، وهذه شبهة موجبة للتحريم.
3 -
أن الخصية إذا نقلت من الحي أو الميت لا بد من بقاء قدر من الحيوانات المنوية فيها، ومن ثم يختلط الماء القديم والماء الجديد، وعند جماع الرجل الثاني وإنزاله لا ندري أي الماءين أنزل، ونحن على يقين باشتراكهما، ولا يدرى بعد ذلك هل الحمل متخلق من ماء الأول، أم من ماء الثاني؟ وهذا خلط للأنساب ظاهر، فوجب تحريمه والمنع منه
…
إلخ.
ومن قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي (1) في هذه النازلة ما يلي:
أولًا: زرع الغدد التناسلية: بما أن الخصية والمبيض يستمران في حمل وإفراز الصفات الوراثية (الشفرة الوراثية) للمنقول منه حتى بعد زرعهما في متلقًّ جديد؛ فإن زرعهما محرم شرعًا.
ثانيًا: زرع أعضاء الجهاز التناسلي: زرع بعض أعضاء الجهاز التناسلي التي لا تنقل الصفات الوراثية -ما عدا العورات المغلظة- جائز لضرورة مشروعة ووفق الضوابط والمعايير الشرعية المبينة في القرار رقم 26 (1/ 4) لهذا المجمع (2).
(1) مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة العدد 6، (3/ 1975).
(2)
انظر كتاب: حكم الانتفاع بالأعضاء البشرية والحيوانية، دراسة في الفقه الإسلامي مقارنة بالتشريعات اليهودية والنصرانية والقوانين الوضعية، د. كمال الدين جمعة بكرو، حكم نقل الأعضاء في الفقه الإسلامي، د. عقيل بن أحمد بن العقيلي، وأحكام الجراحات الطبية والآثار المترتبة عليها (392 - 398).