الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمساس حال الرضا.
واستدلوا بأن الأصل هو بقاء الزوجية وعدم التفريق، فمتى ثبتت لا يجوز التفريق إلا بدليل من كتاب أو سنة وإلا فلا.
وأيضًا، فإن حصول المرض بالمباشرة فيما دون الفرج مشكوك فيه، ولا يزول اليقين بالشك، وتبعًا للأصل، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
وأيضًا، إن التدابير الوقائية يجب أن تقتصر على طرق انتقال المرض، وما دامت هذه المباشرة ليست ناقلة، فما الداعي لحظرها؟
والذي يظهر لنا بعد ذكر القولين جواز العشرة الزوجية، والمباشرة فيما دون الفرج بالضوابط التالية:
1 -
أن يكون احتمال انتقال العدوى بها ضئيلًا جدًّا.
2 -
التزام الزوجين باستعمال كافة الاحتياطات التي يوصيهم بها الطبيب، ومنها استخدام العازل بكل انتظام ودقة.
3 -
الاستمرارية في استعمال العازل حتى مع طول المدة، وعدم التساهل في تركه، ولا سيما أن الحياة الزوجية الأصل فيها الدوام.
فإذا لم تتوفر هذه الضوابط فالأولى في ذلك المنع؛ لأنه الأحوط نظرًا لخطورة الأمراض المعدية.
خامسًا: أثر الأمراض المعدية الحديثة في حق الحضانة:
صورة المسألة: أن يكون أحد الزوجين مُصابًا بمرضٍ معدٍ، فهل يؤثر ذلك على استحقاقه لحضانة الطفل؟
وهذا فيما إذا لم يترتَّب ضرر ظاهرٌ على المحضون؛ إذ قِيَام الحضانة على مصلحة المحضون، وليس ثمة مصلحة إذا عُلِمَ انتقال المرض إليه، أو كانَ المُصَاب لا يقوى على شؤون الحضانة بسبب مرضه.
أ- آراء الأطباء: للأطباء في هذه المسألة رأيان:
الرأي الأول: من رأى منهم أنه لم يثبت طبيًّا انتقال العدوى بسبب المخالطة العادية والاختلاط بين الأفراد، وجاء ذلك في بحث معلومات أساسية حول مرض الإيدز (1):"ولم يثبت انتقال العدوى في العائلات حتى ولو لم تتخذ احتياطات إضافية إلا بين الزوج والزوجة، فإذا راعت الأم الأساسيات البسيطة لنقل العدوى فلن تكون مصدر خطر على طفلها".
الرأي الثاني: يرى أن الصلة الحميمة تفترق عن الممارسات العادية، فالصلة الحميمة قد تسبب انتقال المرض.
ب- آراء الفقهاء: اختلف الفقهاء المعاصرون في هذه المسألة بناء على اختلاف الأطباء فيها على قولين:
القول الأول: لا يجوز إسقاط الحضانة من المصاب بمرض معدي.
وممن قال بذلك مجمع الفقه الإِسلامي، وكذا الندوة الفقهية الطبية.
جاء في قرار مجمع الفقه الإِسلامي (2): "لما كانت المعلومات الطبية الحاضرة تدل على أنه ليس هناك خطر مؤكد من حضانة الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز لوليدها السليم وإرضاعها له، شأنها في ذلك شأن المخالطة
(1) رؤية إسلامية للمشكلات الاجتماعية لمرض الإيدز، د. عبد الرزاق الشايجي، (ص: 395).
(2)
مجلة مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدة قرار رقم: 94/ 7 / د 9.
والمعايشة العادية، فإنه لا مانع شرعًا من أن تقوم الأم بحضانته ورضاعته ما لم يمنع من ذلك تقرير طبي".
القول الثاني: التوقف في إعطاء حق حضانة للمريض المصاب بالمرض المعدي حتى يتضح الأمر، ويقطع بعدم الانتقال، إن وجد من يقوم بحضانته غير المصاب.
جاء في كتاب الإيدز (1) أحكامه وعلاقة المريض الأسرية والاجتماعية: "ولكن الذي أميل إليه والحالة هذه من عدم وضوح وسائل انتقاله: أنه يأخذ حكم الجذام والبرص حتى يقطع بعدم الانتقال بالمعايشة إن وجد من يقوم بحضانته غير المصاب، وإلا وجب بقاؤه مع المريض".
والذي يترجح عندنا أن الأصل في هذه الحالة سقوط الحضانة حتى يتضح الأمر، ويكون المرجع في هذه الحالة إلى القضاء ليحكم في كل حالة بما يناسبها (2).
(1) المرجع السابق.
(2)
انظر كتاب: الإيدز وباء العصر، (ص: 70)، ورؤية إسلامية للمشكلات الاجتماعية لمرض الإيدز، ص (98 - 116)، وكتاب أثر الأمراض المعدية في الفرقة بين الزوجين، (ص: 89 - 120).