الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
مجموعة العقاقير والأدوية: معروفة عند الأطباء.
رابعًا: حكم رفع أجهزة الإنعاش:
يختلف حكم رفع أجهزة الإنعاش من مريضٍ لآخر حسب الأحوال التالية:
الحالة الأولى: عودة أجهزة المصاب إلى حالتها الطبيعية بحيث لا يحتاج معها لأجهزة الإنعاش، فهنا يقرر الطبيب رفع أجهزة الإنعاش لسلامة المريض وعدم حاجته إليها. ولا ينبغي الاختلاف في هذه الحالة فهذا هو المعتبر شرعًا، وقد أخذ به أهل القانون في جميع دول العالم.
الحالة الثانية: تحسن المريض مع حاجته لأجهزة الإنعاش وهو في طريقه إلى النقاهة والسلامة، فهنا تبقى أجهزة الإنعاش عليه حتى يستغنى عنها ويبرأ البرء التام وحينئذٍ ترفع عنه أجهزة الإنعاش كما في الحالة الأولى.
الحالة الثالثة: مريض ميئوس من حالته الطبية، أي: لا أمل في شفائه طبيًّا مع بقاء عمل الدماغ، فهنا لا يجوز رفع أجهزة الإنعاش عن هذا المريض وذلك لما يلي:
1 -
أن سحب الأجهزة عنه كترك إنقاذ غريق في البحر وحريق يحترق في النار.
2 -
أن حياته لا تزال موجودةً فيه فلا يجوز رفع أجهزة الإنعاش عنه.
3 -
لأن في رفع أجهزة الإنعاش قتلًا لهذا المريض أو زيادة في مرضه وكلاهما لا يجوز.
4 -
أن الرأي الطبي في البلاد العربية والإِسلامية بالنسبة إلى سحب أجهزة الإنعاش من مريض ميئوس من حالته، أي: لا أمل في شفائه طبيًّا يعتبر جريمة لا تغتفر (1).
(1) انظر في ذلك: مجلة مجمع الفقه الإِسلامي ع 2 (ج 1/ 500).
الحالة الرابعة: وهي حالة موت الدماغ التي سبق بيانها: فمع وجود أجهزة الإنعاش لا يزال القلب ينبض، والنفس مستمر نبضًا وتنفسًا صناعيين لا حقيقيين.
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجوز رفع أجهزة الإنعاش عن الميت دماغيًّا، وهو اختيار الشيخ عبد العزيز ابن باز (1) رحمه الله، وذلك للأدلة الدالة على حفظ النفس، وأن الشريعة جاءت بحفظ الضروريات الخمس.
القول الثاني: وهو قرار كل من مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي (2)، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإِسلامي (3) أنه يجوز رفع أجهزة الإنعاش عن الميت بموت الدماغ، وذلك لأنه لا يوقف علاجًا يرجى منه شفاء المريض، وإنما يوقف إجراء لا طائل من ورائه في شخص محتضر، بل يتوجه أنه لا ينبغي إبقاء آلة الطبيب والحالة هذه؛ لأنه يطيل عليه ما يؤلمه من حالة النزع والاحتضار (4).
وخلاصة الأمر في هذه الحالة: أنه إذا تعطلت جميع الوظائف الدماغية تعطلًا نهائيًّا، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأخذت دماغه في التحلل، ففي هذه الحال يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب لا يزال يعمل آليا بفعل الأجهزة المركبة.
ومثل ذلك أيضًا جاء في قرار مجمع الفقه الإِسلامي لرابطة العالم الإِسلامي، لكن مجمع الرابطة قيد ذلك بأن تُقرر لجنة من ثلاثة أطباء فأكثر.
وقد سبق الإشارة إلى نص القرار وهو: "المريض الذي ركبت على جسمه
(1) انظر في ذلك: مجلة مجمع الفقه الإِسلامي ع 3 (ج 2/ 809).
(2)
المرجع السابق.
(3)
في دورته العاشرة المنعقدة في مكة المكرمة (1408 هـ) بواسطة الطبيب أدبه وفقهه، (ص: 198).
(4)
فقه النوازل (1/ 234)، موت الدماغ لندى الدقر، (ص: 216 - 217).
أجهزة الإنعاش، يجوز رفعها إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلًا ، نهائيًّا، وقررت لجنة من ثلاثة أطباء اختصاصيين خبراء أن هذا التعطل لا رجعة فيه وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آليًّا بفعل الأجهزة المركبة" (1).
وأيضًا مثل هذا ورد في قرار هيئة كبار العلماء: إذا قرر ثلاثة أطباء فأكثر متخصصون رفع أجهزة الإنعاش عن المريض -الموضح حالته- فإنه يجوز اعتماد ما يقررونه من رفع أجهزة الإنعاش.
فتكاد آراء العلماء المعاصرين تتفق على أنه يجوز رفع أجهزة الإنعاش عن هذا الميت دماغيًّا أو من كان في معناه ممّن حكم الأطباء بتعطل الوظائف عنده، وأنه ميئوس من رجوعه، أو ميئوس من أن يُشفى في علم الأطباء وإلا فالله تعالى على كل شيء قدير، لكن عندهم أن مثل هذه الحالة ميئوس منها، فإذا قرر ثلاثة أطباء فأكثر ذلك، جاز رفع أجهزة الإنعاش عنه؛ لأنه لا يلزم استنقاذ هذا المريض الذي هذه حاله، ولأن وضع هذه الأجهزة لا يفيد في هذا الاستنقاذ، وقد يكون له كلفة كبيرة وضع هذه الأجهزة عليه مدة طويلة، قد يكون فيها نفقات وكلفة لإنسان قد تعطلت الوظائف عنده، أو تعطل الدماغ عنده، ولهذا فإن آراء العلماء المعاصرين تكاد تتفق على هذا (2).
ونرى جواز نقل أجهزة الإنعاش عن المريض وفق الضوابط والشروط الواردة في قرارات المجامع الفقهية وقرار هيئة كبار العلماء (3).
(1) قرارات المجمع الفقهي الإِسلامي التابع لرابطة العالم الإِسلامي بمكة المكرمة قرار رقم: 49 (2/ 10) تقرير حصول الوفاة، ورفع أجهزة الإنعاش من جسم الإنسان.
(2)
لمعرفة المزيد عن هذه النازلة يمكن مراجعة كتاب: نقل الأعضاء الآدمية بين التحليل والتحريم د. رضاء الطيب- وكتاب رد شبه المجيزين لنقل الأعضاء من الناحيتين الدينية والطبية د. محمود محمَّد عوض سلامة.
(3)
ويرى الشيخ الطيار أنه لا يسوغ رفع الأجهزة عنه ما دام فيه أدنى حياة؛ لأنه أولى من غيره بها.