الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التحريم، فلو اشترط أحد الزوجين على صاحبه إجراء الفحص فإنه يكون واجبًا، ولو أن بلدًا من البلاد يتضرر فيه المقبلون على الزواج بإفشاء أسرارهم فهنا قد ينهى عنه، والله تعالى أعلم.
سابعًا: حكم الإلزام به:
بعد أن تبين لنا جواز إجراء التشخيص المبكر قبل الزواج، واتضحت فوائد إجرائه، فهل لولي الأمر أن يلزم به، فلا يمكن المقدم على الزواج من إتمام زواجه حتى يجري التشخيص؟
نقول: اختلف العلماء في مشروعية الإلزام بالتشخيص المبكر قبل الزواج على قولين:
القول الأول: أنه لا مانع شرعًا أن يصدر ولي الأمر نظامًا يلزم الناس بإجراء التشخيص المبكر قبل الزواج، واستدلوا لذلك بأمرين:
الأول: أن من القواعد المقررة شرعًا أن تصرف الإِمام على الرعية منوط بالمصلحة، ومنع إجراء الزواج قبل إجراء الزوجين للتشخيص الطبي عليهما وثبوت سلامتهما من الأمراض الخطيرة يعد من المصالح البينة القائمة على منع الفساد؛ إذ فيه حماية للنسل وغيره مما سبق ذكره من المصالح.
ثانيًا: أن عقد النكاح يدخله خيار العيب كغيره من العقود المدنية، وإن اختلفوا في تحديد العيوب التي يفسخ بها العقد، مما يدلل على أنه من الواجب على الخاطبين معرفة عيوب كل منهما الجسدية لكي لا يحدث الفسخ وما ينبني عليه من إشكالات مادية ونفسية وإنسانية.
القول الثاني: لا يجوز إجبار أي شخص لإجراء الاختبار الوراثي، ويجوز
تشجيع الناس ونشر الوعي بالوسائل المختلفة بأهمية التشخيص المبكر، وذهب إلى هذا القول المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإِسلامي، واستدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:
أولًا: أن أركان النكاح وشروطه التي جاءت بها الأدلة الشرعية محددة، وليس منها وجوب إجراء التشخيص المبكر، وإيجاب أمر على الناس وجعله شرطًا للنكاح زيادة على شرع الله وهو باطل.
ثانيًا: أن النكاح لا يلزم منه الذرية، فقد يتزوج الرجل لأجل المتعة فقط، فلا وجه للإلزام بالتشخيص المبكر.
الترجيح: الذي يظهر لنا -والله أعلم- أن الإلزام بالفحوص الطبية قبل الزواج وربط توثيق العقد بها أمر غير جائز؛ لأن عقد النكاح من العقود التي تولى الشارع الحكيم وضع شروطها، فلا يليق فتح الباب للزيادة على ما جاء به الشرع، ومع اختيارنا لهذا القول إلا أنه قد صدر قرار من مجلس الوزراء السعودي بالإلزام، ومعلوم أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وبناء على ذلك يجب على كل مقبل على الزواج تطبيق هذا القرار طاعةً لولي الأمر.
وقد صدر من المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإِسلامي (1) قرار بهذه النازلة، ومما جاء فيه:
"أولًا: إن عقد النكاح من العقود التي تولى الشارع الحكيم وضع شروطها، ورتب عليها آثارها الشرعية. . . وفتح الباب للزيادة على ما جاء به الشرع، كالإلزام
(1) رواه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5328، ومسلمٌ في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم (2221).
مجلة مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي بجدة قرار رقم: 94/ 7 / د 9.
بالفحوص الطبية قبل الزواج أمر غير جائز.
ثانيًا: يوصي المجلس الحكومات والمؤسسات الإِسلامية بنشر الوعي بأهمية الفحوص الطبية قبل الزواج، والتشجيع على إجرائها، وتيسير تلك الفحوصات للراغبين فيها، وجعلها سرية، لا تفشى إلا لأصحابها المباشرين" (1).
(1) انظر: الفحص الطبي قبل الزواج ومدى مشروعيته، عبد الرحمن بن حسن النفيسة، الفحص قبل الزواج، د. عبد الرشيد قاسم.