المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثالثة والعشرون: الفعل ينوب عن القول مع القرينة في صور - القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير - جـ ١

[عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌القسم الأول: القواعد

- ‌القاعدة الأولى: الاجتهاد لاينقض بالاجتهاد

- ‌القاعدة الثانية: اختلاف الأسباب بمنزلة اختلاف الأعيان

- ‌القاعدة الثالثة إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالباً

- ‌القاعدة الرابعة: إذا تزاحمت المصالح أو المفاسد روعي أعلاها بتححصيل أعلى المصالح وردء أعلى المفاسد

- ‌القاعدة الخامسة: إذا تعذر العدالة في الولاية العامة، أو الخاصة ـ بحيث لايوجد عدل ـ ولّينا أقلهم فسوقاً

- ‌القاعدة السادسة: إذا ضاق الأمر اتسع، وإذا اتسع ضاق

- ‌القاعدة السابعة: "الإسلام يجب ما قبله

- ‌القاعدة الثامنة: الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم

- ‌القاعدة التاسعة: الأصل في العادات العفو

- ‌القاعدة العاشرة: الإكراه يُسْقط أثر التصرف، فعلا كان أو قولا

- ‌القاعدة الحادية عشر: الأمور بمقاصدها

- ‌القاعدة الثانية عشر: انقلاب الأعيان هل له تأثير في الأحكام أم لا

- ‌القاعدة الثالثة عشر: تعلق الحكم بالمحسوس على ظاهر الحس لا على باطن الحقيقة

- ‌القاعدة الرابعة عشر: تفويت الحاصل ممنوع بخلاف تحصيل ما ليس بحاصل

- ‌القاعدة الخامسة عشر: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة

- ‌القاعدة السادسة عشر: حقوق الله مبنية على المسامحة

- ‌القاعدة السابعة عشر: الحوائج الأصلية للإنسان لاتعد مالاً فاضلاً

- ‌القاعدة الثامنة عشر: الضرر يزال

- ‌القاعدة التاسعة عشر: الضرورات تبيح المحظورات

- ‌القاعدة العشرون: العادة محكّمة

- ‌القاعدة الحادية والعشرون: العبادات الواردة على وجوه متعددة يجوز فعلها على جميع تلك الوجوه من غير كراهية

- ‌القاعدة الثانية والعشرون: الفعل الواحد يُبْنَى بعضه على بعض مع الاتصال المعتاد ولا ينقطع بالتفرق اليسير

- ‌القاعدة الثالثة والعشرون: الفعل ينوب عن القول مع القرينة في صور

- ‌القاعدة الرابعة والعشرون: لا يجوز التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمَّن ضررًا على أحد المتعاقدين أو غيرهما ممن له تعلق بالعقد إلا إذا أمكن تدارك هذا الضرر

- ‌القاعدة السادسة والعشرون: ما قبض أو عقد في حال الكفر فهو صحيح بعد الإسلام ويجب الوفاء به مالم يكن فيه شيئ محرم في الإسلام

- ‌القاعدة السابعة والعشرون ما لا يعلم إلا من جهة الإنسان فإنا نقبل قوله فيه

- ‌القاعدة الثامنة والعشرون: ما لا يمكن التحرز منه يكون عفوا

- ‌القاعدة التاسعة والعشرون ما وسعه الشرع فضيقه المكلف على نفسه هل يتضيق

- ‌القاعدة الثلاثون: ما يحصل ضمنًا إذا تُعُرِّض له لا يضر

- ‌القاعدة الحادية والثلاثون: المتولد من مأذون فيه لا أثر له

- ‌القاعدة الثانية والثلاثون: المشقة تجلب التيسير

- ‌القاعدة الثالثة والثلاثون: معظم الشيئ يقوم مقام كله

- ‌القاعدة الرابعة والثلاثون: من أطلق لفظاً لا يعرف معناه لم يؤخذ بمقتضاه

- ‌القاعدة الخامسة والثلاثون من تصرف مستندًا إلى سبب، ثم تبين أنه غيره وهو موجود فتصرفه صحيح

- ‌القاعدة السادسة والثلاثون: من تعلق به الامتناع من فعل متلبس به، فبادر إلى الإقلاع عنه لم يكن ذلك فعلا للممنوع منه في بعض الصور

- ‌القاعدة السابعة والثلاثون: من صحت منه مباشرة الشيئ صح توكيله فيه غيره، وتوكّله فيه عن غيره، ومن لا فلا

- ‌القاعدة التاسعة والثلاثون: من عليه فرض موسع الوقت يجوز له التنفل -قبل أدائه- من جنسه

- ‌القاعدة الأربعون: من قدر على بعض العبادة وعجز عن باقيها وكان المقدور عليه غير مقصود في العبادة، أو كان جزءًا من العبادة. لكنه عند انفراده ليس بعبادة، لم يلزم الإتيان به

- ‌القاعدة الحادية والأربعون من له الحق على الغير وكان سبب الحق ظاهرا فله الأخذ من ماله بقدر حقه إذا امتنع أو تعذر استئذانه وإن كان السبب خفيا فليس له ذلك

- ‌القاعدة الثانية والأربعون النسيان والجهل مسقطان للإثم مطلقا

الفصل: ‌القاعدة الثالثة والعشرون: الفعل ينوب عن القول مع القرينة في صور

‌القاعدة الثالثة والعشرون: الفعل ينوب عن القول مع القرينة في صور

.

ذكر هذه القاعدة الزركشي1، وذكرها ابن تيمية مبيّنا مذاهب الأئمة الأربعة في إقامة الفعل مقام القول2، كما ذكرها القرافي في بيانه للفرق بين قاعدة البيع وقاعدة النكاح فقال: "البيع توسع العلماء فيه حتى جوّز مالك البيع بالمعاطاة3 وهي الأفعال دون شيء من الأقوال4، وذكرها السرخسي5 بعدة

1 المنثور 3/55، وانظر: نختصره للشعراني (رسالة) 2/591.

2 انظر: القواعد النورانية ص126-132.

3 المعاطاة: مفاعلة من أعطى وهي بمعنى المناولة، وبيع المعاطاة في اصطلاح الفقهاء أن يناول المشتري الثمن للبائع فيناوله البائع السلعة دون النطق بالإيجاب والقبول. انظر: القاموس النحيط 4/265 (عطو) ، ومعجم لغة الفقهاء ص437، والقاموس الفقهي ص252-253.

4 انظر: الفروق 3/143-145، وانظر: تهذيبه 3/180-182.

5 هو: أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي الحنفي فقيه أصولي، اختلف في وفاته على أقوال فقيل في حدود سنة 490هـ وقيل: في حدود سنة 500هـ، وقيل: غيرهما. من مؤلفاته [المبسوط] في الفقه، وكتابه في الأصول المسمى [أصول السرخسي] . انظر: تاج التراجم ص52، والفوائد البهية ص158، ومقدمة تحقيق شرح السبّر الكبير ص14-16.

ص: 329

صيغ1، وأشار إلى معناها الشيخ أحمد الزرقاء2 ونبه عليها الشاطبي بقوله:"والفتوى تحصل من المفتي جهة القول، والفعل والإقرار"3.

كما ذكر العلماء قاعدة أخص من هذه وهي قولهم: ((الإشارة من الأخرس معتبرة)) ، أو قولهم:((إشارة الأخرس كعبارة الناطق)) ، أو ما في معناهما4.

1 انظر: شرح السير الكبير 4/100، 228.

2 هو: الشيخ أحمد بن محمد الزرقاء، ولد في حلب سنة 1285هـ، درس على والده الشيخ محمد الزرقاء الفقه وغيره ثم تولى التدريس، توفي سنة 1357هـ، ألف [شرح القواعد الفقهية] وهو شرح لقواعد مجلة الأحكام العدلية. انظر: ترجمته في مقدمة كتابه المذكور ترجم له عبد الفتاح أبو غدة ص13-24 من المقدمة.

3 انظر: الموافقات 4/246.

4 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 2/647، والمنثور 1/164، والأشباه والنظائر للسيوطي ص312، ولابن نجيم ص343.

ص: 330

معاني المفردات:

القرينة: فعيلة بمعنى فاعلة من القَرْن والمقارنة أي الجمع يقال: قَرَنْتُ البعيرين أقرُنُهما إذا جمعتهما في حبل واحد1.

وفي الاصطلاح عرّفت: بأنها أمر يشير إلى المطلوب2.

المعنى الإجمالي:

الأصل في الأفعال أن لا تدل على مدلول محدد بل تكون دلالتها من قبيل المجمل الذي لا يعرف المراد منه إلا بقرينة3.

وقد جاءت هذه القاعدة لتقرر أن الفعل يقوم مقام القول في الدلالة إذا انضم إليه من القرائن ما يجعله دالا على المراد منه، وأكثر ما يكون ذلك في المعاملات وقد يدخل في بعض العبادات4.

1 انظر: الصحاح 6/2181 (قرن) .

2 انظر: التعريفات ص174.

3 انظر: كتاب أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام ص75.

4 هذا بالنسبة إلى أفعال المكلفين غير الرسول صلى الله عليه وسلم. أما ما يتعلق بفعله صلى الله عليه وسلم فهو خصوصيته به صلى الله عليه وسلم، ويقع البيان به عند جمهور الأصوليين. وهذا في الواقع مطابق لمدلول القاعدة؛ لأن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كانت دليلا شرعيا في حق المكلفين لقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب (21)، ونحوها. انظر: توضيح الأفكار 1/3، ومقدمة نزهة النظر ص5، والمستصفى 1/366، والإحكام للآمدي 3/24، وشرح الكوكب المنير 2/160، وفواتح الرحموت 2/45.

ص: 331

الأدلة:

استدل ابن تيميةعلى هذه القاعدة بدليلين:

الأول: أنها هي التي تدل عليها أصول الشريعة، وتعرفها القلوب، ثم ساق عددا من الآيات الدالة على مشروعية البيع والهبة ونحوها من العقود، وعلى بناء ذلك على التراضي وطيب النفس ومنها:

قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 1.

وقوله سيبحانه: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} 2

وقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} 3، وقوله:{إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} 4 إلى غير ذلك من الآيات، ثم ذكر

1 النساء (3) .

2 النور (32) .

3 البقرة (275) .

4 النساء (29) .

ص: 332

ثلاثة أوجه للدلالة منها على هذه القاعدة.

1-

أنه اكتفى بالتراضي في البيع بقوله: {إِلَاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} 1، وبطيب النفس في التبرع في قوله:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} 2.

فالأولى من جنس المعاوضات، والثانية من جنس التبرعات ولم يشترط لفظا معينا، ولا فعلا معينا يدل على التراضي وطيب النفس ونحن نعلم بالاضطرار من عادات الناس في أقوالهم وأفعالهم أن يعلموا التراضي وطيب النفس بطرق متعددة من الأقوال والأفعال.

2-

أن هذه الأسماء من البيع والإجارة ونحوهما جاءت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم معلقا بها أحكام شرعية وليس لها حد يعلم باللغة ولا بالشرع فالمرجع فيه إلى عرف الناس.

3-

أن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان عبادات وعادات وقد علمنا بالاستقراء أن الأصل في العبادات ألا يثبت الأمر بها إلا بالشرع وأما العادات فالأصل فيها عدم الحظر فلا يحظر منها

1 النساء (29) .

2 النساء (4) .

ص: 333

إلا ما حرمه الشرع وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً} 1.

الثاني: أن السنة والإجماع دالان على ذلك فمن تتبع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع المبايعات والمؤاجرات علم أنهم لم يكونوا يلتزمون الصيغة من الطرفين ولم يزل الناس يتعاقدون في كثير من الأشياء بلا لفظ بل بالفعل الدال على المقصود ومن أمثلة ذلك الوقف فقد بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ولم يقل وقفت هذا المسجد وكذلك فعل الصحابة، ومن بعدهم"2.

ومما يدل على القاعدة - أيضا -:

حديث: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك إذن له"3.

1 يونس (59) .

2 انظر: القواعد النورانية ص132-135.

3 أخرجه أبو داود، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني بشاهده وهو حديث الآتي بعده. سنن أبي داود مع عون المعبود 14/62-63، (الأدب / الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه؟)، وانظر: صحيح سنن أبي داود 3/974-975، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد ص369.

ص: 334

ونحوه حديث: "رسول الرجل إلى الرجل إذنه"1.

وبمعناهما أثر ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا دعيت فقد أذن لك"2.

فهذه الأدلة تدل على أن ما دل على الإذن فهو بمثابة الإذن باللفظ، وأنه يمكن الاستدلال على المراد بالقرائن3.

العمل بالقاعدة:

بين شيخ الإسلام ابن تيمية موقف أئمة المذاهب الأربعة من هذه القاعدة حيث قال: "إن الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الأصل في العقود أنها لا تصح إلا بالصيغ والعبارات وهذا ظاهر قول الشافعي، وهو قول في مذهب أحمد، ثم إنهم قد يقيمون الإشارة مقام العبارة عند العجز عنها كما في الأخرس، ويقيمون الكناية مقام العبارة عند الحاجة، وقد

1 أخرجه أبو داود، وصححه الألباني. سنن أبي داود مع عون المعبود 14/62-63، وانظر: صحيح سنن أبي داود 3/974-975.

2 أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص369، وقال الشيخ الألباني: إسناده صحيح. انظر: إرواء الغليل 7/17.

3 انظر: فتح الباري 11/34، وعون المعبود 14/62-63.

ص: 335

يستثنون مواضع دلّت النصوص على جوازها إذا مسّت الحاجة إليها. لكن الأصل عندهم اللفظ.

الثاني: أنها تصح بالأفعال في بيع المحقرات، والوقف ونحوهما مما يكثر عقده بالأفعال وهذا هو الغالب على أصول أبي حنيفة، وهو قول في مذهب أحمد، ووجه في مذهب الشافعي.

الثالث: أن العقود تنعقد بكل ما دل على مقصودها من قول أو فعل وبكل ما عده الناس بيعا أو إجارة ويختلف ذلك باختلاف اصطلاح الناس وهذا هو الغالب على أصول مالك، وظاهر مذهب أحمد"1.

وقد تقدم أن بعض الفقهاء من المذاهب الأربعة قد ذكروا هذه القاعدة فظهر من هذا أن الأئمة الأربعة يقيمون الفعل مقام القول أحيانا لكن بعضهم يتوسع في ذلك، وبعضهم يحدده بما تقتضيه الضرورة أو الحاجة2، وأن الشافعية هم أقل الفقهاء أخذا بهذه القاعدة.

1 انظر: القواعد النورانية ص126-127.

2 انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص343، والمدخل الفقهي العام 1/326-328، وشرح مختصر الروضة 2/679، وكتاب أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها ص41.

ص: 336

جاء في التنبيه1 للشيرازي الشافعي: "ولا ينعقد البيع إلا بإيجاب وقبول وهو أن يقول: بعتك أو ملكتك وما أشبهه، ويقول المشتري: قبلت أو ابتعت أو ما أشبهه"، وصرح في المهذب2 بعدم صحة بيع المعاطاة، وقال: ولا يصح الوقف إلا بالقول، فإن بنى مسجدا وصلى فيه أو أذن للناس بالصلاة فيه لم يصر وقفا

"3.

وأجاز بعض متأخريهم بيع المعاطاة4، وصححوا اعتبار الفعل مكان القول في بعض الصور لعلل خاصة كبناء المسجد في أرض موات فإنه يعتبر بذلك وقفا من غير لفظ5.

أما الحنفية، والمالكية، والحنابلة فإن الغالب على مذاهبهم إجراء الفعل مجرى القول إذا وجد من القرائن ما يدل على المراد منه مع أنهم قد يختلفون في حكم بعض الصور.

1 ص87.

2 1/257.

3 انظر: المهذب 1/442.

4 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 1/410، والأشباه والنظائر للسيوطي ص99، ومختصر قواعد الزركشي (رسالة) مع هامش المحقق 2/591، والمدخل الفقهي 1/331.

5 انظر: المهذب 1/442، ،إعلام الساجد بأحكام المساجد ص395-396.

ص: 337

جاء في كتب الهداية1 في فقه الحنفية: "

والمعنى هو المعتبر في هذه العقود، ولهذا ينعقد بالتعاطي في النفيس، والخسيس، وهو الصحيح لتحقق المراضاة"، واعتبروا الصلاة في المسجد تسليما له وإذنا للمسلمين بالصلاة فيه2.

وقال ابن جزي - من المالكية -: "أركان البيع خمسة وعدّ منها اللفظ وما في معناه من قول أو فعل يقتضي الإيجاب والقبول"3.

وقال في أركان الوقف: "

أما الصيغة فهي لفظ الحبس والوقف، والصدقة وكل ما يقتضي ذلك من قول أو فعل"4.

وذكر ابن قدامة أن البيع على ضربين أحدهما الإيجاب والقبول، والثاني المعاطاة، وذكر أن الإمام أحمد نص عليه5.

وقال في الوقف: "وظاهر مذهب أحمد أن الوقف يحصل بالفعل مع القرائن الدالة عليه، وبيّن أن ما لم تجر العادة بوقفه من غير لفظ

1 3/24.

2 انظر: الهداية 3/21.

3 انظر: القوانين الفقهية ص211.

4 انظر: المرجع المتقدم ص319، وشرح الخرشي مع حاشية العدوي 5/5.

5 انظر: المغني 6/3.

ص: 338

فلا بد في وقفه من اللفظ"1.

من فروع القاعدة:

1-

مشروعية بيع المعاطاة عند من يجيزه2.

2-

تسليم الوقف ولزومه فإنه يحصل بالفعل الدال عليه ولو لم يقترن به قول3.

3_

ومن فروعها أن إشارة الأخرس تقوم مقام النطق4.

وجه التيسير:

من المعلوم أنه كلما تعددت الطرق الموصلة إلى مقصودٍ ما كان ذلك أيسر مما إذا تعين لذلك طريق واحد، وفي العمل بهذه القاعدة مراعاة لأحوال الناس وأعرافهم واصطلاحاتهم التي تختلف باختلاف

1 انظر: المغني 8/190-191.

2 انظر آراء الفقهاء في بيع المعاطاة في: الهداية 3/24، وشرح الخرشي 5/5، والمهذب 1/257، والمغني 6/7.

3 انظر: الهداية 3/21، والقوانين الفقهية ص318، والتنبيه ص136، والمغني 8/180.

4 انظر: تفصيل المسألة في الأشباه والنظائر لابن نجيم ص343، وشرح الخرشي 6/88، والأشباه والنظائر للسيوطي ص312، والمغني 8/511.

ص: 339

أجناسهم وبلدانهم وغير ذلك، وفي عدم اعتبار ما تعارفوا عليه حرج شديد، ثم إنها قد تدخل في باب الضرورات كما في الإشارة من الأخرس1.

1 انظر: مختصر قواعد الزركشي (رسالة) 1/160.

ص: 340