الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الرابعة والعشرون: لا يجوز التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمَّن ضررًا على أحد المتعاقدين أو غيرهما ممن له تعلق بالعقد إلا إذا أمكن تدارك هذا الضرر
. ((صياغة)) .
أورد ابن رجب هذه القاعدة بنحو هذا اللفظ1، وأشار إليها الزركشي - ضمنا - عند بيانه تقسيم العقود إلى لازمة، وجائزة2. وبمكن اعتبارها مندرجة في قاعدة ((الضرر يزال)) ، وما في معناها.
معاني المفردات:
يجوز لغة: يسوغ، وأصله من الجَوز وهو وسط الشيء، وجُزْتُ الطريق سَلكْتُه3.
والجواز في الشرع يأتي بمعنى الإباحة، ويأتي بمهنى ما لا يمتنع
1 انظر: القواعد لابن رجب ص100.
2 انظر: المنثور 2/401، ومختصره للشعراني (رسالة) 2/550، وسيأتي بيان معناهما قريبا - إن شاء الله -.
3 انظر: مقاييس اللغة 1/494، والصحاح 3/871، والمفردات ص103، ولسان العرب 2/416 (جوز) .
شرعا. مباحا كان أو واجبا، أو مندوبا، أو مكروها1.
التفاسخ: تفاعل من الفسخ وهو لغة النقض2.
وفي اصطلاح الفقهاء عرفه بعضهم بأنه رفع العقد بإرادة من له حق الرفع وإزالة جميع آثاره.
وعرفه آخرون بأنه انقلاب كل واحد من العوضين إلى دافعه، وقيل: هو حلُّ ارتباط العقد3.
العقود: جمع عقد وهو لغة من عَقَدَ الحبل إذا شدّه، وهو نقيض الحَلّ4
واصطلاحا: عرف بأنه ربط أجزاء التصرف شرعا بالإيجاب والقبول، وقيل: ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله5.
الجائزة: المراد بالعقد الجائز ما كان للعاقد فسخه بكل حال،
1 انظر: مختصر قواعد الزركشي (رسالة) 1/244، والكليات لأبي البقاء الكفوي ص340.
2 الصحاح 1/429 (فسخ) .
3 الأشباه والنظائر لابن نجيم ص338، ومعجم لغة الفقهاء ص345-346.
4 انظر" لسان العرب 9/309، والقاموس المحيط 1/315 (عقد) .
5 انظر: حاشية رد المحتار2/355، والتعريفات الفقهية لمحمد عميم الإحسان وهي الرسالة الرابعة ضمن مجموع قواعد الفقه ص383.
ويطلق عليه غير اللازم1، واللازم عكسه2.
المعنى الإجمالي:
يقرر العلماء أن الأصل في العقود اللزوم؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} 3؛ ولأن العقود إنما شرعت لتحصيل المقصود من المعقود به، أو المعقود عليه ورفع الحاجات وهذا يناسبه اللزوم4. إلا أنه لما كان أصل مشروعية العقود من أجل تحقيق مصلحة المكلفين وكانت المصلحة في بعض العقود تتحقق بجعلها لازمة، وفي بعضها تتحقق بجعلها جائزة كانت في الشرع كذلك5. والقاعدة المذكورة هنا قي تقييد لجواز فسخ
1 انظر: مختصر قواعد الزركشي للشعراني (رسالة) 1/244، وغمز عيون البصائر 3/437، والمدخل الفقهي العام 1/448.
2 انظر: المغني 8/22.
3 المائدة (1) .
4 انظر: تفسير القرآن العظيم 2/4، والفروق 4/13، والقواعد والفوائد للعاملي 2/242.
5 قسم العلماء العقود إلى لازمة وجائزة، كما قسموا كلا منهما تقسيمات أخرى من حيث الآتفاق على حكمه والاختلاف فيه وغير ذلك. انظر تفصيل ذلك في: الفروق 4/13، وتهذيب الفروق بهامشه 4/31، والأصول والضوابط للنووي ص26، والمجموع المذهب (رسالة) 1/363، والمنثور 2/398-401، والأشباه والنظائر للسيوطي ص275، ولابن نجيم ص336، والقواعد والأصول الجامعة ص123.
العقود الجائزة بألا يتضمن الفسخ إضرارا بأحد المتعاقدين، أو بمن له تعلق بالعقد. بحيث إذا وجد الضرر لم يصح الفسخ، ويستثنى من ذلك ما لو أمكن تدارك الضرر بضمان أو نحوه فإنه يجوز الفسخ حينئذ مع حصول الضرر.
الأدلة:
تقدم أن هذه القاعدة هي في معنى قاعدة ((الضرر يزال)) ، أو ((لا ضرر ولا ضرار)) فالأدلة عليها إذن هي الأدلة على تلك القاعدة.
وهي عموم النصوص المتضمنة للنهي عن الإضرار والمضارة، والنصوص المتضمنة للأمر بالإحسان1.
العمل بالقاعدة:
دلت نصوص الفقهاء علة اتفاقهم على أن من العقود ما هو لازم، ومنها ما هو جائز2 وأما عدم جواز فسخ العقد الجائز إذا تضمن
1 راجع هذه النصوص في قاعدة الضرر يزال.
2 انظر: الهداية 3/170، وشرح الخرشي مع حاشية العدوي 6/86، والمجموع 13/193، والمغني 7/234.
ضررا فقد ورد من أقوال الفقهاء ما يدل عليه، إضافة إلى الاتفاق على منع الإضرار بالغير جملة.
قال المرغيناني1 الحنفي: "وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة؛ لأن الوكالة حقه فله أن يُبطله إلا إذا تعلق به حق الغير
…
، والوكالة عقد لازم"2.
وقال الخرشي من المالكية: "
…
الجدار المشترك إذا طلب أحد الشريكين قسمته بالقرعة وأبى الآخر من ذلك فإن من طلب القسمة يجاب إلى طلبه إذا كان يمكن قسمه بلا إضرار"3.
وجاء في كتاب المجموع في الفقه الشافعي: "أن في عزل الوكيل قبل علمه عند الشافعي قولان أحدهما: أنه ينعزل، والآخر: أنه لا ينعزل؛ لأنه لو انعزل قبل علمه كان فيه ضرر؛ لأنه
1 هو: أبو الحسن علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني، ولد سنة 511هـ، وتوفي في شهر ذي الحجة من سنة 593هـ، من مؤلفاته [كفاية المنتهي]، و [مختارات النوازل] . انظر: الجواهر المضية 2/627-629، والفوائد البهية ص141-144، ومقدمة الهداية ص3-6.
2 الهداية 3/170.
3 انظر: شرح الخرشي مع حاشية العدوي 6/58.
قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة، وربما باع الطعام فيأكله المشتري أو غير ذلك من إطلاق يد المشتري، ويجب ضمانه فيتضرر المشتري والوكيل.
وقال ابن قدامة من الحنابلة في شأن الوكالة: "وجماته أنه عقد جائز من الطرفين، ثم بين أن هناك روايتين في عزل الوكيل دون علمه: إحداهما: أنه ينعزل، والأخرى: لا ينعزل؛ لأنه قد يتصرف بما يوجب ضررا على أحد المتعاقدين أو سواهما"1.
من فروع القاعدة:
1-
عزل الوكيل فإنه من قبل الموكل إلا إذا تضمن عزله ضررا2
2-
المزارعة فإنها عقد لازم عند بعض الفقهاء لكن إذا ألقى الزارع البذر لم يكن لصاحب البذر أن يفسخ المزارعة لما يترتب على الطرف الآخر من ضرر3.
1 انظر: المغني 7/234.
2 انظر تفصيل ذلك في: الهداية 3/170، والقوانين الفقهية ص280، والمهذب 1/356، والمغني 7/234.
3 هذا على القول بمشروعية المزارعة كما هو رأي الجمهور. انظر تفصيل المسألة في: الهداية 4/383، وشرح الخرشي 6/63، والموجوع 13/477، وكشاف القناع 3/528-529.
وجه التيسير:
تتضمن هذه القاعدة التيسير على المكلفين من وجهين:
أحدهما: مراعاة الشرع المطهّر لمصالح الناس، ووروده على وفق حاجاتهم بجعل بعض العقود لازمة إذا كانت مصلحتها تتحقق باللزوم، وبعضها جائزة إذا كانت مصلحتها تتحقق بالجواز بحيث يصح فسخ هذه العقود وذلك حسب ما يذكره الفقهاء من تفصيل في ذلك1.
الثاني: تقييد جواز فسخها بعدم حصول الضرر على أحد المتعاقدين أو سواهما ممن له علاقة بالعقد.
1 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 1/363، والمنثور 2/398-401، والأشباه والنظائر للسيوطي ص79.
القاعدة الخامسة والعشرون: ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه.
ذكر هذه القاعدة العلائي1، والسبكي2، والزركشي3، والسيوطي4 من الشافعية، ولم أقف على هذه القاعدة في شيء من كتب القواعد في المذاهب الثلاثة - حسب اطلاعي -.
ويقرب منها قاعدة ((إذا اجتمع أمران من جنس واحد - ولم يختلف مقصودهما - دخل أحدهما في الآخر غالبا)) كما ذكرها السبكي5، وشبهها في موضع آخر بقاعدة أخرى هي ((إذا بطل الخصوص بقي العموم)) ، أو ((لا يلزم من ارتفاع الخاص ارتفاع العام)) 6.
1 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 2/624.
2 انظر: الأشباه والنظائر له 1/94، وانظر الأشباه والنظائر لابن الوكيل 1/318.
3 انظر: المنثور 1/131، ومحتصره للشعراني (رسالة) 2/649.
4 انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص149.
5 انظر: الأشباه والنظائر للسبكي 1/295.
6 قال السبكي تلك - أي الأولى من العبارتين - عبارة الفقهاء، وهذه - أي الثانية منهما - عبارة الأصوليين. انظر: الأشباه والنظائر للسبكي 1/6، والمنثور 1/110، والأشباه والنظائر للسيوطي ص182.
معاني المفردات:
أوجب في اللغة: بمعنى استحق1. والمراد هنا السبب الذي يترتب عليه حكمه فكأنه لما كان يلزم من حصوله - أي السبب - حصول الحكم كان مستحقا له.
الأمر لغة: قد تقدم بيان معناه، والمراد بالأمرين هنا الحكمين المترتبين على سببين متداخلين.
الخصوص في اللغة: تفرّدُ بعض الشيء بما لا يشاركه فيه الجملة وهو خلاف العموم2.
والمراد بالخصوص في قولهم: بخصوصه النظر إلى السبب المتضمن لسبب آخر دونه باعتبار أعلاهما وقطع النظر عما يتضمنه كالزنا بالنسبة لما يتضمنه من ملامسة ونحوها.
العموم لغة: تقدم معناه، والمراد بالعموم في قولهم: بعمومه النظر إلى ذلك السبب باعتبار مجموع ما يتضمنه كالزنا إذا نُظر إليه باعتبار شموله
1 انظر: الصحاح 1/231 (وجب) .
2 انظر: الصحاح 3/1037، والمفردات ص149 (خصص) .
وتضمنه للملامسة ونحوها.
المعنى الإجمالي:
يعني العلماء بهذه القاعدة أنه إذا اجتمع سببان أحدهما داخل في الآخر؛ لكون الأعلى منهما متضمنا للأدنى لم يترتب على مجموعهما إلا ما يترتب على أعلاهما كالزنا فإنه سبب للجلد أو الرجم1، وهو - أي الزنا - متضمن للملامسة والمفاخذة الذين يقتضيان التعزير عن كثير من أهل العلم2 فإذا حدث الزنا وهو أعظم السببين ترتب عليه حكمه، ودخل ما يترتب على السبب الأدنى وهو التعزير المترتب على الملامسة ونحوها فيما يترتب على السبب الأعلى.
1 بحسب حال الزاني من الإحصان، وعدمه، وذهب بعض العلماء إلى أن المحصن يجلد ثم يرجم. انظر: أقوال العلماء في هذه المسألة في: المغني 12/، ونيل الأوطار 7/255.
2 وقال بعضهم إن التعزير - من حيث الجملة - ليس بواجب بل يجوز للإمام تركه إذا رأى المصلحة فيه، وبه قال الشافعية. ولمزيد من التفصيل انظر: حاشية رد المحتار 4/62، 67، والأحكام السلطانية للماوردي ص295، والمهذب 2/288، والمغني 12/526، والطرق الحكمية ص117، وكتاب التعزير في الشريعة الإسلامية ص58-60.
وقد اعتبر العلائي هذه الصورة من قبيل ما اتحد سببه وتعدد فيه المسبب1، والحقُّ أن السبب متعدد لكن لما كان أحدهما متضمنا للآخر كانا كالسبب الواحد.
ولذا فقد اعتبرت هذه القاعدة في معنى قاعدة ((إذا اجتمع أمران من جنس واحد دخل أحدهما في الآخر غالبا)) .
إلا أنه يمكن التفريق بين القاعدتين بأن قاعدة ((ما أوجب أعظم الأمرين
…
)) مفروضة في السببين المتداخلين بحيث يتضمن أحدهما الآخر من حيث حقيقته، والقاعدة الأخرى مفروضة في السببين المتداخلين لوجودهما في وقت واحد، أو نحو ذلك.
الأدلة:
لم يصرح الفقهاء - فيما رأيت - بدليل هذه القاعدة كما لم يصرحوا بأدلة قاعدة ((إذا اجتمع أمران من جنس واحد
…
)) . لكن من الواضح أن مبنى هذه القاعدة هو التداخل.
واستقراء مواضع ذلك من الشريعة يقتضي بأنه إذا تداخل السببان بحيث صارا كالسبب الواحد فإن المسبّبان تتداخل كذلك بحيث تكون مسبّبا واحدا هو الأعظم من الأمرين. وذلك حينما تتحقق
1 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 2/624.
المصلحة المطلوبة أو تندفع المفسدة المراد دفعها بحصول أعظم الأمرين فإن الزنا - مثلا - يتضمن ملامسة ونحوها ولم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عاقب على ما دون الزنا عند وقوعه - أي الزنا - ولا نُقل ذلك عن الخلفاء الراشدين من بعده، وكذلك السرقة فإنها متضمنة - غالبا - لدخول دار الغير بغير إذنه والإطلاع على عورات النساء، ولم ينقل أنه قد عوقب على ذلك إذا حصلت السرقة، وقد جعل بعض الفقهاء من مسائل هذه القاعدة القول برجم المحصن دون جلده عند من يقول بذلك1.
فيكون فعل النبي صلى الله عليه وسلم2 دليلا لصحة هذه القاعدة.
ومرادهم أن زنا المحصن يتضمن أمرين أحدهما مطلق الزنا - وهو الموجب للجلد - والثاني كونه حاصلا من محصن - وهو الموجب
1 وهم الجمهور. انظر: المراجع المتقدمة في أول القاعدة، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم 11/189، وأضواء البيان 6/41، 48.
2 أي أمره صلى الله عليه وسلم برجم ماعزا لما زنى، وحديث الرجم قد أخرجه الشيخان بألفاظ عدة، ومن طرق مختلفة. صحيح البخاري مع الفتح 12/138 (الحدود / هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت) ، وصحيح مسلم 12/192 (الحدود / حد الزنا) ومواضع أخرى.
للرجم1 ولا يخلو التمثيل بهذا - فيما أرى - من نظر؛ لأن زنا المحصن أمر واحد وإنما التعدد باعتبار حقيقة ذلك الفعل وإضافته إلى فاعله.
ومن جهة أخرى فإنه لم سلم وجود سببين في هذه الصورة فقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم على اعتبارهما بقوله: "
…
جلد مائة والرجم" 2 ولذا فقد بنى كثير ممن قال بعدم الجمع بين الجلد والرجم ذلك على كون فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ماعز3 رضي الله عنه ناسخا لهذا القول منه صلى الله عليه وسلم.
وعلل بعضهم ذلك - أعني عدم الجمع بين الرجم والجلد - بأن غير القتل يندرج في القتل4.
1 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 2/624، والأشباه والنظائر للسبكي 1/94.
2 وذلك فيما رواه الإمام مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم". صحيح مسلم مع النووي 11/188 (الحدود / حد الزنا) .
3 هو: ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه، وقيل: اسمه (عَريب)، وماعز لقبه. انظر: أسد الغابة 4/270، والإصابة 5/705.
4 انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 11/189، وأضواء البيان 6/41-48.
العمل بالقاعدة:
لم أجد هذه القاعدة منصوصا عليها إلا في كتب الشافعية - كما تقدم -، وقال العلائي - بعد أن ذكر أمثلة لما اتحد سببه وتعدد مسببه -: وقد عبر أصحابنا عن هذه المسائل كلها بقاعدة وهي: ((ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه)) 1.
إلا أن كلام فقهاء المذاهب الأخرى - غير الشافعية - في بعض المسائل يدل على تقريرهم لهذه القاعدة وإن لم يصرحوا بذكرها فقد ذهبوا إلى أن من قطع عضوا من إنسان ثم سرى ذلك إلى نفسه، أو قطع شيئا من أعضائه ثم قتله فإنه لا يلزمه من الديات إلا دية النفس، وتدخل الجنايات الأخرى فيها. ولعل عدم النص على هذه القاعدة راجع إلى الاكتفاء بذكرهم قاعدة ((إذا اجتمع أمران من جنس واحد دخل أحدهما في الآخر غالبا)) ، والله أعلم.
من فروع القاعدة:
1-
أنه لا يجب على الزاني التعزير بالملامسة والمفاخذة ونحوها
1 انظر: المجموع المذهب (رسالة) 2/626.
لوجوب حد الزنا عليه وهذا من أوضح أمثلة القاعدة1.
2-
ومثله السارق فإنه إذا استوفى الشروط وجب عليه حد السرقة ولا يعاقب على ما تضمنته السرقة من الاعتماد على البيوت وهتك الحرمات ونحوها2.
3-
فرّع بعض العلماء على هذه القاعدة زنا المحصن حيث يوجب الرجم ولا يوجب الجلد الذي هو أهون الأمرين3.
وجه التيسير:
يظهر التيسير في هذه القاعدة من حيث أن الأصل أن يوجد عند وجود السبب مسببه وعند وجود الموجب موجبه4. لكن لما كان مقصود الشرع هو جلب المصالح ودرء المفاسد راعى في هذه القاعدة هذا الجانب بحيث تحصل المصلحة أو تندفع المفسدة بما هو
1 انظر: الهداية 2/382، والقوانين الفقهية ص304، والتنبيه ص241، والمغني 12/309.
2 انظر: الهداية 2/408، والقوانين الفقهية ص307، والتنبيه ص244، والمغني 2/415.
3 انظر: الأشباه والنظائر للسبكي 1/94، وللسيوطي ص149.
4 انظر: الإحكام للآمدي 1/118-120، والبحر المحيط 1/306-307.
أيسر على المكلفين ولم يراع الأصل.
ففي جانب العقوبات مثلا تندرج عقوبة الذنب الصغير في عقوبة الذنب الكبير من جنسه ولا تتعدد مع وجود سببها؛ لأنه بإيقاع عقوبة الأكبر يكون قد حصل المقصود، والله أعلم.