الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاعدة الثانية والأربعون النسيان والجهل مسقطان للإثم مطلقا
ذكر هذه القاعدة السيوطي1 وأفرد الخبر فقال: "مُسْقِطٌ"، وأطلق الزركشي حكمها في حق الجاهل بالتحريم2 وفرق في حق الناسي بين الأوامر والنواهي3، واعتبر النسيان عذرا في المنهيات دون المأمورات، وكذلك فعل المقري4، وأوردها ابن نجيم، وابن القيم، وابن اللحام في حق الناسي5، وذكرها ابن سعدي في حق الناسي والمخطئ6، وأفرد الزركشي قاعدة بمعناها في حق المخطئ
1 انظر: الأشباه والنظائر له ص188.
2 انظر: المنثور 2/15، ومختصره للشعراني (رسالة) 2/252.
3 انظر: المنثور 3/272، ومختصره 2/765.
4 انظر: القواعد للمقري 2/566، وظاهر كلامهما أن المراد بكون النسيان ليس بعذر في المأمورات هو لزوم الإتيان به (أي القضاء إذا خرج الوقت) وليس تأثيمه فهذه التفرقة التي نصا عليها موافقة لما ذهب إليه الجمهور من سقوط الإثم ولزوم القضاء كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
5 انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص303، وأعلام الموقعين 2/50، والقواعد والفوائد الأصولية ص30.
6 انظر: رسالة القواعد الفقهية ص27، وانظر: الإشارة إلى معنى هذه القاعدة -أيضا- في الفروق 2/149، والقواعد للمقري 1/311، 2/412، والاعتناء في الفروق والاستثناء 1/343، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص75، والقواعد والأصول الجامعة ص48، والقواعد الفقهية للندوي ص204.
فقال: "الخطأ يرفع الإثم"1.
ويبحث علماء الأصول مسائل هذه القاعدة في شروط المكلف والعوارض التي تطرأ على أهليته للتكليف2.
معاني المفردات:
النسيان لغة: خلاف الذِّكر والحفظ، وأصل المادة دال على إغفال الشيء، ويطلق على الترك كما في قوله تعالى:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} 3.
واصطلاحا: عُرِّف بأنه الغفلة عن معلوم في غير حالة السّنة4.
1 المنثور 2/122.
2 انظر: أصول السرخسي 2/338، ونشر البنود 1/17، والمستصفى 1/84، وشرح الكوكب المنير 1/510.
3 التوبة (67)، وانظر: مقاييس اللغة 5/421 (نسى) ، والصحاح 6/2508 (نسا) .
4 التعريفات ص241.
وذكر الأصوليون له عدة تعريفات لم يسلم أكثرها من اعتراض.
منها: أنه معنى يعتري الإنسان بدون اختياره فيوجب الغفلة عن الحفظ.
ومنها: أنه جهل الإنسان ما كان يعلمه ضرورة مع علمه بأمور كثيرة لا بآفة.
وقال بعضهم: هو أمر بديهي لا يحتاج إلى التعريف1.
والجهل لغة: خلاف العلم، وأصل مادة العلم دال على أثر بالشيء يتميز به عن غيره2.
واصطلاحا قيل: هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه3، وقيل: إنه انتفاء العلم بالمقصود، وقيل: غير ذلك4. والصحيح -فيما يظهر لي- أن تعريف الجهل يجب أن يشمل
1 انظر: كشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/266، والتلويح على التوضيح 2/169.
2 انظر: مقاييس اللغة 4/109-110 (علم) ، والصحاح 4/1663 (جهل) .
3 التعريفات ص80.
4 انظر: عوارض الأهلية للدكتور حسين الجبوري ص335-336.
الأمرين أعني عدم العلم بمعنى خلو الذهن عن حكم ما، وبمعنى اعتقاد الشيء على خلاف ماهو عليه ليشمل نوعي الجهل1.
ولذلك فقد عرفه صاحب التلويح بأنه عدم العلم عما من شأنه العلم، ثم قال:"فإن قارن اعتقاد النقيض فمركَّب -وهو المراد بالشعور بالشيء على خلاف ماهو عليه- وإلا فبسيط وهو المراد بعدم الشعور"2.
مسقط: اسم فاعل من أسقط، والسقوط هو الوقوع3.
الإثم في اللغة: الذَّنْب4.
ومعناه في الاصطلاح لا يعدو هذا المعنى اللغوي فقد عرف بأنه: ما يجب التحرز منه شرعا وطبعا5.
مطلقا: تقدم بيان معنى المطلق لغة6.
وفي اصطلاح الأصوليين هو: اللفظ المتناول واحدا غير معين
1 انظر: عوارض الأهلية ص344.
2 التلويح على التوضيح 2/180.
3 مقاييس اللغة 3/86 (سقط) .
4 الصحاح 5/858) أثم) .
5 التعريفات ص9.
6 راجع ص 448.
بعتبار حقيقة شاملة لجنسه1، والمراد به -هنا- المنفك عن القيد.
الخطأ لغة: نقيض الصواب، وأصله دال على التعدي والذهاب فالخاطئ متجاوز للصواب2.
وفي الاصطلاح عُرِّف بأنه: ماليس للإنسان فيه قصد، وقيل: وقوع الشيء على خلاف ما أريد، فهو على هذا ضد العمد3.
المعنى الإجمالي:
أن من فيه أهلية التكليف إذا عرض له الجهل4 بحيث لم يعلم تحريم شيء ما ففعله، أو لم يعلم وجوب أمر ما فتركه فإن الإثم المترتب على فعل المحرم أو ترك الواجب يسقط عنه وكذلك الحال
1 انظر: شرح الكوكب المنير 3/392.
2 انظر: مقاييس اللغة 2/198 (خطأ) ، والصحاح 1/47 (خطأ) .
3 انظر: التعريفات ص99، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/380، وعوارض الأهلية للدكتور الجبوري ص395.
4 اعتبر الجهل من العوارض مع أن الأصل في الإنسان عدم العلم؛ لأن الجهل أمر زائد على حقيقة الإنسان. انظر: كشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/330.
بالنسبة إلى من عرض له النسيان وما في حكمه1 بمعنى أن يكون في الأصل عالما بالحكم لكنه لم يتذكره حال الحاجة إليه2، وكذلك من فعل شيئا من ذلك دون أن يقصده.
وتعبير السيوطي وغيره بقولهم: "مُسقط للإثم" أو "يرفع الإثم" يُقصد منه -فيما يظهر- الإشارة إلى أن التكليف باق في حق هؤلاء ولكن الله تعالى عذرهم تخفيفا.
قال الزركشي نقلا عن الإمام الشافعي: "إن الجهل لا يمنع التكليف وإلا لكان الجهل خير من العلم وإنما خفف الله عن الجاهل بإسقاط الإثم عنه"3.
وقد صرح كثير من العلماء بأن الجهل والنسيان والخطأ لا تنافي التكليف وذلك شامل لأهلية الوجوب، وأهلية الأداء؛ لأن متعلَّق الأهلية هو الذمة والعقل والتمييز وهذه العوارض الثلاثة لا تزيل هذه المقومات وإنما تكون عذرا عند وجودها4.
1 كالسهو والغفلة ونحوهما. انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص302، والنسيان وأثره ص24-25، والوجيز في إيضاح قواعد الفقه ص186.
2 انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص213، وعوارض الأهلية ص29.
3 انظر: المنثور 2/152.
4 قد يبدو بين قول العلماء: إن النسيان، والجهل، والخطأ لا تنافي الأهلية بنوعيها وبين اعتبارها من عوارض الأهلية نوع من التعارض والتناقض في الظاهر ويدفع هذا التعارض العلم بأن عوارض الأهلية عندهم نوعان: نوع مسقط للأهلية، ونوع يُسقط بعض أحكامها. فالجهل والنسيان، والخطأ تسقط بعض أحكام الأهلية ولا تزيلها بالكلية، كما أنه من المهم إيضاح أن مرادهم بعدم منافاتها لأهلية الأداء ليس القدرة على الأداء حال الجهل، والنسيان، أو القدرة على الأداء الصحيح حال الخطأ؛ لأن هذا غير ممكن، وإنما المراد صلاحية الإنسان للأداء مع قطع النظر عن الأمر العارض؛ لأنه ممكن الزوال وليس من لوازم الإنسان، والله أعلم. انظر: كشف الأسرار عن أصول الابزدوي 4/276، 330، والتقرير والتحبير 2/172، 177، 204، ورفع الحرج للدكتور يعقوب الباحسين ص261، 279، وعوارض الأهلية للدكتور حسين الجبوري ص113، 211، 338، 396.
ويشمل سقوط الإثم عنهم ما كان متعلقا بحقوق الله تعالى، وما كان متعلقا بحقوق الآدميين، ولعل هذا هو معنى قولهم في القاعدة:"مطلقا".
أما من حيث القضاء، أو الإعادة بعد زوال العارض فإن الأدلة دالة على أن الناسي يقضي ما نسيه إذا كان مما يتصور فيه القضاء كالصلاة؛ لأنه لم يؤد عليه، وهذا هو معنى تفرقة من
فرق بين الأوامر والنواهي في حال النسيان1، ويدل على لزوم القضاء قوله صلى الله عليه وسلم:"من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} 2"3. وأما الأمر بإتمام الصوم وعدم الأمر بالقضاء في حق من أكل أو شرب وهو صائم ناسيا فقد ورد به النص4، وهو أيضا ليس كصفة نسيان الصلاة ولذا فقد قسم بعض العلماء النسيان من حيث تأثيره في حقوق الله تعالى (في الدنيا) إلى قسمين:
الأول: معفو عنه وهو ما يلازم الطاعات -غالبا- إما لوجود الطبع الداعي إليه كأكل الصائم وشربه ناسيا، وإما بالنظر إلى
1 انظر: فتح الباري 4/185.
2 طه (14) .
3 متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه، وهذا لفظ البخاري وأخرجه مسلم من طرق أخرى. صحيح البخاري مع الفتح 2/84 (مواقيت الصلاة / من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها) ، وصحيح مسلم مع النووي 5/193 (المساجد ومواضع الصلاة / قضاء الفائتة واستحباب تعجيله) .
4 ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق عليه واللفظ لمسلم. صحيح البخاري مع الفتح 4/183 (الصوم / الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا"، وصحيح مسلم مع النووي 8/35 (الصيام / أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر) .
الغالب من حال البشر كنسيان التسمية على الذبيحة لأن حالة الذابح تجعله عرضة لنسيانها غالبا.
والثاني: غير معفو عنه وهو مالا يكون على هذه الصفة كما إذا وجدت الحالة الداعية إلى التذكر كأكل المصلي في صلاته ناسيا ونحوه1.
ومع ذلك فقد ذهب بعض العلماء إلى أن من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فعليه القضاء2.
والأدلة دالة على أن الجاهل إذا علم في وقت تلك العبادة التي جهل حكمها أو صفتها فإنه يعيد لحديث المسيء في صلاته حيث قال له صلى الله عليه وسلم: "ارجع فصل فإنك لم تصل"3.
وأما إذا علم بعد فوات الوقت، أو كان مما لا يمكن تداركه فظاهر كثير من الأدلة يدل على أنه لا قضاء عليه.
ومن تلك الأدلة حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "كنت
1 انظر: المغني في أصول الفقه للخبازي ص373، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/276-277، وعوارض الأهلية ص211-216.
2 انظر: فتح الباري 4/185.
3 أخرجه الإمام البخاري من طريق أبي هريرة رضي الله عنه. صحيح البخاري مع الفتح 2/323 (الأذان / أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم ركوعه بالإعادة) .
أعزُب1 عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار وهو في رهط من أصحابه وهو في ظل المسجد. فقال صلى الله عليه وسلم "أبو ذر"؟ فقلت: نعم، هلكت يا رسول الله. قال:"وما أهلكك؟ " قلت: إني كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فجاءت به جارية سوداء بعُسّ2 يتخضخض ماهو بملآن فتسترت إلى بعير فاغتسلت ثم جئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسَّه جلدك"3.
ووجه دلالته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء ما صلاه بدون طهارة جاهلا.
وقد قسّم بعض علماء الأصول الجهل من -حيث اعتباره عذرا أو عدم اعتباره- إلى أنواع ونصوا خلالها على أنه لا قضاء
1 أعزُب: أي أُبعِد: الصحاح 1/181 (عزب) .
2 العس هو القدح العظيم كما في الصحاح 3/949 (عسس) .
3 أخرجه أبو داود، وصححه الألباني. سنن أبي داود مع عون المعبود 1/363-364 (الطهارة / الجنب يتيمم)، وانظر: صحيح سنن أبي داود 1/67.
على من جَهِلَ من المسلمين إذا كان في دار حرب ولم تبلغه التكاليف1.
وأما المخطئ فإنه يجزئه ما فَعَلَه خطأً في الغالب كمن اجتهد فأخطأ في القبلة وصلى إلى غير قبلة فإن صلاته صحيحة كما ثبت ذلك في السنة2.
1 هذه الأنواع الأربعة هي كما يلي:
النوع الأول: جهل باطل بلا شبهة وهو لا يصلح عذرا في الآخرة أصلا وهذا هو الكفر.
النوع الثاني: جهل هو دونه لكنه لا يصلح عذرا في الآخرة أيضا كجهل صاحب الهوى في صفات الله عز وجل وأحكام الآخرة، وجهل الباغي، لأنه مخالف للدليل الواضح الصحيح الذي لا شبهة فيه.
النوع الثالث: الجهل في موضع الاجتهاد الصحيح أو في موضع الشبهة وهو عذر يسقط الإثم.
النوع الرابع: الجهل في دار الحرب من مسلم لم يهاجر وهذا عذر يُسقط القضاء عند جمهور العلماء.
انظر: المغني في أصول الفقه للبخازي ص383، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/336-346، وعوارض الأهلية ص339-350، وانظر: الفروق 2/150، والأشباه والنظائر ص188.
2 انظر: عوارض الأهلية ص398، وأما لزوم الإعادة إن صلى قبل الوقت خطأ ونحوه فإن العلماء يعللونه بعدم توجه الخطاب بالصلاة قبل دخول الوقت. انظر المغني 2/45-46.
وأما الضمان فالأكثرون على أنه يلزم الجاهل، والناسي، والمخطئ ولا يسقط عنهم بتلك الأعذار.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: "
…
والأظهر -والله أعلم- أن الناسي والمخطئ إنما عُفي عنهما بمعنى رفع الإثم عنهما؛ لأن الإثم مترتب على المقاصد والنيات والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا إثم عليهما، وأما رفع الحكم عنهما فليس مرادا من هذه النصوص فيحتاج في ثبوتها ونفيها إلى دليل آخر1.
وذهب البعض إلى أن الجاهل والناسي والمخطئ غير مكلفين فيسقط عنهم الإثم، والقضاء وهو ظاهر كلام ابن قدامة حيث قال -عند كلامه عن حديث "رفع عن أمتي
…
" 2-: "المراد رفع حكمه، ثم قال: وقيل: المراد رفع حكمه الذي هو المؤاخذة لا نفي الضمان ولزوم القضاء"3.
1 جامع العلوم والحكم ص328-329، وانظر المستصفى 1/84، والأشباه والنظائر للسيوطي ص188، وعوارض الأهلية ص217.
2 تقدم تخريجه ص 184.
3 انظر: روضة الناظر وشرحها نزهة الخاطر معها 2/50، وانظر: المستصفى 1/84، والقواعد والفوائد الأصولية ص30، وأحكام القرآن لإلكيا الهراس 1/437، وكتاب النسيان وأثره في الأحكام الشرعية ص30-37، ورفع الحرج للدكتور صالح بن حميد ص214.
قال الشيخ محمد الأمين رحمه الله: "اعلم أن ما جزم به المؤلف رحمه الله من كون الناسي والنائم غير مكلفين يشكل عليه وجوب قضاء الصلاة والإجماع على أنها قضاء"1.
الأدلة:
يستدل لصحة هذه القاعدة بالآتي:
أولا: عموم الأدلة الدالة على يُسر الشريعة كقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} 2، وقوله عز وجل:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} 3، وبقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} 4.
ثانيا: قوله تعلى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} 5 الآية.
وفي الحديث: "
…
فأنزل الله عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً
1 مذكرة الشيخ محمد الأمين ص31.
2 الحج (78) .
3 البقرة (185) .
4 البقرة (286) .
5 البقرة (286) .
إِلَاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال نعم {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: نعم {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قال: نعم {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قال: نعم"1.
فهذه الآية مع الحديث نص على أن الناسي، والمخطئ غير مؤاخذين والخطأ قد يطلق بمعنى الجهل2.
ثالثا: حديث: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"3.
رابعا: الأحاديث الدالة على عدم مؤاخذة الناسي خاصة كحديث: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"4.
1 أخرجه الإمام مسلم من حديث طويل، رواه أبو هريرة رضي الله عنه. صحيح مسلم مع النووي 2/145-146 (الإيمان / تجاوز الله عن حديث النفس) .
2 انظر: كشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/330.
3 تقدم تخريجه ص 184.
4 تقدم هذا الحديث مخرجا قريبا ص 526/ح
وحديث أبي ذر المتقدم.
والأحاديث الدالة على عدم مؤاخذة الجاهل خاصة كحديث الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد فأرشده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي بكرة1 رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"زادك الله حرصا ولا تَعَد" 2، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا بين فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصواب لمن أخطأ دون تعنيف، أو ما يشعر بوقوعه في الإثم3.
والأحاديث الدالة على عدم إثم المخطئ خاصة.
ومن ذلك حديث: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله
1 هو: نفيع بن مسروح، وقيل: نفيع بن الحارث رضي الله عنه، اشتهر بكنيته، توفي رضي الله عنه بالبصرة سنة 51هـ، وقيل سنة 52هـ. انظر: أسد الغابة 5/38، 151، والإصابة 6/467-468.
2 أخرجه الإمام البخاري. صحيح البخاري مع الفتح 2/312 (الأذان / إذا ركع دون الصف) .
3 انظر: في هذا المعنى مجموع فتاوى ابن تيمية 19/226-227.
أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر"1 والحديث صريح في سقوط الإثم عن المخطئ. بل في ثبوت الأجر لمن أخطأ في الاجتهاد.
العمل بالقاعدة:
هذه القاعدة محل اتفاق بين العلماء من حيث الجملة2 وهي من القواعد المتقررة شرعا وقد تقدم ذكر عدد من فقهاء المذاهب لهذه القاعدة.
على أن هناك بعض التفصيل فيما يعذر فيه بالجهل ومالا يعذر وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
من فروع القاعدة:
فروع هذه القاعدة كثيرة جدا؛ إذ تطبق في كل ما يتصور فيه الجهل والنسيان، وقد استثنى من ذلك بعض الصور. على أم الفقهاء قليلا ما يتعرضون لمسألة الإثم أو عدمه، ومن فروعها:
1 متفق عليه من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه. صحيح البخاري مع الفتح 13/330 (الاعتصام / أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) ، وصحيح مسلم مع النووي 12/13 (الأقضية / أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) .
2 انظر: الموافقات 1/109، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص303، ورفع الحرج للدكتور يعقوب الباحسين ص85.
1-
من نسي صلاة حتى خرج وقتها فلا إثم عليه ويلزمه أن يصليها متى ذكرها1.
2-
من أكل أو شرب ناسيا صومه فلا إثم عليه ويتم صومه ويصح2.
3-
من فعل شيئا من محظورات الإحرام جاهلا بتحريمها أو ناسيا فلا إثم عليه، وإن قال بعض الفقهاء: إن عليه الفدية3
وجه التيسير:
التيسير في هذه القاعدة ظاهر؛ لأن الله تعالى لم يكلف عباده مالا يطيقون فأسقط عنهم الإثم المترتب على ترك الواجب أو فعل المحرم في حال النسيان، أو الجهل، أو الخطأ؛ لأنها أمور تطرأ على المكلف فتؤثر في أهليته للتكليف بحيث لا يقدر معها على الامتثال الصحيح فَعَذَر الله تعالى عبده في حال طروء أحد هذه الأمور عليه فلله الحمد والفضل.
1 انظر: الهداية 1/44، والقوانين الفقهية ص44، والمهذب 1/54، والمغني 3/141.
2 انظر: الهداية 1/132، والقوانين الفقهية ص110، والتنبيه ص66، والمغني 4/367.
3 انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص302 وما بعدها، والقوانين الفقهية ص121، والمهذب 1/213، والمغني 4/391.