الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول: القواعد
القاعدة الأولى: الاجتهاد لاينقض بالاجتهاد
…
القاعدة الأولى: الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد
يورد العلماء هذه القاعدة بهذا اللفظ، أو نحوه ضمن القواعد الفقهية، وضمن القواعد الأصولية، فهي إذن قاعدة فقهية أصولية1.
فممن عدها في القواعد الفقهية من الحنفية الكرخي2، والحصيري3،
1 انظر: مجلة الأحكام العدلية مع شرح سليم رستم: 1/26-27، والقواعد الفقهية ص402.
2 انظر: أصول الكرخي المطبوع مع تأسيس النظر للدبوسي ص171.
والكرخي هو: أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال الكرخي، ولد سنة 260هـ، وتوفي سنة 340هـ. من مؤلفاته:[شرح الجامع الكبير]، و [شرح الجامع الصغير] وكلاهمالمحمد بن الحسن الشيباني. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية 2/493-494، والفوائد البهية ص108-109.
3 انظر: القواعد والضوابط المستخلصة من كتاب التحرير ص479، والقاعدة رقم (1) من القواعد الملحقة بآخر الكتاب.
والحصيري هو: أبو المحامد محمود بن أحمد البخاري (جمال الدين) ، ولد سنة 546هـ، وتوفي سنة 636هـ. من مؤلفاته:[التحرير شرح الجامع الكبير]، و [شرح السير الكبير] وهما لمحمد بن الحسن الشيباني. انظر: تاج التراجم ص69، والفوائد البهية ص205.
وابن النجيم1، وغيرهم2.
ومن المالكية الونشريسي3، ولفظه: ((الظن هل يُنْقَض بالظن
1 انظر: الأشباه والنظائر له ص105.
هو: زين الدين بن إبراهيم بن محمد المصري الشهير بابن نجيم الحنفي، ولد بالقاهرة سنة 926هـ، وتوفي سنة 970هـ، وقيل سنة 969هـ. من مؤلفاته:[البحر الرائق في شرح كنز الدقائق] في الفقه، و [شرح المنار] في أصول الفقه، انظر: الكواكب السائرة 3/154، والتعليقات السنية على الفوائد البهية (بهامش الفوائد) ص134-135.
2 انظر: المجلة مع شرحها لسليم رستم 1/26، وشرح القواعد الفقهية لأحمد الزرقاء ص103.
3 هو: أحمد بن يحي بن عبد الواحد الونشريسي، أو (الوانشريسي) ، ولد في حدود سنة 834هـ في قرية (ونشريس) من بلاد المغرب، وتوفي بفاس سنة 914هـ.
من مؤلفاته: [عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق]، و [المعيار المعرب عن فتاوى علماء إفريقي والأندلس والمغرب] . انظر: توشيح الديباج ص65، وشجرة النور الزكية ص274-275، وانظر: مقدمة المحقق لكتابه (إيضاح المسالك) ص42-73.
أو لا)) 1 والتواتي2، وأشار إليها القرافي3.
1 إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ص149.
2 انظر: الاسعاف بالطلب ص32.
والتواتي: هو أبو القاسم محمد بن أحمد التواتي من علماء المالكية المعاصرين ولد، في واحة الكفرة بصحراء ليبيا، ونشأ بها، ثم رحل إلى السودان الشرقي لإتمام دراسته وأخذ عن عدد من أهل العلم، له كتاب [مرجع المشكلات]، و [رفع الالتباس] انظر: كتابه الاسعاف بالطلب مختصر شرح المنهج المنتخب ص ما قبل المقدمة.
3 انظر: الفروق 2/103.
والقرافي هو: أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي المصري، توفي سنة 684هـ. من مؤلفاته:[تنقيح الفصول وشرحه]، انظر: الديباج المذهب 1/236-239، وحسن المحاضرة 1/316.
ومن الشافعية العلائي1، والزركشي2، والسيوطي3.
1 انظر: المجموع المذهب في قواعد المذهب (خ) 196/أ.
والعلائي هو: أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الشافعي، ولد سنة 694هـ، وتوفي سنة 760هـ، أو 761هـ. من مؤلفاته [تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم]، انظر: طبقات الشافعية الكبرى 10/35-38، والدرر الكامنة 2/179-182.
2 انظر المنثور: 1/93، ومختصر قواعد الزركشي للشعراني (رسالة ماجستير) 1/150.
والزركشي هو: أبو عبد الله محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي (بدر الدين) ، ولد بالقاهرة سنة 745هـ، وتوفي سنة 794هـ. له عدة مؤلفات منها:[البحر المحيط] في أصول الفقه، و [خبايا الزوايا] في الفقه. انظر: الدرر الكامنة 4/17-18، وشذرات الذهب 6/335.
3 انظر: الأشباه والنظائر له ص101.
والسيوطي هو: عبد الرحمن بن أبي بكر الخضيري الأسيوطي الشافعي، ولد سنة 849هـ، وتوفي سنة 911هـ. له مصنفات كثيرة في فنون شتى منها [الدر المنثور في التفسير بالمأثور]، و [الحاوي في الفتاوى] في الفقه وعلوم أخرى. انظر: حسن المحاضرة 1/335-344، والكواكب السائرة 1/221-231.
أما الحنابلة فلم أقف على من يذكرها منهم ضمن القواعد الفقهية لإلا أن فقهاءهم عللوا بها في بعض المواطن من كتب الفروع1 وأوردها الأوصليون منهم2 كما ذكرها عدد من الأصوليين من غيرهم3.
معاني المفردات:
الاجتهاد لغة: افتعال من الجَهد، أو الجُهد وهو الطاقة والجَهد: المشقة، والجُهد: بلوغ الغاية وهو - أي الاجتهاد - في اللغة عبارة عن استفراغ الوسع في أمر من الأمور4.
وفي الاصطلاح: له عدة تعريفات منها: أنه استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي5.
1 انظر: المغني 2/107.
2 انظر: التمهيد 4/348، وشرح الكوكب المنير 4/503، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص383.
3 انظر: المستصفى 2/382، والإحكام للآمدي 2/176، وشرح تنقيح الفصول ص441، وتيسير التحرير 2/234، وفواتح الرحموت 2/395.
4 انظر: الصحاح 2/460، والقاموس المحيط 1/286 (جهد) .
5 شرح الكوكب المنير 4/458، وانظر: مراجع المحقق لمعرفة مزيد من تعريفات الاجتهاد.
يُنْقَض: النقض ضد الإبرام1 والمراد - هنا - إبطال الحكم الثابت بالاجتهاد الأول ويشمل ذلك ما كان من باب بذل الوسع في استنباط أحكام المسائل التي لم يرد فيها نص، وما كان من باب تحقيق المناط كالتحري في القبلة الذي يراد به العلم بالموضوع على ماهو عليه، وما كان من باب حكم القاضي المبني على البيّنات2.
المعنى الإجمالي:
يريد الفقهاء بهذه القاعدة أن من غلب على ظنه - بالاجتهاد - حكم فعمل به أو أفتى به، ثم اجتهد ثانية - لوقوع ما يستدعي الاجتهاد الثاني -، أو اجتهد غيره فأدى الاجتهاد الثاني إلى خلاف ما أدى إليه الاجتهاد الأول فإن ما ثبت بالاجتهاد الأول لا ينتقض بسبب الاجتهاد الثاني، ولا يلزم من عمل بموجب الاجتهاد الأول أن يعيد - إذا كان مما تتصور فيه الإعادة -، ويتأكد هذا المعنى فيما
1 القاموس المحيط 2/347 (نقض) .
2 انظر: الإحكام للآمدي 4/141، 176-177، والبحر المحيط 5/11، والموافقات 4/165، وإيضاح المسالك ص149، والمغني 2/102، والوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية ص333، والقواعد الفقهية للندوي ص415.
إذا حكم بمقتضى الاجتهاد الأول حاكم. لكن لو كان الاجتهاد الثاني في واقعة ثانية مثل الأولى واختلف الاجتهاد فإنه يلزمه في الواقعة الثانية ما أدّاه إليه اجتهاده الثاني ولا يستمر على حكم الاجتهاد الأول ولا يعدّ هذا نقضا للاجتهاد الأول1.
الأدلة:
يستدل العلماء على صحة هذه القاعدة بعدة أدلة من أهمها:
1) إجماع الصحابة رضي الله عنهم ذلك أن جميع القضايا التي اجتهد فيها أبو بكر رضي الله عنه ثم اجتهد فيها عمر رضي الله عنه فأداه اجتهاده إلى غير ما أداه اجتهاد أبي بكر لم ينقضها عمر بعد توليه الخلافة، وهكذا سائر الخلفاء الراشدين من بعدهما.
ومما يدل على اجماعهم أيضا ما ورد من الآثار عنهم في هذا المعنى ومن ذلك ما روي "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في امرأة توفيت وتركت زوجها، وأمها، وإخوتها لأمها، وإخوتها لأبيها وأمها فأشرك عمر بين الإخوة لأم، والإخوة
1 انظر: المنثور 1/93، ومختصر قواعد الزركشي (رسالة) 1/150، وشرح القواعد الفقهية ص103، والمدخل الفقهي العام 2/1011، والوجيز ص332-333، والقواعد الفقهية للندوي ص403-408.
لأب والأم في الثلث، فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا، فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا"1.
وكان هذا بمرأى ومسمع من الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكروا عليه.
2) ما رواه عامر بن ربيعة2 رضي الله عنه قال: "كنا مع
1 أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه 10/249، والبيهقي في السنن الكبرى 6/255 (الفرائض / المشركة) .
وتسمى هذه المسألة المشركة وتسمى بغير ذلك، وصورتها هي الواردة في هذا الأثر، وكذلك لو كان بدل الأم جدة فإن للزوج النصف، والأم أو الجدة السدس، ثم من العلماء من قال: الثلث للأخوة لأم فرضهم، ويسقط الأشقاء، لأنهم عصبة، ومنهم من شركهم في الثلث بالسوية.
وأورد البيهقي اباب المذكور عددا من الآثار في هذا المعنى. انظر: المغني 9/24، 14/35-36، والعذب الفائض شرح عمدة الفارض 1/101-102، وفرائد الفوائد في اختلاف القولين عن مجتهد واحد ص33، والقواعد الفقهية للندوي ص406-407.
2 هو عامر بن ربيعة بن كعب العنزي رضي الله عنه أسلم قديما، وشهد بدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر منها إلى المدينة، توفي زمن فتنة عثمان رضي الله عنه وقيل: بعد قتل عثمان بأيام، انظر: أسد الغابة 3/80-81، والإصابة 3/579.
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فتغيمت السماء وأشكلت علينا القبلة، فصلينا وأعْلَمْنا1 فلما طلعت الشمس إذا نحن قد صلينا لغير القبلة فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 2"3
ووجه الاستدلال منه أنه لم ينقض اجتهادهم الأول ولم يأمرهم بالإعادة مع تيقنهم الخطأ فيما سبق من اجتهاد، فعدم النقض بالاجتهاد المؤدي إلى الظن أولى4.
3) أن كلا الأمرين - في القاعدة - اجتهاد فليس أحدهما بأولى من الآخر فلا يَنْقضُ المتأخرُ منهما المتقدم.
4) أن نقض الاجتهاد بمثله يؤدي إلى التسلسل واضطراب الأحكام.
5) أن الله تعلى جعل للمجتهد أن ينشئ الحكم في مواضع
1 أعْلَمْنا: أي جعلنا علامة على الجهة التي صلينا إليها. انظر: تفسير القرآن العظيم 1/163-164.
2 البقرة (115) .
3 أخرجه ابن ماجه بهذا اللفظ، وحسنه الألباني. سنن ابن ماجه 1/326 (إقامة الصلاة / من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم)، انظر: صحيح ابن ماجه للألباني 1/168.
4 انظر: تحفة الأحوذي 2/322، وسبل السلام 1/132-133.
الاجتهاد بحسب ما يقتضيه الدليل عنده فإذا أدّاه اجتهاده إلى حكم كان هو الواجب عليه، وعمله به عملٌ بما وجب عليه فلا يصح نقضه1.
العمل بالقاعدة:
هذه القاعدة مفروضة في حالتين:
الأولى: أن يتعلق بالاجتهاد حكم حاكم.
الثانية: أن لا يتعلق به حكم حاكم كمالو اجتهد المكلف لنفسه، أو كان الاجتهاد مما لا يتصور فيه ذلك كالتحري في القبلة ونحوه.
فأما الحالة الأولى: فقد نقل عدد من علماء الأصول، وغيرهم الاتفاق عل عدم نقض الاجتهاد فيها باجتهاد آخر سواء كان المجتهد هو الحاكم أم غيره.2.
1 انظر: مجموع هذه الأدلة في الفروق 2/104، والأشباه والنظائر للسيوطي ص101، ولابن النجيم ص105، ومختصر قواعد الزركشي (رسالة ماجستير (1/150، وشرح القواعد الفقهية ص103، والوجيز ص332، والقواعد الفقهية للندوي ص403-407، وشرح الكوكب المنير 4/503.
2 انظر: منتهى السول والأمل /216، والإحكام للآمدي 4/176، وتيسير التحرير 4/234، والوجيز ص23، والقواعد الفقهية للندوي ص406.
ولم يرتض بعضهم هذا النقل. بل نسبوا القول بعدم نقض الاجتهاد الذي تعلق به حكم الحاكم إلى الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة، وأشاروا إلى وجود من يخالف في ذلك1.
وأكثر ما نُقل هذا عن بعض المالكية2. لذا فقد ساق الونشريسي وغيره القاعدة بصيغة الاستفهام للدلالة على الخلاف فيها3، وصرح التواتي بأن للمالكية فيها قولين4.
أما الحالة الثانية: فإن الأكثرين على عدم نقض الاجتهاد فيها بالاجتهاد كذلك5.
1 انظر: شرح الكوكب المنير 4/503، وإعلام الموقعين 1/111، والفروق 2/103، وإيضاح المسالك ص150. ومن كتب الفقه: حاشية رد المحتار 7/28، والقوانين الفقهية ص253، والتنبيه ص257، والمغني 14/34.
2.
انظر: شرح تنقيح الفصول /441، ونشر البنود 2/324-325، والفروق 2/106، وإيضاح المسالك ص150، والإسعاف بالطلب ص32-33.
3 انظر: إيضاح المسالك ص149، والإسعاف بالطلب ص32.
4 انظر المرجع الأخير ص33.
5 انظر: المراجع المتقدمة في الحالة الأولى.
وقال بعض الحنفية، والحنابلة: يُنْقض على تفصيل في ذلك1.
وكذلك قال ينقضه من يقول بالنقض مع حكم الحاكم من باب أولى2.
من أمثلة هذا النوع مسألة التحري في القبلة3.
ولا يخلو الأمر من مزيد تفصيل حيث فرّق بعضهم بين ما يترتب على تغير الاجتهاد ديانةً4، وما يترتب عليه قضاء5، وليس من
1 انظر: شرح الكوكب المنير 4/509-510، والقواعد الفقهية للندوي ص410-411.
2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص441، ونشر البنود 2/324، والفروق 2/106، وإيضاح المسالك ص149، والإسعاف بالطلب ص32.
3 انظر: حاشية رد المحتار 1/423، شرح الخرشي 1/257، والتنبيه ص29، والمغني 2/111.
4 الديانة لغة من الدين وهو الملة والشريعة، ويطلق بمعنى المجازاة، والمراد به هنا حكم الشيء فيما بين العبد وربه أي قبل رفعه إلى القضاء، ويطلق عليه البعض الحكم في الباطن. انظر: القاموس المحيط 4/365، والمنفردات ص175 (دين) ، وأدب القاضي لابن القاص 2/365، وفيض الباري على صحيح البخاري 1/187.
5 القضاء لغة: الحكم وهو مصدر قضى، والمراد - هنا - حكم الشيء بعد رفعه للقضاء، ويطلق عليه الحكم في الظاهر. انظر: الصحاح 6/2463 (قضى) ، والمرجعين الأخيرين.
غرضنا بحث تفصيل ذلك1.
ومما تقدم من تفصيل يتبين أن هذه القاعدة معمول بها - من حيث الجملة - في المذاهب الأربعة وعند أكثر الفقهاء وقد نص الفقهاء على بعض الصور التي خرجت عن هذه القاعدة وهي في غالبها غير داخلة أصلا لكون الناقض للاجتهاد نصا أو إجماعا2.
من فروع القاعدة:
يتفرع من هذه القاعدة مسائل منها:
1-
مالو كان عنده إناءان بهما ماء أحدهما نجس فاجتهد فظن طهارة أحدهما فاستعمله، ثم تجدد اجتهاده لصلاة أخرى فتغير
1 أشار إلى سيئ من هذا التفصيل الندوي في القواعد الفقهية ص408-412.
2 انظر: المنثور 1/95-96، والأشباه والنظائر للسيوطي ص102، والأشباه والنظائر لابن النجيم ص106، ومختصر قواعد الزركشي (رسالة ماجستير) 1/151، والإسعاف بالطلب ص32-34، والقواعد الفقهية للندوي ص412-415، والإحكام للآمدي 4/176، وأدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح ص109، وتبيين الحقائق 4/88، والقوانين الفقهية ص353، والتنبيه ص257، والمغني 14/34.
ظنه، فإنه لا ينتقض اجتهاده الأول باجتهاده الثاني1.
2-
ومنها مالو اجتهد في تحري القبلة فصلى، ثم اجتهد للصلاة التالية وتغير اجتهاده فإنه يصلي التالية على حسب اجتهاده الثاني ولا إعادة عليه لما مضى2.
3-
ومنها مالو اجتهد الحاكم أو القاضي في حادثة فحكم فيها، ثم حدث مثلها فأعاد الاجتهاد وتغير اجتهاده فإنه يعمل في الحادثة الثانية باجتهاده الثاني ولا ينقض حكمه الأول.3.
1 هذا على القول بجواز التحري في هذه الحال وهو رأي الشافعية، ووافقهم بعض فقهاء المذاهب. انظر: تفصيل ذلك في البناية في شرح الهداية 1/547-548، والكافي لابن عبد البر 1/158-159، والمهذب 1/91، والمنثور 1/94، والمغني 1/82، 6/34.
2 انظر: الاختيار 1/47، والمعونة على مذهب عالم المدينة 1/90، والمجموع 3/188، والمغني 1/82، 6/34.
3 انظر: الهداية 3/119، والأشباه والنظائر لابن النجيم ص105، وسراج السالك 2/200-201، والأم 6/204، والمنثور 1/93، والمغني 1/107، القضاء ونظامه ص653.
وجه التيسير:
أشار العلماء عند تعليلهم لصحة هذه القاعدة إلى ما فيها من تيسير فهي تحسم باب الخلاف وتسد ذريعة الاختلاف بعد استقراء الحكم الاجتهادي وذلك أن نقض الاجتهاد بالاجتهاد يؤدي إلى عدم استقرار الأحكام، واستمرار النزاعات بين الناس، ولا يخفى ما في هذا من حرج. هذا فيما إذا تعلق بالاجتهاد حكم الحاكم، وأما إذا لم يكن كذلك فإن التيسير فيه من حيث أن المكلف لا تلزمه إعادة ما أداه بالاجتهاد الأول؛ لأنه هو الواجب عليه وقد أدّاه فأجزاه1.
1 أشار إلى هذا المعنى كثير ممن أورد القاعدة. انظر: - على سبيل المثال - الفروق 2/104، والأشباه والنظائر ص101، والمغني 2/112-113، وشرح الكوكب المنير 4/503.