الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب كَيْفَ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ فِى الإِسْرَاءِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى أَبُو سُفْيَانَ فِى حَدِيثِ هِرَقْلَ فَقَالَ يَامُرُنَا - يَعْنِى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ
343 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عنْ
ــ
كتاب الصلاة
(باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء) أي إسراء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء قوله (وقال ابن عباس) ذكره البخاري هنا تعليقاً لكن القصة بطولها ذكرها في أول الصحيح مسندة وفي سين سفيان الأوجه الثلاثة وفي هرقل وجهان. قوله (النبي) بالنصب مفعول يعني وبالرفع فاعل يأمرنا والصلاة هي العبادة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم (والصدق) هو القول المطابق للواقع (والعفاف) الانكفاف عن المحرمات وخوارم المروءات. قوله (يحيى بن بكير) مصغراً مخففاً
يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَاناً فَأَفْرَغَهُ فِى صَدْرِى ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا
ــ
و (يونس) فيه ستة أوجه و (أبو ذر) بتشديد الراء والصحابيان تقدما في أول كتاب الإيمان والباقون في الوحي. اعلم أنهم اتفقوا على أن الصلوات الخمس إنما فُرضت ليلة الإسراء لكن اختلفوا في وقت الإسراء. قال القاضي عياض: اختلفوا فيه فقيل إنما كان ذلك في المنام والحق الذي عليه الأكثر ومعظم السلف أنه أسرى بجسده والآثار تدل عليه ولا يعدل عن الظاهر إلا لضرورة ولا ضرورة هنا وأما وقته فقيل كان ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقال الزهري كان بعد مبعثه بخمس سنين وهو الأشبه إذ لم يختلفوا أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة عليه ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة إما بثلاث سنين أو بخمس سنين. قوله (فُرج) بضم الفاء وخفة الراء المكسورة وأضاف البيت إلى نفسه بأدنى ملابسه إذ ثبت أنه كان حينئذٍ في بيت أم هانئ فإن قلت قد روى أيضاً أنه كان في الحطيم فكيف الجمع بينهما. قلت إن كان العروج مرتين كما قيل أنه كان مرة في النوم وأخرى في اليقظة فظاهر. وإن قلنا أنه مرة واحدة فلعله صلى الله عليه وسلم بعد غسل الصدر دخل بيت أم هانئ ومن ثمة عرج به إلى السماء. قوله (زمزم) بفتح الزايين غير منصرف اسم للبئر الذي في المسجد الحرام و (الطست) بفتح الطاء وسكون السين المهملتين الإناء المعروف وقد تكسر الطاء وقد تدغم السين في التاء بعد قلبه وهو مؤنث وليس فيه ما يوهم جواز استعمال إناء الذهب لنا فإنه فعل الملائكة ولا يلزم أن يكون حكمنا حكمهم أو أنه كان قبل تحريم أواني الذهب وإنما ذكره هنا نظراً إلى معناه وهو الإناء، وأما جعل الإيمان والحكمة في الإناء وإفراغهما مع أنهما معنيان وهذه صفة الأجسام فمعناه أن الطست كان فيه شئ يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادتهما فسمي حكمة وإيماناً لكونه سبباً لهما وهذا من أحسن المجازات أو أنه من باب التمثيل أو تمثل له صلى الله عليه وسلم المعاني كما تمثل له أرواح الأنبياء الدارجة بالصور التي كانوا عليها. قوله (أطبقه) يقال أطبقت الشيء
جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ مَعِى مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ مَرْحَباً بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا آدَمُ. وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ
ــ
إذا غطيته وجعلته مطبقاً ولفظ (بي) هو على ظاهره وفي بعضها به فهو إما لأن رسول الله جرد من نفسه شخصاً فأشار إليه وإما لأن الراوي نقل كلامه بالمعنى لا بلفظه بعينه. قوله (أأرسل إليه) ظاهره السؤال عن أصل رسالته لكن قبل أمر نبوته كان مشهوراً في الملكوت لا يكاد يخفى على خُزان السموات وحراسها فالمراد أرسل إليه للعروج والإسراء وكان سؤالهم للاستعجاب بما أنعم الله عليه أو الاستبشار بعروجه إذ كان من البيِّن عندهم أن أحداً لا يترقى إلى أسباب السماء من غير أن يأذن الله له ويأمر ملائكته بإصعاده. قوله (أسودة) جمع السواد كالأزمنة والزمان والسواد الشخص وقيل الجماعات وسواد الناس عوامهم وكل عظد كبير. و (مرحباً) منصوب بأنه مفعول مطلق أي أصبت وحبالاً صيفاً و (القِبل) بكسر القاف الجهة (والنسم) بالنون وبالمهملة المفتوحتين جمع نسمة وهي نفس الإنسان والمراد منها ههنا أرواح بني آدم. قال القاضي عياض فيه أنه وجدهم من أهل الجنة والنار وقد جاء أن أرواح الكفار في سجين قيل في الأرض السابعة وأن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة قيل وهي في السماء السابعة فيحتمل أنها تعرض على آدم أوقاتاً فوافق وقت عرضها مرور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن كونهم في الجنة والنار إنما هو في أوقات
شِمَالِهِ بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ لِخَازِنِهَا افْتَحْ. فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ فَفَتَحَ». قَالَ أَنَسٌ فَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِى السَّمَوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِإِدْرِيسَ قَالَ مَرْحَباً بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ مَرْحَباً بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مُوسَى. ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ مَرْحَباً بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِىِّ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ
ــ
دون أوقات بدليل "النار يعرضون عليها غدواً وعشياً" أو أن الجنة كانت في جهة يمين آدم والنار في جهة شماله وكلاهما حيث شاء الله تعالى. قوله (لم يثبت) أي أبو ذر أي لم يعين لكل نبي سماء معيناً ولفظ بادريس متعلق يمر كلفظ بالنبي. فإن قلت النحاة قالوا لا يجوز تعلق حرفين من جنس واحد بمتعلق واحد. قلت ليسا من جنس واحد لأن الباء الأولى للمصاحبة والثانية للإلصاق. فإن قلت لم ما قال والابن الصالح كما قال آدم. قلت لأن إدريس لم يكن من آباء الرسول صلى الله عليه وسلم وبه استدل قائله عليه وإن صح أنه من آبائه فيحتمل أن يكون قاله تلطفاً وتأدباً وتواضعاً وهو أخ، إن كان أباً والأنبياء أخوة والمؤمنون أخوة. فإن قلت لم اتفقوا على لفظ الصالح. قلت لأنه لفظ عام لجميع الخصال المحمودة فأرادوا وصفه بما يعم كل الفضائل. فإن قلت علم من لفظ ثم الترتيب بين منازلهم فما وجه التلفيق بينه وبين ما قال ولم يثبت أبو ذر كيف منازلهم. قلت إما أن أنساً لم يرو هذا عن أبي ذر وأما أن يقال لم يلزم منه تعيين منازلهم لبقاء الإبهام فيه لأن بين آدم
هَذَا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ مَرْحَباً بِالنَّبِىِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِىَّ كَانَا يَقُولَانِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «ثُمَّ عُرِجَ بِى حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ» قَالَ
ــ
وإبراهيم ثلاثة من الأنبياء وأربعة من السموات أو خمسة إذ جاء في بعض الروايات وإبراهيم في السماء السابعة. فإن قلت ما التوفيق بينهما. قلت لعله وجده في السادسة ثم ارتقى إبراهيم أيضاً إلى السابعة وإن كان الإسراء مرتين فلا إشكال فيه. فإن قلت كيف قال ثم مررت بعد أن قال فلأمر جبريل بالنبي. قلت إما أن تقدر قبل ثم مررت لفظ قال النبي وإما أن يكون الأول نقلاً بالمعنى وثانياً نقلاً باللفظ بعينه. قوله (ابن حزم) بفتح المهملة وسكون الزاي وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري البخاري المدني تقدم في باب كيف يقبض العلم (أبو محمد) ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكنيه بأبي عبد الله وكان فقيهاً فاضلاً قُتل يوم الحرة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وهو تابعي وذكره ابن الأثير في الصحابة قولهن (أبا حبة) بفتح المهملة وسكون الموحدة على الصحيح وقيل بالمثناة التحتانية وقيل بالنون واختلفوا في اسمه فقيل عامر ومالك وثابت وهو أنصاري بدري استشهد يوم أُحد قالوا في هذا الإسناد وهم لأن المراد بابن حزم أما أبو بكر فهو لم يدرك أبا حبة وأما محمد فلم يدركه الزهري والجواب عنه أن ابن حزم روى مرسلاً حيث نقل بكلمة أن عنهما ولم يقل نحو سمعت وأخبرني فلا وهم فيه وهكذا أيضاً في صحيح مسلم. قوله (ظهرت) أي علوت (لمستوى) بفتح الواو والمراد به المصعد. وقال النضر بن شميل أثبت أبا ربيعة الأعرابي وهو على سطح فقال استو أي اصعد وقيل هو المكان المستوي وقيل اللام فيه للعلة أي علوت لاستعلاء مستوى أو لرؤيته أو لمطالعته أو بمعنى إلى قال تعلى "أوحى لها" أي إليها والمعنيان أي الانتهاء والاختصاص كل واحدٍ منهما مُلائم للغرض. و (صريف الأقلام) بالصاد المهملة المفتوحة تصويتها حال الكتابة. الخطابي: هو صوت ما يكتبه الملائكة من أقضية الله ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ أو ما شاء الله من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده من أمره
ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِى خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ. فَقَالَ هِىَ خَمْسٌ وَهْىَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ
ــ
وتدبيره في خلقه سبحانه وتعالى لا يعلم الغيب إلا هو الغني عن الاستذكار بتدوين الكتب والاستثبات بالصحف أحاط بكل شئ علماً وأحصى كل شئ عدداً. قوله (قال ابن حزم وأنس) الظاهر أنه من جملة مقول ابن شهاب ويحتمل أن يكون تعليقاً من البخاري وليس بين أنس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أبي ذر ولا بين ابن حزم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ابن عباس وأبي حبة فهو إما من قبيل المرسل وإما أنه ترك الواسطة اعتماداً على ما تقدم آنفاً مع أن الظاهر من حال الصحابي أنه إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بدون الواسطة فلعل أنساً سمع هذا البعض من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والباقي سمعه من أبي ذر. قوله (إلى ربك) أي إلى الموضع الذي ناجيت ربك أولاً و (الشطر) هو النصف ففي المراجعة الأولى وضع خمس وعشرون وفي الثانية ثلاثة عشر يعني بتكميل المنكسر إذ لا معنى لوضع بعض صلاة وفي الثالثة سبعة وقد يقال المراد به البعض وهو ظاهر. قوله (هي خمس) أي بحسب الفعل (وهي خمسون) أي بحسب الثواب كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" قوله (لا يبدل) أي قال تعالى لا يبدل قول مساواة الخمس الخمسين في الثواب. فإن قلت لم لا يكون معناه لا تنقص عن الخمس ولا لبدل الخمس إلى أقل من ذلك. قلت لا يناسب لفظ استحييت من
اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّى. ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى انْتَهَى بِى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِى مَا هِىَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا
ــ
ربي. فإن قلت ألم يبدل القول لديه حيث جعل الخمسين خمساً. قلت معناه لا تبدل الإخبارات مثل أن ثواب الخمس خمسون لا التكليفات أولا يبدل القضاء المبرم لا القضاء المعلق الذي يمحو الله ما يشاء ويثبت منه أو معناه لا يبدل القول بعد ذلك. فإن قلت كيف كانت مراجعة الرسولين إلى الرب. قلت إما أنهما عرفا أن الأمر الأول غير واجب على سبيل القطع والإبرام وإما أنهما طلبا ترحمه على عباده بنسخها. قوله (السدرة) أي الشجرة التي في أعلى السموات وسميت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا قيل أن لنبينا صلى الله عليه وسلم مقامين لم يعطاهما الخلائق كلهم إحداهما في الدنيا ليلة المعراج وثانيهما في العقبى وهو المقام المحمود وحكى ابن مسعود أنها سميت بها لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعلى فإن قلت في صحيح مسلم أنها في السماء السادسة فلا تكون في أعلى السموات كلها. قلت يمكن أن يكون أصلها في السادسة ومعظمها في السابعة فوق الكل. قوله (لا أدري ما هي) هو كقوله تعالى: "إذ يغشى السدرة ما يغشى" في أن الإبهام للتفخيم والتهويل وإن كان معلوماً. قوله (حبايل) جمع الحبالة بالحاء المهملة وبالموحدة أي عقود اللؤلؤ. قال الخطابي وغيره: إنه تصحيف والصواب جُنابذ (1) جمع الجُنبذ بضم الجيم وسكون النون وبالموحدة المضمومة وبالمنقطة ما ارتفع من الشئ واستدار كالقبة والعامة تقول بفتح الموحدة والظاهر أنه فارسي معرب. قال ابن بطال: أجمعوا على أن فرض الصلاة كان في الإسراء. وقال ابن إسحق: ثم أن جبريل أتى فهمز بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت عين ماء فتوضأ جبريل ومحمد ينظر فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيد خديجة ثم أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم صلى هو وخديجة ركعتين كما صلى جبريل. وقال نافع ابن جبير أصبح النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء فنزل جبريل حين زاغت الشمس فصلى به. وقال جماعة لم تكن صلاة مفروضة قبله إلا ما كان أمر به من قيام الليل من غير تحديد ركعات ووقت محصور وكان يقوم أدنى من ثلثيه ونصفه وثلثه. وقال وفيه من الفقه أن أمور الله تعالى المعظمة لا بأس بتحليتها واستعمال الذهب فيها ألا ترى أنه أبيح تحلية المصحف والسيف الذي به إعلاء الكلمة والخاتم الذي به تطبع عهود الله ورسله النافذة إلى أقطار الأرض وفيه أن أرواح المؤمنين يصعد بها إلى
(1) صوابه "جنابذ" كما قاله الخطابي وهو الموافق لنسختي المخطوطة. كتبه أحمد محمد شاكر.
الْمِسْكُ»
344 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ
ــ
السماء وأن أعمال بني آدم الصالحة تسر آدم عليه السلام وأعمالهم السيئة تسوؤه وفيه أنه يجب أن يرحب بكل أحد من الناس في حين لقائه بأكرم المنازل وأقرب القرابة ولهذا لما كان محمد من ذرية آدم قال مرحباً بالابن ومن لم يكن من ذريته قال مرحباً بالأخ وكذلك يحب أن يُلاقي المرء بأحسن صفاته وأعمها بجميل الثناء عليه ألا ترى أن كلهم قالوا له الصالح لشمول الصلاح على الخلال المحمودة ولم يقل أحد مرحباً بالنبي الصادق أو الأمين وفيه أن أوامر الله تكتب بأقلام شتى وفيه أن العلم ينبغي أن يكتب بأقلام كثيرة تلك سُنة الله تعالى في سمواته فكيف في أرضه وفيه أن ما قضاه وأحكمه من آثار معلومة وآجال مكتوبة وشبَّه ذلك بما لا يبدل لديه وأما ما نسخه وفقاً بعباده فهو الذي قال فيه "يمحو الله ما يشاء ويثبت" وفيه جواز النسخ قبل الفعل وفيه جواز الاستشفاع والمراجعة في الشفاعة مرة بعد أخرى وفيه الاستحياء من التكثير في الحوائج خشية الضعف عن القيام بشكرها وفيه دليل على أن الجنة في السماء. قال والحبائل تصحيف والصواب الجُنابذ وبهذا يصح المعنى لأنه إنما وصْف أرض الجنة وبنيانها فقال ترابها مسك وبنيانها لؤلؤ. أقول وفيه إثبات الاستئذان وبيان الأدب فيمن استأذن بدق الباب ونحوه فقيل له من أنت فقال زيد مثلاً ولا يقول أنا إذ لا فائدة فيه لبقاء الإبهام وأن للسماء أبواباً حقيقية وحفظة موكلين بها وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسل إبراهيم عليه السلام وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا أمن عليه الإعجاب وغيره من أسباب الفتن وفيه شفقة الوالد على ولده وسروره بحسن حاله وعدم وجوب صلاة الوتر حيث عين الخمس وقيد بعدم التبديل سواء كان بالزيادة أو بالنقصان وعلو منزلة نبينا صلى الله عليه وسلم حيث عين الخمس وقيد بعدم التبديل سواء كان بالزيادة أو بالنقصان وعلو منزلة نبينا صلى الله عليه وسلم وبلوغه ملكوت السموات وأن الجنة والنار مخلوقتان وفيه حجة لمذهب أهل السنة في الإيمان بصحة كتابة الوحي وغيره حقيقة، إذ هو من الممكنات والله على كل شئ قدير. قوله (صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون المثناة التحتانية تقدم في آخر قصة هرقل. قوله (الصلاة) أي الرباعية وذلك لأ، الثلاثية وتر صلاة النهار وكرر لفظ الركعتين ليفيد عموم التثنية لكل صلاة لأن قاعدة كلام العرب أن يكرر الاسم المراد تقسيم الشئ عليه ولولاه لكان فيه إبهام أن الفريضة في السفر والحضر ما كانت إ لا فرد ركعتين فقط. فإن قلت نعم انتصب ركعتين. قلت بالحالية. فإن قلت ما حكم لفظ ركعتين الثاني. قلت هو تكرار اللفظ