الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ».
باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب
532 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
ــ
دلالة على أن الثانية غير الأولى كقوله تعالى ((غدوها شهر ورواحها شهر)) قوله (فى صلاة) أى فى وقت صلاة و (بهم) أى بالمؤمنين وصلة أفعل التفضيل محذوف أى بالملائكة. فإن قلت سألهم عن كيفية الترك فما الفائدة فى ذكر الجزء الثانى من الجواب وهو (وأتيناهم) قلت زادوا على الجواب إظهارا لفضيلتهم وحرصا على ذكر ما يوجب مغفرتهم كما هو وظيفتهم فيما أخبر الله تعالى عنهم بقوله ((ويستغفرون الذين آمنوا)) وأما تعاقبهم فى هذين الوقتين فلأنهما وقت الفراغ من وظيفتى الليل والنهار ووقت رفع أعمالالعباد إلى الله تعالى ، وأما اجتماعهم فيهما فهو من لطف الله تعالى بالمؤمنين ليكون شهادة لهم بما يشهدونه من الخير ، وأما سؤاله منهم وهو سبحانه وتعالى أعلم فيحتمل أن يكون لطلب اعتراف الملائكة بذلك ردا عليهم فيما قالوا ((أتجعل فيها من يفسد فيها)) وقيل هذا السؤال على ظاهره وهو تعبد منه لملائكته كما أمرهم بكتب الأعمال وهو أعلم بالجميع ، وأما الملائكة فقول الأكثرين أنهم الحفظة الكاتبون ، ويحتمل أن يكونوا غيرهم وفيه إيذان بأن ملائكة لا يزالون حافظين العباد إلى الصبح. فإن قلت ما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك ذكر الذين ظلوا. قلت إما للكتفاء بذكر أحدهما عن الآخر لقوله تعالى ((سرابيل تقيكم الحر)) وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة فلما لم يعصوا فيه واشتغلوا بالطاعة فى النهار أولى بذلك وإما لأن حكم طرفى النهار يعلم من حكم طرفى الليل فذكره يكون تكرارا. فإن قلت قال الشافعية العصر خمسة أوقات وقت الفضيلة وهو أول الوقت ووقت المختار وهو مصير ظل الشىء مثليه ووقت الجواز بلا كراهة وهو قبل الاصفرار ووقت الجواز مع الكراهة وهو زمان الاصفرار إلى الغروب ووقت العذر وهو وقت الظهر عند الجمع بينهما بالتقديم فالفضيلة الواردة فى حق صلاة العصر هل هى مختصة لمن صلاها أول الوقت أو هى عامة لجميع أحوالها. قلت لما كانت هى أداء إلى المغرب صادقا عليها صلاة العصر فى أحوالها كانت عامة (باب من أدرك ركعة من العصر) ورجال الإسناد بهذا الترتيب مر فى باب كتابة العلم. قوله (سجدة) الخطابى: معناه الركعة بركوعها وسجودها والركعة إنما يكون تمامها بسجودها فسميت على
قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ العَصْرِ، قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» .
533 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: " إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ
ــ
هذا المعنى سجدة وفيه بيان أن طلوع الشمس على من قد صلى من صلاة الفجر ركعة لا يقطع عليه صلاته كما قال من فرق فيه بين غروب الشمس من أن غروبها يوجب عليه الصلاة وبين طلوعها من اجل أنه يحرم عليه الصلاة والقياس إذا نازع النص كان ساقطا. النووى: قال أبو حنيفة تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها لأنه دخل وقت النهى عن الصلاة بخلاف الغروب والحديث حجة عليه. فإن قلت وإن أدرك دون ركعة كتكبيرة فهل يلزمه الاتمام. قلت نعم لأنه لا يشترط قدر الصلاة بكمالها بالتفاق والتقييد فى الحديث بركعة خارج على الغالب فإن غالب ما يمكن إدراك معرفته ركعة ونحوها ، وأما التكبيرة وما يقرب مها فلا يكاد يحس. فإن قلت فما حكم هذه الصلاة أهى أداء أم لا. قلت الصحيح أنها كلها أداء وقال بعض الشافعية كلها قضاء وقال بعضهم تلك الركعة أداء وما بعدها قضاء ، وتظهر فائدة الخلاف فى مسافر نوى القصر وصلى ركعة فى الوقت. فإن قلنا الجميع أداء فله قصرها وإن قلنا كلها أو بعضها وجب إتمامها أربعا إن قلنا إن فائدة السفر إذا قضاها فى السفر يجب إتمامها هذا كله إذا أدرك ركعة فى الوقت فإن كان دون ركعة فقال الجمهور كلها قضاء. قوله (عبد العزيز) الأويسى بضم الهمزة وفتح الواو وسكون التحتانية وبالمهملة مر فى باب الحرص على الحديث. قوله (فيما سلف) فإن قلت لا يصح هذا على ظاهره إذ بقاؤنا ليس فى الزمان السالف. قلت معناه فى جملة ما سلف أى نسبتكم إليهم كنسبة وقت العصر إلى تمام النهار
كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطاً قِيرَاطاً، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطاً قِيرَاطاً،
ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطاً
ــ
فإن قلت القياس أن يقال وغروب الشمس بالواو لأن بين يقتضى دخوله على متعدد. قلت المراد من الصلاة وقت الصلاة وله أجزاء فكأنه قال بين أجزاء وقت صلاة العصر. قوله (قيراطا) القيراط نصف دانق وأصله قراط بالتشديد لأن جمعه قراريط فأبدل من إحدى حرفى التضعيف ياء كما فى الدينار والمراد به ههنا النصيب والحصة وتقدم البحث فيه فى باب اتباع الجنائز من الإيمان وكرر ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم كما هو عادة كلامهم حيثما أرادوا تقسيم الشىء على متعدد. قوله (أى ربنا) كلمة أى هى من حروف النداء ولا تفاوت فى إعراب المنادى بين حروفه. قوله (أكثر عملا) فإن قلت قول اليهود ظاهر لأن الوقت من الصبح إلى الظهر أكثر من وقت العصر إلى المغرب لكن قول النصارى لا يصح إلا على مذهب الحنيفة حيث يقولون العصر هو مصير ظل الشىء مثليه وهذا من جملة أدلتهم على مذهبهم فما جواب الشافعية عنه حيث قالوا هو مصير الظل مثلا ، وحينئذ لا يكون وقت الظهر أكثر من وقت العصر. قلت لا نسلم أن وقت الظهر ليس أكثر منه وما الدليل عليه ، ولن سلمنا فليس هو نصا فى أن كلا من الطائفتين أكثر عملا لصدق أن كلهم مجتمعين أكثر عملا من المسلمين وإن كان بعضهم كذلك ولإحتمال إطلافه تغليبا أو يقال لا يلزم من كونهم أكثر عملا أكثر زمانا لإحتمال كون العمل أكثر فى الزمان الأقل وجاء فى آخر الصحيح فى باب المشيئة قال أهل التوراة ذلك ، قال ابن الجوزى: فإن قيل بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة ، وهذه الأمة قد قاربت ستمائة سنة أيضا. فكيف يكون زمانها أقل؟ فالجواب أن عملها أسهل وأعمار المكلفين أقصر والساعة إليهم أقرب. فجاز لذلك أن يقلل زمان عملهم. تك كلامه ، فإن قلت ليس كلام النصارى حجة. قلت تقرير الله
قِيرَاطاً، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً، قَالَ قَالَ اللَّهُ عز وجل هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لَا، قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ»
534 -
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَاجَرَ قَوْماً يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلاً إِلَى اللَّيْلِ، فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ، فَاسْتَاجَرَ آخَرِينَ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ، وَلَكُمُ الَّذِى شَرَطْتُ، فَعَمِلُوا حَتَّى
ــ
كلامهم كتصديقه لهم عرفا. قوله (ظلمتكم) أى نقصتكم إذ الظلم قد يكون بزيادة الشىء وقد يكون بنقصانه. فإن قلت هل فيه دليل المعتزلة حيث قالوا الثواب الذى بقدر العمل هو أجر مستحق عليه والزائد عليه فضل وقال أهل السنة الكل فضل. قلت الضمير راجع إلى الذى أعطاهم المتناول لما سمى أجرا والزائد عليه أى كل ما أعطيته فهو فضلى وأطلق عليع لفظ الأجر لمشابهته الأجر لأن كلا منهما يترتب على العمل. فإن قلت ما وجه دلالته على ما عقد عليه الباب. قلت قال شارح التراجم وأما حديث ابن عمر فمراده بالتمثيل أن هذه الأمة أقصرها مدة وأقلها عملا وأكثرها ثوابا فما وجه دليل الترجمة منه. قلت هو مأخوذ من لفظ إلى غروب الشمس ولم يفرق بين ما قارب الغروب وما قبله ويحتمل أن يكون وجه الدلالة أنهم عملوا أقل من عملهم وأثيبوا بقدر ما أخذ أولئك وأكثر فكأنه على أن حكم البعض فى الادراك حكم الكل فأى وقت أدركه آخرا منه كمدركه أولا وآخرا قوله (أبو كريب) محمد بن العلاء (وأبو أسامة) حماد و (بريد) بضم الموحدة أبو بريدة والإسناد بعينه تقدم فى باب فضل من العلم. قوله (كمثل رجل) فإن قلت كان قياس التشبيه أيقال كمثل أقوام استأجرهم رجل. قلت هذا ليس من باب التشبيه المفرد بالمفرد حتى يجب دخول كاف التشبيه على المشبه به ومقابلة كل جزء من المشبه بأجزاء المشبه به ، بل هو تشبيه المركب بالمركب فالمشبه والمشبه به المجموعان الحاصلان من الطرفين. قوله (لا حاجة لنا إلى أجرك)