الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ»
392 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ
ــ
وجهها دون أركانها وجوانبها الثلاثة وإن كانت الصلاة فى جميع جهاتها مجزئة ويحتمل أنه دل بهذا القول على أن من شاهد البيت وعاينه خلاف حكم الغائب عنه فيما يلزمه من مواجهته عيانا دون الاقتصار على الاجتهاد ، وذلك فائدة ما قال هذه القبلة وإن كانوا قد عرفوها قديما وأحاطوا بها علما. النووى: ويحتمل معنى آخر وهو أن معناه أن هذه الكعبة هى المسجد الحرام الذى أمرتهم باستقباله لا كل الحرم ولا مكة ولا كل المسجد الذى هو حول الكعبة بل هى الكعبة بعينها فقط. قال وأجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمه زيادة علم فوجب ترجيحه. وأما نفى من نفى كأسامة فسببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبى صلى الله عليه وسلم يدعو فاشتغل هو أيضا بالدعاء فى ناحية من نواحى البيت والرسول صلى الله عليه وسلم فى ناحية أخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبى صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبعده مع خفة الصلاة وإغلاق الباب واشتغاله بالدعاء وجاز له نفيها عملا بظنه وقال بعض العلماء يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم دخل البيت مرتين مرة صلى فيه ومرة دعا ولم يصل فلم تتضاد الأخبار والله أعلم (باب التوجه نحو القبلة) أى ناحيتها وجهتها (وكان) تامة أى حيث وجد الشخص قال اللته تعالى ((وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره)) وقال أبو هريرة هو تعليق وإطلاق لفظ (استقبل) أيضا يقتضى التوجه نحوها حيث كان. قوله (عبدالله ابن رجاء) بخفة الجيم الغدائى بضم المعجمة وفتح المهملة الخفيفة وبالنون تقدم فى باب وجوب الصلاة فى الثياب و (اسرائيل) هو ابن يونس بن أبى اسحاق فى باب من ترك بعض الاختيار (وأبو اسحاق) هو السبيعى جده و (البراء) بتخفيف الراء وبالمد ابن عازب فى باب الصلاة من الإيمان. قوله (بيت المقدس) بفتح الميم وكسر الدال وبضم اليم وفتح الدال الشديدة و (ستة عشر)
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ) فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْيَهُودُ - مَا وَلَاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِى كَانُوا عَلَيْهَا (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَصَلَّى مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى صَلَاةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ
ــ
أى بعد الهجرة إلى المدينة لأنه فى مكة كان مستقبلا الى بيت المقدس وسبق تحقيق معناه أيضا على الأصح والشك المستفاد من أو الظاهر أنه من البراء. قوله (يوجه) بفتح الجيم أى يؤمر بالتوجه و (فتوجه) أى بعد نزول الآية لأن تمامها ((فول وجهك شطر المسجد الحرام)) والمراد من المسجد الكعبة قوله (رجل) وفى بعضها رجال. فان قلت فعلى هذه النسخة إلى م يرجع الضمير فى خرج. قلت الى ما دل عليه رجال وهو مفرد أو معناه ثم خرج خارج و (ما) فى ما صلى إما مصدرية أو موصولة قوله (صلاة العصر) لا ينافى ما ثبت فى بعض الروايات أنه كان فى صلاة الصبح بقباء لأن هذا الخبر وصل الى قوم كانوا يصلون فى نفس المدينة فى صلاة العصر ثم وصل الى أهل قباء فى صبح اليوم الثانى لأنهم كانوا خارجين عن المدينة لأن قباءهن جملة سوادها وفى حكم رسانيقها. قوله (فقال) أى الرجل يعنى به نفسه وتعبير المتكلم عن نفسه بلفظ الغيبة جائز جوازا مطردا وذلك إما بأن يجرد عن نفسه شخصا فيعبر عنه بلفظ الغائب وإما على طريقة الالتفات وإما باعتبار القائل أو الرجل أو نحو ذلك كما تقول عن نفسك العبد يحبك ويشتاق إليك ويحتمل أن الراوى نقل كلامه بالمعنى وكان عبارة الرجل أنا أشهد. الخطابى: فيه من الفقه وجوب قبول أخبار الآحاد وفيه أن ما مضى من صلاتهم نحو بيت المقدس قبل أن يعلموا بنسخها وبناء الباقى منها نحو الكعبة صحيح وهذا أصل فى كل أمر مأذون فيه قد جرى العمل به ثم رفع أو لحقه نسخ فان الماضى منه
الْكَعْبَةِ. فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ
393 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإِذَا أَرَادَ الْفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ.
394 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
ــ
صحيح إلى أن يعلم رفعه أو نسخه وقد يستدل به فى الوكالات وفيما يتصرف فيه الوكيل من أمر مأذون له فيه يأتيه الخبر بعزله وقد باع وقد اشترى فانه ماض على الموكل ، وفيه حجة لقول من أجاز تأخير البيان عن وقت مورده فى الحالة الراهنة إلى الحالة الثانية. النورى: هو دليل على جواز النسخ ووقوعه وفيه قبول خبر الواحد وفيه جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين ، وفيه أن النسخ لا يثبت فى حق المكلف حتى يبلغ. أقول وأما أنه نسخ بالمقطوع لا بالمظنون وأن استقبال بيت المقدس كان ثابتا بالقرآن أو بالسنة فقد سبق فى باب الصلاة من الإيمان مع مباحث أخرى قوله (مسلم) بلفظ الفاعل من الإسلام أى القصاب و (هشام) أى الدستوائى تقدما فى باب زيادة الإيمان ونقصانه و (يحيى بن أبى كثير) بالكاف المفتوحة وبالمثلثة تقدم فى باب كتاب العلم و (محمد بن عبدالرحمن) هو ابن ثوبان بفتح المثلثة وسكون الواو وبالموحدة أبو عبدالله العامرى المدنى. قوله (حيث توجهت) فان قلت صوب سفر من له مقصد معين وتوجهه يدل على القبلة فى غير الفريضة لا توجه الراحلة. قلت توجه الراحلة إنما هو تابع لتوجه صاحبها عادة وفيه جواز النقل على الراحلة. فان قلت مقتضى الحديث عدم التوجه نحو القبلة حيث كان فينا فى الترجمة. قلت المراد من الترجمة التوجه فى الفريضة. قوله (عثمان) أى ابن أبى شيبة و (جرير) بفتح الجيم وكسر الراء الأولى ابن عبدالحميد و (منصور) هو ابن المعتمر تقد وافى باب من جعل لأهل العلم أياما. قوله (ابراهيم) أى ابن يزيد النخعى وقال بعضهم المراد بإبراهيم هنا هو ابن سويد النخعى لا ابن يزيد وقوله (علقلة) أى ابن قيس النخعى و (عبدالله) أى ابن مسعود سبقوا فى باب ظلم دون ظلم ولفظ قال ابراهيم إلى لفظ أو نقص إدراج من منصور ومعناه لا أدرى زاد النبى
إِبْرَاهِيمُ لَا أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ قَالَ «وَمَا ذَاكَ» . قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا. فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِى الصَّلَاةِ شَىْءٌ لَنَبَّاتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّى الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ»
ــ
صلى الله عليه وسلم فى صلاته أو نقص وهو مشتق من النقص المتعدى لا من النقصان اللازم قوله (أحدث) الهمزة للاستفهام ومعناه السؤال عن حدوث شئ من الوحى يوجب تغيير حكم الصلاة بزيادة على ما كانت معهودة بالنقصان عنه وكذا وكذا كناية عما وقع إما زائدا على المعهود أو ناقصا. قوله (فثنى) مشتق من الثنى أو من التثنية وهو العطف والمقصود منه فجلس كما هو هيئة القعود للتشهد و (لنبأتكم) أى لا أخبرتكم به ، وفيه إنه كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم تبليغ الأحكام الى الأمة. قلت أين مفعولاه الثانى والثالث. قلت محذوفان ومن خصائصهما أنهما لا يتفارقان حذفا واثباتا. قوله (فذكرونى) أى فى الصلاة بالتسبيح ونحوه و (فليتحر) أى فليجتهد (وليتم عليه) معناه وليتم بانيا عليه ولولا تضمين الإتمام معنى البناء لما جاز استعماله بكلمة الاستعلاء قال الشافعى التحرى هو القصد ومعناه فليقصد الصواب فيعمل به وقصد (الصواب) هو الأخذ باليقين والبناء على الأقل وقال أبو حنيفة معناه البناء على غالب الظن ولا يلزمه الاقتصار على الأقل وقوله (سجدتين) أى للسهو وفيه أن سجود السهو ثنتان لا واحدة كسجدة التلاوة. فان قلت هذا دليل على أنه لم ينقص شيئا من الركعات ولا من السجدات وإلا تداركها فكيف صح أن يقول ابراهيم لا أدرى بل تعيين أنه زاد اذ النقصان لا ينجبر بالسجدتين بل لابد من الإتيان بالمتروك أيضا. قلت كل نقصان لا يستلزم الإتيان به بل كثير منها ينجبر بمجرد السجدتين كترك الأبعاض
وغيرها ولفظ نقض لا يوجب النقص فى الركعة ونحوها. فان قلت الصواب غير معلوم وإلا لما كان ثمة شك فكيف يتحرى الصواب. قلت المراد المراد منه المتحقق المتيقن أى فليأخذ باليقين. فان قلت كيف رجع الى الصلاة بانيا عليها وقد تكلم بقوله وما ذاك. قلت انه كان قبل تحريم الكلام فى الصلاة أو انه كان خطابا للنبى صلى الله عليه وسلم وجوابا وذلك لا يبطل الصلاة أو كان قليلا وهو صلى الله عليه وسلم فى حكم الساهى أو الناسى لأنه كان يظن أنه ليس فيها. فان قيل فكيف رجع النبى صلى الله عليه وسلم إلى قول غيره ولا يجوز للمصلى الرجوع فى حال صلاته إلا على لمه ويقين نفسه فجوابه أن النبى صلى الله عليه وسلم سألهم ليتذكر فلما ذكر ومتذكر فعلم السهو فبنى عليه لا أنه رجع الى مجرد قول الغير أو أن قول السائل أحدث شكا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد بسبب حصول الشك له فلا يكون رجوعا الا الى حال نفسه. فان قلت فى آخر الحديث يدل على أن سجود السهو بعد السلام وأوله على عكسه فما الحكم فيه؟ قلت مذهب الشافعى أنه يسن قبل السلام فتأول آخر الحديث بأنه قول والأول فعل والفعل مقدم على القول لأنه أدل على المقصود أو أنه صلى الله عليه وسلم أمر بأن يسجد بعد السلام بيانا للجواز وفعل نفسه قبل السلام لأنه أفضل. النووى: لا خلاف بينهم أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة أو النقص أنه يجوز ولا تفسد صلاته وإنما اختلافهم فى الأفضل ، ثم اختلفوا فقال بعضهم هو مخير فى كل سهو ان شاء قبل السلام وان شاء بعده فى الزيادة أو النقص وقال أبو حنيفة الأفضل هو السجود بعد السلام وقال الشافعى الأفضل السجود قبله وقال مالك إن كان السهو زيادة سجد بعد السلام وإن كان نقصا فقبله قال وفيه جواز النسيان فى الأفعال على الأنبياء عليهم السلام واتفقوا على أنهم لا يقرون عليه بل بعلمهم الله تعالى ثم قال الأكثرون شرطه تنبيه صلى الله عليه وسلم على الفور متصلا بالحادثة وجوز طائفة تأخيره مدة حياته ومنع طائفة السهو عليه فى الأفعال البلاغية كما أجمعوا على منعه فى الأقوال البلاغية وفيه أن سجود السهو على هيئة السجود للصلاة لأنه أطلق السجود فلو خالف المعتاد لبينه وفيه أنه لا يتشهد له وفيه أن كلام الذى يظن أنه ليس فيها لا يبطلها وفيه أمر التابع بتذكير المتبوع لما ينساه وفيه أنه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة أقول وفيه أن من تحول عن القبلة ساهيا لا إعادة عليه وإقبال الإمام على الجماعة بعد الصلاة. فان قلت لم عدل عن لفظ الأمر الى الخبر وغير أسلوب الكلام قلت لعل السلام والسجود كانا ثابتين يومئذ فلهذا أخبر عنهما وجاء بلفظ الخبر بخلاف التحرى والإتمام فانهما ثبتا بهذا الأمر أو للاشعار بأنهما ليسا بواجبين كالتحرى والإتمام. فان قلت السجدة مسلم أنها ليست بواجبة لكن السلام واجب. قلت وجوبه بوصف كونه قبل السجدتين