الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة الثانية في ميزة "جامعه
"
قال في "كشف الظنون"(1/ 555): (الجامع الصحيح للإِمام الحافظ أبي الحُسَين مسلم بن الحَجَّاج القُشَيري النيسابوري الشافعي، المتوفى سنة إِحدى وستين ومائتين، هو الثاني من الكتب الستّة، وأحدُ الصحيحَينِ اللذّينِ هما أَصَحُّ الكُتب بعد كتاب الله العزيز).
وذَكَرَ الإِمامُ النَّوَويّ في أول شرحهِ (1/ 14): أَن أبا عليٍّ الحُسَينَ بنَ عليّ النيسابوريَّ شيخَ الحاكمِ قال: (ما تحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم)، ووافَقَهُ بعضُ شيوخِ المغرب، وعن النَّسائي قال:(ما في هذه الكتب كلّها أجود من كتاب البخاري).
قال النوويّ: (وقد انْفَرَدَ مسلمٌ بفائدةٍ حسنةٍ، وهي كونهُ أسهلَ متناولًا من حيثُ إِنه جَعَلَ لكُلِّ حديثٍ موضعًا واحدًا يَلِيقُ بهِ، جَمَعَ فيهِ طُرُقَهُ التي ارتضاها، وأَوْرَدَ فيهِ أسانيدَهُ المتعددةَ، وألفاظَه المختلِفة، فيَسْهُلُ على الطالب النَّظَرُ في وُجُوهِهِ واستثمارُها، ويحصلُ له الثقةُ بجميعِ ما أورده مسلمٌ من طُرُقهِ، بخلافِ البخاري في ذلك.
وعن مكي بن عبدان رحمه الله تعالى قال: سمعتُ مسلمًا يقول: لو أَن أهلَ الحديثِ يكتبون مئتي سنة الحديثَ .. فمدارُهم على هذا المسند -يعني صحيحَه- وقال: صنَّفْتُ هذا المسند من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ((1).
قال ابنُ الصلاح: (شَرْطُ مسلمٍ في "صحيحه": أن يكون الحديثُ متّصلَ الإِسنادِ، بنَقْلِ الثقة عن الثقة من أوله إِلى مُنتهاه، سالمًا من الشُّذوذ ومن العِلَّة، قال: وهذا حَدُّ الصحيح، وكم من حديثٍ صحيحٍ على شرط مسلم وليس بصحيحٍ على شرط البخاري؛ لكَوْنِ الرُّواةِ عنده ممن اجتمعتْ فيهم الشُّرُوطُ المُعْتَبَرَةُ، ولم يَثْبُتْ عند البخاري ذلك فيهم)(2).
(1)"شرح النووي"(1/ 14 - 15)، وهو من كلام ابن الصلاح في "صيانة صحيح مسلم"(ص 69).
(2)
"صيانة صحيح مسلم"(ص 72 - 73).
وعددُ من احتجَّ بهم مسلمٌ في "الصحيح" ولم يحتجَّ بهم البخاريّ لسِتّ مئةٍ وخمسةٌ وعشرون شيخًا، ورُوي عن مسلم: أَنَّ كتابه (أربعةُ آلافِ حديثٍ) دون المُكَرَّرات (1)، وبالمُكَرَّرات (سبعةُ آلاف ومئتان وخمسةٌ وسبعون حديثًا)(2).
ثم إِنَّ مسلمًا رَتَبَ كتابَه على الأبواب، ولكنه لم يذكر تراجمَ الأبواب، وقد ترجم جماعةٌ أبوابَه استنباطًا من الحديث بحسب ما ظَهَرَ لهم، ولكنه فيه أحاديث لم يذكروا ترجمتها، ولا تدخل في الترجمة السابقة، فيعترض بها على الترجمة؛ لعدم مطابقتها للترجمة، فتحتاج إِلى استنباط ترجمةٍ جديدةٍ لها من الحديث، وذلك موجودٌ فيه في مواضع عديدة (3).
وذكر مسلمٌ في أول مقدمة "صحيحه" أنه قسم الأحاديثَ ثلاثةَ أقسام:
الأول: ما رواه الحُفَّاظُ المُتْقِنُون المشهورون.
الثاني: ما رواه المستورون المتوسطون في الحِفْظ والإِتقان.
الثالث: ما رواه الضعفاء المتروكون، فاختلف العلماء في مراده بهذا التقسيم.
وقال ابنُ عساكر في "الإِشراف على معرفة الأطراف": (إِنه رَتَّبَ كتابَه على قسمَينِ، وقَصَدَ أنْ يذكر في الأول أحاديثَ أهلِ الثقة والإِتقان، وفي الثاني أحاديثَ أهلِ الستر والصِّدْق الذين لم يبلغوا درجة المُتثبّتين، فحال حلول المَنِيَّة بينه وبين هذه الأُمنيّة، فمات قبل إِتمامِ كتابه واستيعابِ تراجمه وأبوابه، غيرَ أَنَّ كتابَه مع إِعوازه
(1) قال الحافظ الذهبي: (يعني بالمكرَّر: أنه إِذا قال: "حدثنا قتيبة وأخبرنا ابنُ رُمْح" .. يُعَدَّانِ حديثَينِ، اتَّفقَ لفظهما أو اختَلَفَ في كَلمة). "سير أعلام النبلاء"(12/ 566).
(2)
انظر "صيانة صحيح مسلم"(ص 101 - 102)، و"شرح صحيح مسلم"(1/ 21).
(3)
قال الحافظ ابن الصلاح: (ثم إِنَّ مسلمًا رحمه الله وإِيانا- رَتَّبَ كتابه على الأبواب، فهو مُبَوَّبٌ في الحقيقة، ولكنه لم يذكر فيه تراجمَ الأبواب؛ لئلّا يزداد بها حجمُ الكتاب أو لغير ذلك).
قال الإِمام النووي بعد ذلك: (وقد ترجم جماعةٌ أبوابَه بتراجم، بعضُها جيّدٌ، وبعضُها ليس بجيد؛ إِمّا لقُصورِ في عبارة الترجمة، وإِمّا لركاكة لفظها، وإِمّا لغير ذلك، وأنا -إِن شاء الله- أحرصُ على التعبيرِ عنها بعباراتٍ تَلِيقُ بها في مواطنها، والله أعلم). "صيانة صحيح مسلم"(ص 103)، و"شرح صحيح مسلم"(1/ 21).