الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2) بَابُ تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
[2]
1 - (1) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، ح وَحَدَّثَنَا
ــ
(2)
باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[2]
1 - (1)(وحَدَّثنَا أبو بكرِ بن أبي شَيبَةَ) والواو في قوله: (وحدثنا) للاستئناف النحوي؛ لأنها وَقَعَتْ في أول الترجمة، وفي أول حديث آخر، وتقدَّمتْ ترجمةُ أبي بكر بنِ أبي شَيبة قريبًا فلا عَوْدَ ولا إِعادة، فراجعْها إِنْ شئتَ.
قال: (حَدَّثنَا غُنْدَرٌ) قال النوويُّ: (بضمِّ الغين المعجمة، وإِسكان النون، وفتح الدال المهملة، هذا هو المشهورُ في ضَبْطِه، وذكر الجوهريُّ في "صحاحه": أنه يقال: بفتح الدال وضمِّها، واسمُه: محمد بن جعفر الهُذَلي مولاهم، البصري، أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر)(1) الحافظ، رَبِيب شُعْبة، جَالسه نحوًا من عشرين سنة.
قال في "التقريب": ثقةٌ صحيحُ الكتابِ إلا أَنَّ فيه غَفْلَةً، من التاسعة، مات في ذي القعدة سنةَ ثلاث وتسعين ومائة، وقال ابنُ سعد: سنةَ أربع وتسعين ومائة.
قال النوويُّ: (وغُنْدَرٌ: لَقَبٌ لمحمد بن جعفرِ، لَقَّبَه به ابنُ جُرَيج، رُوينا عن عُبَيد الله بن عائشة، عن بَكْر بن كُلْثُوم السُّلَمِيِّ قال: قَدِمَ علينا ابنُ جُرَيجِ البصرةَ، فاجتمع الناسُ عليه، فحدَّثَ عن الحَسَنِ البصريِّ بحديثٍ فأنكره الناسُ عليه، فقال ابنُ عائشة: إِنما سَمَّاه غُنْدَرًا ابنُ جُرَيجٍ في ذلك اليوم، كان يُكْثِرُ الشَّغَبَ عليه، فقال: اسْكُتْ يا غُنْدَر، وأهلُ الحِجازِ يُسَمّون المشغب غُنْدرًا؟ ! ومن طرف أخبار غُنْدَرٍ رحمه الله تعالى: أنه بَقِيَ خمسين سنةً يصوم يومًا ويُفْطِرُ يومًا) اهـ (2)
(عن شُعْبة) بن الحَجَّاج العَتكِيّ، والواو في قوله:(ح وحَدَّثنَا) عاطفة للقول
(1)"شرح صحيح مسلم"(1/ 65).
(2)
"شرح صحيح مسلم"(1/ 65).
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
ــ
المحذوف على (حَوَّلَ) المنحوت عنه الحاء، والتقدير: حَوَّلَ المؤلِّفُ رحمه الله تعالى السَّنَدَ وقال: حَدَّثَنَا (محمدُ بن المُثَنَّى) بن عُبَيد بن قيس العَنَزي بفتح النون وبالزاي، أبو موسى البصري، المعروف بالزَّمِن، مشهورٌ بكُنْيتِه وباسمِه، الحافظ.
قال في "التقريب": ثقةٌ ثَبْتٌ، من العاشرة، وقال الخطيب: مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
(و) محمدُ (بن بَشَّارِ) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري بُنْدَار -بضم الموحدة وفتحها وسكون النون- أحد أوعية السُّنَّة، وبُنْدَارٌ في الأصل: من في يده القانون وهو أصل ديوان الخراج، وإِنما قيل لهُ بُنْدار؛ لأنه كان بُنْدارًا في الحديث، جَمَعَ حديثَ بلده، كذا في "تهذيب الكمال" (24/ 11) وقال العجلي: بندار ثقةٌ كثيرُ الحديث، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال النَّسائيُّ: صالحٌ لا بأسَ به.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وله بضع وثمانون سنة.
وقال الذهبيُّ: انْعَقَدَ الإِجماع بَعْدُ على الاحتجاج ببُنْدَار (1).
وفائدةُ هذه المقارنة: بيانُ كثرة طُرُقِه؛ لأنَّ الراوَيينِ ثقتان.
كلاهما (قالا: حَذثنَا محمدُ بن جعفرٍ) الهُذَلِيُّ، قال:(حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحَجَّاج بن الوَرْد العَتكي.
وغَرَضُ المؤلِّف رحمه الله تعالى بهذا التحويل: بيانُ متابعة محمد بن المثنى وابن بشار لأبي بكر بن أبي شيبة في رواية هذا الحديث الآتي عن محمد بن جعفر، وإِنما لم يَجْمَعْ بين الثلاثة في سَنَدٍ واحدٍ مع أَنَّ صِيَغَهم واحدةٌ وهي (حَدَّثَنَا) بان قال:(قالوا حَدَّثَنَا محمدُ بن جعفرٍ أو غُنْدَرٌ)؛ تَوَرُّعًا من الكذب على أبي بكر بن أبي شيبة لو قال: (قالوا حدثنا محمد بن جعفر)؛ لأنه إنما قال: حدثنا غُنْدَرٌ؛ وتَوَرُّعًا من الكذب على الأخيرَينِ لو قال: (قالوا حدثنا غُنْدَرٌ)؛ لأنهما إِنما قالا: حدثنا
(1) انظر "ميزان الاعتدال"(3/ 490).
عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ:
ــ
محمد بن جعفر، وهذا من ألطف لطائف السند الذي ينبغي الاعتناءُ به لا البَحْثُ عن البصري والكوفي.
(عن منصورٍ) هو ابنُ المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عَتَّاب -بمثناة ثقيلة بعدها باء موحدة- الكوفي، أحد الأئمة الأعلام المشاهير.
روى عن إِبراهيم النَّخَعي ورِبْعِي بن حِراش والحَسَن البصري وغيرِهم، ويروي عنه (ع) وشعبةُ ومِسْعَرٌ والأعمشُ وغيرُهم، وقال العجلي: ثقةٌ ثَبْث له نحو ألفي حديث، قال زائدة: صام منصورٌ أربعين سنةً وقام ليلَها.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثَبْتٌ وكان لا يُدَلِّس، من الطبقة الخامسة، طبقة الأعمش، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
(عن رِبْعِيِّ) بكسر الراء المهملة، وإِسكان الموحدة (بنِ حِرَاشٍ) بكسر الحاء المهملة، آخره شين معجمة -وليس في "الصحيحين":(حِرَاش) بالحاء المهملة سواه، ومَنْ عداه بالمعجمة- العَبْسي -بموحدة ساكنة- أبي مريم الكوفي، التابعي الجليل، مُخَضْرَم.
روى عن عُمر وعلي فرد حديث وغيرهما، ويروي عنه (ع) ومنصورُ بن المُعْتَمِر وعبدُ الملكِ بن عُمَيرٍ وغيرُهما، قال العِجْلِيُّ: من خيار الناس لم يكذب كذبةً قطُّ.
قال في "التقريب": ثقةٌ عابدٌ مُخَضْرَم، من الثانية، مات سنة مائة، وقيل: مائة وأربع، وقيل: تُوفِّي في ولاية الحجاج، ومات الحَجَّاجُ سنة خمس وتسعين.
وحُكي: أنه حَلَفَ لا يضحك حتى يعلم أين مصيرُه، فما ضَحِكَ إلا بعد موته، وكذلك حَلَفَ أخوه ربيعٌ أنْ لا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أم في النار؟ قال غاسلُه: لم يَزَلْ مُتَبَسِّمًا على سريره ونحن نغسله حتى فرغنا، وأخوهما مسعود الذي جلس بعد موته وتَكَلَّمَ وقال في آخر كلامه: أَسْرِعُوا بي إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإِنه أقسم أن لا يبرح حتى آتيه (1).
(1) انظر "شرح صحيح مسلم" للنووي (1/ 66)، و "مكمل إكمال الإكمال"(1/ 16).
أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَخْطُبُ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ .. يَلِجِ النَّارَ"
ــ
(أَنَّه) أي: أَنَّ حِرَاشًا (سَمعَ عَلِيًّا رضي الله عنه حالةَ كَوْنه (يَخْطُبُ) أي: يَعِظُ الناسَ، وهو عليُّ بن أبي طالب عبد منافِ بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشميُّ أبو الحسن، ابنُ عَمّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وخَتَنُه علي بنته، من السابقين الأولين، وهو أوّلُ مَنْ أَسْلَمَ من الصبيان، وأَحَدُ العَشَرَة المُبَشَّرة، شَهِدَ بدرًا والمشاهدَ كُلِّها، أميرُ المؤمنين، يُكْنَى أبا تراب، وأُمُّه فاطمةُ بنتُ أَسَد بن هاشم، وهي أول هاشمية ولدتْ هاشميًّا، له خمسُمائة حديثِ وستةٌ وثمانون حديثًا، مات في رمضان شهيدًا ليلة الجمعة لإِحدى عشرة ليلة بقيت أو خلت منه سنة أربعين، وهو يومئذٍ أفضلُ مَنْ على وجه الأرض من الأحياء بإِجماع أهل السُّنَّة، وله ثلاث وستون سنة على الأرجح، ومناقبُه كثيرةٌ ومشهورة.
(قال) عليُّ بن أبي طالب -والجملةُ بدلٌ من جملة يَخْطُبُ-: (قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ" أي: لا تَرْوُوا أيها الناسُ عنِّي كَذِبًا (فإنَّه) أي: فإنَّ الشأنَ والحال (مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ) أي: يَرْو عنّي كَذِبًا ويَنْسُبْه إِليَّ ( .. يَلجِ النَّارَ") أي: يَسْتَحِقَّ وَيسْتَوْجِبْ وُلُوجَ النَّارِ ودُخُولَها عقوبةً له على كَذِبِه عليَّ (1).
وشارك المؤلِّفَ في رواية هذا الحديث: البخاريُّ (106)، والترمذيُّ (2660)، وابنُ ماجهْ (31)(2).
قال الإِمام أبو العبّاس القرطبي: (وقوله: "يَلِجِ النَّارَ" أي: يَدْخُلْها، مضارع "وَلَجَ" من باب وَعَدَ، ومصدرُه الوُلُوج، ومنه قوله تعالى:{يُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيلِ} .
وصَدْرُ هذا الحديثِ نَهْيٌ، وعَجُزُه وعيدٌ شديدٌ، وهو عامٌّ في كُلِّ كاذبٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومُطْلَقٌ في أنواع الكذب.
(1) انظر"شرح صحيح مسلم"(1/ 68).
(2)
والنسائي أيضًا في "السنن الكبرى"(3/ 457) في كتاب العلم (مَنْ كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (5911).
[3]
2 - (2) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ،
ــ
ولمَّا كان ذلك .. هاب قومٌ من السلف الحديثَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كعُمَرَ والزُّبيرِ بنِ العَوَّام وأنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنهم أجمعين؛ فإِنَّ هؤلاء سمعوا كثيرًا وَحَدَّثُوا قليلًا، كما قد صَرَّحَ الزُّبَيرُ رضي الله عنه بذلك لَمَّا قال له ابنُه عبدُ اللهِ رضي الله عنه: إِني لا أسمعك تُحَدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يُحَدِّثُ فلانٌ وفلانٌ؟ ! فقال: أَمَا إِني لم كن أُفارقه، ولكنِّي سمعتُه يقول: (مَنْ كَذَبَ عليَّ .. فليتبوأْ مقعدَه من النار"، وقال أنسٌ: إِنه يمنعني أنْ أُحَدِّثَكم حديثًا كثيرًا أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كَذَبَ عليَّ
…
" الحديث.
ومنهم مَنْ سَمِعَ وسَكَتَ كعبد الملك بن إِياس، وكأَنَّ هؤلاءِ تَخَوَّفُوا من إِكثار الحديث الوقوعَ في الكَذِبِ والغلطِ فقَلَّلُوا أو سَكَتُوا، غيرَ أَنَّ الجمهورَ خَصَّصُوا عمومَ هذا الحديث، وقَيَّدُوا مُطْلَقَه بالأحاديث التي ذُكِرَ فيها "مُتَعَمِّدًا"؛ فإِنه يُفْهَمُ منها أَنَّ ذلك الوعيدَ الشديدَ إِنما يَتَوَجَّهُ لِمَنْ تَعَمَّدَ الكَذِبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الطريقةُ هي المرضيّة؛ فإِنها تَجْمَعُ بين مختلفات الأحاديث، إِذْ هي تخصيصُ العموم، وحَمْلُ المُطْلَقِ على المقيِّد مع اتحاد الموجِب والموجَب كما قَرَّرْناه في الأصول، هذا مع أَنَّ القاعدةَ الشرعيةَ القطعيةَ تقتضي: أَنَّ المخطئَ والناسِيَ غيرُ آثمَينِ ولا مؤاخذَينِ، لاسِيَّما بعد التحرُّز والحَذَر) (1).
وفي هذين السندَينِ من اللطائف:
في الأول منهما: روايةُ كوفي عن بصري عن بصري عن كوفي عن كوفي.
وفي الثاني: روايةُ بَصْرِيَّينِ عن بصري عن بصري عن كوفي عن كوفي.
ففي الأول ثلاثة من الكوفيين واثنان من البصريين، وفي الثاني أربعة من البصريين واثنان من الكوفيين.
ثم استشهد لحديث عليٍّ بحديث أنسٍ رضي الله عنهما فقال:
[3]
(2)(وحَدَّثَنِي زُهَيرُ بن حَرْبِ) بن شَدَّاد الحَرَشِيّ -بفتح المهملتين بعدهما معجمة- مولاهم، أبو خيثمة النسائي الحافظُ نزيلُ بغداد.
(1)"المفهم" 1/ 113.
حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ-
ــ
روى عن جَرِير بن عبد الحميد وهُشَيم وابن عُيَينة وغيرِهم، ويروي عنه (خ م د ق) و (س) بواسطةٍ، وله في "البخاري" و "مسلم" أكثرُ من ألف حديث.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثَبْتٌ روى عنه مسلمٌ أكثرَ من ألف حديثٍ، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين، وهو ابنُ أربع وسبعين سنة.
قال: (حَدَّثنَا إسماعيلُ يعني) شيخي زُهَيرٌ بإِسماعيل حين قال لي: حَدَّثَنَا إِسماعيلُ (ابنَ عُلَيَّةَ) أي: إِسماعيلَ ابنَ عُلَيَّة، وأَتَى بالعناية؛ إِيضاحًا للراوي، وإِشعارًا بأَنَّ ما بعدها لم يسمعه من شيخه، بل هو ممّا زَادَه من عند نفسه للإِيضاح، وتَوَرُّعًا من الكذب على شيخه؛ لأنه لو لم يَأتِ بالعناية .. لأَوْهَمَ أَنَّ هذه النِّسْبَةَ من كلام شيخه مع أنه من زيادته.
وعبارةُ السنوسي هنا: (وإِنما قال "يعني"؛ لأن هذه النِّسْبَةَ لم يَسْمَعْها من شَيخِه، واحْتَرَزَ بها عن الكذب على شيخه، واحتاج إِلى النسبة للتعريف فقال: "يعني"، وهذا من وَرَعِه رحمه الله تعالى، وقد أَكْثَرَ البخاريُّ ومسلمٌ رحمهما الله تعالى من هذا الاحتياط، إِلا أَنَّ البخاريَّ كثيرًا ما يقول: "هو ابنُ فلان"، ومسلمٌ كثيرًا ما يقول: "يعني ابنَ فلانٍ"، وكلاهما سواء)(1).
وقال النوويُّ: (ليس للراوي أن يزيدَ في نَسَبِ غير شيخه ولا في صفتِه على ما سَمِعَه من شيخه؛ لئلّا يكونَ كاذبًا على شيخه، فإِنْ أرادَ تعريفَه وإِيضاحَه وزوال اللَّبْسِ المُتَطَرِّقِ إِليه لمشابهة غيره .. فطريقهُ أن يقول: حدثني فُلانٌ يعني ابنَ فُلان، أو الفُلاني، أو هو ابنُ فلان، أو الفلاني، أو نحو ذلك، فهو جائزٌ حسن) اهـ (2).
وقال أيضًا: (وعُلَيَّة -بضمِّ العين وفتح اللام-: هي أُمُّ إِسماعيل، وهي عُلَيَّهُ بنت حَسَّان مولاة لبني شَيبان، وكانت امرأةَ نبيلةَ عاقلةَ، وكان صالح المُرِّيُّ وغيرُه من وُجُوهِ البصرة وفقهائِها يدخلون عليها فتَبْرُزُ لهم وتُحَادِثُهم وتُسَائِلُهم، وأبوه إِبراهيم بن سهم بن مِقْسَم الأسدي، وإِسماعيل بصريٌّ وأصلُه من الكوفة، كنيتُه أبو بِشْر. قال
(1)"مكمل إكمال الإكمال"(1/ 16).
(2)
"شرح صحيح مسلم"(1/ 38).
عَنْ عَبْدِ آلْعَزِيزِ بْنِ صُهَيبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:
ــ
شعْبة: إِسماعيل بن عُلَيَّةَ ريحانةُ الفقهاء وسَيَّدُ المحدِّثين) (1).
وقال في "التقريب": ثقةٌ حافظٌ، من الثامنة، مات سنة ثلاثٍ وتسعين ومائة.
قال: (عن عبد العزيزِ بنِ صُهَيبٍ) البُنَاني -بموحدة ونونين- نِسْبة إِلى بُنَانة بن سعد بن لؤي بن غالب مولاهم، البصري الأعمى.
روى عن أنس وشَهْر، ويروي عنه شُعبةُ وابنُ عُلَيَّة.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومائة.
(عن أنسِ بنِ مالكِ) بن النَّضْر بن ضمضم بن زَيد بن حَرَام الأنصاري الخَزْرَجي النَّجَّاري، خَدَمَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وله ألفٌ ومئتا حديثٍ وستةٌ وثمانون حديثًا.
روى عن جماعةٍ من الصحابة، ويروي عنه (ع) وبنوه موسى والنَّضْرُ وأبو بكرٍ والحَسَنُ البصريُّ وثابتٌ البُنَانِيُّ وغيرُهم، مات سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين وقد جاوز المائة، وهو آخِرُ من مات بالبصرة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
(أنَّه) أي: أَنَّ أنسًا (قال: إِنه) أي: إِنَّ الشأنَ والحال (لَيَمْنَعُنِي) واللامُ فيه لامُ الابتداء (أَنْ أحَدِّثَكُمْ) أي: أنْ أُخْبِرَكم أيُها المخاطَبون (حديثًا كثيرًا) وأخبارًا مأثورةً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)، وجملةُ (أَنَّ) المصدريةِ في قولهِ:(أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال) في تأويل مصدرٍ مرفوعٍ على أنه فاعل (لَيَمْنَعُنِي) أي: يَمْنَعُني ويَحْجُزُني من أنْ أُخْبِرَكم حديثًا كثيرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)"شرح صحيح مسلم"(1/ 66).
(2)
قال الإِمام النووي رحمه الله تعالى: (وأمَّا توزُعُ الزُّبير وأنسٍ وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإِكثار منها .. فلكَوْنِهم خافوا الغلطَ والنسيانَ، والغالطُ والناسي وإِنْ كان لا إِثمَ عليه فقد يُنْسَبُ إِلى تفريطٍ لتساهلِه أو نحو ذلك، وقد تعلق بالنَّاسي بعض الأحكام الشرعية كغراماتِ المتلفات وانتقاضِ الطهارات وغيرِ ذلك من الأحكام المعروفات، والله سبحانه وتعالى أعلم). "شرح صحيح مسلم"(1/ 72).
"مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا .. فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"
ــ
قولهُ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا) أي: من افترى عليَّ كَذِبًا عَمْدًا وعِلْمًا ونَسَبَ إِليَّ ما لم أشرعه قولًا أو فعلًا أو تقريرًا ( .. فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ) أي: فَلْيتَّخِذْ مَقَرَّه ومنزلَه (من النَّارِ") الأُخروية؛ بسبب افترائِه واختلاقِه على كَذِبًا (1).
قال القرطبيُّ: (أي: ليتّخذْ فيها منزلًا فإِنها مقرُّه ومسكنهُ، يُقال: تبوأت منزلًا؛ أي: اتخذته ونزلته، وبَوَّأْتُ الرجلَ منزلًا؛ أي: هيأتُه له، ومصدرُه: باءة ومباءة، وهذه صيغةُ أمرٍ، والمرادُ بها: التهديدُ والوعيدُ، وقيل: معناها الدُّعاءُ عليه؛ أي: بَوَّأَهُ اللهُ سبحانه ذلك، وقيل: معناها الإخبارُ بوقوع العذاب به في نارِ جهنَّم، وكذلك القولُ في حديث عليٍّ الذي قال فيه: "يَلِجِ النار" (2).
وقد روى أبو بكرٍ البَزَّارُ هذا الحديثَ من طريق عبد الله بن مسعود وزادَ فيه: "ليُضِلَّ به"(3).
وقد اغْتَرَّ بهذه الزيادة أُناسٌ ممن يَقْصِدُ الخيرَ ولا يعرفُه، فظَنَّ أَنَّ هذا الوعيدَ إِنما يتناولُ من قَصَدَ الإِضلال بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمَّا مَنْ قَصَدَ الترغيبَ في الأعمال الصالحة وتقويةَ مذاهب أهل السُّنَّة فوضع الأحاديث لذلك .. فلا يتناولهُ، وهذه جهالةٌ؛ لأن هذه الزيادةَ تُروى عن الأعمش ولا تَصِحُّ عنه، وليستْ معروفةً عند نَقَلَةِ ذلك الحديث مع شُهرته، وقد رواها أبو عبد الله الحاكمُ المعروف بابن البَيِّع من طُرُقٍ كثيرةٍ، وقال: إِنها واهيةٌ لا يَصِحُّ منها شيء، قال الشيخ رحمه الله تعالى: ولو صَحَّتْ .. لما كان لها دليلُ خطاب، دما نما كانت تكون تأكيدًا؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيرِ عِلْمٍ} ، وافتراءُ الكذبِ
(1) هذا الحديث رواه النسائي في "السنن الكبرى"(3/ 457 - 458) في آخر كتاب العلم (من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم (5913).
(2)
قال الإِمام المازري: (وأمَّا قولهُ عليه الصلاة السلام: "فليتبوأ" .. فإِنَّ الهَرَويَّ قال في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} أي: اتَّخذوها منازل، وقوله تعالى: {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ نَشَاءُ} أي: نتخذ منها منازل، ومنه الحديث: "فليتبوأ مقعده من النار" أي: لينزل منزله منها)"المعلم"(1/ 184)، و "إِكمال المعلم"(1/ 110 - 111).
(3)
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم"(1/ 30) عن هذه الزيادة: (إنها زيادة باطلة باتفاق الحفاظ، وإنها لا تعرف صحيحة بحال).
[4]
3 - (3) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيدٍ الْغُبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَة،
ــ
على الله مُحَرَّمٌ مطلقًا، قصد به الإِضلال أو لم يقصد، قاله الطحاويُّ.
ولأنَّ وَضْعَ الخبرِ الذي يُقْصَدُ به الترغيبُ كَذِبٌ على الله تعالى في وضع الأحكام؛ فإِنَّ المندوبَ قِسْمٌ من أقسام الأحكام الشرعية، وإِخبارٌ عن أَنَّ الله تعالى وَعَدَ على ذلك العملِ بذلك الثواب، فكُلُّ ذلك كَذِبٌ وافتراءٌ على الله تعالى، فيتناولُه عمومُ قوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} .
وقد استجازَ بعضُ فقهاء العراق نسبةَ الحُكْم الذي دَلَّ عليه القياسُ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبةً قولية، وحكايةً نقليةً، فيقول في ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، ولذلك تَرَى كُتُبَهم مشحونةً بأحاديثَ مرفوعةٍ تَشْهَدُ متونُها بأنها موضوعةٌ؛ لأنها تُشْبهُ فتاوى الفقهاء، ولا تَلِيقُ بجزالة سيد الأنبياء، مع أنهم لا يُقِيمُون لها صحيحَ سَنَدٍ وَلا يُسْنِدُونها من أئمّة النقل إِلى كبيرِ أحد، فهؤلاء قد خالفوا ذلك النَّهْيَ الأكيد، وشَمِلَهم ذلك الذمُّ والوعيد، ولا شَكَّ في أَنَّ تكذيبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كُفْرٌ، وأمَّا الكَذِبُ عليه: فإِنْ كان ذلك الكاذبُ مُسْتَحِلًّا لذلك .. فهو كافرٌ، وإِنْ كانَ غيرَ مُسْتَحِلٍّ .. فهو مرتكبُ كبيرة، وهل يَكْفُرُ أم لا؟ اختُلِفَ فيه على ما مَرَّ) اهـ (1).
ثم استشهد ثانيًا لحديث علي رضي الله عنه بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال: [4](3)(وحَدَّثنَا محمدُ بن عُبَيدٍ) مصغرًا بلا اضافة، ابن حِساب بكسر الحاء وتخفيف السين المهملة آخره موحدة (الغُبَرِيُّ) بضمِّ المعجمة وتخفيف الموحدة المفتوحة، منسوبٌ إِلى غُبَر أبي قبيلةٍ معروفةٍ في بكر بن وائل، البصري.
روى عن أبي عَوَانة وحَمَّاد بن زيد وجماعةٍ، ويروي عنه (م د س) وأبو زُرْعة وأبو حاتم وخَلْقٌ.
وقال في "التقريب": ثقةٌ من العاشرة، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
قال: (حَدَّثنَا أبو عَوَانَةَ) بفتح العين وبالنون، الوَضَّاح -بتشديد الضاد المعجمة
(1)"المفهم"(1/ 114 - 115)، وانظر "إكمال المعلم"(1/ 111 - 113)، و "شرح صحيح مسلم"(1/ 70 - 71).
عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ
ــ
ثم حاء مهملة- ابنُ عبد الله اليشكريُّ بالمعجمة الواسطي البَزَّاز -بزايين- مشهورٌ بكُنْيته، أحدُ الأئمة الأعلام.
روى عن قتادة وابن المُنْكَدِر وإِسماعيل السُّدِّي وغيرِهم، ويروي عنه (ع) وشَيبان بن فَرُّوخ وخَلَفُ بن هشامٍ وغيرُهم.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثبْتٌ، من السابعة، مات سنة خمسٍ أو ستٍّ وسبعين ومائة.
(عن أبي حَصِينٍ) بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد، عثمان بن عاصم بن حُصَين الأسدي الكوفي الفقيه، أحد الأئمة الأعلام الأَثْبات.
روى عن ابن عَبَّاس وأبي صالح وغيرهما، ويروي عنه (ع) ومِسْعَرٌ وشُعْبَةُ وأبو عَوَانة وغيرُهم.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثَبْتٌ سُنِّيٌّ، من الرابعة، وربما دَلَّسَ، وقال العِجْلِيُّ: كان عالمًا صاحبَ سُنَّة، ووَثَّقَه ابنُ مَعِين والنَّسائيُّ وغيرُهما، مات سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: بعدها.
(عن أبي صالحٍ) السَّمان -ويُقال له: الزيَّات- المدني، كان يجلبُ السَّمْنَ والزَّيتَ إِلى الكوفة، واسمه ذَكْوان.
روى عن سَعْد وأبي الدرداء وأبي هريرة وخَلْق، ويروي عنه (ع) وبنوه: عبد الله وسُهَيل وصالح، والأعمش، من الأئمة الثقات، وسمع منه الأعمشُ ألفَ حديث.
وقال في "التقريب": ثقةٌ ثَبْتٌ من الثالثة، مات سنة إِحدى ومائة.
(عن أبي هُرَيرَةَ) رضي الله تعالى عنه، واختُلف في اسمه واسم أبيه على نَحْوٍ من ثلاثين قولًا، وأَصَخُها: عبد الرحمن بن صَخْر، وهو مُكْثِرٌ من حفظ الحديث جِدًّا، له خمسةُ آلافِ حديثٍ وثلاثُ مئةِ وأربعة وسبعون حديثًا، وقيل: اسمه عبد الله بن عائذ، وقيل: ابن عامر، وقيل: ابن عمرو، وقيل غير ذلك، ويُقال: كان اسمُه في الجاهلية عبدَ شمس، وكنيته: أبو الأسود، فسَمَّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عبدَ الله، وكَنَاه أبا هريرة -قيل: لأجل هِرَّةٍ كان يحمل أولادها- الدَّوْسي اليَمَاني
قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى آللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمَّدًا .. فَلْيَتَبَؤَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
[5]
4 - (4) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ،
ــ
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثيرَ الطيِّبَ وعن أبي بكرٍ وعُمَرَ والفَضْلِ بنِ عَبَّاسٍ وغيرِهم، ويروي عنه (ع) وابنُ عباس وابنُ عُمَرَ وأنسٌ وغيرُهم، وقال ابن سعد: كان يُسبِّح كُلَّ يومٍ اثنتي عشرة ألف تسبيحة.
قال الواقدي: مات سنة تسع وخمسين، عن ثمان وسبعين سنة.
(قال) أبو هريرة: (قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ" وافْتَرَى (عليَّ) ونَسَبَ إِليَّ ما لم أشرِّعه قولًا أو فعلًا أو تقريرًا، حالةَ كونه (مُتَعَمِّدًا) أي: قاصدًا الكذبَ على عالمًا به ( .. فَلْيَتَبَؤأْ مَقْعَدَهُ) أي: فَلْيَتَّخِذْ منزلَهُ ومَقَرَّه (من النَّارِ") أي: من نارِ جهنَّم، أعاذنا اللهُ تعالى منها.
وسَنَدُ هذا الحديث من خُماسياته، وفيه بصري وواسطي وكوفي ومدنيان (1).
ثم استشهد ثالثًا لحديث علي بن أبي طالب بحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما فقال:
[5]
(4)(وحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بن عبد اللهِ بن نُمَيرٍ) بضمِّ النون مصغّرًا، الهَمْداني -بسكون الميم- الكوفي أبو عبد الرحمن الحافظ، أحدُ الأئمَّةِ الأعلام.
روى عن أبي خالدٍ الأحمرِ وابنِ عُيَينةَ وأبي معاوية وخَلْقٍ، ويروي عنه (ع) ومُطَيّن وأبو يَعْلَى وخَلْقٌ، عَظَّمَه أحمدُ وأَجَلَّه.
وقال في "التقريب": ثقةٌ حافظٌ فاضل، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.
(1) رواه البخاري في كتاب العلم (38 - باب إِثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم حديث رقم (110)، وفي كتاب الأدب (109 - باب مَنْ سَمَّى بأسماء الأنبياء) حديث رقم (6197) عن موسى بن إِسماعيل عن أبي عَوَانة به، وفي أوله زيادة: "سَمُّوا باسمي
…
ومَنْ رآني في المنام
…
".
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ قَال: أتَيتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُغِيرَةُ أَمِيرُ الْكُوفَةِ، قَال: فَقَال الْمُغِيرَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ كذِبًا عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، فَمَنْ كذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا
ــ
قال: (حَدَّثنَا أبي) عبدُ اللهِ بن نُمَيرٍ الهَمْدَانيُّ أبو هشام الكوفيُّ.
روى عن إِسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة والأعمش وغيرِهم، ويروي عنه (ع) وأحمدُ وابنُ مَعِين وابنُ المَدِيني وغيرُهم.
وقال في "التقريب": ثقةٌ صاحبُ حديثٍ من أهل السُّنَّة، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومائة، وله أربع وثمانون سنة.
قال: (حَدَّثنَا سعيدُ بن عُبَيدٍ) مصغرًا بلا إِضافة، الطائيُّ أبو الهذيل الكوفيُّ.
روى عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ وعليِّ بنِ ربيعة الوالبيِّ، ويروي عنه (خ م دت س) ووَكِيعٌ ويحيى القطَّانُ وعبدُ اللهِ بن نُمَيرٍ، وَثَّقَه أحمدُ والنَّسائيُّ.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من السادسة.
قال: (حَدَّثنَا عَلِيُّ بن ربيعةَ) بن نَضْلة الوَالِبيُّ -بلام مكسورة وباء موحدة نسبة إِلى والب قبيلة أو قرية، كذا في "السنوسي"(1)، أبو المغيرة الكوفي.
روى عن علي وسَلْمان والمغيرة، ويروي عنه (ع) والحكمُ وأبو إِسحاق وعثمانُ بن المغيرة، موثّق، له في (خ م) فرد حديث.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من كبار الثالثة.
(قال: أَتَيتُ المسجدَ) أي: مسجدَ الكوفةِ (والمغيرةُ) بن شُعْبَةَ الثقفيُّ الصحابيُّ المشهورُ (أميرُ الكوفةِ) وقتئذٍ من جهة عليٍّ رضي الله تعالى عنه (قال) عليُّ بن ربيعة الوَالِبيُّ -والجملةُ تأكيدٌ لقال الأُولى-: (فقال المغيرةُ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يقولُ: "إِنَّ كَذِبًا" وافتراءً (عَلَيَّ ليس ككَذِبٍ على أَحَدٍ)(2) غيري (فمَنْ كَذَبَ) وافترى (عَلَيَّ) حالة كونه (مُتَعَمِّدًا)
(1)"مكمل إكمال الإكمال"(1/ 17).
(2)
قال الإِمام أبو العباس القرطبي: (أي: إِنَّ العقابَ عليه أشدُّ؛ لأنَّ الجرأة منه على الكذب =
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
[6]
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيسٍ الأَسَدِيُّ،
ــ
الكَذِبَ ( .. فَلْيَتَبوَّأ مقعدَه من النَّارِ") أي: من عذابِ النَّارِ عُقُوبةً على كَذِبِه عليَّ؛ لأن الكَذِبَ عَلَيَّ كَذِبٌ على الله تعالى، والكَذِبُ على الله تعالى افتراءٌ، والافتراءُ كُفْرٌ، وعقوبةُ الكُفْرِ النَّارُ.
وهذا السَّنَدُ من خُماسياته، ورواتُه كُلُّهم كوفيون، وشارك المؤلِّفَ في رواية حديث المغيرة: أحمدُ (4/ 245) و (252)، والبخاريُّ (1291).
ثم ذكر المتابعةَ في حديث المغيرة فقال:
[6]
(وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بن حُجْرٍ) بضمِّ الحاء وسكون الجيم ابن إياس (السَّعْدِيُّ) أبو الحَسَن المروزي الحافظ، نزيلُ بغدادَ ثم مَرْو.
روى عن شَرِيك وإِسماعيل بن جعفر وخَلْق، ويروي عنه (خ م ت س) وابنُ خزيمة، وَثَّقَه النَّسائيُّ.
وقال في "التقريب": ثقةٌ حافظٌ من صغار التاسعة، مات سنة أربع وأربعين ومائتين.
قال: (حَدَّثنَا عَلِيُّ بن مُسْهِرٍ) بضمِّ الميم وسكون المهملة وكسر الهاء، القرشيُّ أبو الحَسَن الكوفيُّ، قاضي المَوْصِل الحافظ.
روى عن الأعمش ومحمد بن قيس وإِسماعيل بن أبي خالد، ويروي عنه (ع) وخالدُ بن مَخْلَد ومحمد بن عُبَيد المُحاربي.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من الثامنة، له غرائبُ بعدَ أنْ أَضَرَّ، مات سنة تسع وثمانين ومائة.
قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن قيسٍ الأَسَديُّ) بفتح الهمزة والسين نسبة إلى بني أَسَد، الوالبيُّ -بالموحدة نسبة إِلى وَالِب أبي بَطْنٍ من أسد- الكوفيُّ.
= أعظم، والمفسدةُ الحاصلةُ بذلك أشدُّ؛ فإِنه كَذِب على الله ووَضعُ شَرْعٍ أو تغييرُه). "المفهم"(1/ 114).
عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الأَسَدِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ "إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ"
ــ
رَوَى عن علي بن ربيعة وأبي الضُّحَى والحَكَم والشَّعْبي، ويروي عنه (م د س) وشُعْبهُ والثَّوْرِيُّ ووَكِيعٌ، وَثَّقَه أحمدُ والنسائيُّ وأبو داود، قال ابنُ المَدِيني: له نحو عشرين حديثًا.
وقال في "التقريب": ثقةٌ، من كبار السابعة.
(عن عَلِيِّ بنِ ربيعةَ الأسديِّ) الوَالِبيِّ، ثقةٌ من كبار الثالثة (عن المُغيرة بنِ شُعْبَة) الصحابيِّ الجليلِ (عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والجازُ والمجرورُ في قوله: (بمِثْلِهِ) متعلق بـ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن قيسٍ)؛ لأنَّ العامل في الجارِّ والمجرورِ في قولَه: (بمِثْلِه) و (بنَحْوهِ) و (بمعناه) هو العاملُ في المُتَابِع بصيغة اسم الفاعل، والضميرُ في (مثله) هنا عائدٌ إِلى سعيدِ بنِ عُبَيدٍ؛ لأنه المُتَابَع بصيغة اسم المفعول، ولكنه على تقدير مضاف هو لفظ حديث، والمعنى: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن قيس عن علي بن ربيعة بمِثْلِ ما حَدَّثَ سعيدُ بن عُبَيدٍ عن علي بن ربيعة.
والمِثْلُ: عبارةٌ عن الحديث اللاحق الموافِق للسابق في جميع لفظه ومعناه إِلَّا فيما اسْتَثْنَى من الحديث كما ذَكَرَ الاستثناءَ هنا بقوله:
(ولم يَذْكُرْ) أي: ولكنْ لم يذكر مُحَمَّدُ بن قيسٍ في حديثه لفظةَ: ("إِنَّ كَذِبًا عَلَي ليس ككَذِبٍ على أَحَدٍ") غيري، بل إِنما ذكره سعيد بن عبيد فقط، فالمتابعةُ تامَّةٌ هنا؛ لأن شيخَ المتابَع والمتابَع واحدٌ، وهو علي بن ربيعة.
فإِذًا: غَرَضُ المؤلِّف بسَوْقِ هذا السَّنَدِ بيانُ متابعة محمد بن قيس لسعيد بن عُبَيدٍ في روايةِ هذا الحديث عن علي بن ربيعة، فهذا السَّنَدُ أيضًا من خُماسياته، ورجالُه كُلُّهم كوفيون إِلا عليَّ بنَ حُجْرٍ السعديَّ فهو مروزي.
فجملةُ ما ذكَره المؤلِّفُ في هذا الباب من الأحاديث أربعة: واحدٌ منها للاستدلال على الترجمةِ وهو حديثُ عليّ رضي الله عنه، وثلاثةٌ للاستشهاد وهي حديثُ أنس بن مالك، وحديثُ أبي هريرة، وحديثُ المغيرة بن شعبة، وذكر في حديث المغيرة المتابعةَ هنا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال السنوسي: وأمَّا متنُ الحديث: فهو حديثٌ عظيمٌ في نهاية من الصّحة، وقيل: إنه متواتر، قيل: رواه مئتان من الصحابة وفيهم العَشَرَةُ المشهودُ لهم بالجَنَّة رضي الله عنهم أجمعين.
ومعنى: "فليتبوأْ مقعدَه من النار": فَلْيَنْزِلْ، وقيل: فَلْيَتَّخِذْ منزلَه من النار، قال الخَطَّابِيُّ: وأصلُه من مباءة الإِبل وهي أَعْطَانُها، ثم قيل: إِنه دُعَاءٌ بلفظ الأمر، وقيل: هو خبرٌ بلفظ الأمر، معناه: فقد استوجب ذلك فليوطن نفسه عليه، وتَدُلُّ عليه الروايةُ الأخرى:"يَلِجِ النَّارَ".
ومعنى الحديث: إِنَّ هذا جزاؤه إلا أنْ يَعْفُوَ اللهُ تعالى، ثم إِنْ جُوزِيَ بالنار .. فلا يُخَلَّدُ فيها.
والكَذِبُ عند أهل السُّنَّةِ: الإِخبارُ بالشيء على خلافِ ما هو عليه، عَمْدًا كان أو سَهْوًا، وشَرَطَ فيه النَّظَّامُ وأتباعهُ من المعتزلة العَمْدَ، وهو باطلٌ، وإنما العَمْدُ شرطٌ في حصول الإِثم بالكذب لا في تسميته كذبًا، وتقييدُ الكذبِ بالعَمْدِ في الحديث يَرُدُّ على المعتزلة؛ إِذْ لو اختصَّ الكَذِبُ بالعَمْدِ .. لم يكن لتقييده به فائدة، والمسألةُ مبسوطةٌ في كتب الأُصولِ وغيرِها.
ولا شَكَّ أَنَّ الكَذِبَ عمدا كُلُّهُ حرامٌ إِلا ما استُثني، ويتأكّدُ تحريمُه في الخبر عنِ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه في الحقيقة كَذِبٌ على الله جَل وعلا؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يَنْطِقُ عن الهوى إِنْ هو إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، والجمهورُ على أَنَّ الكَذِبَ عليه صلى الله عليه وسلم من أعظم الكبائر، وحَكَى إِمامُ الحرمَينِ عن والده أبي محمد الجُوَيني: أَنَّ المُتَعَمِّدَ للكذب عليه صلى الله عليه وسلم كافرٌ، وهو بعيد.
ثم اختُلف على الأول هل تُقبل روايتُه إِذا تاب وحَسُنَتْ توبتُه أو لا تُقبل توبتُه في ذلك أبدًا؛ فقال بالأول جمهورُ الشافعية، واختار النوويُّ الثاني (1).
ويَقْرُبُ من الكَذِبِ عليه صلى الله عليه وسلم أر هو هو: اللَّحْنُ في حديثه، فَلْيَكُنِ المؤمنُ على تَحَفُّظِ عظيمٍ في ذلك.
(1)"شرح صحيح مسلم"(1/ 70).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد تَقَدَّمَ أَنَّ بعض المبتدعة أجازَ الكَذِبَ فيما يَرْجِعُ إِلى الترغيب والترهيب، وهو مُخَالِفٌ لإِجماع المسلمين المُعْتَدِّ بهم، وقولُهم:"هذا كَذِبٌ له لا عليه" جهلٌ عظيمٌ، وتَعَلُّقُهم بزيادةِ مَنْ زادَ:"لِيُضِلَّ به" فرواه: "مَنْ كذب عليَّ مُتعمَّدًا ليُضِلَّ به .. فليتبوأ مقعدَه من النار"، أحسنُ ما قيل في الجواب عنه وأخصرُه: أَنَّ هذه الزيادةَ باطلةٌ باتّفاق الحُفَّاظ (1).
قلتُ: يَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَه النوويُّ في اللحن، ما نقلَه ابنُ الصلاح بسَنَدِه عن الأصمعي أنه كان يقول: إِن أَخْوَفَ ما أخافُ على طالب العلم إِذا لم يعرف النَّحْوَ أن يَدْخُلَ في جملة قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَذَبَ عليَّ .. فليتبوأْ مقعدَه من النار"؛ لأنه لم يَكُنْ يَلْحَنُ، فمهما رَويتَ عنه ولَحَنْتَ فيه .. كَذَبْتَ عليه.
قال الشيخُ ابنُ الصلاح: (فحَقٌّ على طالب الحديث أن يتعلَّمَ من النَّحْو واللُّغَة ما يتخلَّصُ به من شَينِ اللحن والتحريف ومَعَرَّتِهما.
رُوينا عن شُعْبة قال: مَنْ طَلَبَ الحديثَ ولم يُبْصِرِ العربيةَ .. فَمَثَلُه كمَثَلِ رجلٍ عليه بُرْنُسٌ ليس له رأس) (2) أو كما قال.
وعن حَمَّاد بن سلمة قال: مَثَلُ الذي يطلبُ الحديثَ ولا يعرفُ النَّحْوَ مَثَلُ الحمارِ عليه مِخْلاةٌ لا شعيرَ فيها اهـ (3)
وقال الجلالُ السيوطيُّ في "شرح ألفيته": وقد اتفَقَ العلماءُ على أَنَّ النَّحْوَ يُحتَاجُ إِليه في كُلِّ فَنٍّ من فنون العلم لاسِيّما التفسير والحديث؛ فإِنه لا يجوز لأَحَدٍ أن يتكلَّمَ في كتابِ الله تعالى وسُنَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يكون مَلِيًّا بالعربية؛ لأنَّ القرآنَ عربيٌّ ولا تُفْهَمُ مقاصدُه إلا بمعرفة قواعد العربية، وكذلك سُنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر "المعلم"(1/ 184)، و"إِكمال المعلم"(1/ 111 - 113)، و"شرح صحيح مسلم"(1/ 68 - 71).
(2)
"علوم الحديث"(ص 194 - 195).
(3)
"مكمل إكمال الإكمال"(1/ 17 - 18).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال بعضهم:
من فاته النحو فذاك الأخرس
…
وفهمه في كل علم مفلس
وقدره بين الورى موضوع
…
وإِن يناظر فهو المقطوع
لا يهتدي لحكمة في الذكر
…
وماله في غامض من فكر
ولبعضهم:
قَدّمِ النحوَ على الفقه فقد
…
يبلغ النحوي بالنحو الشرف
أما ترى النحوي في مجلسه
…
كهلال بان من تحت الشغف
يخرج الألفاظ من فيه كما
…
يخرج الجوهر من بطن الصدف
ولبعضهم:
والنحو حقًّا ختان الألسن
…
من لا يعرفه كمن لم يختَن
فاصرف فيه نفائس الزمن
…
تكن حقًّا فائقًا في كل الفَنَن
قال السنوسي: (وأمَّا التصحيفُ: فسبيلُ السلامة منه الأَخْذُ من أفواه أهل العلم والضَّبْط، واختُلِفَ إِذا وَقَعَ في الرواية لَحْنٌ أو تحريفٌ:
فذهَبَ ابنُ سيرين وأبو معمر بن سَخْبَرة إِلى أنه يرويه على الخطإ كما سمعه، وهذا غُلُوٌّ في مَنع الرواية بالمعنى.
وذَهَبَ الأوزاعيُّ وابنُ المبارك وغيرُهما من المُحَصِّلين إِلى أنه إِنما يرويه على الصواب، وهو لازمٌ على مذهب رواية الحديث بالمعنى، وقد سَبَقَ أنه قولُ الأكثرين.
وأمَّا تغييرُ ذلك وإِصلاحُه في الكتاب: فالصوابُ تَرْكُه وتقريرُ ما وَقَعَ في الأصل على ما هو عليه مع التضبيبِ عليه وبيانِ الصواب خارجًا في الحاشية؛ فإِنَّ ذلك أجمعُ للمصلحة، وأَنْفى للمفسدة، وقد رُوينا: أَنَّ بعض أصحاب الحديث رُئِيَ في المنام وكأنه قد مَرَّ من شفتيه أو لسانهٍ شيءٌ، فقيل له في ذلك، فقال: لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم غيَّرْتُها برأيي ففُعِلَ بي هذا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومن الشيوخ مَنْ جَسَرَ على تغييرِ الكُتُبِ وإِصلاحِها، وعن أحمد بن حنبل الفرقُ بينَ اللَّحْنِ الفاحشِ فيُصْلَحُ، وبينَ غيرِه فلا، والصوابُ الأولُ، وأنه لا تُصْلَحُ الكُتُبُ ولو كان لَحْنًا في القرآن) اهـ (1).
***
(1)"مكمل إكمال الإكمال"(1/ 18)، وانظر "شرح صحيح مسلم"(1/ 71 - 72).