المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ترجمة أبان بن أبي عياش: - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ترجمة الشارح

- ‌اسمه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌هجرته:

- ‌خطبة الكتاب

- ‌مقدِّماتٌ

- ‌المقدمةُ الأُولى في ترجمة الإِمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌المقدمة الثانية في ميزة "جامعه

- ‌فصل في ذكر الكتب المخرجة على صحيح مسلم

- ‌فصل آخر في شروحه

- ‌المقدّمة الثالثة مقدّمة العلم

- ‌الفرق بين الحديث والسُّنَّة والخَبَر والأثر:

- ‌المقدمة الرابعة في أسانيدي إلى الحافظ الإِمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌فصل في ذكر نبذة من أقسام الحديث وبيان أنواعه

- ‌(1) بَابُ وُجُوبِ الرِّوَايَةِ عَنِ الثِّقَاتِ المُتْقِنِينَ، وَتَرْكِ الضُّعَفَاءِ الْمَتْرُوكِينَ

- ‌تتمة: في معرفة الاعتبار والمتابعة والشاهد والأَفراد والشاذّ والمنكَر

- ‌(2) بَابُ تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(3) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمعَ

- ‌(4) بَابُ التَّحْذِيرِ عَنْ أَنْ يُشَنَّعَ فِي الْحَدِيثِ وَأَنْ يُحَدِّثَ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُه أَفْهَامُهُمْ

- ‌(5) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالاحْتِيَاطِ فِي تَحَمُّلِهَا

- ‌(6) بَابُ اخْتِيَارِ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَتَلْخِيصِهَا وَطَرْحِ مَا سِوَاهَا مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيهَا

- ‌(7) بَابُ بيَانِ أَن الإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَكُونُ إلا عَنِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ بمَا هُوَ فِيهِمْ جَائِزٌ، بَلْ وَاجِبٌ، وَأنَّهُ لَيسَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ مِنَ الذَّبِّ عَنِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ

- ‌(8) بَابُ الْكَشْفِ عَنْ مَعَايِبِ رُواةِ الْحَدِيثِ ونَقَلَةِ الأَخْبَارِ وَقَوْلِ الأَئِمةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ترجمة لأبي داود الأعمى:

- ‌فصل في ترجمة عَمْرو بن عُبَيد:

- ‌تتمة لترجمة عَمْرو بن عُبَيد:

- ‌تتمة في ترجمة أبي شَيبة:

- ‌تتمة في ترجمة صالح المُرِّي:

- ‌فصل في ترجمة الحَسَنُ بن عُمارة:

- ‌نبذة من ترجمة زياد بن ميمون:

- ‌تتمة في ترجمة خالد بن مَحْدُوج:

- ‌فصل في ترجمة عَبَّاد بن منصور الناجِي:

- ‌تتمة في ترجمة مهدي بن هلال:

- ‌ترجمةُ أبان بن أبي عَياش:

- ‌ترجمة بقِية الكَلاعي:

- ‌ترجمة إسماعيل بن عَيَّاش:

- ‌نبذة من ترجمة المعَلَّى:

- ‌تتمة في صالح بن نَبْهان:

- ‌ترجمة حَرَام بن عثمان:

- ‌ترجمة عبد الله بن مُحَرَّر:

- ‌ترجمة يحيى بن أبي أُنيسَة (ت):

- ‌ترجمة فَرْقَد بن يعقوب السبخي:

- ‌نبذة من ترجمة محمد بن عبد الله الليثي:

- ‌نبذة من ترجمة يعقوب بن عطاء:

- ‌أمَّا عُبيدةُ .. فترجمتهُ:

- ‌أما السَّرِي بن إسماعيل:

- ‌أما محمد بن سالم:

- ‌فصل في المسائل المَنْثُورَة والجُمل التي تتعلِّقُ بهذا الباب:

- ‌(9) باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن إذا أمكن لقاء المُعَنْعِنينَ ولم يكن فيهم مدلس

- ‌خاتمة المقدمة

- ‌خاتمة المجلد الأول

الفصل: ‌ترجمة أبان بن أبي عياش:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

‌ترجمةُ أبان بن أبي عَياش:

هو أبَانُ بن أبي عيَّاشٍ فَيرُوزَ -وقيل: دينارٍ- أبو إسماعيل مولى عبد القيس البصري الزاهد، أحد الضعفاء، وهو تابعي صغير، يروي عن أنس وغيره.

قال في "التقريب": متروك من الخامسة، مات في حدود الأربعين ومائة.

روى عن أنس فأكثر وسعيد بن جُبَير وخُلَيد بن عبد الله العَصَري وغيرهم، ويروي عنه (د) وأبو إسحاق الفزاري وعمران القطان وَيزِيد بن هارون ومعمر وغيرهم.

قال الفلاس: متروك الحديث، وهو رجل صالح يكنى أبا إسماعيل، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يُحَدِّثان عنه، وقال البخاريُ: كان شعبةُ سَيِّءَ الرأي فيه، وقال عباد المهلبي: أتيتُ شعبة أنا وحَمادُ بن زيد فكلمْنَاه في أبان أن يُمسك عنه فأمسك، ثم لقيتُه بعدَ ذلك فقال: ما أراني يسَعُني السكوتُ عنه.

قال شعيب بن حرب: سمعتُ شعبةَ يقول: لأَنْ أَشْربَ من بول حمارٍ حتى أَرْوَى أَحب إِليَّ مِن [أن] أقول: حَدثنا أبانُ بن أبي عَياش.

وروى ابنُ إدريس وغيرُه عن شعبة قال: لأَنْ يزنيَ الرجلُ خيرٌ من أن يروي عن أبان.

وقال ابنُ إدريس: قلتُ لشعبة: حدثني مهدي بن ميمون عن سَلْم العلويِّ قال: رأيتُ أبان بن أبي عَياش يكتب عن أنس بالليل فقال شعبة: سَلْم يَرَى الهلال قبل الناس بليلتين.

وقال يَزِيد بن هارون: قال شعبة: داري وحماري في المساكين صدقة إنْ لم يكن أبان بن أبي عَياش يكذب في الحديث، قلت له: فَلِمَ سمعْتَ منه؛ قال: ومَن يصبرُ عن ذا الحديث؟ ! يعني حديثه عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن أُمِّه قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع، ورواه خلاد بن يحيى حدثنا الثوْري عن أبان، وقال عبدان عن أبيه عن شعبة: لولا الحياءُ من الناس ما صليتُ على أبان.

وقال يَزِيد بن زُريع: إنما تركت أبانا؛ لأنه روى حديثًا عن أنس فقلتُ له: عن

ص: 412

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: فهل يروي أنسٌ إلّا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛

وقال معاذ بن معاذ: قلت لشعبة: أرأيتَ وَقِيعَتَكَ في أَبانِ تبين لَك غَيرَ ذلك؟ فقال: ظَنٌّ يُشْبهُ اليقينَ.

وقال عبد الله بن أحمد شَبُّوَيهِ -بفتح أوله وتشديد الباء الموحدة-: سمعتُ أبا رجاء يقول: قال حماد بن زيد: كلمْنَا شعبة في أن يكُف عن أبان بن أبي عياش لسِنّهِ وأهلِ بيته فضَمِن أن يفعل، ثم اجتمعا في جنازة فنادى مِنْ بعيد: يا أبا إسماعيل؛ إني قد رجَعْتُ عن ذلك لا يَحِلُّ الكف عنه؛ لأن الأَمْرَ دِين.

وقال أحمد: هو متروك، كان وَكيع إذا مَر على حديثه .. يقول: رجل، ولا يُسميه استضعافًا له، وقال يحيى بن مَعِين: متروك، وقال مرةَ: ضعيف، وقال أبو عوانة: كنت لا أسمع بالبصرة حديثًا إلا جِئْتُ به أبانا فحدثني به عن الحسن، حتى جَمعْتُ منه مصحفا فما أستحلُّ أن أَرْوي عنه، وقال أبو إسحاق السعدي الجوزجاني: ساقط، وقال النسائي: متروك، ثم ساق ابنُ عدي لأبان جملة أحاديثَ منكرةٍ.

ويُروى عن سفيان أنه قيل له: ما لك قليلَ الرواية عن أبانٍ؟ قال: كان نَسِيّا للحديث، وقال أحمد بن حنبل: قال عفان: أوَّلُ مَنْ أَهْلَكَ أبانَ بن أبي عَيَّاش أبو عوانة؛ جمعَ حديث الحسن فجاء به إلى أبان فقرأه عليه، وقال محمد بن المثنى: ما سمعت يحيى وعبد الرحمن يحدثان عن أبانِ بن أبي عياش شيئًا قط، وقال الحافظ أحمد بن علي الأَبارُ فيما رواه عنه العقيلي: رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلتُ له: أترضى أبانَ بن أبي عياش؟ قال: لا.

وروَى له أبو داود حديثًا واحدا مقرونا بقتادة في الصلاة، ثنا خُلَيد العَصَري عن أبي الدرداء: "خَمس مَنْ جاء بهن

" الحديث وهو من روايةِ ابن الأعرابي، وقال ابنُ حِبان: كان أبان من العُباد الذي يسهر الليلَ بالقيام، ويطوي النهارَ بالصيام، سمع عن أنس أحاديثَ، وجالس الحسنَ، فكان يسمع كلامه ويحفظ، فإذا حدث .. ربما جعل كلامَ الحسن عن أنس مرفوعًا وهو لا يعلم، ولعله روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثرَ من ألف وخمسمائة حديث، ما لكثير منها أصل يُرجع إليه.

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الحسن بن الفَرَج عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، قال: جاءني أبان بن أبي عياش فقال: أُحب أن تُكلم شعبة أن يكُف عني، قال: فكلمْتهُ .. فكف عنه أياما، فأتاني في الليل فقال: إنه لا يحل الكف عنه؛ فإنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال ابن حبان: فَمِنْ تلك الأشياء التي سَمِعها من الحسن فجَعلهَا عن أنس: أنه روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ناقة جَدْعَاء فقال: "أيها الناسُ؛ كان الحق فيها على غيرنا وجب، وكان الموت فيها على غيرنا كتب

" الحديث، رواه ابن أبي السري العسقلاني، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، حدثنا أبان بهذا.

وقال ضمرة: حدثنا يحيى بن راشد عن أبان عن أنس مرفوعًا: (اسم الله الأعظم قول العبد: اللهم؛ إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام".

وقال حماد بن سلمة: عن أبان عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: كان جبرائيل عند النبي صلى الله عليه وسلم والحسين معي، فبكى فتركته، فدنا من النبي صلى الله عليه وسلم فقال جبرائيل: أتحبه يا محمد؟ قال: "نعم"، قال: إن أمتك ستقتله، وإن شِئْتَ .. أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، فأراه، فإذا الأَرْضُ التي يقال لها: كربلاء.

والكربلاء: الموضعُ الذي قُتل فيه الحسين في طرفِ البرية عند الكوفة.

وقال ابن عدي: حدثنا الحسينُ بن عبد الغفار، حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الفضل بن المختار عن أبان عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر:"ما أَطْيَبَ مَالك! منه بلال مؤذني، وناقتي التي هاجرتُ عليها، وزوجتي ابنتك، وواسيتني بنفسك ومالِك، كأني أنظر إليك على بابِ الجنة تَشْفَعُ لأمتي".

وروى الفضل بن المختار عنه عن أنس مرفوعًا: "الجفاء والبغي بالشام"، قلت: لكن الفضل غير ثقة.

ص: 414

[79]

وَحَدَّثَنَا سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ،

ــ

قال ابن عدي: حدثنا أحمد بن محمد الغَزِّي، حدثنا محمدُ بن حماد الطهْراني، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن أنس: قال رجل: يا رسول الله؛ أوصني، قال: "خُذ الأمر بالتدبير، فإن رأيت في عاقبتِه خيرًا .. فامْضِ، وإنِ خِفْتَ غَيًّا .. فامْسِكْ! .

وبه مرفوعًا: "من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فنصره .. نصره الله في الدنيا والآخرة، فإن لم ينصره .. أدركه الله به في الدنيا والآخرة، .

وقال عمرو بن أبي سلمة: حدثنا زهير، حدثنا أبان وحميد عن أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَآتَيتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} قال: "ألف دينار".

قلت: هذا من مناكير زهير بن محمد، قال ابن عدي: أرجو أنه لا يتعمد الكذب، وعامة ما أتى به من جهة الرواة عنه.

ويُروى أن مالك بن دينار لقي أبانًا فقال: إِلَى كَمْ تُحدِّثُ الناسَ بالرخَصِ؟ فقال: يا أبا يحيى؛ إني لأَرْجُو أن تَرى مِنْ عفو الله ما تَخْرِقُ له كِسَاءَكَ هذا مِنَ الفرح.

ورُوي أن أبانا رأوه بالمنام فقال: أوقفني الله بين يديه فقال: ما حَملَك على أن تكثر للناس من أبوابِ الرجاء؟ فقال: يا رب؛ أردت أن أُحببكَ إلى خَلْقِك فقال: قد غفرْتُ لك. اهـ من "الميزان"(1/ 10 - 15) مع زيادة من "التهذيب"(1/ 97 - 101).

ثُمَّ ذكر المؤلفُ رحمه الله تعالى الشَّاهِدَ لأثرِ أبي عَوَانة فقال:

[79]

(وحَدثَنا سُويدُ بن سعيدِ) بن سهل الهرويُ الأصلِ، ثم الأنباريُّ، ثم الحَدثاني أبو محمد.

روى عن حفص بن مَيسَرة وحَماد بن زيد ومالك وخَلْق، ويَرْوي عنه (م ق) والفِريابي والبغَوي، قال أحمدُ: أرجو أن يكون صدوقا.

وقال في "التقريب": صدوق، إلا أنه عَمِيَ فصار يَتلقَّن ما ليس من حديثه، وأَفْحَشَ فيه ابنُ مَعِين فكَذَّبه، قال البخاري: مات سنة أربعين ومائتين وله مائة سنة، من قُدماء العاشرة.

ص: 415

حَدَّثَنَا عَلِي بْنُ مُسْهِرٍ قَال: سَمِعْتُ أَنَا وَحَمْزَةُ الزياتُ مِنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَياشٍ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ. قَال عَلِي: فَلَقِيتُ حَمْزَةَ، فَأخْبَرَني أَنهُ رَأَى النبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ، فَعَرَضَ

ــ

قال سُوَيدٌ: (حَدثَنا عَلَي بن مُسْهِر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء، القرشي أبو الحسن، قاضي الموصل الحافظُ.

روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة، ويروي عنه (ع) وخالد بن مَخْلَد وغيرهم.

قال في "التقريب": ثقة له غرائب بعدَ أنْ أضر، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومائة.

وغرَضُ المُؤَلفِ بسَوْق هذا السند: الاستشهادُ بأثرِ علي بن مُسْهِر لأبي عَوَانة في جَرح أبان بن أبي عَياش.

(قال) علي بن مُسْهِر: (سَمِعْتُ) فعل وفاعل (أنا) تأكيد لضمير الفاعل (وحمزةُ الزياتُ) بالرفع معطوف على ضمير الفاعل؛ لوجود الفَصْلِ بالضميرِ المنفصل كما مَر نظيرُه قريبا.

وأما حمزة الزيات: فهو حمزة بن حَبيب الزيات -لبَيعِه الريتَ- أبو عمارة الكوفي، أحد القُراء السبعة.

روى عن الحَكَم وحَبيب بن أبي ثابت وعَمْرو بن مُرة، ويروي عنه (م عم) وابن المبارك وجَرِير بن عبد الحَميد وخَلْق.

قال في "التقريب": صدوقٌ زاها ربما وَهِمَ، من السابعة، مات سنة ست أو ثمان وخمسين ومائة، وكان مولده سنة ثمانين.

أي: سمِعْنا جميعا (من أبانِ بنِ أبي عَياش) الكَذَّابِ (نَحوًا) أي: قَدْرًا أو قريبا (من ألفِ حديثٍ) من الأحاديث الموضوعة.

(قال علي) بن مُسْهِرٍ: (فلَفِيتُ) أنا يوما (حمزةَ) بن حبيب الزيات بعد ما سمعنا منه تلك الأحاديثَ الموضوعةَ (فأخبرني) حمزةُ (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام) أي: في النوم بعد ما تفارقنا (فَعَرَض) حمزةُ في تلك الرؤيا

ص: 416

عَلَيهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَبَانٍ، فَمَا عَرَفَ مِنْهَا إِلَّا شَيئًا يَسِيرًا خَمْسَةً أَوْ سِتةً

ــ

(عليه) أي: على النبي صلى الله عليه وسلم (ما سَمع من أبانِ) بنِ أبي عَيَّاش من تلك الأحاديث الموضوعة (فما عَرَفَ) النبي صلى الله عليه وسلم وما قَبِلَ (منها) أَي: من تلك الأحاديث التي سمعناها منه (إلا شيئًا يسيرًا) وعددا قليلًا منها، إمَّا (خمسةً) منها (أو سِتَّةً) أو سبعة مثلًا.

قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: (هذا ومِثْلُه استئناسٌ واستظهارٌ على ما تَقَرَّرَ من ضَعْف أَبَانٍ، لا أنه يُقطع بأمر المنام، ولا أنه تَبْطُلُ بسببه سُنة ثَبَتَتْ، ولا تَثْبُتُ به سُنَّةٌ لم تَثْبُتْ، وهذا بإجماعِ العلماء) اهـ (1)

وقال النووي: (وكذا نَقَلَ غيرُه من أصحابنا وغيرهم الاتفاقَ على أنه لا يُغير بسبب ما يراه النائمُ ما تَقَرَّرَ في الشرع، وليس هذا الذي ذكرناه مخالفا لقوله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ رآني في المنام .. فقد رآني حقا"؛ فإن معنى الحديث: أَن رُؤْيَتَه صحيحةٌ، وليستْ من أضغاثِ الأحلام وتلبيسِ الشيطان، ولكنْ لا يجوزُ إثباتُ حُكْم شرعي به؛ لأن حالة النوم ليستْ حالةَ ضبطٍ وتحقيقٍ لما يسمعه الرائي، وقد اتَّفَقُوا على أن مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقبل روايتُه وشهادتُه: أن يكون متيقظا لا مغفَّلًا، ولا سيءَ الحفظ، ولا كثيرَ الخطإ، ولا مُخْتَل الضبط، والنائمُ ليس بهذه الصفَة، فلم تُقبل روايتُه لاختلالِ ضَبْطِه.

هذا كُلُّه في منامٍ يتعلَّقُ بإثباتِ حُكْمٍ على خلافِ ما يَحْكُمُ به الوُلاة، أما إذا رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمره بفعلِ ما هو مندوبٌ إليه، أو ينهاه عن مَنْهِي عنه، أو يُرشده إلى فعلِ مصلحةٍ .. فلا خلافَ في استحباب العمل على وَفْقهِ؛ لأن ذلك ليس حُكْمًا بمُجَرَّدِ المنام، بل بما تَقَرَّر من أصل الشيء، والله أعلم) اهـ (2).

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لِمَا مَر من جَرح الرواة بأثَر أبي إسحاق الفَزَاري فقال:

(1)"إكمال المعلم"(1/ 153).

(2)

"شرح صحيح مسلم"(1/ 115).

ص: 417

[80]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرحْمنِ الدَّارِمي، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِي، قَال: قَال لِي أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ: اكْتُبْ عَنْ بقِية مَا رَوَى عَنِ الْمَعْرُوفِينَ، وَلَا تَكْتُبْ

ــ

[80]

(حَدَّثَنا عبدُ اللهِ بن عبد الرحمنِ) بن الفَضْل بن مهران أو بَهْرَام (الدَّارِمي) نسبة إلى دَارِم أحد أجداده، أبو محمد السمرقندي الحافظ، أحدُ الأئمة الأعلام، صاحب "المسند" و "التفسير" و"الجامع".

روى عن يَزِيد بن هارون ويعلى بن عُبَيد وجعفر بن عون وغيرهم، ويروي عنه (م د ت) والبخاريُ في غير "الصحيح"، قال أحمدُ: إمامُ أهل زمانه.

وقال في "التقريب": ثقة فاضل مُتْقن، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وخمسين ومائتين وله أربع وسبعون سنة.

قال عبدُ اللهِ: (أخبرنا زكرياءُ بن عَدي) بن الصلْت التيمي مولاهم، أبو يحيى الكوفي الحافظ.

روى عن شَرِيك وحَمَّاد بن زَيد وإبراهيم بن سَعْد، ويروي عنه (خ م ت س ق) وإسحاق بن راهويه وإسحاق الكَوْسَج وعَبْد بن حُميد وخلق.

وقال في "التقريب": ثقة جليل من كبار العاشرة، مات سنة إحدى أو اثنتي عشرة ومائتين.

(قال) زكرياءُ بن عَدِي: (قال لي أبو إسحاقَ الفَزَارِيُّ) بفتح الفاء، إبراهيمُ بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الكوفي، الإمام الجليل المُجْمَعُ على جلالتِه وتقدُّمِه في العلم وفضيلتِه.

روى عن خالد الحذاء وحُمَيد الطويل وأبي طُوالة ومالك وخَلْق، ويروي عنه (ع) والأوزاعي والثوْري من شيوخه وخَلْق.

وقال في "التقريب": ثقة حافظ له تصانيف، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل: بعدها.

أي: قال لي: (اكْتُبْ) يا زكرياء (عن بقيَّة) بن الوليد بن صائد (ما رَوَى) وحَدَّثَ من الأحاديث (عن) الثقاتِ (المعروفين) المشهورين (ولا تكتُبْ) يا زكرياء

ص: 418