المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ترجمة عباد بن منصور الناجي: - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌ترجمة الشارح

- ‌اسمه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلته:

- ‌مؤلفاته:

- ‌هجرته:

- ‌خطبة الكتاب

- ‌مقدِّماتٌ

- ‌المقدمةُ الأُولى في ترجمة الإِمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌المقدمة الثانية في ميزة "جامعه

- ‌فصل في ذكر الكتب المخرجة على صحيح مسلم

- ‌فصل آخر في شروحه

- ‌المقدّمة الثالثة مقدّمة العلم

- ‌الفرق بين الحديث والسُّنَّة والخَبَر والأثر:

- ‌المقدمة الرابعة في أسانيدي إلى الحافظ الإِمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌فصل في ذكر نبذة من أقسام الحديث وبيان أنواعه

- ‌(1) بَابُ وُجُوبِ الرِّوَايَةِ عَنِ الثِّقَاتِ المُتْقِنِينَ، وَتَرْكِ الضُّعَفَاءِ الْمَتْرُوكِينَ

- ‌تتمة: في معرفة الاعتبار والمتابعة والشاهد والأَفراد والشاذّ والمنكَر

- ‌(2) بَابُ تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(3) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمعَ

- ‌(4) بَابُ التَّحْذِيرِ عَنْ أَنْ يُشَنَّعَ فِي الْحَدِيثِ وَأَنْ يُحَدِّثَ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُه أَفْهَامُهُمْ

- ‌(5) بَابُ النَّهْيِ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالاحْتِيَاطِ فِي تَحَمُّلِهَا

- ‌(6) بَابُ اخْتِيَارِ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَتَلْخِيصِهَا وَطَرْحِ مَا سِوَاهَا مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيهَا

- ‌(7) بَابُ بيَانِ أَن الإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَكُونُ إلا عَنِ الثِّقَاتِ، وَأَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ بمَا هُوَ فِيهِمْ جَائِزٌ، بَلْ وَاجِبٌ، وَأنَّهُ لَيسَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ مِنَ الذَّبِّ عَنِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ

- ‌(8) بَابُ الْكَشْفِ عَنْ مَعَايِبِ رُواةِ الْحَدِيثِ ونَقَلَةِ الأَخْبَارِ وَقَوْلِ الأَئِمةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ترجمة لأبي داود الأعمى:

- ‌فصل في ترجمة عَمْرو بن عُبَيد:

- ‌تتمة لترجمة عَمْرو بن عُبَيد:

- ‌تتمة في ترجمة أبي شَيبة:

- ‌تتمة في ترجمة صالح المُرِّي:

- ‌فصل في ترجمة الحَسَنُ بن عُمارة:

- ‌نبذة من ترجمة زياد بن ميمون:

- ‌تتمة في ترجمة خالد بن مَحْدُوج:

- ‌فصل في ترجمة عَبَّاد بن منصور الناجِي:

- ‌تتمة في ترجمة مهدي بن هلال:

- ‌ترجمةُ أبان بن أبي عَياش:

- ‌ترجمة بقِية الكَلاعي:

- ‌ترجمة إسماعيل بن عَيَّاش:

- ‌نبذة من ترجمة المعَلَّى:

- ‌تتمة في صالح بن نَبْهان:

- ‌ترجمة حَرَام بن عثمان:

- ‌ترجمة عبد الله بن مُحَرَّر:

- ‌ترجمة يحيى بن أبي أُنيسَة (ت):

- ‌ترجمة فَرْقَد بن يعقوب السبخي:

- ‌نبذة من ترجمة محمد بن عبد الله الليثي:

- ‌نبذة من ترجمة يعقوب بن عطاء:

- ‌أمَّا عُبيدةُ .. فترجمتهُ:

- ‌أما السَّرِي بن إسماعيل:

- ‌أما محمد بن سالم:

- ‌فصل في المسائل المَنْثُورَة والجُمل التي تتعلِّقُ بهذا الباب:

- ‌(9) باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن إذا أمكن لقاء المُعَنْعِنينَ ولم يكن فيهم مدلس

- ‌خاتمة المقدمة

- ‌خاتمة المجلد الأول

الفصل: ‌فصل في ترجمة عباد بن منصور الناجي:

فَقَال: أتوبُ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ يُحَدِّثُ فترَكْنَاهُ

ــ

أي: فأتيتُ أنا وعبدُ الرحمنِ زيادَ بنَ ميمونٍ مَرَّةً ثانيةً بذلًا للنصيحة له، فقلنا له: أتروي عن أنسٍ ثانيًا بعد ما كذبت نفسك في روايتك عنه وقلتَ لنا: أتوب إلى الله تعالى من ذلك الكذب؟ !

(فقال) زيادُ بن ميمونٍ في جواب كلامنا: (أتوبُ) ثانيا إلى الله من كذبي ثانيا، قال أبو داود:(ثُم كان) زيادُ بن ميمونٍ، وقولُه:(بعدُ) متعلق بقوله: (يُحَدثُ) كما مَر نظيرُه آنفا؛ أي: ثم كان زياد يُحَدِّثُ ويروي عن أنسٍ بعد ما كذب نفسه مَرةً ثالثةً (فتَرَكْناه) أي: فتَرَكْنا زيادًا على حاله وكذبه؛ لأنه أَبَى عن قبول النصيحة والتوبة إلى الله تعالى، فلا ينفعه الوعظُ والتذكيرُ.

‌فصل في ترجمة عَبَّاد بن منصور الناجِي:

- بالنون والجيم- أبي سلمة البصري القاضي بها.

قال في "التقريب": صدوقٌ رُمي بالقَدَر، وكان يُدلس، وتغير بآخَرَة، من السادسة، مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. اهـ

روى عن عكرمة وعطاء وأبي رجاء العُطَارِدي وأبي المُهَزم البصري والحَسَن وأيوب وهشام بن عُرْوة والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ويروي عنه (خت عم) وإسرائيل وحمّاد بن سلمة ورَيْحان بن سعيد وزياد بن الربيع وابن أخته عَرْعَرة بن البِرِنْد وشُعْبة ويحيى القطّان وابن وَهْب ورَوْح بن عُبادة ووَكِيع والنضْر بن شُمَيل ويَزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي وعدة.

قال علي بن المَدِيني: قلتُ ليحيى بن سعيد: عَباد بن منصور كان قد تَغَيَّرَ؟ قال: لا أدري، إلّا أنا حين رأيناه نحن كان لا يحفظ، ولم أرَ يحيى يرضاه.

وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال جدي: عَبَّاد ثقةٌ، لا ينبغي أن يترك حديثُه لرأي أخطأ فيه، يعني القدر.

وقال الدوري عن ابن مَعِين ليس بشيء، وكان يُرْمَى بالقَدَر، وقال أبو زرعة: لَيِّن.

وقال أبو حاتم: كان ضعيفَ الحديث، يُكتب حديثه، ونرى أنه أَخَذَ هذه

ص: 404

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأحاديث عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحُصَين عن عكرمة.

وقال علي بن المَدِيني: سمعتُ يحيى بن سعيد يقول: قلتُ لعَباد بن منصور: سمعتَ حديث: "ما مررتُ بملإ من الملائكة"، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحلُ ثلاثا، يعني من عكرمة، فقال: حدثني ابنُ أبي يحيى عن داود عن عكرمة.

وقال أبو داود: وَليَ قضاء البصرة خمس مرات، وليس بذاك، وعنده أحاديثُ فيها نكارة، وقالوا: تَغَيرَ.

وقال الآجُري: سألتُ أبا داود عن عَمْرو الأَغْضَفِ، فقال: قاضي الأهواز ثقة.

قال لعَبَّاد بن منصور: مَن حَدثَك أن ابنَ مسعود رجَعَ عن قوله: "الشقيُّ من شقي في بطن أُمه"؟ قال: شيخ لا أدري من هو.

فقال عَمْرو: أنا أدري من هو، قال: من هو؟ قال: الشيطان.

وقال النسائي: ليس بحُجة، وقال في موضع آخر: ليس بالقَوي، وقال ابنُ عدي: في جملة مَنْ يُكتب حديثه، وقال رُسْتَه عن يحيى بن سعيد: مات عَباد وهو على بطن امرأته، وقال ابنُ قانع: مات سنة اثنين وخمسين ومائة.

قلتُ: وفيها أرخه أبو موسى العَنَزِي وزكرياء الساجي وابنُ حِبان وقال: كان قدريا داعيةً إلى القَدَر، وكُل ما رَوَى عن عكرمة سَمِعَه من إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن داود بن الحُصَين عنه، فدَلسها عن عكرمة.

وقال عَباس الدوري عن يحيى بن مَعِين: حديثه ليس بالقَوي، ولكنه يُكتب، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال مهنأ عن أحمد: كانت أحاديثه منكرة، وكان قدريا، وكان يُدلس، وقال ابنُ أبي شيبة: روى عن أيوب وعكرمة: وكان يُنسب إلى القدر، روى أحاديث مناكير، وقال أبو بكر البَزار: روى عن عكرمة أحاديث ولم يسمع منه، وقال العِجْلي: لا بأس به، يُكتب حديثه، وقال مَرةً: جائز الحديث.

وقال ابنُ سَعْد: هو ضعيف عندهم، وله أحاديث منكرة، وقال الجُوزجاني: كان يرى برأيهم، وكان سيءَ الحفظ، وتَغَيَّرَ أخيرًا، وقال الآجُري: عن أبي داود حدثنا أحمد بن أبي سُرَيج، حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا عَبادُ بن منصورٍ على قَدَرية

ص: 405

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيه. اهـ من "تهذيب التهذيب"(5/ 103 - 105).

وفي "الميزان"(2/ 377 - 378): (قال بندَار: حدثنا يحيى بن سعيد وحدثنا عَباد بن منصور، قال: رأيتُ عُمَرَ بنَ عبد العزيز يُصلي متربعا.

وقال ريحان بن سعيد: سمعتُ عَباد بن منصور، قال: كان رجل منا يقال له: كابس بن زمعة بن ربيعة، فرآه أنس بن مالك فعانقه وبكى، وقال: مَنْ أَحَب أنْ ينظرَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلينظر إلى كابس بن زمعة

وذكر فيه قصةً طويلةً، فدفعه إلى معاوية وشهد سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له كما شَهِدَ أنس.

وقال عبد الله بن بَكْر السهْمي: حدثنا عَباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يعمل عمل قوم لوط، وفي الذي يُؤتى في نفسه، وفي الذي يَقَعُ على ذات مَحْرَم، وفي الذي يأتي البهيمة؟ قال: يقتل.

وقال يَزِيد بن زُرَيع: حدثنا عَباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا: نِعْمَ العبدُ الحجّام، يذهب بالدم، ويجلو البصر، ويجف الصلب.

قال البخاري: ربما دَلس عَباد عن عكرمة.

وقال حسنويه: حدثنا أبو سعيد الحداد، عن يحيى بن سعيد: قلتُ لعَباد بن منصور: عمنْ أخذتَ حديث اللعان؟ قال: حدثني إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن حُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس.

وقرأتُ على أبي الحسين اليُونيني ببعلبك وعلى أبي الربيع المقدسي بالصَّنَمَينِ وعلى جماعةٍ بدمشق: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبدُ الأَول، أخبرنا الداودِي، أخبرنا ابن حمُّويه، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عَبْد بن حُمَيد، أخبرنا يزَيد بن هارون، أخبرنا عَباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مررتُ بملإ من الملائكة ليلةَ أُسري بي إلّا قالوا: عليك بالحجامة يا محمد".

وقال علي بن المَدِيني: سمعتُ يحيى بن سعيد قال: قلتُ لعَباد بن منصور:

ص: 406

[77]

حَدَّثنا حَسَن الْحُلْوَانِي قَال: سَمِعْتُ شَبَابَةَ قَال: كَانَ عَبْدُ الْقُدُّوسِ يُحدثُنَا

ــ

سمعتَ "ما مررتُ بملإ من الملائكة"، و (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحلُ ثلاثا)؛ فقال: حدثني ابنُ أبي يحيى، عن داود بن الحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) اهـ.

ثم استشهد المؤلِّفُ لِمَا مَرَّ من جَرْح الرواة بأثَرِ شَبَابة فقال:

[77]

(حَدثَنا حَسَنُ) بن علي (الحُلْوَانِي) أبو علي المكي، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

(قال) الحَسَنُ: (سَمِعْتُ) أنا (شَبَابةَ) بنَ سَوارِ المدائني أبا عَمْرٍو الفَزَارِيَ مولاهم، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمسِ أو ست ومائتين، ثقة حافظ رُمِيَ بالإرجاء، (قال) شَبَابَةُ:(كان عبدُ القُدُوسِ) بن حبيب الكَلاعي الشامي أبو سعيد الدمشقي.

روى عن عكرمة والشعْبي ومكحول والكبار، ويروي عنه الثوْرِي وإبراهيمُ بن طَهْمان وأبو الجهم وعلي بن الجَعْد وخلق.

قال عبد الرزاق: ما رأيتُ ابنَ المبارك يُفْصِحُ بقوله: كَذاب إلا لعبد القُدوس، وقال الفلاس: أجمعوا على تَرْك حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابنُ عدي: أحاديثُه منكرةُ الإسناد والمتن.

وقال إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره: قالا: حدثنا عبد القدوس عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا إخواني؛ تناصحوا في العلم ولا يكتم بعضكم بعضا؛ فإن الله سائلكم عنه" وفي "الجعديات": أخبرنا عبد القدوس عن أبي الأشعث الصنْعَاني عن شَداد بن أوس مرفوعًا: "مَنْ قرض بيتَ شِعْرٍ بعد العشاء .. لم تُقْبَل له صلاة حتى يصبح".

وقال ابن أبي عُمر العَدَني: حدثنا عبد القدوس بن حبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا:"ما مِنْ مسلمٍ يُصْبِحُ ووالداه عليه ساخطان .. إلا كان له بابان من النار وإن كان واحد .. فواحد".

وجملةُ قوله: (يُحَدِّثُنا) خبرُ كان؛ أي: كان عبدُ القُدُّوسِ مُحَدثا إيانا أحاديثَ

ص: 407

فَيقُولُ: سُوَيدُ بْنُ عَقَلَةَ.

قَال شَبَابَةُ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْقُدُّوسِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يتَّخَذَ الروْحُ عَرْضًا، قَال: فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ شَيءٍ هَذَا؟

ــ

منكرةَ الأسانيدِ والمتونِ (فيقولُ) عبدُ القُدُّوسِ في تحديثه إيانا أحاديثَ منكرةَ الإسنادِ: حَدثَنا (سُويدُ بن عَقَلَةَ) بالعين المهملة والقاف المفتوحتين وهو تصحيف ظاهر، وإنما هو (غَفَلَة) بالغين المعجمة والفاء المفتوحتَينِ.

(قال شبَابةُ) أيضًا: (وسَمِعْتُ عبدَ القدوسِ يقولُ) في تحديثه أحاديثَ منكرةَ المُتُونِ: (نهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يُتخَذَ الرَّوْحُ) بفتح الراء (عَرْضًا) بالعين المهملة المفتوحة وإسكان الراء، وهو تصحيف قبيح وخطأ صريح، وصوابهُ:(الرُّوح) بضمِّ الراء، (وغَرَضا) بالغين المعجمة والراء المفتوحتَين (1).

والمرادُ بذِكْر هذا الحديث: بيانُ تصحيفِ عبد القُدُوس وغباوته، واختلالِ ضَبْطه، وحصولِ الوَهَم في إسنادِه ومَتْنِه كما بيناه.

قال النووي: (معنى الحديث: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يتخَذَ الحيوانُ الذي فيه الرُّوْح غرَضا؛ أي: هَدَفا للرمْي، فيُرمى إليه بالنُّشابِ وشِبْهِه)(2).

وقد ذكر في (كتاب الصيد) على الصواب، وهو مِثْلُ نَهْيِه صلى الله عليه وسلم عن قَتْل المصبورة أو المُجَثَّمة، وهي ذات الروح من الطير وغيره تُصْبَرُ؛ أي: تُحْبَسُ ليُرمى عليها، وسيأتي هذا في كتاب الصيد، ولم يختلف العلماءُ في مَنْعِ كلها وأنها غيرُ ذكية.

وفائدةُ الحديثِ: النهْيُ عن قَتْل الحيوان لغير منفعةٍ، والعبثِ بقَتْلِه، وفيه مع ذلك إفسادُ المال (3).

(قال) شبَابَةُ بن سَوار: (فقيل له) أي: لعبد القدوس وسُئِلَ: (أي شيء) معنى (هذا) الحديث الذي رَويتَ لنا بقولك: (أن يتخذ الروْحُ عَرْضا)؟ بفتح الراء

(1) انظر "صيانة صحيح مسلم"(ص 128)، و"شرح صحيح مسلم"(1/ 114).

(2)

"شرح صحيح مسلم"(1/ 114).

(3)

"إكمال المعلم"(1/ 152).

ص: 408

قَال: يَعْنِي يَتَّخِذُ كَوَّةً فِي حَائِطِهِ (1)؛ لِيَدْخُلَ عَلَيهِ الروْحُ.

وَسَمِعْت عُبَيدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِي يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زيدٍ يَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَمَا جَلَسَ مَهْدِيُّ بْنُ هِلالٍ بِأيامٍ:

ــ

في الأول وإسكانها في الثاني مع العين المهملة.

(قال) عبدُ القُدوس: (يَعْنِي) النبي صلى الله عليه وسلم بذلك: نَهْيَ الرجلِ (يَتخِذُ كَوَّةً) بفتح الكاف على اللغة المشهورة، قال صاحب "المطالع": وحُكي فيها الضم (2)؛ أي: نَهَى أن يَتخِذَ الرجلُ ويفتحَ كوَّةً؛ أي: طاقةً نافذةً وفرجةً مفتوحةً (في حائِطه) أي: جدارِ بيته (لِيَدْخُلَ عليه) أي: على الرجل (الروْحُ) أي: النسيمُ والريحُ اللطيفةُ التي تَجْلِبُ له البرودةَ، وفي بعض النسَخ:(تتخَذَ) بالبناء للمجهول مع التاء الفوقانية بدل الياء التحتانية، ورَفْعِ (كَوَّة) على أنه نائب فاعل لِتتخَذَ، وتنكيرِ (حائط) بلا إضافةٍ لضميرِ الرجل، وهذا الذي رواه عبد القدوس تصحيف قبيح في اللفظ، وخطأ صريح في المعنى.

ثم استشهد المؤلفُ رحمه الله تعالى لِمَا مَر بأثَرِ حَماد بن زَيد فقال:

(وَسَمِعْتُ عُبيدَ اللهِ) فالواوُ فيه عاطفة على محذوف تقديرُه: سمعتُ من غير عُبَيد الله هذا الجَرْحَ الآتي، وسمعتُ عُبَيدَ الله أيضًا، وفي بعض النسخ:(قال) الإمامُ (مسلم) رحمه الله تعالى على سبيل التجريد البديعي: وسَمِعْتُ عُبيدَ اللهِ (بنَ عُمَرَ) بن مَيسَرة الجُشَمي مولاهم، أبا سعيد (القَوَارِيري) البصري، ثقة ثَبْت من العاشرة، مات سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين على الأصِحّ، وله خمسٌ وثمانون سنة.

حالة كون عبيد الله (يقولُ: سَمِعْتُ حَمادَ بنَ زْيدِ) بن دِرْهَم الأَزْدي أبا إسماعيل البصريَّ، ثقة ثَبْت من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومائة، وله إحدى وثمانون سنة.

حالة كون حماد (يقولُ لرجلٍ) من الطلبة، والظرفُ في قوله:(بعدَ ما جَلَسَ) متعلِّق بيقولُ، وما مصدرية، والجار والمجرورُ في قوله:(مَهْدِي بن هلالِ بأيامٍ)

(1) في النسخة التركية بلفظ: (يعني تتخَذُ كوة في حائطٍ).

(2)

انظر "شرح صحيح مسلم"(1/ 114)، و "مكمل إكمال الإكمال"(1/ 35).

ص: 409