الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيدٍ يَكْذِبُ في الْحَدِيثِ
ــ
وقال في "التقريب": ثِقَة ثَبْت فاضل وَرِع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومائة.
وهذا السند من رباعياته، ومن لطائفه: أن رجاله كُلَّهم بصريون على الطريق الثاني إلَّا نُعَيم بن حَمّاد فإنَّه مَروزِيٌّ، وعلى الطريق الأول اثنان بصريان وواحدٌ مكّيّ وواحدٌ مَرْوزي.
(قال) يونسُ بن عُبَيدٍ: (كان عَمْرُو بن عُبَيدِ يَكْذِبُ) ويَضَعُ (في الحديثِ) فهو كذَّابٌ ليس من أهله، فلا يُحْتَجُّ به ولا يُكتب حديثه، وهو عَمْرو القَدَري المعتزلي الذي كان صاحب الحَسَن البَصْرِيّ.
وفي "التقريب": (عَمْرو بن عُبَيد بن باب بموحدتين، التَّمِيمِيّ مولاهم، أبو عثمان البَصْرِيّ، المعتزلي المشهور، كان داعيةً إلى بدعتِه اتَّهَمَه جماعةٌ مع أنَّه كان عابدًا، من السابعة، مات سنة ثلاثٍ وأربعين ومائة أو قبلها) اهـ
فصل في ترجمة عَمْرو بن عُبَيد:
وقال في "الميزان"(3/ 273 - 276): (عَمْرو بن عُبَيد بن باب أبو عثمان البَصْرِيّ المعتزلي القدري مع زُهْدِه وتألُّهِه.
روى عن الحَسَنُ وأبي قِلابة، ويروي عنه الحَمَّادان وعبد الوارث ويحيى القطَّان وعبد الوهَّاب الثَّقَفيّ وعلي بن عاصم، وولاؤه لبني تميم، وكان أبوه من شُرَط الحجَّاج.
قال الشَّافعيّ عن سفيان: إنَّ عَمْرو بن عبيد سُئل عن مسألةٍ فأجاب فيها، وقال: هذا من رأي الحَسَن، فقال له رجلٌ: إنهم يَرْوون عن الحسن خلافَ هذا، قال: إنما قلتُ هذا من رَأْي الحَسَنِ، يُرِيدُ نَفْسَه.
وقال ابنُ عَوْن عن ثابت البُناني قال: رأيتُ عَمْرو بن عُبَيد في المنام وهو يَحُكُّ آيةَ من المصحف، فقلت: أمَّا تتقي الله؟ قال: إنِّي أُبَدِّلُ مكانها خيرًا منها.
ورواه محمَّد بن المثنَّى عن عبد الرَّحْمَن بن جبلة عن ثابت بن حَزْم القُطعيِّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَدَّثَنَا عاصم الأحول قال: جلستُ إلى قتادة فذكر عَمْرو بن عُبَيد فوقع فيه، فقلت: لا أرى العلماء يَقَعُ بعضُهم في بعض، فقال: يَا أحول؛ أوَ لا تدري أن الرَّجل إذا ابتدع فينبغي أن يُذْكَر حتَّى يُحْذَر؟ ! فجئتُ مغتمًا فرأيت عمرو بن عبيد يَحُكُّ آيةً من المصحف، فقلتُ: سبحان الله، قال: إنِّي سأُعيدها، فقلت: أعدها، قال: لا أستطيع. رواه هُدبة بن خالد عنه.
وقال ابنُ مَعِين: لا يُكتب حديثه، وقال النَّسائيّ: متروك الحديث، وقال أَيُّوب ويونس: يكذب، وقال حميد: كان يكذب على الحَسَنُ، وقال ابنُ حِبَّان: كان من أهل الوَرَع والعبادة إلى أنْ أحْدَثَ ما أحْدَثَ، واعتزل مجلسَ الحَسَنُ هو وجماعة معه، فسُمُّوا المعتزلة، قال: وكان يشتم الصَّحَابَة ويكذب في الحديث وَهَمًا لا تعمُّدًا.
وقال الدارقطنيُّ وغيرُه: ضعيف.
وقال الهيثم بن عبد الله: حَدَّثَنَا حماد بن زيد قال: كنت مع أَيُّوب ويونس وابن عَوْن، فمَرَّ بهم عَمْرُو بن عُبَيدٍ، فسَلَّمَ عليهم ووقف فلم يَرُدُّوا عليه السلام.
وقال هارون بن موسى: كُنّا عند يونس بن عُبَيد، فجاء ابن كثير فقلتُ: من أين؟ قال: من عند عَمْرو بن عُبَيد، أخبرني بشيءٍ واستكتمني قال: لا جمعة بعد عثمان.
وقال عبد الوهَّاب بن الخَفَّاف: مررتُ بعَمْرو بن عُبَيد وحدَه، فقلت: ما لك؟ تركوك؟ قال: نَهَى النَّاسَ عني ابنُ عَوْن فانتهوا.
حَدَّثَنَا يحيى بن حميد الطَّويل، عن عمرو بن النضر، قال: سُئل عَمْرو بن عُبَيد يومًا عن شيء وأنا عنده فأجاب فيه، فقلتُ: ليس هكذا يقول أصحابنا، فقال: ومَنْ أصحابك لا أَبا لك؟ ! قلتُ: أَيُّوب ويونس وابن عَوْن والتَّيمي، قال: أولئك أرجاس أنجاس أموات غير أحياء.
وقال مسلم بن إبراهيم: سمعت حماد بن سلمة يقول: ما كان عندنا عَمْرُو بن عُبَيد إلَّا عُرَّةً (1)؛ أي: جربًا.
(1) في "القاموس": والعُر والعُرة بضم أولهما: الجرب، أو بالفتح: الجَرَبُ، وبالضم: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الفلّاس: سمعتُ يحيى يقول: قلت لعَمْرو بن عُبَيد: كيف حديث الحسن عن سَمُرة في السكتتين؟ فقال: ما تصنع بسَمُرة قبح الله سَمُرة؟ !
وقال محمود بن غَيلان لأبي داود: إنك لا تروي عن عبد الوارث، قال: وكيف أروي عن رجلٍ يزعمُ أن عَمْرو بن عُبَيد خيرٌ من أَيُّوب ويونس وابن عَوْن؟ !
وقال سهم بن عبد الحميد: مات ابن يونس بن عبيد فعزاه النَّاس فأتاه عمرو فقال: إن أَبَاك كان أصلك، وإن ابنك كان فرعك، وإن امرءًا قد ذَهَبَ أصلُهُ وفرعُه لَحَرِيّ أنْ يقلَّ بقاؤهُ.
وقال الفلّاس: عَمْرو متروك صاحب بدعة، قد روى عنه شعبة حديثين، وحدث عنه الثَّوريّ بأحاديث، قال: سمعتُ عبد الله بن سلمة الحضرميّ يقول: سمعتُ عَمْرو بن عُبَيد يقول: لو شهد عندي عليّ وطلحة والزُّبير وعثمان على شِراك نعلي .. ما أجزتُ شهادتهم.
قال مؤمل بن هشام: سمعتُ ابنَ عُلَيَّة يقول: أولُ مَنْ تَكَلَّمَ في الاعتزال وَاصِلٌ الغَزَّالُ، ودخل معه في ذلك عمرو بن عبيد فأعجب به وزَوَّجَه أخته، وقال لها: زَوَّجْتُكِ برجلٍ ما يَصلح إلَّا أن يكون خليفة.
وقال نُعَيم بن حماد: قيل لابن المبارك: لِم رَويتَ عن سعيد وهشام الدستوائي وتركتَ حديث عَمْرو بن عبيد ورَأْيُهم واحد؟ قال: كان عَمْرٌو يَدْعو إلى رأيه ويُظهر الدعوة، وكانا ساكتين.
قال علي بن عاصم: قال عَمْرو بن عُبَيد: النَّاسُ يقولون: إن النائم لا وضوءَ عليه، لقد نام رجلٌ إلى جنبي في القيام في رمضان فأَجْنبَ.
قال أبو معمر: حَدَّثَنَا عبد الوارث، حَدَّثَنَا عَمْرو بن عُبَيد عن الحَسَنُ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(صَلَّيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يَزَلْ يَقْنُتُ بعد الركوع في صلاة الغداة حتَّى فارقتُه). أخرجه الدارقطني.
= قروح في أعناق الفصلان، وداء يتمعط منه وبر الإبل، واستعرهم الجرب: فشا فيهم، ورجل عَرٌّ -بفتح أوله-: بيِّنُ العرر؛ أي: الجرب. اهـ منه بتصرف.
[67]
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَبُو حَفْصٍ، قَال: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: قُلْتُ لِعَوْفِ بْنِ أَبي جَمِيلَةَ:
ــ
وقال سفيان وعبد الوارث، عن عَمْرو، عن الحَسَنُ، عن سَعْدٍ مرفوعًا:"إذا تغولت (1) الغولُ .. فأَذِّنوا بالصلاة".
وقال عُبيد الله بن عَمْرو الرقّي: عن عَمْرو بن عُبَيد، عن الحَسَنُ، عن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرة بحديث:"لا تسأل الإمارة".
وساق ابن عدي في ترجمة عَمْرو بن عُبَيد جملةَ أحاديث غالبُها محفوظةُ المتون، وطَوَّلَ ترجمته، وكذلك فَعَلَ العُقَيلي.
ثم استشهد المؤلِّفُ رحمه الله تعالى لأثَرِ يونس بن عُبَيد بأَثَرِ عَوف بن أبي جَمِيلة فقال:
[67]
(حَدَّثني عَمْرُو بن عَلِيِّ) بن بحر بن كَنِيز (أبو حَفْصٍ) الفلّاس الصيرفيُّ الباهليّ البَصْرِيّ الحافظ، أحدُ الأئمة الأعلام.
روى عن مُعْتَمِر بن سُلَيمَان وابن عُيَينَة ويحيى القطَّان وخلق، ويروي عنه (ع) وابن جرير وغيرهم.
قال في "التقريب": ثِقَة حافظ من العاشرة، مات سنة تسع وأربعين ومائتين.
(قال) عَمْرٌو: (سمعتُ مُعَاذَ بنَ مُعَاذٍ) التَّمِيمِيّ العَنْبريّ أَبا المُثنَّى البَصْرِيّ الحافظ.
روى عن سُلَيمَان التَّيمي وحُميد وابن عَوْن وشعبة وقُرَّة وخَلْق، ويروي عنه (ع) وأَحمد إسحاق وابن المَدِيني وابن مَعِين وغيرهم، قال القطَّان: ما بالبصرةِ ولا بالكوفة ولا بالحجاز أثبت من معاذ بن معاذ.
وقال في "التقريب": ثِقَة مُتْقِن من كبار التاسعة، مات سنة ستٍّ وتسعين ومائة.
أَي: سمعتُ معاذَ بن معاذ حالة كونه (يقولُ: قلتُ) أنا (لِعَوْفِ بنِ أبي جَمِيلَةَ) بفتح الجيم، العبدي أبي سَهْل الهَجَرِيّ البَصْرِيّ المعروف بالأعرابي.
(1) وفي "النهاية": (إذا تغولت الغيلان .. فبادروا بالأذان) أي: ادفعوا شرها بذكر الله تعالى. اهـ
إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيدٍ حَدَّثَنَا عَنِ الْحَسَنِ: أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ حَمَلَ عَلَينَا السِّلَاحَ .. فَلَيسَ مِنَّا"، قَال: كَذَبَ وَاللهِ عَمْرٌو،
ــ
روى عن أبي العالية وأبي رجاء وأبي عثمان النَّهْدي وغيرهم، ويروي عنه (ع) وشُعْبَة وغُنْدَر والنَّضْر بن شُمَيل وخَلْق، وَثَّقَه النَّسَائِيُّ وجماعةٌ.
وقال في "التقريب": ثِقَة رُمِيَ بالقدر وبالتشيُّع، من السادسة، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومائة، وله ستٌّ وثمانون سنة.
(إنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ) البصريَّ القدريَّ المعتزليَّ الذي كان صَاحَبَ الحَسَنَ البصريَّ (حَدَّثنا عن الحَسَنِ) البصريِّ: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ حَمَلَ) وشهر وأظهر؛ لأجل الاعتداء (علينا) معاشرَ المسلمين (السِّلَاحَ) أي: آلةَ الحرب والقتل سيفًا كان أو رُمحًا أو قوسًا أو غيرها ( .. فليس) عَمَلُه (منّا) أي: من عَمَلِنا وطريقتِنا؛ لأن المسلم لا يعتدي على المسلم ولا يقتلُه، بل ينصرُه ويحفظُه لأُخُوّة الإِسلام كما يحفظُ الأخُ من النَّسَبِ أخاه وينصرُه ولا يَخْذُلُه.
(قال) عَوْف بن أبي جَمِيلة: (كَذَبَ واللهِ عَمْروٌ) أي: أقسمتُ بالله كَذَبَ عَمْرُو بن عُبَيدٍ في نسبة هذا الحديث إلى الحَسَن البَصْرِيّ؛ لأنه ليس من مروياته وإنْ كان الحديثُ صحيحًا في نفسه، وأَتَى بالقَسَمِ؛ تأكيدًا لكَذِبهِ.
والحاصلُ أن قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَمَلَ علينا السلاح .. فليس منّا" حديث صحيحٌ مَرْويٌّ من طُرُقٍ كثيرةٍ، وقد ذَكَرَه مسلمٌ في "جامعه"، ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم (1): ليس ممن اهْتَدَى بِهَدْينا، واقْتَدى بعِلْمنا وعَملِنا وحُسْن سيرتنا، كما يقول الرجلُ لولده إذا لم يَرْضَ فعلَه: لستَ منِّي، وهكذا القولُ في كُلِّ الأحاديث الواردة بنحو هذا القول.
قال النوويُّ: (ومرادُ مسلمٍ رحمه الله تعالى بإيرادِ هذا الحديث: بيانُ أن عَوْفًا جَرَحَ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ وقال: كَذَبَ، وإنما كَذَّبَهُ مع أن الحديثَ صحيحٌ؛ لكَوْنِه نَسَبَه إلى الحَسَنُ، وكان عَوْفٌ من كبار أصحاب الحَسَنُ والعارفين بأحاديثه، فقال: كَذَبَ
(1) انظر "إكمال المعلم"(1/ 147).
وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُوزَهَا إِلَى قَوْلهِ الْخَبِيثِ.
[68]
وَحَدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ
ــ
في نِسْبَتِه إلى الحَسَنِ، فلم يَرْو الحَسَنُ هذا الحديث ولم يَسْمَعْهُ هذا الكَذَّابُ من الحَسَن) (1).
(ولكنَّه) أي: ولكنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ (أَرادَ) أي: قصدَ برواية هذا الحديث بسَنَدٍ كَذِبٍ (أنْ يَحُوزَها) أي: أنْ يَضُمَّ روايةَ هذا الحديث (إلى قوله) ومذهبِه (الخبيثِ) أي: الباطلِ وهو الاعتزالُ، ويقويه بها ويستدلّ عليه بها.
قال النوويُّ: (والمعنى: كَذَبَ بهذه الروايةِ المنسوبةِ إلى الحَسَنُ ليعضدَ بها مذهبَهُ الباطلَ الرديءَ وهو الاعتزال؛ فإنهم يَزْعُمون أن ارتكابَ المعاصي يُخرج صاحبَها من الإيمان ويُخلده في النَّار، ولا يُسمّونه كافرًا بل فاسقًا مخلّدًا في النَّار، وسيأتي الردُّ عليهم بقواطع الأدلَّة في كتاب الإيمان إن شاء الله تعالى)(2).
وهذا السَّنَدُ من ثلاثياته، ومن لطائفه: أن رجاله كُلَّهم بصريون.
ثم استشهد المؤلِّفُ رحمه الله تعالى لِمَا مَرَّ من جَرْحِ عَمْرِو بن عُبَيدِ بأَثَرِ أيوبَ السَّخْتِيانيِّ فقال:
[68]
(وحَدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن عُمَرَ) بن مَيسَرة الجُشَمي مولاهم، أبو سعيد (القَوارِيرِيُّ) البصريُّ نزيل بغداد.
روى عن حَمَّاد بن زيد وأبي عَوَانة وفُضَيل بن عياض وغيرهم، ويروي عنه (خ م د س) وأبو زُرْعة والفِريابي والبَغَوي، وَثَّقَهُ ابنُ مَعِين.
وقال في "التقريب": ثِقَة ثَبْت، من العاشرة، مات سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين على الأصح، وله خمسٌ وثمانون سنة.
قال عُبَيد اللهِ: (حَدَّثنا حَمَّادُ بن زيدِ) بن دِرْهم الأَزْدِيّ أبو إسماعيل البصريُّ، أحدُ الأئمة الأعلام.
(1)"شرح صحيح مسلم"(1/ 109).
(2)
"شرح صحيح مسلم"(1/ 109 - 110).
قَال: كَانَ رَجُلٌ قَدْ لَزِمَ أَيُّوبَ وَسَمعَ مِنْهُ، فَفَقَدَهُ أَيُّوبُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ؛ إِنَّهُ قَدْ لَزِمَ عَمْرَو بْنَ عُبَيدٍ، قَال حَمَّادٌ: فَبَينَا أنا يَوْمًا مَعَ أَيُّوبَ وَقَدْ بَكَّرْنَا إِلَى السُّوقِ، فَاسْتَقْبَلَهُ الرَّجُلُ،
ــ
قال في "التقريب": ثِقَة ثَبْت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة تسعٍ وسبعين ومائة، وله إحدى وثمانون سنة.
(قال) حَمَّادٌ: (كانَ رجلٌ) من الطلبة (قد لَزِمَ) وصَاحَبَ (أيوبَ) السَّخْتِيَانيَّ ليأخذَ عنه الحديثَ (وسَمعَ) ذلك الرجلُ الطالبُ (منه) أي: من أيوبَ الأحاديثَ (فـ) فارقه ولَزِمَ ذلك الرجلُ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ و (فَقَدَهُ أيوبُ) بفتح القاف؛ أي: فَقَدَ أيوبُ السختيانيُّ ذلك الرجلَ من حلقته وسأل عنه (فقالوا) أي: الحاضرون عنده لمّا سألهم عن ذلك الرَّجل: (يا أَبا بكرٍ) كنْيَة أَيُّوب السَّخْتِياني (إنّه) أي: إنَّ ذلك الرجلَ الذي سَألْتَ عنه (قد) صَاحَبَ و (لَزِمَ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ) الكَذَّابَ ليأخذَ عنه الحديثَ.
(قال حَمَّادُ) بن زيدٍ: (فبَينَا أنا) بينا: ظرف زمان يلزم الإضافة إلى الجملة الاسمية، مضمّن معنى الشرط، متعلق بالجواب الآتي.
وقولُه: (يومًا) ظرفٌ متعلِّقٌ بما تعلَّقَ به الخبرُ الظرفيُّ وهو قولُه: (مَعَ أيوبَ) وفي "القسطلاني": (أصلُ "بينا": بين، فأشبعت فتحة النُّون فصارتْ ألفًا، وهي ظرف زمان مكفوف بالألف عن الإضافة إلى المفرد، والتقديرُ بحسب الأصل)(1):
فبين أوقات أنا ماشٍ مع أَيُّوب السختياني (وقد بَكَّرْنا) جملةٌ حاليةٌ من المبتدإ مع خبره؛ أي: والحالُ أنا وأيوب قد خَرَجْنا (إلى السُّوقِ) بُكْرَةً لقضاءِ حاجتنا، والسُّوقُ: موضعُ اجتماع النَّاس للبيع والشراء، سُمِّيَ به لقيامهم على سُوقهم.
وجوابُ (بَيْنا) قولُه: (فاستقبلَه الرجلُ) والفاءُ زائدةٌ في جوابِ (بينا) جوازًا، والمعنى: فبينَ أوقات مشيي مع أَيُّوب يومًا من الأيام حالة كوننا مُبَكِّرين إلى السوق
(1)"إرشاد الساري"(1/ 67).
فَسَلَّمَ عَلَيهِ أَيُّوبُ وَسَأَلَهُ، ثُمَّ قَال لَهُ أَيُّوبُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ لَزِمْتَ ذَاكَ الرَّجُلَ، قَال حَمَّادٌ: سَمَّاهُ -يَعْنِي عَمْرًا-، قَال: نعَمْ يَا أَبَا بَكْرٍ؛ إِنَّهُ يَجِيئُنَا بِأَشْيَاءَ غَرَائِبَ، قَال: يَقُولُ لَهُ أَيُّوبُ: إِنَّما نَفِرُّ أَوْ نَفْرَقُ مِنْ تِلْكَ الْغَرَائِبِ
ــ
لشراء حاجتنا .. استقبل أيوبَ ذلك الرجلُ الذي فَارَقَه ولَزِمَ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ؛ أي: جاءه من قبالته ووَاجَهَه (فسَلَّمَ عليه) أي: على ذلك الرَّجل (أيوبُ) السَّخْتِياني (وسَأَلَهُ) أي: سَأَلَ أيوبُ ذلك الرجلَ عن سبب فراقه إياه: هل أَنْتَ مريضٌ أم مسافرٌ؟
(ثُمَّ) بعد سؤاله إياه عن سبب فراقه واعتذاره بعذر كاذب (قال له) أي: لذلك الرَّجل (أيوبُ: بَلَغَني) فيما سمعتُ من النَّاس في شأنك (أنَّك) أيها الرجلُ المُعْتَذِرُ (لَزِمْتَ) وصَاحَبْتَ (ذاكَ الرجلَ) الكَذَّابَ لاستماعِ دَرْسه وأخْذِ الحديث عنه.
(قال حَمَّادٌ: سمَّاه) أي: سمَّى أبوُ الرجلَ المُشارَ إليه بقوله: (ذاك الرَّجل) أي: ذَكَرَ أيوبُ اسمَهُ وصَرَّحَ بقوله: بَلَغَني أنَّكَ لَزِمْتَ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ، قال عُبَيدُ اللهِ بن عُمَرَ:(يعني) وَيقْصِدُ حَمَّادٌ بضمير سَمّاه (عَمْرًا) ابن عُبَيد.
(قال) الرجلُ المذكورُ لأيوب: (نَعَمْ) حرفُ تصديقٍ قائمٌ مقامَ الجواب؛ أي: لَزِمْتُ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ وصَاحَبْتُهُ (يَا أَبا بكرٍ)؛ فـ (ـإنَّه) أي: لأنَّ عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ (يَجِيئُنا) أي: يُخْبِرُنا ويُحَدِّثُنا (بأشياءَ) أي: بأحاديثَ (غرائبَ) أي: قليلةِ الوجود عند غيره.
(قال) حَمَّادٌ: (يقولُ له) أي: لذلك الرجلِ الطالبِ الذي يمدح عَمْرَو بن عُبَيدٍ، أي: فقال له (أيوبُ) السَّخْتِياني: (إنَّما نَفِرُّ) بكسر الفاء من فَرَّ يَفِرُّ من باب ضَرَبَ، أي: نهربُ، وقال حَمَّادٌ (أو) قال له أَيُّوب: إنما (نَفْرَقُ) بفتح الراء، ونخافُ، من فَرِقَ يَفْرَقُ من باب طَرِبَ إذا خاف؛ أي: نخافُ (من تلكَ) الأحاديث (الغرائبِ) التي يُحَدِّثُ بها عَمْرُو بن عُبَيدٍ؛ أي: مِنْ أن يَفْتَتِنَ بها النَّاسُ فيَضِلُّوا عن دينهم، والشكُّ من حَمَّادٍ في إحداهما.
[69]
وَحَدَّثَنِي حجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَيدٍ -يَعْنِي حَمَّادًا- قَال: قِيلَ لِأَيُّوبَ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عُبَيدٍ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ قَال: لا يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ
ــ
قال الإِمام النوويُّ: (والمعنى: إنما نهربُ أو نخافُ من تلك الغرائب التي يأتي بها عَمْرُو بن عُبَيدٍ؛ مخافةً من كَوْنِها كَذِبًا فنَقَعُ في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنْ كانتْ أحاديثَ، وإنْ كانتْ من الآراء والمذاهب .. فحَذَرًا من الوقوع في البِدع أو في مخالفة الجمهور) اهـ
وهذا السَّنَدُ من ثلاثياته، ورجالُه كُلُّهم بصريون.
ثم ذكر المؤلِّفُ رحمه الله تعالى المتابعةَ في أثَرِ أَيُّوب فقال:
[69]
(وحَدَّثني حجَّاجُ) بن يوسف الثَّقَفيّ البغداديُّ الذي نسبتُه (ابنُ الشاعرِ) الحافظ الرحَّال، ثقةٌ، من الحادية عشرة، مات سنة تسع وخمسين ومائتين.
قال حَجَّاجٌ: (حَدَّثنا سُلَيمَانُ بن حَرْبٍ) الأزديُّ البصريُّ، ثِقَة إمام حافظ، من التاسعة، مات سنة أربعٍ وعشرين ومائتين وله ثمانون سنة، قال سُلَيمَان بن حَرْبٍ:(حَدَّثنا ابنُ زيدٍ) قال المؤلف رحمه الله تعالى: (يعني) ويقصد سليمان بن حرب أو شيخي حجاجٌ بقوله: (حَدَّثَنَا ابن زيدٍ): (حَمَّادًا) وهو ابنُ زيد بن درهم الأزديُّ البصريُّ، من كبار الثامنة، مات سنة تسعٍ وسبعين ومائة، وله إحدى وثمانون سنة.
وهذا السَّنَدُ من رباعياته، ورجالُه كُلُّهم بصريون إلَّا الحَجَّاج فإنَّه بغداديّ.
(قال) حَمَّادٌ: (قيل لأيوبَ) السَّخْتِياني: (إن عَمْرَو بنَ عُبَيدٍ) البصريَّ الكَذَّابَ (رَوَى) وحَدَّثَ (عن الحَسَنِ) البَصْرِيّ أنَّه؛ أي: أن الحَسَنَ (قال: لا يُجْلَدُ) أي: لا يُحَدُّ ولا يُضْرَبُ ضربَ حَد أربعين جلدة، وفي بعض النُّسَخ:(فقال) بالفاء العاطفة على (رَوَى)، وضميرُ الفاعلِ حينئذٍ يعودُ على عَمْرِو بنِ عُبَيد، (السَّكْرَانُ) أي: الشخصُ الذي سكر (من) شُرب (النَّبيذِ) الذي يُتَّخَذُ من الزَّبِيب أو التمر؛ لأنه حلالٌ.
فَقَال: كَذَبَ، أَنَا سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: يُجْلَدُ السَّكْرَانُ مِنَ النَّبِيذِ.
[70]
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، حَدَّثنا سُلَيمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَال: سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ يَقُولُ: بَلَغَ أَيُّوبَ أَنِّي آتِي عَمْرًا، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَقَال: أَرَأَيتَ رَجُلًا
ــ
(فقال) أيوبُ: (كَذَبَ) عَمْرُو بن عُبَيدٍ في رواية ذلك الأَثَرِ عن الحَسَنِ، (أنا) بنفسي (سمعتُ الحَسَنَ) البَصْرِيّ بأُذُني حالةَ كونِ الحَسَنِ (يقولُ: يُجْلَدُ) ويُحَدُّ حَدَّ الشربِ أربعين جلدة (السكْرانُ من) شرب (النَّبيذِ) المنبوذ من الزبيب أو التمر؛ لأنه حرامٌ كالخمر لإسكارِه (1).
ثم ذكر المؤلِّفُ رحمه الله تعالى المتابعةَ في أثَرِ أيوبَ فقال:
[70]
(وحَدَّثني حَجَّاجُ) بن يوسف الثَّقَفيّ البغداديُّ المعروفُ بـ (ابن الشَّاعر)، قال:(حَدَّثنا سُلَيمَانُ بن حَرْبٍ) الأزديُّ البصريُّ.
(قال) سُلَيمَانُ بن حَرْبٍ: (سمعتُ) أنا (سَلَّامَ) بتشديد اللام (بنَ) سَعْد (أبي مُطِيعٍ)، أَبا سعيدٍ الخُزَاعِيَّ مولاهم، البصريَّ.
روى عن أبي عِمْران الجَوْنيِّ وقتادة، ويروي عنه (خ م ت س ق) وابن مهدي وهُدْبة بن خالد وابن المبارك وسُلَيمَان بن حَرْبٍ ومُسَدَّد، وَثَّقَهُ أحمدُ.
وقال في "التقريب": ثقةٌ صاحبُ سُنَّة، في روايته عن قتادة ضَعْفٌ، من السابعة، مات سنة أربعٍ وستين ومائة، وقيل: بعدها.
وغَرَضُه بسَوْقِ هذا السَّنَدِ: بيانُ متابعة سلام بن أبي مطيع لحَمَّادِ بنِ زيدٍ في رواية أثَرِ أَيُّوب.
أي: قال سليمانُ: سمعتُ سلّامًا حالة كونه (يقولُ: بَلَغَ) ووَصَلَ (أيوبَ) السَّخْتِيَانيَّ (أنِّي آتِي عَمْرًا) أي: أحضرُ حلقةَ عَمْرِو بنِ عُبَيدٍ وأستمعُ درسَه لآخُذَ حديثَه وأرويَ عنه، (فأَقْبَلَ) أيوبُ (عَلَيَّ) بوجهه (يومًا) من الأيام وأنا في حلقة درسه (فقال) لي أيوبُ:(أرأيتَ) أي: أَخْبِرْني يَا سَلَّام (رجلًا) مفعولٌ أولُ
(1) وانظر "إكمال المعلم"(1/ 147 - 148).
لا تَأْمَنُهُ عَلَى دِينِهِ، كَيفَ تَأْمَنُهُ عَلَى الْحَدِيثِ؟ !
[71]
وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحُمَيدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَال: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى
ــ
لـ (رأيتَ)، وجملةُ قولهِ:(لا تَأْمَنُه) ولا تَثِقُ بِهِ من الخيانة والاعتداءِ (على دِينِه) بترك الواجبات وفعل المُحَرَّمات كالكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم: صفةٌ لرجلًا على القاعدة المشهورة عندهم.
وجملةُ (كيف تَأْمَنُه على الحديثِ؟ ! ) في محلِّ النصب مفعولٌ ثانٍ لـ (رأيتَ)، معلَّقةٌ عنها باسم الاستفهام، والمعنى: فكيف تأمنُ رجلًا لا أمانةَ له في دِينِه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب فيه؟ ! والاستفهامُ إنكاريٌّ بمعنى النفي والنهي؛ أي: لا تأْمَنْ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ لا أمانةَ له في دِينِه.
ثم استشهد المؤلِّفُ رحمه الله تعالى لِمَا مَرَّ من جَرْحِ عَمْرو بن عُبَيدٍ بأَثَرِ أبي موسى فقال:
[71]
(وحَدَّثني سَلَمَةُ بن شَبيبٍ) المِسْمَعيُّ النيسابوريُّ أبو عبد الرَّحْمَن الحافظ نزيل مكة.
قال في "التقريب": ثِقَةٌ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة سبع وأربعين ومائتين. قال سَلَمَةُ:(حَدَّثَنا الحُمَيدِيُّ) عبد الله بن الزُّبَيرِ بن عيسى المكيُّ أبو بكر، ثِقَة حافظ فقيه، من العاشرة، مات سنة تسع عشرة ومائتين، وقيل: بعدها.
قال الحُمَيدِيُّ: (حَدَّثَنا سفيانُ) بن عُيَينة الهلاليُّ الكُوفِيّ، ثِقَة حافظ من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدى وتسعون سنة.
(قال) سفيانُ بن عُيَينَة: (سمعتُ أَبا موسى) إسرائيلَ بنَ موسى البَصْرِيَّ نزيلَ الهندِ.
روى عن الحسَنِ البَصْرِيّ وأبي حازم سَلْمان الأَشجعيّ ومحمَّد بن سِيرين ووَهْب بن مُنَبِّه وغيرِهِمْ، وعنه (خ د ت س) وسفيان الثَّوْري وابنُ عُيَينة وحُسَين بن علي الجُعْفيّ ويحيى القطَّان.