المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌589 - (29) باب الأمر بوفاء النذر والنهي عن النذر المعلق وأنه لا يرد شيئا من القدر - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌581 - (21) باب إثم من غصب شيئًا من الأرض وبيان قدر الطريق إذا اختلفوا فيه

- ‌ كتاب: الفرائض

- ‌582 - (22) باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلم الكافر" وقوله: "ألحقوا الفرائض بأهلها

- ‌583 - (23) باب ميراث الكلالة، وآخر آية أنزلت آية الكلالة، وبيان من ترك مالًا فلورثته

- ‌ كتاب: الهبة والصدقة

- ‌584 - (24) باب النهي عن شراء الصدقة ممن تصدق عليه وتحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض وكراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة

- ‌585 - (25) باب ما جاء في العمرى

- ‌أبواب الوصايا

- ‌586 - (26) باب الحث على الوصية وأنها بالثلث لا يتجاوز

- ‌587 - (27) باب الصدقة عمن لم يوص وما ينتفع به الإنسان بعد الموت والوقف

- ‌588 - (28) باب ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند موته وما لم يوص به

- ‌ كتاب: النذور والأيمان

- ‌589 - (29) باب الأمر بوفاء النذر والنهي عن النذر المعلق وأنه لا يرد شيئًا من القدر

- ‌590 - (30) باب لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد وليان حكم من نذر أن يمشي إلى الكعبة وبيان كفارة النذر

- ‌أبواب الأيمان

- ‌591 - (31) باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى وعن الحلف بالطواغي وأمر من حلف باللات والعزى بقول لا إله إلا الله

- ‌مبحث في اللات والعزى وتاريخهما

- ‌592 - (32) باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه

- ‌593 - (33) باب اليمين على نية المستحلف والاستثناء فيه والنهي عن الإصرار على اليمين فيما فيه إذاية الأهل

- ‌594 - (34) باب من نذر قربة في الجاهلية وصحبة المماليك وكفارة من لطم عبده

- ‌595 - (35) باب التغليظ على من قذف مملوكه بالزنا وإطعامه مما يأكل ومضاعفة أجر العبد الصالح

- ‌597 - (37) باب من أعتق شركًا له في عبد ومن أعتق عبيده عند موته وهم كل ماله وجواز بيع المدبر

- ‌598 - (38) باب القسامة

- ‌ كتاب الحدود والتعزيرات

- ‌599 - (39) باب حد المحاربين والمرتدين وثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره وقتل الرجل بالمرأة

- ‌600 - (40) باب إهدار دم الصائل وإثبات القصاص في الأسنان وبيان ما يباح به دم المسلم

- ‌601 - (41) باب إثم أول من سنَّ القتل وكون الدماء أول ما يقضى فيه في الآخرة وتغليظ حرمة الدماء والأعراض

- ‌602 - (42) باب صحة الإقرار بالقتل والحث على العفو عنه ودية الجنين وكون دية الخطإ وشبه العمد على العاقلة

- ‌603 - (43) باب حد السرقة

- ‌604 - (44) باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌605 - (45) باب حد البكر والثيب إذا زنيا وإقامة الحد على من اعترف بالزنا على نفسه

- ‌606 - (46) باب رجم من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة وإقامة السيد الحد على رقيقه وتأخير الحد عن النفساء

- ‌607 - (47) باب حد الخمر وأسواط التعزير والحدود كفارة لأهلها وجرح العجماء والمعدن والبئر جبار

الفصل: ‌589 - (29) باب الأمر بوفاء النذر والنهي عن النذر المعلق وأنه لا يرد شيئا من القدر

‌589 - (29) باب الأمر بوفاء النذر والنهي عن النذر المعلق وأنه لا يرد شيئًا من القدر

4102 -

(1578)(142) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَال: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ــ

589 -

(29) باب الأمر بوفاء النذر والنهي عن النذر المعلق وأنه لا يرد شيئًا من القدر

4102 -

(1578)(142)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ومحمد بن رمح بن المهاجر قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي المدني الأعمى الفقيه (عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذان السندان من خماسياته (أنه) أي أن ابن عباس (قال استفتى) أي سأل على سبيل الاستفتاء (سعد بن عبادة) الصحابي الأنصاري المشهور سيد الخزرج شهد العقبة، وكان أحد النقباء، وكان مشهورًا بالجود هو وأبوه وجده وولده، وكان له أطم ينادي عليه كل يوم من أحب الشحم واللحم فليأت أطم دليم بن حارثة، وكانت جفنة سعد تدور مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه، وخرج إلى الشام ومات بالحوران سنة (15) اهـ من الإصابة باختصار.

أي سأل (رسول الله صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه) اختلف العلماء في تعيين هذا النذر فقيل: كان صومًا، وقيل: كان عتقًا، وقيل: كان نذرًا مطلقًا مبهمًا وليس عند أحد منهم دليل صريح على قوله، وقد ساق الحافظ في الفتح [11/ 507] جميع الأقوال والروايات التي استدلوا بها وتعقب جميعها ورجح أن النذر كان معينًا لا مبهمًا (قلت): وقد ذكر ابن الأثير في جامع الأصول [11/ 554] رواية عزاها للنسائي وفيها (أن سعدًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال: أعتق عن أمك) فهذه الرواية ترجح أن النذر كان إعتاقًا والله أعلم (توفيت) وماتت (قبل أن تقضيه) وتوفيه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد:

ص: 155

"فَاقْضِهِ عَنْهَا".

4103 -

(00)(00) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ

ــ

(فاقضه) أي فأوف ذلك النذر (عنها) أي عن أمك، زاد البخاري في النذور من طريق شعيب (فكانت سنة بعد) يعني صار قضاء الوارث ما على المورِّث طريقة شرعية أعم من أن يكون وجوبًا أو ندبًا. وإن هذه الزيادة مما تفرد بها شعيب من بين تلامذة الزهري ورجح الحافظ في الفتح أنها من كلام الزهري، ويحتمل أن يكون من شيخه والله أعلم، قال القرطبي: وفي الحديث من الفقه استفتاء الأعلم ما أمكن، وقد اختلف أهل الأصول في ذلك هل يجب على العامي أن يبحث عن الأعلم أو يكتفي بسؤال عالم أي عالم كان فيه قولان وقد أوضحناهما في الأصول وبيّنا أنه يجب عليه أن يبحث عن الأعلم لأن الأعلم أرجح والعمل بالراجح واجب؟ وقد اختلف في هذا النذر الذي على أم سعد فقيل: إنه كان نذرًا مطلقًا، وقيل صومًا، وقيل عتقًا، وقيل صدقة، والكل محتمل ولا معين فهو مجمل ولا خلاف أن حقوق الأموال من العتق والصدقة تصح فيها النيابة وتصح توفيتها عن الميت والحي، وإنما اختلف في الحج والصوم كما تقدم ذلك في كتابيهما اهـ من المفهم.

وقوله: (فاقضه) أمر بالقضاء على جهة الفتوى فيما سُئل عنه فلا يُحمل على الوجوب بل على جهة بيان أنه إن فعل ذلك صح بل نقول لو ورد ذلك ابتداء وافتتاحًا لما حُمل على الوجوب إلا أن يكون ذلك النذر ماليًا وتركت مالًا فيجب على الوارث إخراج ذلك من رأس المال أو من الثلث كما ذكرناه في الوصايا وإن كان حقًّا بدنيًا فمن يقول بأن الولي يقضيه عن الميت لم يقل إن ذلك يجب على الولي بل ذلك على الندب إن طاعت ذلك نفسه ومن تخيل شيئًا من ذلك فهو محجوج بقوله صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه لمن شاء" رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وهو نص في الغرض.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 219]، والبخاري [6698]، وأبو داود [3307]، والنسائي [6/ 253].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

4103 -

(00)(00)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت

ص: 156

عَلَى مَالِكٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ بَكْرٍ بْنِ وَائِلٍ. كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ. بِإِسْنَادِ اللَّيثِ. وَمَعْنَى حَدِيثِهِ.

4104 -

(1579)(143) وحدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال

ــ

على مالك ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه (عن ابن عيينة ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا) عبد الله (بن وهب أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمرح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، ثقة، من (8)(عن هشام بن عروة عن بكر بن وائل) بن داود التيمي البكري أبي داود الكوفي، روى عن الزهري في النذور ونافع، ويروي عنه (م عم) وهشام بن عروة حديثًا واحدًا وأبوه وائل وشعبة وابن عيينة، له في مسلم فرد حديث، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من الثامنة، مات قديمًا (كلهم) أي كل من هؤلاء الخمسة المذكورين يعني مالكًا وابن عيينة ويونس ومعمرًا وبكر بن وائل رووا (عن الزهري بإسناد الليث) يعني عن عبيد الله عن ابن عباس (ومعنى حديثه) أي وبمعنى حديث الليث لا بلفظه، وغرضه بسوق هذه الأسانيد بيان متابعة هؤلاء الخمسة لليث بن سعد، وفي أغلب النسخ (ومعنى حديثه) بإثبات الواو العاطفة على إسناد الليث وإسقاطها أوضح وأوفق للقاعدة النحوية لأن المتعاطفين لا اجتماع بينهما في المعنى لأن معنى الحديث مروي والإسناد مروي به ولعل إثباتها تحريف من النساخ لأن الرواية تتعدى إلى الحديث بلا واسطة وإلى الإسناد بواسطة حرف الجر والله أعلم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:

4104 -

(1579)(143) (وحدثني زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال

ص: 157

إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ. قَال: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَنْهَانَا عَنِ النَّذْرِ. وَيقُولُ: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيئًا. وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ".

4105 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى

ــ

إسحاق: أخبرنا وقال زهير: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي ثم الرازي، ثقة، من (8)(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي، ثقة، من (5)(عن عبد الله بن مرة) الهمداني الخارفي الكوفي، ثقة، من (3) (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (قال) ابن عمر:(أخذ) أي شرع (رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا ينهانا عن النذر) المعلق، قال المازري: يحتمل أن يكون سبب النهي عن النذر كون الناذر يصير ملتزمًا له فيأتي به تكلفًا بغير نشاط، وقال القاضي عياض: ويحتمل أن النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن النذر يرد القدر ويمنع من حصول المقدّر فنهى عنه خوفًا من جاهل يعتقد ذلك اهـ (ويقول) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه) أي إن النذر المعلّق (لا يرد) أي لا يدفع (شيئًا) من الشر ولا يجلب شيئًا من الخير، ففي الكلام اكتفاء يعني أن النذر المعلق لا يُغني من القدر شيئًا كما هو لفظ الحديث في الرواية الآتية والرواية التالية النذر لا يقدّم شيئًا ولا يؤخِّرُه (وإنما يستخرج) بالبناء للمجهول، والفاعل المحذوف هو الله سبحانه أي إنما يستخرج (به) المال (من) يد (الشحيح) أي البخيل فإن البخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفي أولًا فيلتزمه في مقابلة ما سيحصل له ويعلّقه على جلب نفع أو دفع ضر وذلك لا يسوق إليه خيرًا لم يقدر له ولا يرد عنه شرًّا قُضي عليه ولكن النذر قد يوافق القدر فيُخرج من البخيل ما لولاه لم يكن يريد أن يخرجه أفاده ملا علي. ويأتي حديثًا في آخر الباب وفي شرح القاضي: عادة الناس تعليق النذور على حصول المنافع ودفع المضار فنهى عنه فإن ذلك فعل البخلاء إذ السخي إذا أراد أن يتقرب إلى الله تعالى استعجل فيه وأتى به في الحال اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 118]، والبخاري [6692].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

4105 -

(00)(00)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد العزيز اليشكري بفتح الياء

ص: 158

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال:"النَّذْرُ لَا يُقَدِّمُ شَيئًا وَلَا يُؤَخِّرُهُ. وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ".

4106 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ

ــ

وسكون المعجمة وضم الكاف أبو علي الصائغ المروزي، روى عن يزيد بن أبي حكيم في النذور، ويروي عنه (خ م س) قال النسائي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة مائتين واثنتين وخمسين (252) وفي التهذيب: روى عنه مسلم أربعة أحاديث (حدثنا يزيد بن أبي حكيم) بفتح الحاء المهملة أبي عبد الله الكناني العدني، روى عن الثوري في النذور ومالك، ويروي عنه (م ت س ق) قال أبو داود: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مستقيم الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال في التقريب: صدوق، من التاسعة، مات سنة (220) مائتين وعشرين والله أعلم (عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن عبد الله بن دينار) العدوي مولاهم مولى ابن عمر المدني (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة عبد الله بن دينار لعبد الله بن مرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: النذر لا يقدِّم شيئًا) من المنافع ولا يحصّله كالشفاء من المرض وحدوث الولد مثلًا (ولا يؤخره) أي لا يؤخر شيئًا من المضار ولا يدفعه كالموت والبلاء (وإنما يستخرج به) المال (من البخيل) وفي الرواية السابقة من الشحيح، والشحيح والبخيل كلاهما بمعنى واحد والمعنى أن النذر شيء يُخرج من البخيل ما لولاه لم يكن يريد أن يُخرجه، وقال الطيبي: إن الله يحب البذل والإنفاق فمن سمحت أريحيَّته فذلك وإلا فيشرع النذر ليستخرج به مال البخيل كذا في مرقاة المفاتيح [7/ 35].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

4106 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر) بضم المعجمة وفتح الدال لقب محمد بن جعفر الهذلي البصري، وتقدم بيان سبب تلقيبه بذلك في أوائل الكتاب وجملة من لفب بغندر من المحدثين عشرة ذكرهم الذهبي في تذكرة الحفاظ [3/ 961 - 964] في ترجمة غندر أبي بكر محمد بن جعفر البغدادي الورّاق (عن شعبة) بن

ص: 159

ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ. وَقَال:"إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيرِ. وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ".

4107 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ. حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَنْ سُفْيَانَ. كِلاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ

ــ

الحجاج (ح وحدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار واللفظ لابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي (عن عبد الله بن مرة) الهمداني الكوفي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لجرير بن عبد الحميد (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر) المعلّق (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم:(إنه) أي إن النذر المعقق (لا يأتي بخير) ونفع ولا يحصّله كشفاء المريض وقدوم الغائب (وإنما يُستخرج به) المال (من البخيل) والمعنى إن النذر غير مؤثر في إيجاد الخير الذي يريده الإنسان وإن الله سبحانه وتعالى يستجيب الدعوات في كل حال فلا ينبغي أن تعلق العبادات بشروط والذي ينبغي أن يكون العبد مخلصًا عبادته لوجهه الكريم ويدعوه في حوائجه فإن ذلك يأتي بخير إن شاء الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:

4107 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي، ثقة، من (9)(حدثنا مفضل) بن مهلهل السعدي الكوفي، ثقة، من (7) (ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(عن سفيان) بن سعيد الثوري (كلاهما) أي كل من مفضل وسفيان رويا (عن منصور) بن المعتمر (بهذا الإسناد) يعني عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر (نحو حديث جرير) بن عبد الحميد، غرضه بيان متابعة مفضل وسفيان لجرير بن عبد الحميد.

ص: 160

4108 -

(1580)(144) وحدّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ) عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا تَنْذُرُوا. فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيئًا. وَإِنَّمَا يُستَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ"

ــ

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:

4108 -

(1580)(144)(وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز) بن محمد بن عبيد الجهني مولاهم (يعني الدراوردي) المدني، صدوق، من (8)(عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، صدوق، من (5)(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنذروا) بفتح التاء وضم الذال وكسرها من بابي نصر وضرب أي لا تنذروا النذر المعلّق (فإن النذر لا يُغني) أي لا يدفع (من القدر) أي من البلاء المقدر عليك (شيئًا) أي قليلًا ولا كثيرًا (وإنما يُستخرج به) المال (من) يد (البخيل) وهذا النذر المنهي عنه وهو النذر المعلّق لا نذر التبرر كأن يقول: إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي فعليّ عتق رقبة أو صدقة كذا أو صوم كذا، ووجه هذا النهي هو أنه لما وقف فعل هذه القربة على حصول غرض عاجل ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى بما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ألا ترى أنه لو لم يحصل غرضه لم يفعل وهذه حال البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يربى على ما أخرج وهذا المعنى هو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم بقوله:(إنما يُستخرج به من البخيل) ما لم يكن البخيل يخرجه ثم يضاف إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض أو أن الله تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر وإليهما الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئًا" وهاتان جهالتان فالأولى: تُقَارِب الكفر والثانية: خطأ صُراح.

وإذا تقرر هذا فهل هذا النهي محمول على التحريم أو على الكراهة، المعروف من مذاهب العلماء الكراهة؟ (قلت): والذي يظهر لي حمله على التحريم في حق من يخاف

ص: 161

4109 -

(00)(00) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ الْعَلاءَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ. وَقَال:"إِنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنَ الْقَدَرِ. وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ"

ــ

عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرمًا والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك والله تعالى أعلم. وإذا وقع هذا النذر على هذه الصفة لزمه الوفاء به قطعًا من غير خلاف ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن الأربعة، ولم يُفرّق بين النذر المعلّق ولا غيره؟ ومما يُلحق بهذا النهي في الكراهة النذر على وجه التبرم والتحرج فالأول كمن يستثقل عبدًا لقلة منفعته وكثرة مؤنته فينذر عتقه تخلصًا منه وإبعادًا له وإنما يكره ذلك لعدم تمحض نية القربة، والثاني: أن يقصد التضييق على نفسه والحمل عليها بان ينذر كثيرًا من الصوم أو من الصلاة أو من غيرهما مما يؤدي إلى الحرج والمشقة مع القدرة عليه فأما لو التزم بالنذر ما لا يطيقه لكان ذلك محرمًا فأما النذر الخارج عما تقدم فما كان منه غير معلّق على شيء وكان طاعة جاز الإقدام عليه ولزم الوفاء به، وأما ما كان منه على جهة الشكر فهو مندوب إليه كمن شُفي مريضه فقال: لله عليّ أن أصوم كذا أو أن أتصدق بكذا شكرًا لله تعالى اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 412]، والبخاري [6694]، وأبو داود [3288]، والترمذي [1538]، والنسائي [7/ 16]، وابن ماجه [2123].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

4109 -

(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت العلاء) بن عبد الرحمن (يحدّث عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة شعبة لعبد العزيز، وفائدتها تقوية السند الأول وتصريح السماع فيها (أنه نهى عن النذر، وقال) النبي صلى الله عليه وسلم في بيان حكمة النهي (إنه لا يرد من القدر) شيئًا (وإنما يُستخرج به من البخيل).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

ص: 162

4110 -

(00)(00) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَليُّ بْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ عَمْرٍو (وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِن ابْنِ آدَمَ شَيئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ. وَلكِنِ النَّذْرُ يُوَافِقُ الْقَدَرَ. فَيُخْرَجُ بِذلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ".

4111 -

(00)(00) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْقَارِيَّ) وَعَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ)

ــ

4110 -

(00)(00)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر) السعدي المروزي (قالوا: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني (عن عمرو وهو ابن أبي عمرو) ميسرة مولى المطلب بن عبد الله أبي عثمان المدني، ثقة، من (5)(عن عبد الرحمن) بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داود (الأعرج) المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة الأعرج لعبد الرحمن بن يعقوب (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن النذر لا يُقرّب من ابن آدم) ولا يحصل له (شيئًا لم يكن الله قدّره) وكتبه (له ولكن النذر يوافق القدر) أي ما قدر الله له أزلًا من المنافع (فيخرج) بالبناء للمجهول (بذلك) النذر (من) يد (البخيل ما لم يكن البخيل) وما موصولة في محل الرفع نائب فاعل ليُخرج أي مال لم يكن البخيل (يريد أن يُخرج) ويعطي لبخله، ففيه إشارة إلى لزوم وفاء النذر لأن غير البخيل يعطي باختياره والبخيل إنما يعطي بواسطة النذر الموجب عليه يعني أن البخيل لا يأتي بالقُرب تطوعًا محضًا مبتدأ وإنما يأتي بها في مقابلة شفاء المريض أو قدوم الغائب ونحو ذلك مما يعلّق النذر عليه وهذا كما يتصور في النذر المعلّق يتصور في النذر المطلق أيضًا لأن بعض الناس لا ينشط لفعل القربة فيضطر نفسه لفعلها بالنذر.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

4111 -

(00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاري) بتشديد الياء نسبة إلى بني قارة وهم بطن معروف من العرب مشهورون بجودة الرمي المدني، ثقة، من (8)(وعبد العزيز) بن محمد (يعني الدراوردي

ص: 163

كِلاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، بِهذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ

ــ

كلاهما) أي كل من يعقوب وعبد العزيز رويا (عن عمرو بن أبي عمرو بهذا الإسناد) يعني عن الأعرج عن أبي هريرة (مثله) أي مثل ما روى إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو، غرضه بيان متابعتهما لإسماعيل بن جعفر.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث: الأول: حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث عبد الله بن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات، والثالث: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عمر وذكر فيه ثلاث متابعات والله أعلم.

***

ص: 164