المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌70 - (29) باب: من قتل دون ماله فهو شهيد - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌70 - (29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌تتمة ما في ثابت بن عياض

- ‌71 - (30) بَابُ: مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَغَشَّهُمْ .. لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ

- ‌72 - (31) - بَابُ نُزُولِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَرَفْعِهِمَا مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَرْضِ الْفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌73 - (32) بَابُ الْفِتَنِ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌74 - (33) بَابُ: غُرْبَةِ الإِسْلامِ في بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَينِ

- ‌75 - (34) بَابُ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلى الْمَدِينَةِ

- ‌76 - (35) بَابُ: ذَهَابِ الإِيمَانِ، وَرَفْعِهِ مِنَ الأرْضِ في آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌77 - (36) بَابُ: جَوَازِ الإِخْفَاءِ بِالإِيمَان وَالأعْمَالِ إِذَا خَافَ مِنْ إِظْهَارِهَا فِتْنَةً

- ‌78 - (37) بَابُ: إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إيمَانِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجَزْمِ بِإِيمَانِ أَحَدٍ مِنْ غيرِ دَليلٍ قَاطِعٍ عَلَيهِ

- ‌79 - (38) بَابُ: السُّؤالِ عَنْ تَظَاهُرِ الأدِلَّةَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الإيمَانٍ وَطُمَأنينةِ الْقَلْبِ

- ‌80 - (39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌81 - (40) بَابُ: الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ مَرَّتَينِ

- ‌82 - (41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌83 - (42) بَابُ: بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي لا يُقْبَلُ فِيهِ الإِيمَانُ وَلَا الْعَمَلُ الصَّالحُ

- ‌84 - (43) بَابُ: كَيفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌85 - (44) بَابُ: الإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ في الإِسْلَامِ

- ‌86 - (45) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِغَرِهِ، وَاسْتِخْرَاجِ حَظِّ الشَّيطَانِ مِنْ قَلْبِهِ

- ‌87 - (46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌88 - (47) بَابُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأنْبِيَاءِ لَيلَةَ الْإِسْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِمْ، وَوَصْفِهِ لَهُمْ، وَصَلاتِهِمْ

- ‌89 - (48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

- ‌90 - (49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

- ‌91 - (50) بَابٌ: فِي ذِكْرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

- ‌92 - (51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

- ‌93 - (52) بَابٌ: فِي ذِكْرِ الاخْتِلافِ هَلْ رَأَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ

- ‌94 - (53) فَصْلٌ فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ"، وَفِي قَوْلهِ: "رَأيتُ نُورًا

- ‌95 - (54) بَابٌ: فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ"، وَفِي قَوْلهِ: "حِجَابُهُ النُّورُ

- ‌96 - (55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

- ‌97 - (56) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ رُؤْيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌98 - (57) بَابُ شَفَاعَةِ الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ

- ‌99 - (58) بَابُ: إِخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ

- ‌100 - (59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ

الفصل: ‌70 - (29) باب: من قتل دون ماله فهو شهيد

‌70 - (29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

263 -

(132)(55) حدّثني أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ مَخْلَدٍ)

ــ

70 -

(29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

أي هذا بابٌ معقود في بيان الحديث الذي يذكر فيه أن من قتل دون ماله فهو شهيد، ودون في أصلها ظرف مكان بمعنى أسفل وتحت وهو نقيض فوق، وقد استعملت في هذا الحديث بمعنى اللام التعليلية أو الباء السببية، أي لأجل الدفع عن ماله أو بسبب الدفع عن ماله ففيه مجاز وتوسع، ووجهه أن الذي يقاتل لأجل ماله إنما يجعله خلفه أو تحته، ثم يقاتل عليه اهـ من المفهم.

وفي القاموس دون بالضم نقيض فوق، ويكون ظرفًا، وبمعنى أمام ووراء وفوق ضِدٌّ، وبمعنى غَيرٍ، قيل: ومنه حديث: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة" أي في غير خمس أواق قيل: ومنه أيضًا الحديث: "أجاز الخلع دون عقاص رأسها" أي بما سوى عقاص رأسها، أو معناه بكل شيء حتى بعقاص رأسها اهـ.

(263)

- س (132)(55)(حدثني أبو كريب محمد بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة (248) روى عنه المؤلف في (10) أبواب تقريبًا، قال أبو كريب (حدثنا خالد) بن مخلد البجلي مولاهم، أبو الهيثم الكوفي القطواني -بفتح القاف والطاء- نسبة إلى قطوان موضع بالكوفة، روى عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وسليمان بن بلال، ومالك بن أنس، ومحمد بن موسى، وعلي بن مسهر، ونافع القارئ وغيرهم، ويروي عنه (خ م س ق) وأبو كريب، وأحمد بن عثمان الأودي، والقاسم بن زكريا، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، ومحمد بن نمير، وإسحاق، وخلق، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه، وقال أبو داود: صدوق ولكنه يتشيع، وقال ابن معين: ما به بأس، وقال في التقريب: صدوق يتشيع، وله أفراد، من كبار العاشرة، مات سنة (213) ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: بعدها، روى عنه المؤلف في الإيمان، والوضوء، والصلاة، والزكاة، والحج والبيوع، والأطعمة، والأدب، والطلاق، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها تسعة أبواب تقريبًا، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن مخلد) إشارة إلى أن هذه النسبة من

ص: 7

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَال:"فَلَا تُعْطِهِ مَالكَ" قَال: أَرَأَيتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَال: "قَاتِلْهُ" قَال: أَرَأَيتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَال: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ" قَال: أَرَأَيتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَال: "هُوَ فِي النَّارِ"

ــ

زيادته، قال خالد بن مخلد (حدثنا محمد بن جعفر) بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: هو أخو إسماعيل، أكبر منه، ثقة من السابعة، روى عنه المؤلف في سبعة أبواب تقريبًا (عن العلاء بن عبد الرحمن) بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم أبي شبل المدني، صدوق ربما وهم، من الخامسة مات سنة (133) روى عنه المؤلف في أربعة أبواب تقريبًا (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم المدني، ثقة من الثالثة روى عنه المؤلف في الإيمان وغيره (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من سداسياته، رجاله أربعة منهم مدنيون، واثنان كوفيان (قال) أبو هريرة (جاء رجل) لم أرَ من ذكر اسمه (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل (يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (إن جاء رجل) ظالمٌ (يريد) ويقصد (أخذ مالي) وغصبه قهرًا، أأعطيه مالي وأتركه ليأخذ أم أدفعه عنه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلا تعطه) أي فلا تتركه ليأخذ (مالك) وادفعه عنه (قال) الرجل (أرأيت) يا رسول الله (إن قاتلني) أي إن شاهرني بالسلاح ليقتلني (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قاتله) أي فادفعه ولو بالقتل (قال) الرجل (أرأيت) أي أخبرني يا رسول الله (إن قتلني) ذلك الظالم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتلك ذلك الظالم بسبب الدفع عن مَالِكَ (فأنت شهيد) أي شهيد الآخرة قال الرجل (أرأيت إن قتلته) أي قتلت ذلك الظالم، أأضمنه بالقصاص أو بالدية أو هو مهدر (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو) أي ذلك الظالم مهدر في الدنيا مخلد (في النار) في الآخرة إن استحله لكفره، أو معاقب في النار، إلا إن أدركه العفو، إن لم يستحله، لأنه عاصٍ.

قوله (فأنت شهيد) سُمي بذلك لأنه حيٌّ، فكأنه يشاهد الأشياء، قيل: لأن أرواحهم شهدت دار السلام، وأرواح غيرهم لا تشهدها إلا يوم القيامة، قاله النضر بن

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شميل، فهو فعيل بمعنى فاعل، وقال ابن الأنباري: سُمي شهيدًا لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام شهدوا له بالجنة، فهو شهيد بمعنى مشهود له، وقيل: سُمي شهيدًا لأنه يشهد عند خروج روحه ما أُعد له من الثواب والكرامة، وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه، وقيل: لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله، وقيل: لأن عليه شاهدًا يشهد بكونه شهيدًا وهو دمه، فإنه يبعث وجرحه يثغب دمًا، وقال الأزهري وغيره: سمي شهيدًا لأنه يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الأمم السابقة، قال تعالى:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب، لأنه قد جاء هذا في جماعة من المسلمين.

(واعلم) أن الشهيد ثلاثة أقسام:

الأول: شهيد الدنيا والآخرة وهو المقتول في حرب الكفار بسبب القتال، فهو شهيد في الآخرة، لأنه ينال فيها ثواب الشهداء وكرامتهم، وشهيد في الدنيا: لأنه لا يغسل ولا يصلى عليه.

والثاني: شهيد الآخرة فقط، لأنه يثاب ثواب الشهداء في الآخرة دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون، وصاحب الهدم، ومن قتل دون ماله، والغريق، والحريق، والتي ماتت في الطلق، ولهذا يغسل ويُصلى عليه، وله في الآخرة ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابه مثل ثواب الأول.

والثالث: شهيد الدنيا فقط، كمن غل من الغنيمة، والمقاتل للحمية، والوطنية، والمحمدة، وغيرها، إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، لا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهما الكامل في الآخرة.

وفي الحديث جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلًا أو كثيرًا لعموم الحديث، وهذا قول جماهير العلماء، وقال بعض المالكية لا يجوز قتله إذا طلب شيئًا يسيرًا كالثوب والطعام، وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجمهور، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف، وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة.

وقوله (فلا تعطه مالك) معناه لا يلزمك أن تعطيه، وليس المراد تحريم الإعطاء اهـ

ص: 9

264 -

(133)(56) حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ -وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا)

ــ

نووي. وقال القرطبي: وهذا دليل على أن المحارب لا يجوز أن يعطى شيئًا له بال من المال إذا طلبه على وجه المحاربة، ما أمكن لا قليلًا ولا كثيرًا، وأن المحارب يجب قتاله، ولذلك قال مالك: قتال المحاربين جهاد، وقال ابن المنذر: جمهور العلماء على قتال المحارب على كل وجه، ومدافعته عن المال والأهل والنفس، واختلف أصحابنا إذا طلب الشيء الخفيف كالثوب والطعام فهل يعطونه أم لا على قولين، وذكروا أن سبب الخلاف في ذلك هو هل الأمر بقتالهم من تغيير المنكر، فلا يعطون ويقاتلون، أو هو من باب دفع الضرر، وخرجوا من هذا الخلاف في دعائهم قبل القتال هل يدعونه قبله أم لا اهـ مفهم.

وأما قوله (فإذا قتل فهو في النار) فمعناه أنه يستحق ذلك، وقد يجازى، وقد يعفى عنه إلا أن يكون مستحلًا لذلك بغير تأويل فإنه يكفر ولا يعفى عنه والله أعلم انتهى من النواوي.

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث الإمام النسائي (7/ 114) فقط، ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم فقال:

(264)

- ش (133)(56)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد بن علي الهذلي (الحلواني) أبو علي المكي، ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة (242) روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب (و) حدثنا أيضًا (إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي، ثم النيسابوري ثقة ثبت من الحادية عشرة، مات سنة (251) روى عنه المؤلف في (17) بابًا (و) حدثنا أيضًا (محمد بن رافع) القشيري مولاهم، أبو عبد الله النيسابوري، ثقة عابد من الحادية عشرة، مات سنة (245) روى عنه المؤلف في (11) أحد عشر بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (وألفاظهم) أي ألفاظ حديث هؤلاء الثلاثة (متقاربة) متشابهة في المعاني والألفاظ ولكن (قال إسحاق) بن منصور (أخبرنا. وقال الآخران) أي الحسن ومحمد (حدثنا) فاختلفوا في كيفية السماع، فبين

ص: 10

عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي سُلَيمَانُ الأَحْوَلُ؛ أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَينَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَبَينَ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَا كَانَ تَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ،

ــ

اختلافهم تورعًا من الكذب على بعضهم بصيغة أخبرنا أو بصيغة حدثنا في الجميع، أي قالوا روى لنا (عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ شهير من التاسعة، مات سنة (211) عن (85) سنة روى عنه المؤلف في (7) أبواب تقريبًا.

قال عبد الرزاق (أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) القرشي الأموي مولاهم، أبو الوليد، أو أبو خالد المكي، ثقة فقيه وكان يدلس ويرسل من السادسة، مات سنة (150) روى عنه المؤلف في (16) بابًا تقريبًا (قال) ابن جريج (أخبرني سليمان) بن أبي مسلم (الأحول) خال ابن أبي نجيح المكي، واسم أبي مسلم عبد الله، روى عن ثابت مولى عمر بن عبد الرحمن في الإيمان، وطاوس في الصلاة والحج واللباس، وسعيد بن جبير في الوصايا، ومجاهد في الأشربة، ويروي عنه (ع) وابن جريج، وابن عيينة، وشعبة، قال أحمد: ثقة ثقة، وقال في التقريب: ثقة من الخامسة، وجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها ستة أبواب تقريبًا.

(أن ثابتًا) ابن عياض بن الأحنف الأعرج (مولى عمر بن عبد الرحمن) بن زيد بن الخطاب العدوي المكي، ثقة من الثالثة، روى عن عبد الله بن عمروفي الإيمان، وعن أبي هريرة في الوضوء والنكاح والأدب، ويروي عنه (خ م د س) وسليمان الأحول (أخبره) أي أخبر لسليمان الأحول (أنه) أي أن الشأن والحال (لما كان بين عبد الله بن عمرو) بن العاص بن وائل السهمي، أبي محمد الطائفي، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد المكثرين من الصحابة، له سبعمائة حديث (700) اتفقا على سبعة عشر، وانفرد (خ) بثمانية و (م) بعشرين، مات في ذي الحجة بالطائف سنة (65) خمس وستين (وبين عنبسة بن أبي سفيان) بن حرب، كان أخا معاوية (ما كان) من المخاصمة في حائط (تيسروا) أي تيسر كل منهما مع من كان معه من الأصحاب والمساعدين، أي تهيؤا وتأهبوا واستعدوا (للقتال) أي لإيقاع المقاتلة بينهما بالسلاح.

ويروى أن عنبسة بن أبي سفيان أخا معاوية، كان عاملًا لمعاوية على مكة

ص: 11

فَرَكِبَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَعَظَهُ. فَقَال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو لِخَالِدٍ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"

ــ

والطائف، ذكره ابن منده وقال: أدرك عنبسة النبي صلى الله عليه وسلم ولا تصح له صحبة ولا رؤية، قال الحافظ في الإصابة: إذا أدرك الزمن النبوي حصلت له الرؤية لا محالة ولو من أحد الجانبين، ولا سيما مع كونه من أصهار النبي صلى الله عليه وسلم أخته أم حبيبة أم المؤمنين، وقد اجتمع الجميع بمكة في حجة الوداع، ذكره في الإصابة (5/ 69) وانظر أسد الغابة (4/ 304).

والذي كان بينه وبين عبد الله بن عمرو فصله الطبري فيما رواه عن حيوة، قال إن عاملًا لمعاوية أجرى عينًا من ماء ليسقي بها أرضًا فدنا من حائط لآل عمرو بن العاص، فأراد أن يخرقه ليُجري العين منه إلى الأرض، فأقبل عبد الله بن عمرو، ومرَّ إليه بالسلاح، وقالوا والله لا تخرقون حائطنا حتى لا يبقى منا أحدٌ، وذكر الحديث، والعامل المذكور هو عنبسة هذا، والأرض المذكورة كانت بالطائف، وإنما فعل عبد الله بن عمرو ما فعل، لما يدخل عليه من الضرر اهـ من هامش إكمال المُعْلِم (فركب) أي ذهب راكبًا حين سمع خبر تهيئهم للقتال (خالد بن العاص) عم عبد الله بن عمرو بن العاص، لأنه أخو عمرو بن العاص، ولفظة العاص تُقرأ بحذف الياء إن قلنا إنه من عاص يعيص إذا تكبر واستطال، فهو أجوف يائي كباع يبيع، وعلى هذا استعمال معظم المحدثين أو كلهم، ويُقرأ بإثبات الياء "العاصي" إن قلنا إنه من عصى يعصي عِصْيانًا، فيكون ناقصًا يائيًا كرمى يرمي وهو الفصيح من حيث اللغة (إلى) ابن أخيه (عبد الله بن عمرو) ليزجره ويمنعه من القتال مع عنبسة بن أبي سفيان (فوعظه) أي وعظ خالد لعبد الله بن عمرو، وذكره بالآيات الزاجرة والأحاديث الواردة في النهي عن اقتتال المسلمين (فـ) ـأبى عبد الله بن عمرو قبول وعظ خالد و (قال عبد الله بن عمرو لخالد) كيف أترك المدافعة عن مالي (أما علمت) يا خالد، أي ألم تعلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله) أي لأجل الدفع عن ماله (فهو شهيد) أي يثاب ثواب شهداء المعركة في الآخرة كما مر بسط الكلام فيه قريبًا.

وسند هذا الحديث أعني حديث عبد الله بن عمرو من سداسياته، وفي رواية الحلواني رجاله أربعة منهم مكيون، وواحد صنعاني، وواحد طائفي، وفي رواية إسحاق

ص: 12