الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
80 - (39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
288 -
(144)(67) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ،
ــ
80 -
(39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أي هذا باب معقود في بيان الأحاديث التي تدل على شمول رسالته صلى الله عليه وسلم جميع النَّاس عربًا وعجمًا كتابيًا ومشركًا وجاهليًا وعلى وجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم على كل منهم، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} وأما غيره صلى الله عليه وسلم من سائر الأنبياء فإنما أرسل إلى قومه فقط، كما يدل عليه الحديث الثاني في الباب، وبيان الأحاديث الدالة على كونه صلى الله عليه. وسلم أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، كما يدل عليه الحديث الأول في الباب والله تعالى أعلم.
(288)
- س (144)(67)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) بن جميل بفتح الجيم ابن طريف الثَّقَفيّ مولاهم، أبو رجاء البغلاني، ثِقَة ثبت من العاشرة، مات سنة (240) روى عنه المؤلف في (7) أبواب تقريبًا.
قال قتيبة (حَدَّثَنَا ليث) بن سعد بن عبد الرَّحْمَن بن الحارث الفهمي مولاهم، أبو الحارث المصري، عالم مصر وفقيهها ورئيسها، ثِقَة ثبت إمام مشهور من السابعة، مات في النصف من شعبان سنة (175) روى عنه المؤلف في (15) بابًا تقريبًا (عن سعيد) المقبري (بن أبي سعيد) المقبري كيسان، أبي سعيد المدنِي، مولى بني ليث، وقال في التقريب: ثِقَة من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، مات سنة (125) روى عنه المؤلف في (10) أبواب تقريبًا.
(عن أَبيه) أبي سعيد المقبري كيسان بن سعد المدنِيُّ، مولى أم شريك من بني الليث، وإنما سُمي بالمقبري لأنه وإن يحفظ مقبرة بني دينار، ويقال كان نازلًا بقرب مقبرة، روى عن أبي هريرة في الإيمان والصلاة والزكاة والحج والجهاد وذكر الأنبياء والدعاء وصفة الجنة، وعن عمر، وعلي وأسامة، ويروي عنه (ع) وابنه سعيد وابن ابنه عبد الله بن سعيد، وجماعة، قال الواقديّ: كان ثِقَة كثير الحديث، وقال النَّسائيّ:
عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى الله إِليَّ. فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
ــ
لا بأس به، وقال في التقريب: ثِقَة من الثَّانية، مات سنة (100) مائة، وليس في مسلم كيسان إلَّا هذا الثقة روى عنه في تسعة أبواب تقريبًا كما بيناه آنفًا.
(عن أبي هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر المدنِيُّ الدوسي رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وواحد مصري، وواحدة بغلاني.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من الأنبياء من نبي) ما مهملة لانتقاض نفيها بإلا، ومن الأولى بيانية متعلقة بمحذوف صفة للمبتدأ، أو حال منه، ومن الثَّانية زائدة، ونبي مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة دخول من الزائدة عليه، أو تقدم النفي، أو وصفه بالصفة المقدمة على قول، وكلمة إلَّا في قوله (إلا قد أُعطي) مفرغة، ما بعدها خبر المبتدأ، والتقدير ما نبي من الأنبياء قبلي إلَّا قد أُعطي وأوتي (من الآيات) والمعجزات (ما) كان (مثله) لمن كان قبله من الأنبياء فـ (آمن) بالمد وفتح الميم بصيغة الماضي و (عليه) بمعنى به أي إلَّا أُعطي من المعجزات ما وجد مثله ونظيره لمن وإن قبله من الأنبياء فآمن به (البشر) قبله، والمعنى أي ما نبي من الأنبياء قبلي إلَّا أعطي من المعجزات معجزة مسبوقة بمثلها ونظيرتها التي آمن بها البشر قبله.
وأما معجزتي العظيمة الظاهرة المستمرة فهي القرآن؛ الذي لم يُعطَ أحدٌ قبلي مثله فلهذا أنا أكثرهم تابعًا، وهذا معنى قوله (وإنما كان الذي أُوتيت) وأعطيت وخُصِّصت به (وحيًا) أي قرآنًا (أوحا) هـ (الله) سبحانه وتعالى وأنزله (إليَّ) فالقرآن كلام الله المُعجز المستمر على ممر السنين والدهور إلى قرب يوم القيامة (فـ) بسبب كونه معجزة مستمرة إلى يوم القيامة لا يبدل ولا يُغير ولا ينسخ (أرجو) وآمل من الله سبحانه وتعالى (أن أكون) أنا (كثرهم) أي أكثر الأنبياء (تابعًا يوم القيامة) وتابعًا تمييز محول عما هو المبتدأ في الأصل، أي أرجو أن يكون أتباعي أكثر من أتباعهم.
قال القاضي عياض: أشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: "وإنما كان الذي أوتيت وحيًا" إلى أن سائر معجزات الأنبياء انقرضت بانقراضهم، ولم يُشاهدها إلَّا من كان حاضرًا لها، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم من القرآن، وخرقه للعادة في أسلوبه وبلاغته بينة واضحة لكل من يأتي إلى يوم القيامة، إلى ما انطوى عليه من الإخبار عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغيوب، فلا يمر عصرٌ إلَّا ويظهر فيه معجزة مما أخبر أنها تكون، تدل على صدقه وصحة نبوته، وتجدد الإيمان في قلوب أمته اهـ.
قال السنوسي: ولا خفاء في ظهور معجزة القرآن لجميع الخلق، أما لعلماء البلاغة فواضح وأما لغيرهم فلمشاهدة العجز منهم مع طول السنين، وكثرة المعادين للدين مع ما فيه من العلوم الجمة، والقصص الغريبة، والمواعظ الرائقة، وبالجملة فقد احتوى على خير الدنيا والآخرة، ثم هو شاهد على صدق نفسه بنفسه اهـ.
وقال الأبي: أكثرية أتباعه صلى الله عليه وسلم إنما هي تكرمة من الله تعالى له صلى الله عليه وسلم وإلا فمعجزة غيره كالعصا، وانفلاق البحر، ونتق الجبل، وإحياء الموتى، وخروج ناقة من الحجر، من الظهور لعامة البشر بحيث يؤمن لها البشر، وتكون أتباعها أكثر، وإنما معجزته صلى الله عليه وسلم كلام يتلى، إنما يدرك وجه إعجازه بتأمل اهـ والله أعلم.
وعبارة النواوي هنا: واختُلف في معنى هذا الحديث على أقوال:
الأول: معناه أن كل نبي أُعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، فآمن به البشر، وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن، الذي لم يُعط أحد مثله، فلهذا قال: أنا أكثرهم تابعًا.
الثاني: أن معناه أن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر وشبهة، بخلاف معجزة غيري فإنَّه قد يُخيل الساحر بشيء مما يقارب صورتها، كما خيلت سحرة فرعون في صورة موسى عليه السلام، والخيال قد يروج على بعض العوام، والفرق بين المعجزة والسحر والتخييل يحتاج إلى فكر ونظر، وقد يُخطئ الناظر فيعتقدهما سواء.
الثالث: أن معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم ولم يشاهدها إلَّا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرق العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات وعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته فلم يقدروا، وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه إعجازه المعروفة، وقوله صلى الله عليه وسلم:"فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا" علم من أعلام النبوة، فإنَّه صلى الله عليه
289 -
(145)(68) حدّثني يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو؛ أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛
ــ
وسلم أخبر بهذا في زمن قلة المسلمين، ثم من الله تعالى وفتح على المسلمين البلاد، وبارك فيهم حتَّى انتهى الأمر واتسع الإِسلام في المسلمين إلى هذه الغاية ولله الحمد على هذه النعمة وسائر نعمه التي لا تحصى والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى منه.
وهذا الحديث يدل على الجزء الأخير من الترجمة، وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ في فضائل القرآن، وفي الاعتصام، والنَّسائيّ في التفسير في "الكبرى" وفي فضائل القرآن في الكبرى أَيضًا، ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الأول من الترجمة بالحديث الآتي فقال:
(289)
- س (145)(68)(حَدَّثني يونس بن عبد الأعلى) بن ميسرة بن حفص الصدفي، أبو موسى المصري، روى عن ابن وهب في الإيمان والبيوع وغيرهما، وابن عيينة، والشافعي، والوليد بن مسلم وغيرهم، ويروي عنه (م س ق) وابنه أَحْمد بن يونس، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأبو حاتم وغيرهم، وثقه النَّسائيّ، وأبو حاتم، وقال في التقريب: ثِقَة من صغار العاشرة، مات سنة (264) أربع وستين ومائتين، وله (96) ست وتسعون سنة، قال يونس (أخبرنا) وفي نسخة حَدَّثَنَا، عبد الله (بن وهب) بن مسلم القُرشيّ مولاهم، أبو محمَّد المصري، ثِقَة حافظ من التاسعة، مات سنة (197) روى عنه المؤلف في (13) بابًا تقريبًا.
(قال) ابن وهب أخبرني عمرو غير هذا الحديث (وأخبرني) أَيضًا هذا الحديث الآتي (عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأَنْصَارِيّ مولاهم، أبو أمية المصري، ثِقَة فقيه حافظ، من السابعة مات سنة (148) روى عنه المؤلف في (13) بابًا تقريبًا.
(أن أَبا يونس) مولى أبي هريرة، سليم بن جبير الدوسي المصري، ثِقَة من الثالثة، مات سنة (123) روى عنه المؤلف في (4) أبواب تقريبًا.
(حدثه) أي حدث لعمرو بن الحارث (عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، رجاله كلهم مصريون إلَّا أَبا هريرة فإنَّه مدني.
أَنَّهُ قَال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أحدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالذي أُرْسِلْتُ بِهِ، إلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ"
ــ
قال النواوي: قوله (وأخبرني عمرو) هو بالواو في أول وأخبرني وهي واو حسنةٌ فيها دقيقة نفيسة، وفائدة لطيفة، وذلك أن يونس سمع من ابن وهب أحاديث من جملتها هذا الحديث، وليس هو أولها، فقال ابن وهب في روايته الحديث الأول: أخبرني عمرو بكذا، ثم قال: وأخبرني عمرو بكذا، وأخبرني عمرو بكذا إلى آخر تلك الأحاديث، فإذا روى يونس عن ابن وهب غير الحديث الأول، فينبغي له أن يقول: قال ابن وهب وأخبرني عمرو فيأتي بواو العطف لأنه سمعه هكذا، ولو حذفها لجاز ولكن الأولى الإتيان بها ليكون راويًا كما سمع والله أعلم اهـ.
ويحتمل أن تكون الواو عاطفة على محذوف تقديره أخبرني غير عمرو هذا الحديث الآتي، وأخبرني عمرو أَيضًا أن أَبا يونس حدثه إلخ والله أعلم.
(أنَّه) صلى الله عليه وسلم (قال: والذي نفس محمَّد بيده) أي أقسمت بالإله الذي نفس محمَّد وروحه بيده وتصرفه، وأتى بالقسم لتأكيد الكلام (لا يسمع بي) أي ببعثتي (أحد من هذه الأمة) مع تبيُّن معجزتي له، والمراد بـ (هذه الأمة) أمة الدعوة ممن هو موجود في زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة فكلهم يجب عليهم الدخول في دينه وطاعته، وقوله (يهودي ولا نصراني) بغير واو العطف بدل من هذه الأمة بدل بعض من كل، وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد، وقال:"لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني" بواو العطف، رواه أبو عوانة بهذا اللفظ، فحينئذ لا يدخل اليهودي ولا النصراني في هذه الأمة المذكورة، فيكون من عطف الخاص على العام، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما، وذلك لأن اليهودي والنصراني لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى (ثم) بعد سماعه إياي (يموت و) الحال أنَّه (لم يؤمن بـ) الدين (الذي أرسلت) وبعثت (به إلَّا كان) ذلك الأحد (من أصحاب النَّار) الأخروية وأهلها لكفره، وقوله (من هذه الأمة) والأمة تأتي بمعنى الواحد كقوله تعالى:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} وبمعنى الجماعة كقوله تعالى: {وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} وبمعنى الأتباع كقوله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وبمعنى أمة الدعوة أي كل من دعاه إلى الإيمان، وهي المرادة هنا لأن يهوديًّا ونصرانيًّا بالنصب بدل من الأمة، بدل بعض من كل، أو بدل من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحد إن رفعا، والقضية حقيقية فلا مفهوم لاسم الإشارة حتَّى يقصر على من في زمنه صلى الله عليه وسلم بل هو عام فيه وفيمن سيوجد من الأمة إلى يوم القيامة، وقوله (ولا نصراني) جاء على الفصيح من أن المعطوف على المنفي بـ (لا) أن يكون معه النفي ومنه قوله تعالى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31)} ، وقوله (ثم يموت) والعطف بـ (ثم) يدل على أن الإيمان متى حصل نفع ولو بعد مدة من السماع وقيل إنما عطف بها للاستبعاد كما هو في قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا} أي لا أبعد في العقل من يهودي أو نصراني بعد انتظارهما بعثتي ثم لما بعثت لم يؤمنا بي فعلى هذا يختص الحديث بأهل الكتاب بخلاف ما تقدم اهـ. أُبّي.
والحديث دليل على أن من لم تبلغه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمره لا عقاب عليه ولا مؤاخذة كما يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ومن لم تبلغه دعوة الرسول ولا معجزته فكأنه لم يبعث إليه رسول كمن كان بأطراف العمران أو في بعض الجزائر المنقطعة ولهذا الأصل نقطع أن يأجوج ومأجوج بلغتهم الدعوة لما صح في حديث بعث النَّار، وقيل إنه صلى الله عليه وسلم أنذرهم ليلة الإسراء وهذا لا يصح، وكما أن بلوغ الدعوة شرط فكذا فهم التكليف فإن وجد من الأعاجم من لم يفهم فهو بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، ويأتي الكلام على أهل الفترة إن شاء الله تعالى. اهـ. سنوسي.
وهذا الحديث دليل على الجزء الأول من الترجمة. وعبارة القاضي وهذا الحديث دليل على أن من في أطراف الأرض وجزائر البحر المنقطعة ممن لم تبلغه دعوة الإِسلام ولا أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن الحرج عنه في عدم الإيمان به ساقط لقوله: "لا يسمع بي" إذ طريق معرفته والإيمان به صلى الله عليه وسلم مشاهدة معجزته وصدقه أيام حياته صلى الله عليه وسلم أر صحة النقل بذلك والخبر لمن لم يشاهده وجاء بعده بخلاف الإيمان بالله تعالى وتوحيده الذي يوصل إليه بمجرد النظر الصحيح ودليل العقل السليم اهـ. وهذا في العصر الأول وأما الآن فلا عذر فقد تواصلت أقطار الأرض وأرجاؤها بالطائرات والبواخر والقواطير وبالهواتف.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أَحْمد (3/ 317) وهو مما انفرد به مسلم عن أصحاب الأمهات.