الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
87 - (46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم
318 -
(155)(78) حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "فُرِجَ سَقْفُ بَيتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ،
ــ
87 -
(46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم
أي هذا باب معقود في ذكر الأحاديث الدالة على شق صدره صلى الله عليه وسلم مرة ثانية وتطهير قلبه من نزغات الشيطان وحظوظ النفس والهوى والإفراغ فيه حكمة وإيمانًا والإسراء به والعروج إلى أعلى السماوات لمناجاة رب العالمين.
(318)
- (155)(78)(حدثني حرملة بن يحيى التجيبي) أبو حفص المصري صدوق من (11) روى عن ابن وهب في مواضع كثيرة، قال حرملة (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي أبو محمد المصري ثقة من (9)(قال) ابن وهب (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي أبو يزيد الأموي ثقة ولكن في روايته عن الزهري وهم وعن غيره خطأ، من السابعة مات سنة (159)(عن) محمد بن مسلم بن عبد الله (بن شهاب) الزهري المدني ثقة من الرابعة مات سنة (125)(عن أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) أنس بن مالك (كان أبو ذر) جندب بن جنادة الغفاري الصحابي المشهور المدني أحد نجباء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي أي كان أبو ذر الغفاري (يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فرج) أي فتح (سقف بيتي) أي علو بيتي وداري فالسقف ضد السفل (وأنا) أي والحال أنا (بمكة) المشرفة وهذا الحديث ظاهر في أن شق الصدر كان في ليلة الإسراء وبعد النبوة وتقدم في حديث أنس أنه كان وهو يلعب مع الغلمان ببني سعد فتعارض الحديثان فجمع السهيلي بينهما بأن شق الصدر وقع مرتين: مرة في الصغر للتطهير من مغمز الشيطان حتى لا يلتبس بشيء من المعايب وحتى لا يكون في قلبه إلا التوحيد، ومرة في الاكتهال وبعد النبوة عندما أراد الله سبحانه
فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَة وإِيِمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ
ــ
وتعالى رفعه إلى حضرة القدس لتلقي فرض الصلاة وللصلاة بملائكة السماء وبالأنبياء، ومن شأن الصلاة الطهور فطهر ظاهرًا وباطنًا كما مر. (فنزل جبريل) الأمين عليه السلام من السماء (ففرج صدري) أي شقه بسكين القدرة وأخرج قلبي (ثم غسله) أي غسل قلبي (من ماء زمزم) أي بماء بئر زمزم فمن بمعنى الباء (ثم) بعد غسله (جاء) جبريل (بطست من ذهب) أصل الطست الطس فأبدل من أحد المثلين تاء، يقال في جمعه طساس كسهم وسهام، وطسوس كفلس وفلوس باعتبار المعنى، وعلى طسوت باعتبار اللفظ كما في المصباح، قال النواوي: وهي مؤنثة فجاء ممتلئ على معناها وهو الإناء وأفرغها على لفظها (ممتلئ) ذلك الإناء يعني إناء الطست (حكمة) أي علمًا مطابقًا للواقع (وإيمانًا) أي تصديقًا ويقينًا بما يجب الإيمان به، والمراد بالحكمة الأحكام الشرعية والفرعية، وبالإيمان علم العقائد الأصولية (فأرغها) أي أفرغ الطست وصبها أي أفرغ ما فيها من الحكمة والإيمان في قلبي الذي كان (في) داخل (صدري ثم) بعد إفراغ ما فيها في القلب (أطبقه) أي أطبق صدري وخاطه بخيط القدرة.
(فإن قلت) الحكمة والإيمان معنى من المعاني والمعاني لا تقوم بأنفسها حتى تملأ الطست (قلت) إنهما كناية عن شيء قابل لهما تسمية للشيء باسم صفته فلما طهر قلبه بإزالة العلقة عوض منه ذلك الشيء، قال السهيلي: ولعل ذلك الشيء الثلج لأن في بعض طرق هذا الحديث (وهو يلعب مع الغلمان فجاء بطست فيه ثلج فغسل به قلبه) لأن الثلج يشعر بثلج اليقين وبرده على الفؤاد وملئ قلبه إيمانًا وكان مؤمنًا (ليزداد الذين آمنوا إيمانًا) قال النواوي؛ وأما جعل الإيمان والحكمة في إناء وإفراغهما مع أنهما معنيان، وهذه صفة الأجسام فمعناه والله أعلم أن الطست كان فيها شيء يحصل به كمال الإيمان والحكمة وزيادتهما فسمي إيمانًا وحكمة لكونه سببًا لهما وهذا من أحسن المجاز، والله أعلم.
قال القاضي عياض: وفي حشو قلبه حكمة وإيمانًا في الصغر دليل على ما يقوله المحققون من أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الصغر. اهـ
(ثم) بعد ما أطبق صدري وختمه (أخذ) جبريل (بيدي) اليمنى (فعرج) بفتحتين من
بِي إِلَى السَّمَاءِ. فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قَال جِبْرِيلُ عليه السلام لِخَازِنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا: افْتَحْ. قَال: مَنْ هَذَا؟ قَال: هذَا جِبْرِيلُ. قَال: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَال: نَعَمْ. مَعِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. قَال: فَأرْسِلَ إِلَيهِ؟ قَال: نَعَمْ. فَفَتَحَ. قَال: فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَإِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْودَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْودَةٌ. قَال: فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى. قَال: فَقَال: مَرْحَبا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ
ــ
باب دخل أي صعد (بي إلى السماء) أي إلى جهة العلو حتى وصلنا السماء الدنيا (فلما جئنا) ووصلنا (السماء الدنيا) أي القربى إلى الأرض التي تسمى بـ (رفيع) على صيغة المصغر (قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا) وبوابها (افتح) لنا الباب (قال) الخازن لجبريل (من هذا؟ ) المستفتح (قال) جبريل (هذا) المستفتح (جبريل) يريد نفسه إقامة للظاهر مقام المضمر الذي هو مقتضى السياق (قال) الخازن (هل معك أحد؟ قال) جبريل (نعم) معي أحد (معي محمد صلى الله عليه وسلم قال) الخازن أ (فأرسل) بتقدير همزة الاستفهام (إليه) أي إلى محمد صلى الله عليه وسلم للعروج (قال) جبريل (نعم) أرسل إليه بالعروج (ففتح) الخازن الباب (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فلما علونا) وصعدنا (السماء الدنيا) وكنا فوقها، والإتيان بضمير الجمع فيه وفي أمثاله يدل على أنه كان معهما ملائكة آخرون ولعله كان كما عديا سماء تشيعهما الملائكة حتى يصلا إلى سماء أخرى، و (الدنيا) صفة للسماء في موضع نصب، و (إذا) في قوله (فإذا رجل) قاعد فيها، فجائية أي فلما علونا فوقها فاجأنا رؤية رجل قاعد، وجملة قوله (عن يمينه) أي عن يمين ذلك الرجل القاعد (أسودة) أي أشخاص وجماعات في محل الرفع صفة لرجل والأسودة جمع سواد كقَذَال وأقذلة وسنام وأسنمة وزمان وأزمنة، وتجمع الأسودة على أساود، وقال أهل اللغة: والسواد الشخص، وقيل: السواد الجماعات وهم نسم بنيه (وعن يساره) أي يسار ذلك الرجل (أسودة) أي أشخاص وجماعات أيضًا (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا نظر) ذلك الرجل القاعد (قبل يمينه) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة يمينه (ضحك) الرجل سرورًا وفرحًا (وإذا نظر قبل شماله) أي جهتها (بكى) ذلك الرجل حزنًا وتأسفًا (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فقال) لي ذلك الرجل القاعد (مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح) أي أصبت رحبًا لا ضيقًا وهي كلمة
قَال: قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ قَال: هَذَا آدَمُ عليه السلام. وَهَذِهِ الأَسْودَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأسودَةُ التِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى. قَال: ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ. فَقَال لِخَازِنِهَا: افْتَحْ. قَال: فَقَال لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَال خَازِنُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا. فَفَتَحَ".
فَقَال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "فَذَكَرَ
ــ
تقال عند تأنيس القادم، ولم يقل أحد منهم مرحبًا بالنبي الصادق لأن الصلاح شامل لسائر الخصال المحمودة الممدوحة من الصدق وغيره، فقد جمع بين صلاح الأنبياء وصلاح الأبناء كأنه قال: مرحبًا بالنبي التام في نبوته والابن البار في بنوته، وفي القاموس: رَحُب المكان ككرم وسمع رحبًا بالضم ورحابة فهو رَحْب ورحيب ورحاب بالضم اتسع كأرحب وأرحبه وسعه، وأرحب وأرحبي زجران للفرس أي توسعي وتباعدي، وامرأة رحاب بالضم واسعة، وقولهم مرحبًا وسهلًا أي صادفت سعة لا ضيقًا. اهـ منه
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم (قلت: يا جبريل من هذا؟ ) الرجل القاعد (قال) جبريل عليه السلام (هذا) الرجل القاعد (آدم) أبو البشر (عليه السلام وهذه الأسودة) التي (عن يمينه وعن شماله نسم بنيه) بفتح النون والسين المهملة جمع نسمة وهي نفس الروح أي أرواح بنيه (فأهل اليمين) منهم أي يمين الرجل هم (أهل الجنة والأسودة التي عن شماله) هم (أهل النار) أعاذنا الله سبحانه وتعالى وجميع المسلمين منها، يحتمل أن النار كانت في جهة شماله ويكشف له عنها حتى ينظر إليهم لا أنها في السماء لأن أرواحهم في سجين الأرض السابعة كما أن الجنة فوق السماء السابعة في جهة يمينه (فإذا نظر قبل يمينه ضحك) فرحًا بصلاحهم ونجاحهم في الدنيا والآخرة (وإذا نظر قبل شماله بكى) تأسفًا بخذلانهم وشقائهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (ثم عرج) وصعد (بي جبربل) عليه السلام (حتى أتى السماء الثانية فقال) جبريل (لخازنها) وبوابها (افتح) لنا الباب (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فقال له) أي لجبريل (خازنها) أي خازن السماء الثانية وبوابها (مثل ما قال خازن السماء الدنيا) وبوابها حرفًا بحرف (ففتح) لنا باب السماء الثانية خازنها (فقال أنس بن مالك) راوي الحديث عن أبي ذر (فذكر) أبو ذر
أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَاوَاتِ آدَمَ وَإِدْرِيسَ وَعِيسَى وَمُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِمْ أَجْمَعِينَ. وَلَمْ يُثْبِتْ كَيفَ مَنَازِلُهُمْ. غَيرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ آدَمَ عليه السلام فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا. وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَال: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَإِدْرِيسَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِ قَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأخَ الصَّالِحِ
ــ
(أنه) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم (وجد) أي رأى (في السماوات آدم وإدريس وعيسى وموسى وإبراهيم صلوات الله) سبحانه وتعالى وسلامه (عليهم أجمعين ولم يثبت) من الإثبات (كيف منازلهم) أي لم يعين أبو ذر لكل نبي سماء (غير أنه) أي غير أن أبا ذر (ذكر أنه) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم (قد وجد) ورأى (آدم عليه السلام في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة) نعم في حديث أنس عن مالك بن صعصعة عند الشيخين أنه وجد آدم في السماء الدنيا كما مر وفي الثانية يحيى وعيسى وفي الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى وفي السابعة إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وبين الروايتين معارضة بالنسبة إلى مقام إبراهيم عليه السلام إلا بأن يقال إن الإسراء كان مرتين أو لعله وجد إبراهيم في السادسة ثم ارتقى إبراهيم معه إلى السابعة والله أعلم. اهـ سنوسي (قال) أنس وفي رواية البخاري (قال أنس) بتصريح أنس، وقال القسطلاني ظاهره أن أنسًا لم يسمع من أبي ذر هذه القطعة الآتية وهي (فلما مر جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بإدريس) أي على إدريس (صلوات الله عليه قال) إدريس عليه السلام (مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح) لم يقل والابن كما قال آدم لأنه لم يكن من آبائه صلى الله عليه وسلم، وقال القاضي عياض: عبر آدم ونوح وإبراهيم عليهم السلام بالابن لأنهم آباء له صلى الله عليه وسلم وعبر غيرهم بالأخ لأنهم ليسوا آباء باتفاق، وتعبير إدريس عليه السلام بالأخ يخالف ما يقوله أهل النسب والتاريخ إنه جد أعلى لنوح عليه السلام ويقولون هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ، وأخنوخ هو إدريس عليه السلام بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، ولا خلاف في عد هذه الأسماء على هذا النحو، وإنما الخلاف في ضبط بعضها، وقيل في إدريس إنه إلياس وإلياس من ذرية إبراهيم لقوله تعالى:{وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ} الآية، وعلى هذا فليس بجد لنوح، قال النواوي: التعبير بالأخ لا يمنع كونه أبًا
قَال: ثُمَّ مَرَّ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَال: هَذَا إِدْرِيسُ. قَال: ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى عليه السلام. فَقَال: مَرْحَبا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأخَ الصَّالِحِ. قَال: قُلْتُ: مَنْ هذَا؟ قَال: هذَا مُوسَى. قَال: ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى. فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأخَ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هذَا؟ قَال: هذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. قَال: ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام. فَقَال: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ. قَال: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَال: هَذَا إِبْرَاهِيمُ".
قَال ابْنُ شِهَابِ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ
ــ
له صلى الله عليه وسلم لأنه قد يكون تلطفًا وتادبًا أو يعني أخوة الإيمان، قال الأبي: ويمنع كونه إلياس ما ثبت من أن إدريس رفع ولم يرد أن إلياس رفع (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (ثم مر) بنا جبريل على إدريس (فقلت) لجبريل (من هذا؟ ) القائل الذي مررنا عليه (فقال) جبريل (هذا إدريس قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم مررت بموسى عليه السلام فقال) موسى (مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت) لجبريل (من هذا؟ ) القائل (قال) جبريل (هذا موسى قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم مررت بعيسى فقال) عيسى (مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، قلت) لجبريل (من هذا؟ ) القائل (قال) جبريل (هذا) القائل (عيسى ابن مريم) وليست (ثم) هنا للترتيب إلا إن قيل بتعدد المعراج لأن الروايات قد اتفقت على أن المرور به كان قبل المرور بموسى (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم مررت بإبراهيم عليه السلام فقال) إبراهيم (مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت) لجبريل (من هذا) القائل (قال) جبريل (هذا إبراهيم) الخليل عليه السلام (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري بالسند السابق (وأخبرني) أيضًا بالإفراد معطوف على أخبرني أنس بن مالك المعلوم من العنعنة السابقة (ابن حزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان بن حارثة بن محمد بن زيد بن ثعلبة بن زيد مناة من بني مالك بن جشم بن الخزرج الأنصاري الخزرجي المدني قاضي أهل المدينة زمن سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، ويقال اسمه كنيته، ويقال اسمه أبو بكر وكنيته أبو محمد، روى عن عمرو بن سليم الزرقي في الصلاة، وسلمان الأغر في الصلاة، وعمرة في الصلاة والجنائز والحج
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولانِ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأقلامِ"
ــ
وغيرها، وعبد الله بن قيس بن مخرمة في الصلاة، وعباد بن تميم في الصلاة والحج، وعبد الله بن عمرو بن عثمان في الحج والأحكام، وعمر بن عبد العزيز في البيوع، وأبي سلمة بن عبد الرحمن في الأحكام، ويروي عنه (ع) والزهري وابنه عبد الله بن أبي بكر وأفلح بن حميد والوليد بن أبي هشام ويحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن عبد الله بن الهاد وابن أبي حسين وغيرهم، تابعي ثقة من الثالثة مات سنة (120) عشرين ومائة وهو ابن (84) أربع وثمانين سنة، روى عنه المؤلف في خمسة أبواب تقريبًا كما بيناها (أن) عبد الله (بن عباس) بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائفي وتقدم البسط في ترجمته (و) أن (أبا حبة) بفتح المهملة وتشديد الموحدة عامر بن عبيد بن عمرو بن عمير بن ثابت (الأنصاري) المازني البدري له صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء، ويروي عنه (م) وابن حزم في حديث أبي ذر في المعراج، وعبد الله بن عمرو بن عثمان وعمار بن أبي عمار، وقال في التقريب: والذي يظهر أن أبا حبة الذي روى حديث الإسراء وحديث لم يكن، وروى عنه ابن حزم وعمار بن أبي عمار وضبطه المحدثون بالموحدة غير الذي ذكر أهل المغازي أنه استشهد بأحد واختلفوا هل هو بالموحدة أو بالنون أو بالتحتانية، فإن شيخ عمار بقي إلى خلافة معاوية لتصريح عمار بالسماع منه والله أعلم. اهـ
قال ابن حزم (كانا) أي ابن عباس وأبو حبة (يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم) بعد مروري على إبراهيم (عرج) بفتحات أو بضم الأول وكسر الثاني أي صعد (بي) جبريل (حتى ظهرت) وعلوت (لمستوى) أي على مصعد ومرتفع (أسمع فيه صريف الأقلام) أي تصويتها حال الكتابة، وقوله (لمستوى) بواو مفتوحة أي موضع مشرف يستوي عليه وهو المصعد، واللام فيه للعلة أي علوت لاستعلاء مستوى، وفي بعض الأصول (بمستوى) بموحدة بدل اللام، وقوله (صريف الأقلام) أي تصويتها حالة كتابة الملائكة ما يقضيه الله تعالى مما تنسخه من اللوح المحفوظ أو ما شاء الله أن يكتب لما أراد الله تعالى من أمره وتدبيره والله غني عن الاستذكار بتدوين الكتب إذ علمه محيط بكل شيء، وفي الأبي: وصريف الأقلام تصويتها حالة الكتابة وصريف العجل صوت أنيابه يحك بعضها بعضًا، وكتب الوحي بالأقلام في اللوح صحت فيه أحاديث وجاءت
قَال ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَفَرَضَ اللهُ عَلَى أَمَّتِي خَمْسِينَ صَلاةً. فَرَجَعْتُ بِذلِكَ حَتَّى أَمُرَّ بِمُوسَى فَقَال مُوسَى عليه السلام: مَاذَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قَال قُلْتُ: فَرَضَ عَلَيهِمْ خَمْسِينَ صَلاةً. قَال لِي مُوسَى عليه السلام: فَرَاجِعْ رَبَّكَ. فَإِن أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. قَال: فَرَاجَعْتُ رَبِّي فَوَضَعَ شَطرَهَا. قَال: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى عليه السلام فَأَخْبَرْتُهُ
ــ
به الآيات والعقل لا يحيله فيجب الإيمان به دون تأويل والله أعلم بكيفية تلك الأقلام وذلك الكتب بحسب ما اقتضته حكمته سبحانه وإلا فهو غني عن الكتب والاستذكار.
وفي الحديث بيان علو منزلته صلى الله عليه وسلم بحيث إنه بلغ من ملكوت السماوات ما لم يبلغه أحد.
(قال ابن حزم) عن شيخيه (و) قال (أنس بن مالك) عن أبي ذر، قال الحافظ ابن حجر: كذا جزم به أصحاب الأطراف، ويحتمل أن يكون مرسلًا من جهة ابن حزم ومن رواية أنس بلا واسطة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ففرض الله) عز وجل علي و (على أمتي خمسين صلاة) أي في كل يوم وليلة كما في رواية ثابت عن أنس لكن بلفظ (ففرض الله علي) وذكر الفرض عليه يستلزم الفرض على أمته وبالعكس إلا ما يستثنى من خصائصه (فرجعت بذلك) المفروض من خمسين صلاة (حتى أمر بموسى) أي حتى وصلت إلى موسى وقصدت المرور عليه، وفي رواية البخاري "حتى مررت على موسى" بلفظ الماضي (فقال موسى عليه السلام: ماذا فرض) أي أي شيء أوجب (ربك على أمتك قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت) لموسى (فرض عليهم خمسين صلاة، قال لي موسى عليه السلام فراجع ربك) يا محمد، وفي رواية (فارجع إلى ربك) أي إلى الموضع الذي ناجيته فيه فاسأله التخفيف عنهم (فإن أمتك لا تطيق ذلك) المفروض عليهم من خمسين صلاة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فراجعت ربي) وسألته التخفيف (فوضع) ربي أي أسقط عنهم (شطرها) أي بعضها، وفي رواية مالك بن صعصعة فوضع عني عشرًا، وفي رواية ثابت "فحط عني خمسًا" وزاد فيها أن التخفيف كان خمسًا خمسًا، قال الحافظ ابن حجر: وهي زيادة معتمدة يتعين حمل ما في الروايات عليها. اهـ قسط.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرجعت إلى موسى عليه السلام فأخبرته) أي
قَال: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَإِن أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. قَال: فَرَاجَعْتُ رَبِّي. فَقَال: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ. لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ. قَال: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى. فَقَال: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيتُ مِنْ رَبِّي. قَال: ثُمَّ انْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى نَأْتِيَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى. فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ
ــ
أخبرت موسى خبر ما جرى بيني وبين ربي من الحط عني، وفي رواية البخاري:"فرجعت إلى موسى فقلت: وضع شطرها"(قال) موسى عليه السلام (راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فراجعت ربي فقال) ربي في آخر المراجعات (هي) أي الصلاة المفروضة على أمتك (خمس) بحسب الفعل (وهي خمسون) بحسب الثواب قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} وفي بعض روايات البخاري "هن خمس وهن خمسون" واستدل به على عدم فرضية ما زاد على الخمس كالوتر، وفيه جواز النسخ قبل الفعل خلافًا للمعتزلة، والحاصل مما زاده ثابت في روايته عن أنس من قوله (خمسًا خمسًا) أن المراجعة وقعت تسع مرات في كل مرة حط خمسًا فقوله شطرها أي جزءًا منها والمراد بالشطر الخمس (لا يبدل القول) بمساواة ثواب الخمس لخمسين أو لا يبدل القضاء المبرم لا المعلق الذي يمحو الله منه ما يشاء ويثبت فيه ما يشاء، وأما مراجعته صلى الله عليه وسلم ربه في ذلك فللعلم بأن الأمر الأول ليس على وجه القطع والإبرام (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرجعت إلى موسى فقال) موسى عليه السلام (راجع ربك) فاسأله التخفيف من خمس (فقلت) لموسى (قد) أكثرت المراجعة إلى ربي فـ (استحييت من) المراجعة إلى (ربي) الآن، وجه استحيائه أنه لو سأل الرفع بعد الخمس لكان كأنه قد سأل رفع الخمس بعينها ولا سيما قد سمع قوله تعالى:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد مناجاة ربي والمراجعة إليه تسع مرات (انطلق) بفتح الطاء واللام وذهب (بي جبريل) عليه السلام (حتى نأتي سدرة المنتهى) وفي بعض روايات البخاري "إلى السدرة المنتهى" وهي في أعلى السماوات السبع، وسيأتي في حديث عبد الله أنها في السادسة فيحتمل أن أصلها فيها ومعظمها في السابعة، وسميت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أر لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها أو تنتهي إليها أرواح الشهداء أو أرواح المؤمنين فتصلي عليهم الملائكة المقربون كما مر (فـ) إذا هي قد (غشيها) وغطاها (ألوان) مختلفة وصفات
لا أَدْرِي مَا هِيَ. قَال: ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ. وَإذا تُرَابُهَا الْمِسْكُ".
319 -
(156)(79) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (لَعَلَّهُ قَال) عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ (رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ)
ــ
متنوعة (لا أدري) ولا أعلم الآن (ما هي) أي جواب سؤال ما تلك الألوان لغرابتها وكثرتها (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد وصولنا إلى سدرة المنتهى (أدخلت الجنة) لأنها في السماء السابعة (فإذا فيها) أي في الجنة (جنابذ) وقباب مخلوقة من (اللؤلؤ وإذا ترابها) أي تراب الجنة (المسك) أي كالمسك رائحة، والمسك طيب معروف ففيه تشبيه بليغ، والجنابذ بالجيم والنون وبعد الألف موحدة ثم معجمة جمع جنبذة وهي القبة؛ والقبة بناء مدور معقود السطح مثل القبة الخضراء على ضريح النبي صلى الله عليه وسلم، واللؤلؤ الدر واحدتها لؤلؤة وهو جوهر نفيس بحري أبيض، والمسك دم غزال تحول، يطلع من سرته، ورجال هذا الحديث الستة ما بين مصري ومدني، وفيه رواية صحابي عن صحابي، وفيه التحديث والإخبار بالجمع والإفراد، وفيه العنعنة والقول، وشارك المؤلف في روايته البخاري في بدء الخلق وفي الأنبياء، والترمذي في التفسير، والنسائي في الصلاة، ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي ذر بحديث مالك بن صعصعة رضي الله تعالى عنهما فقال:
(319)
- (156)(79)(حدثنا محمد بن المثنى) بن عبيد بن قيس العنزي أبو موسى البصري ثقة ثبت من (10) مات سنة (252) روى عنه في (14) بابًا تقريبًا، قال ابن المثنى (حدثنا) محمد (بن أبي عدي) إبراهيم السلمي البصري ثقة من (9) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (عن سعيد) بن مهران أبي عروبة اليشكري البصري ثقة من (6) روى عنه في سبعة أبواب تقريبًا (عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري ثقة ثبت من (4) روى عنه في (25) بابًا تقريبًا (عن أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة (93) روى عنه في (12) بابًا تقريبًا، قال قتادة بن دعامة (لعله) أي لعل أنس بن مالك (قال عن مالك بن صعصعة رجل من قومه) أي من قوم أنس، والشك في قوله (لعله من قتادة)، قال النواوي: قال أبو علي
قَال: قَال نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينَا أَنَا عِنْدَ الْبَيتِ بَينَ النَّائِم وَالْيَقْظَانِ، إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ: أَحَدُ الثَّلاثَةِ بَينَ الرَّجُلَينِ، فَأُتِيتُ فَانْطُلِقَ بِي. فَأتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَشُرِحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا. (قَال قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي:
ــ
الغساني: هكذا هذا الحديث بالشك عن أبي أحمد الجلودي وعند غيره عن قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة بغير شك، قال الدارقطني: لم يروه عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة غير قتادة والله أعلم، وأما مالك بن صعصعة فهو مالك بن صعصعة بن وهب بن عدي بن مالك الأنصاري النجاري المازني له صحبة، له خمسة أحاديث اتفقا على حديث المعراج روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج ويروي عنه أنس بن مالك و (خ م ت س) وقال في التقريب: صحابي روى عنه أنس حديث المعراج وكأنه مات قديمًا (قال) مالك بن صعصعة (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا عند البيت) أي بين أوقات كوني عند البيت الكعبة المشرفة حالة كوني (بين) حالة (النائم) التي هي الغفلة وعدم العلم بالشيء (و) بين حالة (اليقظان) والمنتبه التي هي التيقظ والعلم بالشيء أي كان حالي بين الحالتين حالة النوم وحالة اليقظة، وقد احتج بهذا الحديث أن الإسراء كان منامًا، قال القاضي: ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك في أول وصول الملك إليه وليس فيه ما يدل على أنه كان نائمًا في جميع القضية، وقال السهيلي: إنه كان مرتين، والصحيح أن الإسراء كان يقظة لا منامًا (إذ سمعت قائلًا يقول) هو أي محمد المطلوب لنا (أحد الثلاثة) النائم (بين الرجلين) منهم أي وسطهما، روي أنه كان نائمًا معه حينئذ عمه حمزة بن عبد المطلب وابن عمه جعفر بن أبي طالب كما في شروح البخاري في كتاب بدء الخلق وكتاب التوحيد (فأتيت) بالبناء للمفعول أي أتاني الملك في محل نومي (فـ) أخذني و (انطلق بي) أي ذهب بي إلى موضع زمزم (فأتيت) بالبناء للمفعول أي أتاني الملك (بطست) أي بإناء (من ذهب فيها) أي في تلك الطست شيء مالئ (من ماء زمزم) بالصرف وعدمه فغسلت به (فشرح) بالبناء للمفعول أي فشق (صدري) من نحري (إلى كذا) أي إلى مراق بطني (و) إلى (كذا) أي وإلى سرتي، قال سعيد بن أبي عروبة (قال) لنا (قتادة) بن دعامة (فقلت لـ) الرجل (الذي) هو جالس (معي) عندما حدثنا أنس بن مالك هذا الحديث، وفي صحيح البخاري (فقلت للجارود وهو إلى جنبي) وهو الجارود بن أبي سبرة بفتح المهملة
مَا يَعْنِي؟ قَال: إِلَى أَسْفَلِ بَطْنِهِ) فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي، فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ، ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَة، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عَلَيهِ،
ــ
وسكون الموحدة الهذلي أبو نوفل البصري صدوق من الثالثة مات سنة عشرين ومائة (120)(ما يعني) ويقصد أنس أو النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إلى كذا وكذا، (قال) الذي معي يعني أنس أو النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إلى كذا وكذا (إلى أسفل بطنه) ومكان سرته (فاستخرج) بالبناء للمفعول أيضًا معطوف على (شرح صدري) أي أخرج الملك (قلبي) من داخل صدري إلى ظاهره (فغسل) قلبي (بماء زمزم) وقوله (ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانًا وحكمة) فيه تقديم وتأخير، والتقدير ثم حشي قلبي وملئ إيمانًا وحكمة ثم أعيد مكانه داخل المصدر.
وفي هذه القصة أدل حجة وأوضح برهان وأصح دليل على مذهب أهل الحق من أن الموت والحياة وسائر الأشياء من فعل الله تعالى وخلقه محضًا ليس يوجبهما سبب ولا تقتضيهما طبيعة ولا يشترط لوجودهما شرط لا يوجدان إلا معه ألبتة إلا من حيث أجرى الله العادة حتى إذا شاء خرقها وأنفذ قدرته كيف شاء وكانت بمجرد قدرته وإرادته خلافًا للفلاسفة ومن ضارع مذهبهم من المعتزلة، فإن شق الجوف وإخراج الحشوة وإخراج القلب وشقه ومعاناته وغسله وإخراج شيء منه كل ذلك مقتل في العادة وسبب يوجد معه الموت لا محالة وقد اجتمعت هذه كلها في هذه القصة ولم يمت صاحبها إذ لم يرد الله موته ولا قضاه بل كانت هذه المهالك في حق غيره أسبابًا لحياة نفسه وقوة روحه وكمال أجره. اهـ من إكمال المعلم.
(ثم) بعد إعادة قلبي مكانه (أتيت) بالبناء للمفعول أي أتاني الملك (بدابة أبيض) ذكر الصفة نظرًا إلى كونها بمعنى المركوب أي أتانى بمركوب أبيض، وجملة قوله (يقال له) أي لذلك المركوب (البراق) أي السريع في السير، سمي به لسرعة سيره كالبرق الخاطف صفة ثانية لـ (دابة)، والظرف في قوله (فوق الحمار) صفة ثالثة لها، وقوله (ودون البغل) معطوف على (فوق) أي أتاني بمركوب أبيض مقول له البراق موسوم بكونه متوسطًا بين هذين الحيوانين (يقع خطوه) أي حافر خطوه، والجملة صفة رابعة لها (عند أقصى طرفه) بفتح الطاء وسكون الراء أي عند آخر موقع طرفه وبصره (فحملت عليه) أي
ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَينَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَاسْتفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السلام. فَقِيلَ: مَنْ هذَا؟ قَال: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَال: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. قيل: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيهِ؟ قَال: نَعَمْ. قَال فَفَتَحَ لَنَا. وَقَال: مَرْحَبًا بِهِ. وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَأَتَينَا عَلَى آدَمَ عليه السلام. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ لَقِيَ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ عِيسَى وَيحْيى عليهما السلام. وَفِي الثالِثَةِ يُوسُفَ. وَفِي الرَّابِعَةِ إِدْرِيسَ وَفِي الْخَامِسَةِ هَارُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِمْ وَسَلَّمَ، قَال: ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انتَهَينَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. فَأَتَيتُ عَلَى مُوَسَى عليه السلام فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ. فَقَال: مَرْحَبًا بِالأخَ الصَّالِحِ
ــ
حملني الملك على ذلك المركوب وأركبني عليه حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى فصلينا فيه تحية المسجد مع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين ثم ربطنا البراق بحلقة باب المسجد (ثم انطلقنا) أي صعدنا بسلم وعرجنا (حتى أتينا السماء الدنيا فاستفتح جبريل عليه السلام) أي طلب فتح بابها من خازنها (فقيل) له أي قال له بواب السماء الدنيا (من هذا؟ ) المستفتح (قال) جبريل أنا (جبريل، قيل) له أي قال الخازن لجبريل (ومن معك؟ قال) جبريل معي (محمد صلى الله عليه وسلم قيل) له أ (وقد بعث إليه) أي إلى محمد صلى الله عليه وسلم (قال) جبريل (نعم) بعث إليه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ففتح لنا) الخازن بابها (وقال) الخازن (مرحبًا به) أي بمحمد صلى الله عليه وسلم أي صادف مكانًا رحبًا واسعًا لا ضيق فيه، وهي كلمة تقال لتأنيس القادم وإكرامه (ولنعم) وحسن (المجيء) والحضور الذي (جاء) هـ محمد صلى الله عليه وسلم ففيه حذف الموصول والاكتفاء بصلته (فأتينا) ومررنا في سماء الدنيا (على آدم) أبي البشر عليه السلام، وساق) مالك بن صعصعة (الحديث بقصته) أي بقصته التي ذكرناها في آدم في روايتنا عن أبي ذر رضي الله عنه ثم قال (وذكر) النبي صلى الله عليه وسلم (أنه لقي) ورأى (في السماء الثانية عيسى) ابن مريم (ويحيى) بن زكريا (عليهما) الصلاة و (السلام و) رأى (في الثالثة يوسف) بن يعقوب عليهما السلام (وفي الرابعة إدريس) عليه السلام (وفي الخامسة هارون) بن عمران أخا موسى (صلى الله) تعالى (عليهم) أي على هؤلاء الأنبياء (وسلم) عليهم (قال) نبي الله صلى الله عليه وسلم (ثم انطلقنا) وعرجنا من السماء الخامسة (حتى انتهينا إلى السماء السادسة، فأتيت على موسى عليه السلام فسلمت عليه، فقال) موسى تأنيسًا لي (مرحبًا) وسعة لا ضيقًا (بالأخ الصالح) إنما قال
وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى. فَنُودِيَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَال: رَبِّ، هذَا غُلامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي. يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي. قَال: ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَينَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. فَأَتَيتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَقَال فِي الْحَدِيثِ: وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ، يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ. فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الأَنْهَارُ؟ قَال: أَمَّا النهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ،
ــ
ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم من ذرية إسماعيل وموسى من ذرية إسحاق وهما ابنا عم (والنبي الصالح فلما جاوزته) أي جاوزت موسى (بكى) موسى شفقة على قومه لما كان من ضلالهم ولما فاته من ثواب اتباعهم (فنودي) من الله تعالى فقيل له (ما يبكيك؟ ) أي أي شيء جعلك باكيًا يا موسى (قال) موسى يا (رب هذا) الأخ (غلام) خلق بعدي و (بعثته) وأرسلته (بعدي) حالة كونه (يدخل من أمته الجنة) عدد (أكثر مما يدخل) أي من العدد الذي يدخل (من أمتي) قال النواوي: معنى هذا أن موسى عليه السلام حزن على قومه لقلة المؤمنين منهم مع كثرة عددهم فكان بكاؤه حزنًا عليهم وغبطة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على كثرة أتباعه، والغبطة في الخير محبوبة لا مذمومة كالحسد، ومعنى الغبطة أنه ود أن يكون من أمته المؤمنين مثل هذه الأمة لا أنه ود أن يكونوا أتباعًا له وليس لنبينا صلى الله عليه وسلم مثلهم، والحاصل أنه إنما بكى حزنًا على قومه وعلى فوات الفضل العظيم والثواب الجزيل بتخلفهم عن الطاعة فإن من دعا إلى خير وعمل الناس به كان له مثل أجورهم كما جاءت به الأحاديث الصحيحة ومثل هذا يبكى عليه ويحزن على فواته. اهـ منه والله أعلم.
(قال) نبي الله صلى الله عليه وسلم (ثم انطلقنا حتى انتهينا إلى السماء السابعة فأتيت) واطلعت (على إبراهيم) عليه السلام (وقال) مالك بن صعصعة (في الحديث وحدث نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى) في السماء السابعة (أربعة أنهار يخرج من أصلها) أي من أصل سدرة المنتهى، وساقها كما جاء مصرحًا بها في رواية البخاري في باب حديث الإسراء (نهران ظاهران) أي خارجان من ظاهرها (ونهران باطنان) أي خارجان من باطنها (فقلت: يا جبريل ما هذه الأنهار؟ ) الخارجة منها (قال) جبريل (أما النهران الباطنان فنهران) جاريان (في الجنة) قال مقاتل: الباطنان هما السلسبيل
وَأمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيتُ الْمَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا؟ قَال: هَذَا الْبَيتُ الْمَعْمُورُ، يَدْخُلُهُ كُل يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرُ مَا عَلَيهِمْ. ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَينِ أحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالآخَرُ لَبَنٌ،
ــ
والكوثر (وأما) النهران (الظاهران فالنيل) في مصر (والفرات) في العراق، قال القاضي عياض: وهذا يشعر أن أصل سدرة المنتهى في الأرض، وتعقب عليه النواوي فقال: وهذا الذي قاله القاضي ليس بلازم بل معناه أن الأنهار تخرج من أصلها ثم تجري حيث أراد الله تعالى حتى تخرج من الأرض وتسير فيها، قال: وهذا لا يمنعه عقل ولا شرع، وهو ظاهر الحديث فوجب المصير إليه والله أعلم.
قال الأبي قوله (فالظاهران النيل والفرات) قال القاضي: وهذا يدل على أن أصل السدرة في الأرض ويعارضه كون الباطنين وهما السلسبيل والكوثر في الجنة والجنة في السماء أو فوقه، ويعارضه أيضًا ما تقدم أن السدرة في السماء السابعة، ووجه الجمع أن يكون أصلها في السماء وأنزل من أصلها إلى الأرض النيل والفرات أنزلا من الجنة على جناح جبريل عليه السلام فأودعهما بطون الجبال ثم إن الله تعالى يرفعهما عند رفع القرآن، وذلك قوله تعالى:{وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} وهو حديث ذكره النحاس وهو موافق أيضًا لما ذكره أصحاب الجغرافيا أن أصل النيل ومنبعه من جبل القمر وهو جبل في الحبشة (ثم رفع) أي كشف (لي) وظهر لي (البيت المعمور) بأنواع عبادات الملائكة وهو في السماء السابعة على حيال الكعبة في الأرض (فقلت: يا جبريل ما هذا؟ ) البيت (قال) جبريل (هذا) البيت هو (البيت المعمور) أي يسمى به (يدخله) أي يدخل هذا البيت (كل يوم) من أيام الدنيا (سبعون ألف ملك) يذكرون الله تعالى فيه بأنواع العبادات ثم يخرجون منه فـ (إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه) أبدًا، وقوله (آخر ما عليهم) بالرفع خبر لمحذوف تقديره هذا الدخول آخر ما عليهم من الدخول في ذلك البيت، وبالنصب على الظرفية والتقدير هذا الخروج في آخر ما عليهم من الدخول، والرفع أوجه، وفي هذا أعظم دليل على كثرة الملائكة عليهم السلام (ثم) بعد ما رفع لي البيت المعمور (أتيت) بالبناء للمجهول أي أتاني الملك (بإناءين أحدهما) فيه (خمر والآخر) فيه (لبن) وهذا ظاهر في أنه أتي بهما في السماء، وفي الحديث السابق أنه أتي بهما قبل العروج فيجمع بينهما بأنه أتي بهما مرتين مرة في الأرض ومرة في السماء، والله أعلم
فَعُرِضَا عَلَيَّ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ. فَقِيلَ: أَصَبْتَ، أَصَابَ اللهُ بِكَ. أُمَّتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلاةً". ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّتَهَا إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ.
320 -
(00)(00) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ.
قَال: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ؛
ــ
(فعرضا علي) أي عرض علي اختيار أحدهما (فاخترت اللبن، فقيل) لي أي قال لي الملك (أصبت) الفطرة ووفقتها أو الملة (أصاب الله) سبحانه وتعالى أي أراد الله (بك) يا محمد الفطرة والخير والفضل، وقد جاء أصاب بمعنى أراد كما في قوله تعالى:{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيثُ أَصَابَ (36)} أي حيث أراد، وقوله (أمتك على الفطرة) مبتدأ وخبر أي إنهم أتباع لك وقد أصبت الفطرة فهم يكونون عليها (ثم فرضت علي) وعلى أمتي (كل يوم) وليلة (خمسون صلاة، ثم ذكر) مالك بن صعصعة (قصتها) أي قصة خمسين صلاة (إلى آخر الحديث)، وحديث مالك بن صعصعة هذا شارك المؤلف في روايته أحمد (4/ 206) والبخاري (3207) والترمذي (3343) والنسائي (1/ 217 - 218)، ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث مالك بن صعصعة رضي الله تعالى عنه فقال:
(320)
- (. . .)(. . .)(حدثني محمد بن المثنى) العنزي أبو موسى البصري ثقة من (10) روى عنه في (14) بابًا قال ابن المثنى (حدثنا معاذ بن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي البصري صدوق من التاسعة مات سنة (200) روى عنه في (4) أبواب (قال) معاذ (حدثنا أبي) هشام بن سنبر الدستوائي أبو بكر البصري ثقة من (7) مات سنة (154) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (عن قتادة) بن دعامة السدوسي أبي الخطاب البصري الأكمه ثقة ثبت من (4) مات سنة (117) روى عنه في (25) بابًا تقريبًا (عن أنس بن مالك) بن النضر الأنصاري الخزرجي أبي حمزة البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم له (1286) حديثًا مات سنة (93) روى عنه في (12) بابًا (عن مالك بن صعصعة) بن وهب الأنصاري النجاري المازني الصحابي المشهور، له (5) أحاديث وكأنه مات قديمًا، وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم بصريون إلا مالك بن صعصعة فإنه مدني، وفيه رواية صحابي عن صحابي وولد عن والد، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة هشام الدستوائي لسعيد بن أبي عروبة في رواية هذا الحديث عن قتادة، وفائدتها بيان
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَزَادَ فِيهِ: "فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَب مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيَمَانًا"
ــ
كثرة طرقه. (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر) هشام الدستوائي (نحوه) أي نحو حديث سعيد بن أبي عروبة (وزاد) هشام (فيه) أي في الحديث (فأتيت بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فشق) صدري (من النحر) والنحر أعلى المصدر يقال نحر الإبل إذا طعن في لبتها واللبة أسفل العنق (إلى مراق البطن) والمراق بفتح الميم وتشديد القاف وهو ما سفل من البطن ورق من جلده، قال الجوهري: جمع لا واحد له من لفظه، وقال صاحب المطالع: واحدها مرق (فغسل) قلبي (بماء زمزم) وإنما اختاره على غيره من المياه لفضله على غيره من المياه أو لأنه يقوي القلب (ثم ملئ) قلبي (حكمة وإيمانًا) والحكمة كما قاله النواوي عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتملة على المعرفة بالله تعالى المصحوبة بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به والصد عن اتباع الهوى والباطل، وقيل هي النبوة، وقيل هي الفهم عن الله تعالى، وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث أبي ذر والثاني حديث مالك بن صعصعة وذكر فيه متابعة واحدة.
***