الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
89 - (48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
328 -
(160)(83) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ،
ــ
89 -
(48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ
أي هذا باب معقود في ذكر المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام وفي ذكر المسيح الدجال أي المبالغ في الكذب لادعائه الألوهية وجمعهما في حديث واحد لاجتماعهما في الزمن في آخر الدنيا عندما يقتله عيسى عليه السلام.
وسمي عيسى ابن مريم مسيحًا لسياحته لأنه لم يكن له مستقر من الأرض، وقيل لأنه صدق والمسيح الصديق، وقيل لأن زكرياء مسحه، وقيل لأنه لم يمسح ذا عاهة إلا عوفي (ع) وقيل لأنه ممسوح القدمين لا أخمص له، وقيل لأن الله تعالى مسحه أي أحسن خلقه فهو بمعنى جميل وقيل لمسحه الأرض أي قطعها، وقيل لأنه خرج من بطن أمه ممسوحًا بالدهن، وقيل لأنه مسح بالبركة حين ولد.
وسمي الدجال مسيحًا لمسح إحدى عينيه فهو فعيل بمعنى مفعول، وقيل لمسحه الأرض ولا خلاف في المسيح ابن مريم أنه بفتح الميم وكسر السين خفيفة، واختلف في الدجال فالأكثر يقوله كذلك إلا أن عيسى عليه السلام مسيح هدى والدجال مسيح ضلالة، وفي كتاب أبي إسحاق بن جعفر: بكسر الميم وشد السين، وبعضهم يقوله كذلك بالخاء المعجمة، قال أبو الهيثم: من مسخه أي خلقه خلقًا ملعونًا، وبعضهم يقوله بكسر الميم وتخفيف السين وكذا وجدته في البخاري بضبط الأصيلي، قال ابن سراج: من كسر فيه الميم شدد السين، وأما تسميته دجالًا فقال ثعلب: لقطعه الأرض من دجل، وقيل لتمويهه من دجل إذا موه، ويقال لكل كذاب دجال لهذا المعنى. اهـ من الأبي.
(328)
- (160)(83)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي الحنظلي النيسابوري ثقة ثبت إمام من العاشرة مات سنة (226) روى عنه في (19) بابًا تقريبًا (قال) يحيى (قرأت على مالك) بن أنس بن مالك الأصبحي المدني ثقة متقن من السابعة مات سنة (179) روى عنه في (17) بابًا تقريبًا، وقوله (قرأت على مالك) هو بمعنى أخبرني مالك (عن نافع) الفقيه العدوي مولاهم مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني ثقة ثبت فقيه من الثالثة مات سنة (117) روى عنه في (12) بابًا تقريبًا (عن عبد الله بن عمر)
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَرَانِي لَيلَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَرَأَيتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءِ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللَّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً،
ــ
بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما له [1630] حديثًا العدوي المكي روى عنه في (13) بابًا تقريبًا، وهذا السند من رباعياته وهو من أصح الأسانيد ويسمى سلسلة الذهب رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد مكي وواحد نيسابوري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أراني) بفتح الهمزة، وفي السنوسي بضمها مضارع رأى من الرؤيا مسند إلى المتكلم أي أرى أنا نفسي في المنام (ليلة) وفي رواية (أراني الليلة في المنام) أي رأيت نفسي في هذه الليلة يعني البارحة (عند الكعبة) المشرفة سميت كعبة لتكعبها أي لارتفاعها وتربعها وكل بيت مربع عند العرب فهو كعبة، وقيل سميت كعبة لاستدارتها وعلوها ومنه كعب الرجل ومنه كعب ثدي المرأة إذا علا واستدار (فرأيت) في ذلك المنام (رجلًا آدم) أي أسمر أحسن في أدمته (كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال) وسمرتهم، والأدم بضم الهمزة وسكون الدال جمع آدم على وزان حمر وأحمر كسمر وأسمر وزنًا ومعنى (له) أي لذلك الرجل (لمة) بكسر اللام وتشديد الميم هو الشعر المتدلي الذي جاوز شحمة الأذنين فإذا بلغ المنكبين فهو جمة يجمع على لمم كقربة وقرب، وقال الجوهري: ويجمع على لمام بكسر اللام أي له لمة حسناء (كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها) بتشديد الجيم أي قد رجل ذلك الرجل تلك اللمة وسرحها بمشط مع ماء أو غيره (فهي) أي فتلك اللمة (تقطر ماء) أي تمطر وتصب الماء الذي رجلها به لقرب ترجيله وإلى هذا المعنى نحا القاضي الباجي، قال القاضي عياض: ومعناه عندي أن يكون ذلك عبارة عن نضارته وحسنه واستعارة لجماله ونظافته، قال الأبي: ولعله نبه بذلك على أن الغسل للطواف مشروع، وعبارة المفهم هنا وقوله في وصف عيسى (آدم) من الأدمة وهي لون فوق السمرة ودون السحمة بضم السين المهملة وسكون الحاء المهملة السواد، وكان الأدمة يسير سواد يضرب إلى الحمرة وهو غالب ألوان العرب، ولهذا جاء في رواية أخرى في وصف عيسى (إنه أحمر) مكان آدم وعلى هذا يجتمع ما في الروايتين، وقد روى البخاري من رواية أبي هريرة في صفة عيسى (إنه أحمر كأنما خرج من ديماس) أي حمام، وقد أنكر ابن عمر هذا وحلف أن النبي
مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَينِ أوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَينِ، يَطُوفُ بِالْبَيتِ. فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ، أَعْوَرِ الْعَينِ الْيُمْنَى،
ــ
صلى الله عليه وسلم لم يقله (واللمة) بكسر اللام الشعر الواصل إلى المنكب كأنه ألم به، والجمة الشعر الواصل إلى شحمة الأذن وهو أيضًا يسمى الوفرة (فهي تقطر ماء) يعني أنه قريب عهد بغسل وكأنه اغتسل للطواف، وفي رواية (ينطف ماء) ومعناه يقطر (قد رجلها) أي مشطها وبقال (شعر مرجل) أي ممشوط مسرح والشعر الرجل منه حالة كون ذلك الرجل (متكئًا) حال من رجلًا لتخصصه بالصفة أو صفة له أي معتمدًا (على) عواتق (رجلين أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي (على عواتق رجلين) بزيادة لفظ عواتق جمع عاتق، قال أهل اللغة: هو ما بين المنكب والعنق وفيه لغتان التذكير والتأنيث والتذكير أفصح وأشهر، قال صاحب المحكم: ويجمع العاتق على عواتق كما ذكرنا، وعلى عتق بإسكان التاء، وعتق بضمها. اهـ نواوي.
وجملة قوله (يطوف) ذلك الرجل (بالبيت) أي بالكعبة حال أو صفة ثانية لرجلًا (فسألت) من عندي في ذلك المنام فقلت له (من هذا؟ ) الرجل الطائف بالبيت (فقيل) لي في جواب سؤالي (هذا) الرجل الطائف هو (المسيح) عيسى (ابن مريم) عليهما السلام وطواف عيسى عليه السلام بالبيت إن كان رؤية عين فعيسى لم يمت وإن كان منامًا كما بينه ابن عمر في حدينه فرؤيا الأنبياء عليهم السلام حق فيؤول بما تقدم من طوافه قبل رفعه إلى السماء وبحتج بطوافه على منكبي رجلين من يجيز الطواف راكبًا وكذلك يحتج بطواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا وكره مالك ذلك إلا من عذر، ويجيب عن طواف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان لعذر ويؤيده ما في أبي داود من أنه دخل مكة وهو يشتكي وأنه طاف راكبًا ليراه الناس فيأخذوا عنه مناسكهم وعن طواف عيسى عليه السلام بأنه أيضًا يحتمل أن يكون لعذر أو أنها رؤيا منام أو أنه شرع من قبلنا فلا يلزمنا (ثم) بعد رؤية عيسى عليه السلام (إذا أنا) راء (برجل جعد) أي ذي شعر متقبض كثير التقبض (قطط) أي ذي شعر شديد الجعودة وهو بفتح القاف والطاء في المشهور، وزاد القاضي كسر الطاء وهما صفتا ذم، وعبارة المفهم و (الجعد) الكثير التكسر والتقبض و (القطط) بفتح الطاء وكسرها هو الشديد الجعودة الذي لا يطول إلا إذا جبذ كشعور غالب السودان وهما وصفان للدجال. اهـ (أعور العين اليمنى) أي معاب العين اليمنى أي مصابها بالعيب وعدم الإبصار وهذا هو الصحيح والمشهور، وقد وقع
كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ"
ــ
في رواية اليسرى، وقد ذكرهما مسلم معًا آخر الكتاب وكأنه وهم ويمكن أن يحمل هذا على ما يتخيله بعض العامة من أن العوراء هي الصحيحة إذ قد بقيت منفردة عديمة قرينتها وليس بشيء بل العوراء هي التي أصابها العور أي العيب (كأنها) أي كأن عينه العوراء اليمنى (عنبة طافية) بغير همز أي ناتئة مرتفعة نتوء حبة العنب من بين أخواتها، أريد بها جحوظ عينه الواحدة؛ ومعناه أنها ممتلئة قد طفت وبرزت من طفا الحوت الميت على الماء إذا ارتفع فوقه وقد روي طافئة بالهمز من طفئت النار إذا انطفأت وانخمدت أي قد ذهب ضوؤها وتقبضت ويؤيد هذه الرواية قوله في أخرى (أنه ممسوح العين وأنها ليست حجرًا أي متحجرة متصلبة) ولا ناتئة وأنها مطموسة وهذه صفة حبة العنب إذا طفئت وزال ماؤها وبهذا فسر الحرف عيسى بن دينار وهذا يصحح رواية الهمز.
وعلى ما جاء في الأحاديث الأخر (جاحظ العين وكأنها كوكب) وفي رواية عوراء نحفاء ولها حدقة جاحظة كأنها نخاعة في حائط مجصص، تصح رواية غير الهمز لكن يجمع بين الأحاديث وتصح الروايات جميعًا بأن تكون المطموسة والممسوحة والتي ليست بحجراء ولا ناتئة هي العوراء الطافئة بالهمز والعين اليمنى على ما جاء هنا وتكون الجاحظة والتي كأنها كوكب وكأنها نخاعة هي الطافية بغير همز العين الأخرى فتجتمع الروايات والأحاديث ولا تختلف.
وعلى هذا تجتمع رواية أعور العين اليمنى مع أعور العين اليسرى إذ كل واحدة منهما في الحقيقة عوراء إذ الأعور من كل شيء المعيب ولا سيما بما يختص بالعين وكلا عيني الدجال معيبة عوراء فالممسوحة والمطموسة والطافئة بالهمز عوراء حقيقة والجاحظة التي كأنها كوكب وهي الطافية بغير همز معيبة عوراء لعيبها فكل واحدة منهما عوراء إحداهما بذهابها والأخرى بعيبها. اهـ إكمال المعلم (فسألت) من عندي في ذلك المنام وقلت (من هذا) الجعد القطط (فقيل) لي (هذا) الجعد القطط هو (المسيح الدجال) أي الكذاب المموه الحق بالباطل.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [2/ 37 و 131] والبخاري [3439] و [7407].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
329 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ (يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ) عَنْ مُوسَى (وَهُوَ ابْنُ عُقْبَةَ) عَنْ نَافِعٍ قَال:
ــ
(329)
- (00)(00)(حدثنا محمد بن إسحاق) بن محمد بن عبد الله بن المسيب المخزومي (المسيبي) نسبة إلى جده المسيب بن السائب أبو عبد الله المدني نزيل بغداد روى عن أنس بن عياض في الإيمان والصلاة، وعن أبيه وابن عيينة ومعن بن عيسى، ويروي عنه (م د) وأبو يعلى وثقه غير واحد، وقال في التقريب: صدوق من العاشرة مات سنة (236) ست وثلاثين ومائتين في ربيع الأول روى عنه في بابين، قال محمد بن إسحاق (حدثنا أنس) بن عياض بن ضمرة بفتح الضاد وسكون الميم أو عبد الرحمن الليثي من أنفسهم أبو ضمرة المدني روى عن موسى بن عقبة في الإيمان والصلاة وغيرهما، والحارث بن أبي ذباب في الصلاة والقدر والدعاء، والضحاك بن عثمان في الصوم، وعبد الرحمن بن حميد في النكاح، وابن جريج في البيوع، وعبيد الله بن عمر في ذكر الجن والدعاء والزهد، وعن هشام وسهيل بن أبي صالح وصالح بن كيسان وربيعة، ويروي عنه (ع) ومحمد بن إسحاق المسيبي ومروان بن معروف وإسحاق بن موسى الأنصاري وسعيد بن عمرو الأشعثي وعلي بن خشرم ويحيى بن يحيى ومحمد بن عباد، وثقه النسائي وجماعة، وقال في التقريب: ثقة من الثامنة مات عن (200) مائتين وله (96) ست وتسعون سنة، وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن عياض) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته وتورعًا من الكذب على المؤلف (عن موسى) بن عقبة بن أبي عياش بتحتانية ومعجمة الأسدي أبي محمد المدني مولى الزبير بن العوام، روى عن نافع وعبد الله بن دينار وأبي الزبير وسالم أبي النضر وعبد الواحد بن حمزة وأبي الزناد وسالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر وغيرهم ويروي عنه (ع) وأنس بن عياض وحفص بن ميسرة وابن جريج ويحيى بن عبد الله بن سالم ووهيب والثوري وزهير بن معاوية ومالك بن أنس وخلق روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في أربعة مواضع والجنائز والزكاة والحج في ثلاثة مواضع والدعاء والجهاد والفضائل والنكاح وفي "سددوا" فجملة الأبواب التي روى عنه فيها عشرة تقريبًا، وأتى بـ (هو) في قوله (وهو ابن عقبة) تورعًا من الكذب على شيخه وإشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته (عن نافع) مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني أحد الأئمة الأعلام ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة مات سنة (117) سبع عشرة ومائة روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا (قال)
قَال عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، بَينَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، الْمَسِيحَ الدَّجَّال. فَقَال:"إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى لَيسَ بِأَعْوَرَ. أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّال أَعْوَرُ عَينِ الْيُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ" قَال: وَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرَانِي اللَّيلَةَ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ. فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا تَرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ. تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَينَ مَنْكِبَيهِ، رَجِلُ الشَّعْرِ، يَقْطُرُ رَأسُهُ مَاءَ، وَاضِعًا يَدَيهِ عَلَى مَنْكِبَي رَجُلَينِ، وَهُوَ بَينَهُمَا يَطُوفُ بالْبَيتِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، وَرَأَيتُ وَرَاءَهُ
ــ
نافع (قال عبد الله بن عمر) بن الخطاب العدوي أبو عبد الرحمن المكي له [1630] حديثًا، روى عنه المؤلف في (13) بابًا تقريبًا، وهذا السند من خماسياته ورجاله كلهم مدنيون إلا ابن عمر فإنه مكي، وغرضه بسوقه بيان متابعة موسى بن عقبة لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن نافع، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا) من الأيام (بين ظهراني الناس) أي حالة كونه جالسًا بين وسط الناس (المسيح الدجال، فقال) في ذكره تفسير لقوله ذكر (إن الله تبارك) أي تزايد وكثر بره وإحسانه لعباده (وتعالى) أي ترفع عما لا يليق به من سمات النقص (ليس بأعور) أي ذا عور وعيب في العين (ألا) أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم في بيان صفة الدجال (إن المسيح الدجال) أي الكذاب (أعور عين اليمنى) كذا بالإضافة على ظاهره عند الكوفيين ويقدر فيه مضاف محذوف عند البصريين فالتقدير أعور عين صفحة وجهه اليمنى (كأن عينه) اليمنى أي عين الدجال (عنبة) أي حبة عنب (طافية) أي بارزة مرتفعة خارجة من بين أخواتها (قال) ابن عمر (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أواني) أنا أي رأيت نفسي (الليلة) البارحة (في المنام عند الكعبة فإذا رجل آدم) أي أسمر فاجأني (كأحسن ما نرى من أدم الرجال) أي مثل ما ترى من الرجال الأدم في الجمال والحسن، والأدم جمع آدم كسمر وأسمر وزنًا ومعنى كما مر (تضرب) أي تصل (لمته) أي شعر رأسه المجتمع (بين منكبيه) أي كتفيه (رجل الشعر) بكسر الجيم أي سبط الشعر (يقطر) وينطف (رأسه) أي شعر رأسه (ماء واضعًا) ذلك الرجل (يديه على منكبي رجلين وهو) أي والحال أن ذلك الرجل (بينهما) أي بين الرجلين متعلق بقوله (يطوف بالبيت) والجملة خبر المبتدأ (فقلت) لمن عندي (من هذا؟ ) الطائف (فقالوا) لي: هذا الطائف هو (المسيح ابن مريم، ورأيت وراءه) أي وراء هذا الطائف الذي قالوا فيه هو المسيح
رَجُلًا جَعْدًا قَطَطا، أَعْوَرَ عَينِ الْيُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيتَ مِنَ النَّاسِ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيهِ عَلَى مَنْكِبَي رَجُلَينِ، يَطُوفُ بِالْبَيتِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ".
330 -
(00)(00) حدثنا ابْنُ نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ
ــ
ابن مريم وخلفه (رجلًا) أي شخصًا (جعدًا) أي متقبض الشعر كثير التكسر والتلفف (قططًا) أي شديد التقبض والتعقد الذي لا يطول حتى يحبك كشعر السودان (أعور عين) الصفحة (اليمنى كأشبه من رأيت) أي مثل أشبه من رأيت بضم التاء على التكلم وفتحها على الخطاب ويحتمل كون الكاف زائدة نظير قوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} وهو أوضح (من الناس بابن قطن) بفتح القاف والطاء المهملة بعدها نون، اسمه عبد العزى بن قطن بن عمرو بن جندب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن المصطلق واسم أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة الكبرى رضي الله تعالى عنهما قاله الدمياطي، والمحفوظ أنه هلك في الجاهلية كما قاله الزهري. اهـ قسطلاني ج (10) ص (211) وتشبيهه بابن قطن لا يوجب ذمًا لابن قطن، وفي البخاري: أن ابن قطن كان كافرًا، حالة كون ذلك الرجل الطائف (واضعًا يديه على منكبي رجلين) إحدى اليدين على أحدهما والأخرى على الآخر، حالة كون ذلك الرجل (يطوف بالبيت) والكعبة المشرفة، وقد تقدم أن طواف عيسى عليه السلام إن كان رؤية عين فعيسى لم يمت وإن كان منامًا فرؤيا الأنبياء حق فيؤول بما تقدم من عيسى من الطواف بالبيت قبل رفعه وأما طواف الدجال فإن كان رؤيا منام أيضًا فبيِّنٌ، وإن كان رؤيا عين فلا يعارض ما صح من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة لأن ذلك إنما هو أيام فتنته (فقلت) لمن عندي (من هذا؟ ) الطائف (قالوا: هذا المسيح الدجال) أي الكذاب.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(330)
- (00)(00)(حدثنا) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني أبو عبد الرحمن الكوفي ثقة من العاشرة مات سنة (234) روى عنه في (10) أبواب تقريبًا (حدثنا أبي) عبدُ الله بن نمير الهمداني أبو هشام الكوفي ثقة من التاسعة مات سنة (199) روى عنه في (17) بابًا تقريبًا قال عبد الله بن نمير (حدثنا حنظلة) بن الأسود أبي
عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"رَأَيتُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ رَجُلًا آدَمَ سَبِطَ الرَّأسِ، وَاضِعًا يَدَيهِ عَلَى رَجُلَينِ، يَسْكُبُ رَأْسُهُ (أَوْ يَقْطُرُ رَأْسُهُ). فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، أَو الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، (لا نَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَال) قَال: وَرَأَيتُ وَرَاءَهُ رَجُلًا أَحْمَرَ، جَعْدَ الرَّأْسِ، أَعْوَرَ الْعَينِ الْيُمْنَى، أَشْبَهُ مَن رَأَيتُ بِهِ ابْنُ قَطَنٍ. فَسَألْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ"
ــ
سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الأموي المكي ثقة حجة من (6) مات سنة (151) روى عنه في (9) أبواب (عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي أبي عمر أو أبي عبد الله المدني ثقة ثبت عابد من الثالثة مات سنة (106) ست ومائة على الأصح روى عنه في (7) أبواب (عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما القرشي العدوي أبي عبد الرحمن المكي، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان كوفيان وواحد مدني، وغرضه بسوقه بيان متابعة سالم لنافع في رواية هذا الحديث عن ابن عمر، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما بين الروايتين من المخالفة في بعض الكلمات (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت) في المنام بدليل ما في الرواية السابقة (عند الكعبة) أي عند البيت الحرام (رجلًا آدم) أي أسمر اللون (سبط) شعر (الرأس) أي مسترسله (واضعًا يديه على) منكبي (رجلين يسكب) أي يقطر (رأسه) ماء (أو) قال الراوي أو النبي صلى الله عليه وسلم (يقطر رأسه) ماء، والشك من أحد الرواة أو من ابن عمر، وفي المفهم قوله (يقطر رأسه ماء) يعني أنه قريب عهد بغسل وكأنه اغتسل للطواف، وفي الرواية الأخرى ينطف بكسر الطاء وضمها من النطف وهو القطر ومعناه يقطر. اهـ (فسألت) من عندي في ذلك المنام (من هذا) الطائف (فقالوا) هذا الطائف (عيسى ابن مريم أو) قالوا هو (المسيح ابن مريم) والشك من ابن عمر أو ممن دونه، قال ابن عمر أو الراوي عنه (لا ندري أي ذلك) المذكور من الكلمتين (قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو قال ابن عمر (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (ورأيت وراءه) أي وراء ذلك الطائف الذي قالوا فيه هو عيسى عليه السلام (رجلًا أحمر) اللون (جعد) شعر (الرأس) أي قططه (أعور العين اليمنى) أي مطموسها وفاقد الإبصار بها (أشبه من رأيت به) من الناس (ابن قطن) بن عبد العزى (فسألت) من عندي من الناس فقلت (من هذا؟ ) الرجل الأعور (فقالوا) هو (المسيح الدجال) أي الكذاب لادعائه الألوهية.
331 -
(00)(00) حدَّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ؛ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "بَينَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُل آدَمُ سَبِطُ الشعْرِ، بَينَ رَجُلَينِ، يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً (أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً) قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا:
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(331)
- (00)(00)(حدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري صدوق من الحادية عشرة مات سنة (244) روى عن ابن وهب في مواضع كثيرة، قال حرملة (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري ثقة ثبت حافظ من التاسعة مات سنة (197) روى عنه في (13) بابًا تقريبًا (قال) ابن وهب (أخبرني يونس بن يزيد) الأيلي الأموي ثقة من السابعة مات سنة (159) روى عنه في (7) أبواب (عن) محمد بن مسلم بن عبيد الله (بن شهاب) الزهري المدني ثقة من الرابعة مات سنة (125) روى عنه في (23) بابًا تقريبًا (عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد مكي وواحد أيلي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن شهاب لحنظلة بن أبي سفيان في رواية هذا الحديث عن سالم، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه (قال) ابن عمر (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما أنا نائم) وأصل بينما بين ثم زيدت فيه ما وهي ظرف زمان مكفوف بما عن الإضافة إلى المفرد بحسب الأصل أي بين أوقات نومي (رأيتني) أي رأيت نفسي في ذلك المنام (أطوف) أي حالة كوني أطوف (بالكعبة) والبيت الحرام (فإذا رجل آدم) أي أسمر (سبط) أي مسترسل شعر (الرأس) فاجأني حالة كون ذلك الرجل يطوف (بين رجلين) حالة كونه (ينطف) بضم الطاء المهملة وكسرها أي يقطر ويسيل (رأسه ماء) لقرب عهده بالغسل (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الرواة (أو يهراق) بضم الياء وفتح الهاء أي ينصب (رأسه ماء) والهاء في هراق بدل من همزة أراق يقال هراقه يهراقه والأصل هَرْيَقَه وزان دحرجه ولهذا تفتح الهاء من المضارع (قلت) لمن عندي (من هذا؟ ) الرجل الآدم (قالوا) لي
هَذا ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ، جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ الْعَينِ، كَأنَّ عَينَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ. أَقْرَبُ الناسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ"
ــ
(هذا) عيسى (ابن مريم، ثم ذهبت) وشرعت (ألتفت) يمينًا وشمالًا (فإذا رجل أحمر) فاجأني (جسيم) ذلك الرجل أي سمين (جعد) شعر (الرأس) قططه (أعور العين) اليمنى ومطموسها (كأن عينه) اليسرى (عنبة) أي حبة عنب (طافية) أي بارزة خارجة من بين أخواتها (قلت) لمن عندي (من هذا؟ ) الأعور (قالوا) هذا الأعور هو المسيح (الدجال أقرب الناس به شبهًا) أي شبهًا به (ابن قطن) بن عبد العزى.
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا حديث ابن عمر وذكر فيه ثلاث متابعات.
***