الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
100 - (59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ
362 -
(175)(98) وحدّثني نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ. وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ (أَوْ قَال
ــ
100 -
(59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ
أي هذا باب معقود في بيان كيفية تعذيب الموحدين وكيفية خروجهم من النار وبيان الإذن للشافعين في الشفاعة.
(362)
- (175)(98)(وحدثني نصر بن علي) بن نصر الأزدي (الجهضمي) أبو عمرو البصري ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (250) خمسين ومائتين روى عنه في (16) بابًا، قال (حدثنا بشر) بن المفضل بن لاحق الرقاشي مولاهم أبو إسماعيل البصري ثقة ثبت عابد من الثامنة مات سنة (187) ست أو سبع وثمانين ومائة، روى عنه في (13) بابا وأتى بالعناية في قوله (يعني ابن المفضل) إشارة إلى أن هذه النسبة لم يسمعها من شيخه (عن) سعيد بن يزيد بن مسلمة القصير الأزدي (أبي مسلمة) البصري روى عن أبي نضرة في الإيمان والصوم وغيرهما، وأنس بن مالك في الصلاة، ويروي عنه (ع) وبشر بن المفضل في الصلاة وغيرها، وشعبة وعباد بن العوام في الصلاة وإسماعيل ابن علية وغيرهم ثقة من الرابعة (عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قُطعة العبدي العوقي بفتح المهملة وبالواو ثم قاف البصري ثقة من الثالثة مات سنة (108) ثمان ومائة روى عنه في (11) أحد عشر بابًا تقريبًا (عن أبي سعيد) الخدري الأنصاري المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلَّا أبا سعيد الخدري فإنه مدني.
(قال) أبو سعيد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الدين هم أهلها) أي مخلدون فيها وهم الكفار (فإنهم لا يموتون فيها) فيستريحون (ولا يحيون) حياة تنفعهم (ولكن) في النار (ناس) يموتون (أصابتهم النار بذنوبهم أو قال) النبي
بِخَطَايَاهُمْ) فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً، حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحَمًا، أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ،
ــ
صلى الله عليه وسلم أو أبو سعيد والشك من أحد الرواة (بخطاياهم) بدل ذنوبهم وهي جمع خطيئة بمعنى السيئة (فأماتهم) الله سبحانه وتعالى في النار (إماتة) قال القاضي: قيل هو موت حقيقة كي لا يحسون النار وعقوبتهم حبسهم فيها عن دخول الجنة فهم فيها كالمسجونين، وقيل: هو كناية عن عدم إحساسهم بالألم ويجوز أن يكون ألمهم أخف كالنوم لأنه سبحانه وتعالى قد سمى النوم موتًا في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} لمن قوله (حتى إذا كانوا حممًا) يدل على أن النار تعمل في أجسادهم وجاء في حديث أبي هريرة (إذا دخل الموحدون النار أماتهم فيها فإذا أراد أن يخرجهم أمسهم العذاب تلك الساعة) وفي حديث آخر (أنه تنزوي عنهم وتقول ما لي ولأهل باسم الله).
(حتى إذا كانوا فحمًا) أي مثل الفحم وهو شعلة حطب طفئت عنها النار لتوقد ثانيًا (أذن) بالبناء للمفعول أي أذن الله سبحانه وتعالى للشافعين (بالشفاعة) أي في الشفاعة لهؤلاء الموحدين (فجيء بهم) من جهنم أي أخرجهم الشافعون من جهنم حالة كونهم (ضبائر ضبائر) أي فوجًا فوجًا جماعات جماعات منصوب على الحال من ضمير بهم.
قوله (أما أهل النار) هكذا في بعض النسخ بزيادة أما وفي بعضها (أهل النار) بإسقاط أما وتكون الفاء في (فإنهم) زائدة في خبر المبتدأ جوازًا، والنسخة الأولى أوضح أعني نسخة أما.
قوله (فأماتهم) أي أماتهم الله تعالى بحذف الفاعل للعلم به، وفي بعض النسخ فأماتتهم بتاءين أي أماتتهم النار، والظاهر من معنى هذا الحديث أن الكفار الذين هم أهل النار والمستحقون للخلود فيها لا يموتون فيها ولا يحيون حياة ينتفعون بها ويستريحون معها كما قال الله تعالى:{لَا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} وكما قال تعالى: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13)} وهذا جار على مذهب أهل الحق أن نعيم أهل الجنة دائم وأن عذاب أهل الخلود في النار دائم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ولمن ناس أصابتهم النار) إلى آخره فمعناه أن المذنبين يميتهم الله تعالى إماتة بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى وهذه الإماتة إماتة حقيقية يذهب معها الإحساس ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم ثم يميتهم ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس
فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ. ثُمَّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيهِمْ. فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ" فَقَال رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: كَان رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ
ــ
المدة التي قدرها الله تعالى ثم يخرجون من النار موتى قد صاروا فحمًا فيحملون ضبائر كما تحمل الأمتعة ويلقون على أنهار الجنة فيصب عليهم ماء الحياة فيحيون وينبتون نبات الحبة في حميل السيل في سرعة نباتها وضعفها فتخرج لضعفها صفراء ملتوية ثم تشتد قوتهم بعد ذلك ويصيرون إلى منازلهم وتكمل أحوالهم فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث ومعناه، وحكى القاضي عياض فيه وجهين: أحدهما أنها إماتة حقيقية، والثاني ليس بموت حقيقي ولكن تغيب عنهم إحساسهم بالآلام، قال: ويجوز أن تكون آلامهم أخف فهذا كلام القاضي والمختار ما قدمناه والله أعلم. اهـ نواوي.
وقوله (ضبائر ضبائر) هكذا في الروايات والأصول مكرر مرتين وهو في محل
النصب على الحال مبني على فتح الجزأين أي حالة كونهم جماعات مفرقين، قال الهروي: جمع ضبارة بكسر الضاد مثل عمارة وعمائر وهي الجماعة من الناس يقال رأيتهم ضبائر أي جماعات في تفرقة، وقال غيره: الصواب أضابر جمع إضبارة بكسر الهمزة، وفي الصحاح: الإضبارة بالكسر الإضمامة، يقال جاء فلان بإضبارة من كتب وهي الأضابير، قال: والضَّبَر الجماعة من الناس يغزون، وضبر الفرس إذا جمع قوائمه ووثب وروي ضبارات ضبارات. اهـ من المفهم (فبثوا) بضم الباء الموحدة بعدها مثلثة مشددة مضمومة أي فرقوا ووزعوا (على أنهار الجنة) جمع نهر بسكون الهاء وقد يفتح وهو مجرى الماء الكبير (ثم قيل) لأهل الجنة (يا أهل الجنة أفيضوا عليهم) أي صبوا وكبوا عليهم من هذه الأنهار (فـ) يصبون عليهم و (ينبتون نبات الحبة) التي تنبت و (تكون في حميل السيل) أي في محموله من التراب الناعم والسرجين وغيرهما (فقال رجل من القوم) الحاضرين مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان) ساكنًا (بالبادية) فيعرف الحبة النابتة في حميل السيل، والبادية ضد الحاضرة كما مر.
قال القرطبي: وهذا الحديث رد على الخوارج والمعتزلة حيث حكموا بخلود أهل الكبائر في النار وأنهم لا يخرجون منها أبدًا.
363 -
(00)(00) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابنُ بَشَّارٍ؛ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ؛ قَال: سَمِعْتُ أبَا نَضرَةَ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
بِمِثْلِهِ. إِلَى قَوْلِهِ: "فِي حَمِيلِ السَّيلِ". وَلَمْ يَذْكُر مَا بَعْدَهُ
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 5 و 11] وابن ماجه [4309].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه هذا فقال:
(363)
- (00)(00)(وحدثناه محمد بن المثنى) بن عبيد العنزي أبو موسى البصري ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (252) روى عنه في (14) بابا (و) محمد (بن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري المعروف ببندار ثقة من العاشرة مات سنة (252) روى عنه في (12) بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، كلاهما (قالا حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي مولاهم المدني البصري أبو عبد الله ثقة من التاسعة مات سنة (193) روى عنه في (6) أبواب، قال (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي أبو بسطام البصري ثقة متقن من السابعة مات سنة (160) ستين ومائة، روى عنه في (30) بابًا (عن أبي مسلمة) سعيد بن يزيد الأزدي البصري (قال سمعت أبا نضرة) المنذر بن مالك العبدي البصري (عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم بصريون إلا أبا سعيد فإنه مدني، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة شعبة لبشر بن المفضل في رواية هذا الحديث عن أبي مسلمة (عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (بمثله) متعلق بحدثنا شعبة، والضمير عائد إلى بشر بن المفضل لأنه المتابع أي حدثنا شعبة عن أبي مسلمة بمثل ما حدث بشر بن المفضل عن أبي مسلمة (إلى قوله) أي إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم (في حميل السيل ولم يذكر) شعبة (ما بعده) أي ما بعد قوله حميل السيل من قوله (فقال رجل من القوم) .. إلخ، ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث أبي سعيد الخدري وذكر فيه متابعة واحدة.
وجملة ما شرحناه في هذا المجلد من الأحاديث الغير المكررة (97) سبع وتسعون مع المكررة (203) ثلاث ومائتان، وجملة ما فيه من الأبواب (54) أربعة وخمسون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا آخر ما أكرمني الله سبحانه وتعالى من هذا المجلد بإتمامه بعد ما وفقني بابتدائه في تاريخ 8/ 13 / 1420 هـ اليوم الثالث عشر من الشهر الثامن بين العشائين من سنة عشرين وأربع مائة وألف من الهجرة المصطفوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، بعد ما عاقني منه عوائق لا تحصى، والحمد لله الذي تتم به الصالحات، والصلاة والسلام على سيد البريات، وعلى آله وصحبه السادات القادات، وتابعيهم بإحسان إلى يوم القيامات .. آمين.
تم المجلد الثالث من الكوكب الوهاج على صحيح مسلم بن الحجاج ويليه المجلد الرابع منه وأوله باب آخر أهل النار خروجًا (1).
قال بعضهم:
علم الحديث أجل السؤل والوطر
…
فاقطع به العيش تعرف لذة العمر
وانقل رحالك عن مغناك مرتحلًا
…
لكي تفوز بنقل العلم والأثر
ولا تقل عاقني شغل فليس يرى
…
في الترك للعلم من عذر لمعتذر
وأي شغل كمثل العلم تطلبه
…
ونقل ما قد رووا عن سيد البشر
ألهى عن العلم أقوامًا تطلبهم
…
لذات دنيا غدوا منها على غرر
فكن بصحب رسول الله مقتديًا
…
فإنهم للهدى كالأنجم الزهر
***
(1) وهذا حسب تقسيم المؤلف حفظه الله لنسخته الخطية في (16) مجلدًا، ثم ارتأى حفظه الله بعد دفعه للطباعة أن يكون في (26) مجلدًا. (2)