المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌90 - (49) باب: تجلية الله سبحانه وتعالى وكشفه لنبيه صلى الله عليه وسلم بيت المقدس حين كذبته قريش في إسرائه فأخبرهم عنها بأماراتها - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌70 - (29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌تتمة ما في ثابت بن عياض

- ‌71 - (30) بَابُ: مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَغَشَّهُمْ .. لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ

- ‌72 - (31) - بَابُ نُزُولِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَرَفْعِهِمَا مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَرْضِ الْفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌73 - (32) بَابُ الْفِتَنِ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌74 - (33) بَابُ: غُرْبَةِ الإِسْلامِ في بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَينِ

- ‌75 - (34) بَابُ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلى الْمَدِينَةِ

- ‌76 - (35) بَابُ: ذَهَابِ الإِيمَانِ، وَرَفْعِهِ مِنَ الأرْضِ في آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌77 - (36) بَابُ: جَوَازِ الإِخْفَاءِ بِالإِيمَان وَالأعْمَالِ إِذَا خَافَ مِنْ إِظْهَارِهَا فِتْنَةً

- ‌78 - (37) بَابُ: إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إيمَانِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجَزْمِ بِإِيمَانِ أَحَدٍ مِنْ غيرِ دَليلٍ قَاطِعٍ عَلَيهِ

- ‌79 - (38) بَابُ: السُّؤالِ عَنْ تَظَاهُرِ الأدِلَّةَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الإيمَانٍ وَطُمَأنينةِ الْقَلْبِ

- ‌80 - (39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌81 - (40) بَابُ: الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ مَرَّتَينِ

- ‌82 - (41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌83 - (42) بَابُ: بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي لا يُقْبَلُ فِيهِ الإِيمَانُ وَلَا الْعَمَلُ الصَّالحُ

- ‌84 - (43) بَابُ: كَيفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌85 - (44) بَابُ: الإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ في الإِسْلَامِ

- ‌86 - (45) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِغَرِهِ، وَاسْتِخْرَاجِ حَظِّ الشَّيطَانِ مِنْ قَلْبِهِ

- ‌87 - (46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌88 - (47) بَابُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأنْبِيَاءِ لَيلَةَ الْإِسْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِمْ، وَوَصْفِهِ لَهُمْ، وَصَلاتِهِمْ

- ‌89 - (48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

- ‌90 - (49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

- ‌91 - (50) بَابٌ: فِي ذِكْرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

- ‌92 - (51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

- ‌93 - (52) بَابٌ: فِي ذِكْرِ الاخْتِلافِ هَلْ رَأَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ

- ‌94 - (53) فَصْلٌ فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ"، وَفِي قَوْلهِ: "رَأيتُ نُورًا

- ‌95 - (54) بَابٌ: فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ"، وَفِي قَوْلهِ: "حِجَابُهُ النُّورُ

- ‌96 - (55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

- ‌97 - (56) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ رُؤْيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌98 - (57) بَابُ شَفَاعَةِ الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ

- ‌99 - (58) بَابُ: إِخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ

- ‌100 - (59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ

الفصل: ‌90 - (49) باب: تجلية الله سبحانه وتعالى وكشفه لنبيه صلى الله عليه وسلم بيت المقدس حين كذبته قريش في إسرائه فأخبرهم عنها بأماراتها

‌90 - (49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

332 -

(161)(84) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ عَنْ عُقَيلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيشٌ. قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلا اللهُ لِي

ــ

90 -

(49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

أي هذا باب معقود في بيان الأحاديث التي تدل على كشف الله سبحانه وتعالى وإظهاره لمحمد صلى الله عليه وسلم أوض بيت المقدس حين كذبته قريش في مسراه، وقالوا له: أخبرنا عن علاماتها؟ وسألوه عن بعضها، ويحتمل كشفها له بأن يخلق الله سبحانه وتعالى مثلها قريبًا منه أو ينقلها من محلها إلى قريب حتى يراها أو بإزالة الحائل بينه وبينها، والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ من الأبي بتصرف.

(332)

- (161)(84)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (240) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا، وقوله حدثنا قتيبة في بعض النسخ مقدم على قوله حدثني حرملة، والصواب تأخيره عنه كما في نسخة الأبي والسنوسي كما وضعنا نسختنا هذه على نسختهما، قال قتيبة (حدثنا ليث) بن سعد الفهمي المصري ثقة ثبت إمام مشهور من السابعة مات سنة (175) روى عنه في (15) بابًا تقريبًا (عن عقيل) مصغرًا بن خالد الأموي مولى عثمان سكن المدينة ثم الشام ثم مصر أبي خالد المصري ثقة ثبت من السادسة مات سنة (144) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (عن الزهري) محمد بن مسلم المدني (عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام الأنصاري المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد بغلاني (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما كذبتني قريش) في مسراي حين أخبرتهم خبر إسرائي وفرض الصلاة عليهم وسألوني عن أمارات بيت المقدس (قمت في الحجر) أي في حجر إسماعيل عليه السلام (فجلا الله) سبحانه وتعالى (لي)

ص: 234

بَيتَ الْمَقْدِسِ. فَطَفِقْتُ أخْبِرُهُمْ عَن آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيهِ".

333 -

(162)(85) وحدَّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حُجَينُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ

ــ

بتشديد اللام وتخفيفها وهما ظاهران أي كشف الله سبحانه لي وأظهر (بيت المقدس) أي أرضها (فطفقت) أي شرعت أن (أخبرهم عن آياته) أي عن آيات بيت المقدس وأماراته حين سألوني عنها (وأنا) أي والحال أني (أنظر إليه) أي إلى بيت المقدس بقدرة الله تعالى وتوفيقه، وهذا الحديث أعني حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه شارك المؤلف في روايته البخاري في التفسير وفي المناقب، والترمذي في التفسير، والنسائي في الكبرى. اهـ تحفة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى له بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:

(333)

- (162)(85)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم أبو خيثمة النسائي ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (234) روى عنه في (20) بابًا، قال زهير (حدثنا حجين) بحاء مهملة مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم ياء ثم نون مصغرًا (ابن المثنى) اليمامي أبو عمرو البغدادي قاضي خراسان ونزيل بغداد، روى عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون في الإيمان ودلائل الأنبياء، وعن الليث في الصلاة والحج والنكاح والطلاق وغيرها، ومالك ويعقوب القمي ويروي عنه (خ م دت س) وزهير بن حرب ومحمد بن رافع وأحمد وابن معين ومحمود بن غيلان، وثقه ابن سعد، وقال في التقريب: ثقة من التاسعة مات ببغداد سنة (250) روى عنه في (6) ستة أبواب، قال حجين (حدثنا عبد العزيز) بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون التيمي مولاهم أبو عبد الله المدني أحد الأئمة الأعلام وكان فقيهًا ورعًا متابعًا لمذاهب أهل الحرمين من أسلافهم روى عن عبد الله بن الفضل في الإيمان وذكر الأنبياء، وعن عمه يعقوب بن أبي سلمة، وعبد الرحمن بن القاسم في الحج، وعمر بن حسين في الحج، وعبيد الله بن عمر في اللباس، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة في الدلائل، ومحمد بن المنكدر في الفضائل، وعبد الله بن دينار في الظلم، وسهيل بن أبي صالح في حب الله تعالى، وقدامة بن موسى في الدعاء، ووهب بن كيسان في الزهد، ويروي عنه (ع) وحجين بن

ص: 235

(وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ رَأَيتُنِي فِي الْحِجْرِ، وَقُرَيشٌ تَسْأَلُنِي عَنْ مَسْرَايَ، فَسَأَلَتْنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ بَيتِ الْمَقْدِسِ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكُرِبْتُ كُرْبَةً مَا كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَط. قَال: فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيهِ. مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيءٍ إلا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ. وَقَدْ رَأَيتُنِي

ــ

المثنى وعبد الرحمن بن مهدي وأبو النضر وأبو عامر العقدي ويزيد بن هارون وجماعة ثقة من السابعة مات سنة أربع وستين ومائة (164) روى عنه في عشرة أبواب (10) تقريبًا وأتى بـ (هو) في قوله (وهو ابن أبي سلمة) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته (عن عبد الله بن الفضل) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن في الإيمان، ونافع بن جبير في النكاح، والأعرج في ذكر الأنبياء، ويروي عنه (ع) وعبد العزيز بن أبي سلمة ومالك وزياد بن سعد وموسى بن عقبة وغيرهم ثقة من الرابعة (عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد نسائي وواحد بغدادي (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيتني) أي والله لقد رأيت نفسي عيانًا (في الحجر) أي في حجر إسماعيل (وقربش) أي والحال أن قريشًا (تسألني عن مسراي) أي عن مواضع إسرائي أي عن أماراتها (فسألتني) قريش (عن أشياء من) أمارات (بيت المقدس لم أثبتها) بضم الهمزة من أثبت الرباعي أي لم أحفظها ولم أضبطها لاشتغالي بأهم منها (فكربت كربة) بضم الكاف فيهما أي فهممت همًا وغممت غمًا (ما كربت مثله) أي مثل ذلك الكرب (قط) أي فيما مضى من عمري، والضمير في مثله يعود على معنى الكربة وهو الكرب أو الغم أو الهم أو الشيء، قال الجوهري: الكربة الغم الذي يأخذ بالنفس وكذلك الكرب وكربه الغم إذا اشتد عليه، وقط بفتح القاف وتشديد الطاء ظرف مستغرق لما مضى من الزمان لازم للنفي متعلق بـ (كربت).

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فرفعه الله) أي فكشف الله سبحانه وتعالى بيت المقدس (لي) وأظهره حالة كوني (أنظر إليه) بعيني فـ (ما يسألوني عن شيء) من أماراتها (إلا أنبأتهم) وأخبرتهم (به) أي بذلك الشيء المسؤول عنه (وقد رأيتني) أي

ص: 236

فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأنبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُل ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ. وإذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثقَفِيُّ. وإذَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام قَائِمٌ يُصَلِّي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ (يَعْنِي نَفْسَهُ) فَحَانَتِ الصَّلاةُ فَأمَمْتُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلاةِ قَال قَائِلٌ:

ــ

ولقد رأيت نفسي ليلة الإسراء (في جماعة من الأنبياء) عليهم الصلاة والسلام (فإذا موسى) بن عمران عليه السلام (قائم) في قبره حالة كونه (يصلي) ومثله في عيسى وإبراهيم عليهما السلام، قال الأبي: والأظهر أنها رؤية عين وأنها الصلاة المعهودة الشرعية، ويأتي في آخر الكتاب مررت على موسى وهو قائم يصلي في قبره (فإذا) هو (رجل ضرب) أي وسط في الجسم ليس بالضخم ولا بالضئيل (جعد) أي مكتنز الجسم تامه قويه (كأنه) أي كأن موسى في طوله وصفاء جسمه (من رجال شنوءة) بطن من الأزد مشهور في اليمن، وقوله (وإذا عيسى ابن مريم عليه السلام) معطوف على قوله فإذا موسى، وإذا في الموضعين فجائية ومعنى إذا عيسى ابن مريم (قائم) أي فاجأني قيامه حالة كونه (يصلي أقرب الناس به شبهًا عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم) الخليلى (عليه السلام قائم) أي فاجأني قيامه حالة كونه (يصلي أشبه الناس به) أي بإبراهيم (صاحبكم) وقوله (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صاحبكم (نفسه) الشريفة كلام مدرج من الراوي لتفسير صاحبكم.

(فإن قيل) كيف يصلون وهم في الآخرة غير عيسى وليست دار عمل (فالجواب) عن ذلك ما تقدم في جواب موسى ويونس وقد تكون الصلاة هنا بمعنى الدعاء والذكر وهو من عمل الآخرة، قال بعضهم: ويحتمل أن موسى لم يمت فتكون صلاته حقيقة كعيسى لحديث "أنا أول من تنشق عنه الأرض فإذا موسى آخذ بساق العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة يوم الطور" ولا يصح لما ذكر في آخر الكتاب من قضية موته وخبره مع ملك الموت، ولحديث "مررت على موسى وهو يصلي في قبره" لأن القبر إنما يكون للميت.

(فحانت الصلاة) أي قرب الشروع في الصلاة التي صليت بهم بنحو الإقامة، والله أعلم. (فأممتهم) أي كنت إمامًا لهم في تلك الصلاة (فلما فركت من الصلاة) بهم (قال قائل) من الحاضرين معي ولعله جبريل عليه السلام كما في الحديث الآخر

ص: 237

هَذَا مَالِكٌ صَاحِبُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيهِ. فَالْتَفَتُّ إِلَيهِ فَبَدَأَنِي بِالسَّلامِ"

ــ

(هذا) الحاضر معنا (مالك صاحب النار) وخازنها يسلم عليك (فسلم) يا محمد (عليه) أي على مالك، قال النبي صلى الله عليه وسلم (فالتفت) بوجهي (إليه) أي إلى مالك (فبدأني) مالك (بالسلام) علي قبل أن أسلم عليه، وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة شارك المؤلف في روايته النسائي في الكبرى في كتاب التفسير. اهـ تحفة.

قوله (فأممتهم) قال القاضي عياض: (فإن قيل: رؤيته لموسى يصلي في قبره وصلاته بهم في بيت المقدس يعارض ما تقدم من أنه وجدهم في السماء (قيل) يحتمل أنه مر بموسى وهو يصلي في قبره ثم سبقه موسى إلى السماء، وأما صلاته بالأنبياء عليهم السلام فيحتمل أنها لأول ما رأوه ثم سألوه ورحبوا به، أو تكون رؤيته لموسى وصلاته بالأنبياء عليهم السلام بعد رجوعه من سدرة المنتهى).

قال الأبي: (السؤال إنما هو على أنه أم بهم ببيت المقدس ولم يرد أنه رجع بعد نزوله إلى بيت المقدس فلا يصح الجواب بأنه أمهم بعد رجوعه عن السدرة وإنما يصح الجواب بذلك إذا كانت صلاته بهم في السماء حين لقيهم أولًا على منازلهم تلك فرحبوا به ثم لما رجع عن السدرة أمهم ويشهد لذلك سلام صاحب النار عليه فإن الظاهر أنه إنما سلم عليه في السماء.

وفي الترمذي عن حذيفة أنه أنكر أن يكون صلى بهم وقال: ما زايل ظهر البراق حتى رأى الجنة والنار وما أعد الله سبحانه، وهذه شهادة على النفي وزيادة العدل مقبولة) اهـ من الأبي.

ص: 238