المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌96 - (55) باب: ما جاء في رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌70 - (29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌تتمة ما في ثابت بن عياض

- ‌71 - (30) بَابُ: مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَغَشَّهُمْ .. لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ

- ‌72 - (31) - بَابُ نُزُولِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَرَفْعِهِمَا مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَرْضِ الْفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌73 - (32) بَابُ الْفِتَنِ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌74 - (33) بَابُ: غُرْبَةِ الإِسْلامِ في بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَينِ

- ‌75 - (34) بَابُ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلى الْمَدِينَةِ

- ‌76 - (35) بَابُ: ذَهَابِ الإِيمَانِ، وَرَفْعِهِ مِنَ الأرْضِ في آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌77 - (36) بَابُ: جَوَازِ الإِخْفَاءِ بِالإِيمَان وَالأعْمَالِ إِذَا خَافَ مِنْ إِظْهَارِهَا فِتْنَةً

- ‌78 - (37) بَابُ: إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إيمَانِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجَزْمِ بِإِيمَانِ أَحَدٍ مِنْ غيرِ دَليلٍ قَاطِعٍ عَلَيهِ

- ‌79 - (38) بَابُ: السُّؤالِ عَنْ تَظَاهُرِ الأدِلَّةَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الإيمَانٍ وَطُمَأنينةِ الْقَلْبِ

- ‌80 - (39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌81 - (40) بَابُ: الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ مَرَّتَينِ

- ‌82 - (41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌83 - (42) بَابُ: بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي لا يُقْبَلُ فِيهِ الإِيمَانُ وَلَا الْعَمَلُ الصَّالحُ

- ‌84 - (43) بَابُ: كَيفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌85 - (44) بَابُ: الإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ في الإِسْلَامِ

- ‌86 - (45) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِغَرِهِ، وَاسْتِخْرَاجِ حَظِّ الشَّيطَانِ مِنْ قَلْبِهِ

- ‌87 - (46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌88 - (47) بَابُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأنْبِيَاءِ لَيلَةَ الْإِسْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِمْ، وَوَصْفِهِ لَهُمْ، وَصَلاتِهِمْ

- ‌89 - (48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

- ‌90 - (49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

- ‌91 - (50) بَابٌ: فِي ذِكْرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

- ‌92 - (51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

- ‌93 - (52) بَابٌ: فِي ذِكْرِ الاخْتِلافِ هَلْ رَأَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ

- ‌94 - (53) فَصْلٌ فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ"، وَفِي قَوْلهِ: "رَأيتُ نُورًا

- ‌95 - (54) بَابٌ: فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ"، وَفِي قَوْلهِ: "حِجَابُهُ النُّورُ

- ‌96 - (55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

- ‌97 - (56) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ رُؤْيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌98 - (57) بَابُ شَفَاعَةِ الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ

- ‌99 - (58) بَابُ: إِخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ

- ‌100 - (59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ

الفصل: ‌96 - (55) باب: ما جاء في رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة

‌96 - (55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

351 -

(170)(93) حدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضمِيُّ، وَأَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَاللَّفْظُ لأبَي غَسَّانَ، قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ،

ــ

96 -

(55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

أي هذا الباب معقود في بيان الأحاديث التي وردت في إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الجنة، وبسندنا المتصل السابق في أول الكتاب قال المؤلف رحمه الله تعالى:

(351)

- (170)(93)(حدثنا نصر بن علي) الأزدي (الجهضمي) أبو عمر البصري ثقة ثبت من العاشرة مات سنة (250) روى عنه في (16) بابًا تقريبًا (وأبو غسان) البصري مالك بن عبد الواحد (المسمعي) نسبة إلى جده مسمع بوزن منبر ثقة من العاشرة مات سنة (230) روى عنه في (9) أبواب (وإسحاق بن إبراهيم) بن مخلد بن راهويه الحنظلي أبو يعقوب المروزي ثقة مجتهد من العاشرة مات سنة (238) روى عنه في (21) بابا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه حالة كونهم (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن عبد العزيز بن عبد الصمد) العمي أبي عبد الصمد أو أبي عبد الله البصري، روى عن عبد الملك بن حبيب أبي عمران الجوني في الإيمان وغيره، ومنصور في الصلاة واللباس، ويروي عنه (ع) ونصر بن علي وأبو غسان المسمعي وإسحاق الحنظلي وابن أبي عمر وابن أبي شيبة وأبو كامل الجحدري، وقال في التقريب: ثقة حافظ من كبار التاسعة مات سنة (187) سبع وثمانين ومائة، روى عنه المؤلف في ثلاثة أبواب تقريبًا، وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (لأبي غسان) تورعًا من الكذب على نصر بن علي وإسحاق، وأتى بقوله (قال) أبو غسان (حدثنا أبو عبد الصمد) تورعًا من الكذب عليه لأنه صرح بالسماع وذكر شيخه بكنيته، قال أبو عبد الصمد (حدثنا أبو عمران) عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي (الجوني) بفتح الجيم نسبة إلى جون بن عوف بطن من الأزد كما في اللباب الحافظ البصري مشهور بكنيته، روى عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس في الإيمان والجهاد في موضعين وصفة الجنة، وأنس في الوضوء وذكر الكفارة، وعبد الله بن الصامت في الصلاة والجهاد وحق الجار والحب، وجندب بن عبد الله في الجامع والعلم، وعبد الله بن رباح الأنصاري كتب إليه في العلم فجملة

ص: 276

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَال: "جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةِ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبِ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَينَ الْقَوْمِ وَبَينَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلا رِدَاءُ الْكِبرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ،

ــ

الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أحد عشر بابًا تقريبًا ويروي عنه (ع) وعبد العزيز بن عبد الصمد وحماد بن سلمة وجعفر بن سليمان في الوضوء والصلاة، وحماد بن زيد وشعبة وسليمان التيمي وأبو عامر الخزاز وأبو قدامة الحارث بن عبيد وهمام بن يحيى وأبان بن يزيد، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة من كبار الرابعة مات سنة (128) ثمان وعشرين ومائة (عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس) عمرِو بن أبي موسى الأشعري ويقال اسمه عامر الكوفي روى عن أبيه في الإيمان والصلاة والجهاد، والبراء بن عازب في الدعاء في أربعة أبواب تقريبًا، روى عنه (ع) وأبو عمران الجوني وزيد بن عثمان وأبو جمرة الضبعي وعبد الله بن أبي السفر وأبو إسحاق وغيرهم، وثقه العجلي، وقال في التقريب: ثقة من الثالثة مات سنة (106) ست ومائة، وكان أسن من أخيه أبي بردة (عن أبيه) عبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل الكوفي وقد تقدم البسط في ترجمته (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان منهم كوفيان إلَّا إسحاق بن إبراهيم فإنه مروزي (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (جنتان) مبتدأ أول، وسوغ الابتداء بالنكرة وقوعه في معرض التفصيل (من فضة) خبر مقدم للمبتدأ الثاني (آنيتهما) مبتدأ ثان مؤخر عن خبره (وما فيهما) معطوف على (آنيتهما) والتقدير جنتان من تلك الجنان الأربع آنيتهما وما فيهما كائنة من فضة، ومثله في الإعراب قوله (وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما) والتقدير وجنتان من تلك الجنان الأربع آنيتهما وما فيهما كائنة من ذهب.

قال الأبي: يحتمل أن الحديث تفسير للجنان الأربع التي في سورة الرحمن وعموم (وما فيهما) يقتضي حتى أشجارهما التي لا تكون الجنة جنة إلَّا بها وخلقها من ذهب أو فضة ممكن، وارتفاع جنتان على الابتداء وسوغه التفصيل وآنيتهما مبتدأ ثان وهو وخبره خبر عن الأول. اهـ والآنية جمع إناء على وزن فعال وأفعلة كسقاء وأسقية.

(وما بين القوم) من أهل الجنة (وبين أن ينظروا إلى ربهم) جل وعلا حجاب (إلا رداء) أي إلَّا صفة (الكبرياء) والجلال والعظمة (على وجهه) وذاته تعالى حالة كون

ص: 277

فِي جَنَّةِ عَدْنٍ"

ــ

الناظرين (في جنة عدن) واقامة وخلود، والمعنى أي ليس ثم مانع من رؤيته تعالى إلَّا رداء الكبرياء أي إلَّا صفة الجلال التي لا تطيق الأبصار لضعفها رؤيته أي حتى يقويهم على رؤيته بخلقهم للدوام فاستعار صلى الله عليه وسلم لهذا الجلال المانع من رؤيته تعالى لفظ الرداء المانع من رؤية ما تحته تقريبًا للأفهام بإبراز المعقول في حيز المحسوس، والخطاب مع العرب الذين هم في البلاغة من هم، وباب الاستعارة مشهور عند العرب فلا إشكال في الحديث إلَّا عند من غلبت عليه العجمة واستولت على قلبه البلادة. اهـ سنوسي. قال القاضي عياض: والاستعارة هي استعمال اللفظ في غير ما وضعت له لعلاقة المشابهة بينهما مع قرينة مانعة عن إرادة المعنى الأصلي وهي أحد أنواع المجاز وأرفع أبواب الفصاحة والإيجاز، والعرب كثيرًا ما تستعملها تقصد بها التوضيح والإفهام وعلى هذا النحو جاء لفظ الرداء هنا فإنه صلى الله عليه وسلم كان يخاطب العرب بما تفهم ويخرج لهم الشيء من حيز المعقول إلى حيز المحسوس تقريبًا للفهم فاستعار صلى الله عليه وسلم لهذا الجلال المانع من رؤية الله تعالى لفظ الرداء المانع من رؤية ما تحته تقريبًا للأفهام فعبر عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بإزالة الرداء، وقال الرماني: ويسمى هذا النوع من الاستعارة تشبيهًا بغير أداة وغلبت البلادة والعجمة على قوم فلم يفهموا هذا المنزع من كلام العرب فاختلفوا في الحديث، فكذب بالأصل المعطلة وكذب بالحديث لجهل النقلة المعتزلة وكل تائه في مَهْمَهِ الجهل.

وعبارة المفهم هنا قوله (إلَّا رداء الكبرياء على وجهه) الرداء هنا استعارة كنى بها عن كبريائه وعظمته كما قال في الحديث الآخر (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري) وليست العظمة والكبرياء من جنس الثياب المحسوسة وإنما هي توسعات، ووجه المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا ملازمين للإنسان مخصوصين به لا يشاركه فيهما غيره عبر عن عظمة الله تعالى وكبريائه بهما لأنهما مما لا يجوز مشاركة الله فيهما، ألا ترى آخر الحديث (فمن نازعني واحدًا منهما قصمته ثم قذفته في النار) ومعنى حديث أبي موسى هذا أن مقتضى جبروت الله تعالى وكبريائه وعزته واستغنائه أن لا يراه أحد ولا يعبأ بأحد ولا يلتفت إليه لكن لطفه وكرمه بعباده المؤمنين ورحمته لهم وعوده عليهم يقتضي أن يمن عليهم بأن يريهم وجهه إبلاغًا في الإنعام وإكمالًا للامتنان فإذا كشف عنهم الموانع وأراهم وجهه الكريم فقد فعل معهم خلاف مقتضى الكبرياء فكأنه رفع عنهم حجابًا يمنعهم.

ص: 278

352 -

(171)(94) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيسَرَةَ،

ــ

ووجه الله تعالى هل عبارة عن وجوده وذاته المقدس أو عن صفة شريفة عظيمة معقولة ليست كوجهنا؟ في ذلك لأئمتنا قولان وكذلك القول في اليد والعين والجنب المضافة إلى الله تعالى. اهـ من المفهم.

وقوله (في جنة عدن) متعلق بمحذوف في موضع الحال من القوم فكأنه قال حالة كونهم كائنين في جنة عدن ولا يكون الكينونة فيها من الله تعالى لاستحالة المكان والزمان عليه تعالى. اهـ منه.

وقال الضحاك: وجنة عدن اسم لمدينة الجنة وهي مسكن الأنبياء عليهم السلام والعلماء والشهداء وأئمة العدل، والناس سواهم في جنات حواليها، وقيل إنها اسم مركب إضافي فالجنات البساتين.

واختلف في عدن فقال الحسن: قصر لا يدخله إلَّا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل ومد بها صوته، وقال عطاء: هو نهر على حافتيه جنات، وقيل عدن اسم للإقامة من عدن بالمكان إذا أقام به، وقال ابن عطية: وهو الصواب لأن الله سبحانه وتعالى وعدها المؤمنين والمؤمنات بقوله تعالى: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} الآية. فلا معنى للتخصيص. اهـ أبي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني حديث أبي موسى أحمد [411] والبخاري [4878] و [7444] والترمذي [2530] وابن ماجه [186].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي موسى الأشعري بحديث صهيب رضي الله تعالى عنهما فقال:

(352)

- (171) - (94)(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة) القواريري الجشمي مولاهم أبو سعيد البصري سكن بغداد روى عن عبد الرحمن وأبي عوانة وعبد الوارث بن سعيد وخالد بن الحارث ويحيى القطان وبشر بن المفضل وسفيان بن عيينة ومعاذ بن هشام وغيرهم، ويروي عنه (خ م د س) وأبو زرعة والفريابي والبغوي، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة ثبت من العاشرة مات في أيام التشريق سنة (235) خمس وثلاثين ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والنكاح في موضعين والزكاة والصوم والحج في أربعة مواضع وعذاب القبر وصفة النبي صلى الله عليه وسلم والفضائل في

ص: 279

قَال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتِ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيلَى، عَنْ صهَيبٍ،

ــ

موضعين واللباس، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها عشرة تقريبًا.

(قال) عبيد الله (حدثني عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري ثقة ثبت من التاسعة مات سنة (198) بالبصرة عن (63) وكان يحج كل سنة، قال (حدثنا حماد بن سلمة) بن دينار الربعي أو التميمي مولاهم أبو سلمة البصري ثقة عابد أثبت الناس في ثابت من كبار الثامنة مات سنة (167) روى عنه في (16) بابا (عن ثابت) بن أسلم بن موسى (البناني) نسبة إلى بنانة من بني سعد بن لؤي بن غالب وموضع لهم بالبصرة أبي محمد البصري ثقة عابد من الرابعة مات سنة (123) روى عنه في (13) بابًا تقريبًا (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري الأوسي أبي عيسى الكوفي واسم أبي ليلى يسار وقيل داود بن بلال بن أُحيحة بن الجلَّاح بن الحَرِيش بن جَحْجَبَا بن كَلَفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس، روى عن صهيب في الإيمان والزهد، وكعب بن عجرة في الوضوء والصلاة والحج، والبراء في الصلاة، وأمِّ هانئ في الصلاة، وأبي بن كعب في الصلاة وآيات آخر الكتاب، وزيد بن أرقم في الجنائز، وقيس بن سعد وسهل بن حنيف وعلي في الحج والدعاء، وأنس بن مالك في الأطعمة، والمقداد بن الأسود في الأطعمة، وحذيفة في الأطعمة، وأبي أيوب في الدعاء، ويروي عنه (ع) وثابت البناني والحكم بن عتيبة وهلال بن أبي حميد وعمرو بن مرة وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن ومجاهد وأبو قلابة وعبد الملك بن عمير ويزيد بن أبي زياد في الأطعمة وعمرو بن ميمون في الدعاء، قال عبد الله بن الحارث: ما ظننت أن النساء ولدن مثله، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: ثقة من الثانية ولد لست بقين من خلافة عمر، وقال بعضهم: لست مضين مات سنة (83) ثلاث وثمانين بوقعة الجماجم وقيل غرق بدجيل مع محمد بن الأشعث فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها تسعة أبواب تقريبًا (عن صهيب) - مصغرًا - ابن سنان بن مالك بن عبد عمرو بن عقيل أبو يحيى سبته الروم وهو صغير من الموصل فأعتقه النبي صلى الله عليه وسلم وكناه أبا يحيى صحابي مشهور شهد بدرًا من السابقين، له أحاديث انفرد له (خ) بحديث و (م) بثلاثة، يروي عنه (ع) وابن عمر وابن أبي ليلى وابن المسيب وبنوه حمزة وزياد وصيفي وسعد، كان اسمه عبد الملك وصهيب لقبه أصله من النمر مات بالمدينة سنة

ص: 280

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَال: يَقُولُ اللهُ تبارك وتعالى: تُرِيدُونَ شَيئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَال: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيئًا أَحَبَّ إِلَيهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عز وجل"

ــ

ثمان وثلاثين (38) في خلافة علي وقيل قبل ذلك (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد كوفي وواحد مدني.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أهل الجنة الجنة) وقوله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد لقال الأول (يقول الله تبارك) أي تزايد بره وإحسانه لعباده (وتعالى) أي ترفع عما لا يليق به من كل النقائص (تريدون) أي أتريدون يا عبادي (شيئًا) من المطالب (أزيدكم) ذلك الشيء على ما أعطيتكم، قال الأبي: هذا استنطاق لا استفهام لأن الله سبحانه لا يخفى عليه شيء (فيقولون) في جوابه (ألم تبيض وجوهنا) بهمزة الاستفهام التقريري، وكذا في قوله (ألم ندخلنا الجنة وتنجنا من النار) بالجزم عطفًا على ما قبله فأي نعمة أفضل من هذا (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فبكشف) الله سبحانه وتعالى (الحجاب) أي يزيل الموانع التي كانت تمنع رؤيته سبحانه، وتسميتها حجابًا مجاز بالاستعارة والمحجوب بها الخلق كما تقدم (فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل.

وفي المفهم: وقول من يسأله الله من أهل الجنة بقوله (هل تريدون شيئًا أزيدكم)(ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة وتنجنا من النار) لا يليق بمن مات على كمال المعرفة والمحبة والشوق وإنما يليق ذلك بمن مات بين الخوف والرجاء فلما حصل على الأمن من المخوف والظفر بالمرجو الذي كان تشوقه إليه قنع به ولها عن غيره، وأما من مات محبًّا لله مشتاقًا لرؤيته فلا يكون همه إلَّا طلب النظر لوجهه الكريم لا غير، ويدل على صحة ما قلته أن المرء يحشر على ما مات عليه كما علم من الشريعة، بل أقول إنَّ من مات مشتاقًا لرؤية الله تعالى لا ينبه بالسؤال بل يعطيه أمنيته ذو الفضل والإفضال، ومذهب أهل السنة بأجمعهم أن الله تعالى ينظر إليه المؤمنون في الآخرة بأبصارهم كما نطق بذلك الكتاب وأجمع عليه سلف الأمة ورواه بضعة عشر من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع ذلك فرق من المبتدعة منهم المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة بناء منهم على أن الرؤية يلزمها شروط اعتقدوها عقلية كاشتراط البنية

ص: 281

353 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ: ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}

ــ

المخصوصة والمقابلة واتصال الأشعة وزوال الموانع من القرب المفرط والبعد المفرط والحجب الحائلة في خبط لهم وتحكم، وأهل الحق لا يشترطون شيئًا من ذلك عقلًا سوى وجود المرئي وأن الرؤية إدراك يخلقه الله تعالى للرائي فيرى المرئي لكن يقترن بالرؤية بحكم جريان العادة أحوال يجوز في العقل شرعًا تبدلها، والله أعلم. وتفصيل ذلك وتحقيقه في علم الكلام.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني حديث صهيب بن سنان أحمد (4/ 332 و 333) والترمذي (3555) وابن ماجه (187).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث صهيب رضي الله تعالى عنه فقال:

(353)

- (00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من العاشرة، قال (حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي ثقة متقن من التاسعة مات سنة (206) روى عنه في (19) بابًا تقريبًا (عن حماد بن سلمة) بن دينار التميمي البصري، والجار والمجرور في قوله (بهذا الإسناد) متعلق بقوله حدثنا يزيد بن هارون، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابع المذكور في السند السابق أي حدثنا يزيد بن هارون بهذا الإسناد أي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند أيضًا من سداسياته رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان بصريان وواحد واسطي وواحد مدني، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة يزيد بن هارون لعبد الرحمن بن مهدي في رواية هذا الحديث عن حماد بن سلمة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه (و) لكن (زاد) يزيد بن هارون على عبد الرحمن قوله (ثم تلا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذه الآية) استشهادًا على قوله وهي قوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} بالأعمال الصالحة {الْحُسْنَى} أي الجنة {وَزِيَادَةٌ} أي النظر إلى ربهم. الآية في سورة يونس [26] وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان: الأول حديث أبي موسى الأشعري ذكره للاستدلال، والثاني حديث صهيب بن سنان فذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة. والله أعلم.

ص: 282