الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
82 - (41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
292 -
(147)(70) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّب؛ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذي نَفْسِي
ــ
82 -
(41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم
أي هذا باب معقود في ذكر ما جاء من الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام مؤيدًا وحاكمًا بشريعة محمَّد صلى الله عليه وسلم التي أساسها الإيمان والإِسلام وبهذا التقدير يطابق الباب ترجمة كتاب الإيمان وإلا فذكره في كتاب الإيمان استطرادي لأن محله كتاب أشراط الساعة.
(292)
- (147)(70)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) الثَّقَفيّ مولاهم أبو رجاء البغلاني ثِقَة ثبت من (10) مات سنة (240) روى عنه في (7) أبواب، قال قتيبة (حَدَّثَنَا ليث) بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري ثِقَة ثبت من السابعة مات سنة (175) روى عنه في (15) بابًا تقريبًا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حَدَّثَنَا محمَّد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم أبو عبد الله المصري ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (242) روى عنه في (5) أبواب تقريبًا، قال محمَّد بن رمح (أخبرنا الليث) بن سعد، وأتى بحاء التحويل مع أن شيخ شيخيه واحد وهو ليث بن سعد لبيان اختلاف صيغتيهما لأن قتيبة قال: حَدَّثَنَا، ومحمَّد بن رمح قال: أخبرنا، وهذا هو فائدة التحويل هنا (عن) محمَّد بن مسلم (ابن شهاب) القُرشيّ الزُّهْرِيّ أبي بكر المدنِيُّ ثِقَة متقن من الرابعة (عن) سعيد (بن المسيّب) بن حَزْن القُرشيّ المخزومي أبي محمَّد المدنِيُّ ثِقَة حافظ من كبار الثَّانية مات سنة (90) روى عنه في (17) بابا (أنَّه) أي أن سعيد بن المسيّب (سمع أَبا هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر الدوسي المدنِيُّ وهذان السندان من خماسياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم مدنيون وواحد مصري وواحد بغلاني والثاني منهما رجاله اثنان منهم مصريان وثلاثة مدنيون، حالة كون أبي هريرة (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي
بِيَدِهِ، لَيُوشِكنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا مُقْسِطًا،
ــ
بيده) وفي بعض النسخ: "والذي نفس محمَّد بيده" وأتى بالقسم تأكيدًا للكلام وإفادة لتحقق نزوله في المستقبل واللام في قوله (ليوشكن) رابطة لجواب القسم، ويوشكن بضم أوله وكسر ثالثه معناه ليقربن وهو من أفعال المقاربة، وجملة قوله (أن ينزل فيكم) أي في آخر هذه الأمة وإن كان خطابًا لبعضها ممن لا يدرك نزول عيسى (ابن مريم عليه السلام) في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية ليوشك لأنها هنا تامة كما قال ابن مالك في الخلاصة:
بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد
…
غنى بأن يفعل عن ثان فقد
وقوله (حكمًا) أي حاكمًا بهذه الشريعة مجددًا لها لا نبيًّا أرسل بشريعة مستقلة ناسخة، حال من ابن مريم، وقوله (مقسطًا) أي عادلًا في حكمه صفة لـ (حكمًا)، والمعنى أقسمت لكم بالإله الذي نفسي بيده ليقربن نزول عيسى ابن مريم من السماء فيكم أيتها الأمة المحمدية حالة كونه حاكمًا عادلًا يحكم بينكم بالعدل والقسط بهذه الشريعة مجددًا لها تكرمة لهذه الأمة وهذه الشريعة، لا ينزل نبيًّا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة بل هو حاكم من حكام هذه الأمة لأن هذه الشريعة آخر الشرائع ونبيها آخر الأنبياء.
والمقسط العادل يقال أقسط يقسط إقساطًا وقسطًا بكسر القاف فهو مقسط إذا عدل ومنه قوله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وقسط يقسط من باب ضرب، قسوطًا وقسطًا بفتح القاف إذا جار ومنه قوله تعالى:{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)} .
والأكثر على أن عيسى لم يمت بل رفع إلى السماء، وقال مالك: مات عيسى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقال ابن رشد: يعني بموته خروجه من عالم الأرض إلى عالم السماء، قال: ويحتمل أنَّه مات حقيقة ويحيا في آخر الزمان إذ لا بد من نزوله لتواتر الأحاديث بذلك، وكان أبو هريرة يلقى الفتى الشاب فيقول له: يَا ابن أخي إنك عسى أن تلقى عيسى ابن مريم فأقرئه مني السلام، تحقيقًا لنزوله فما ذكره ابن حزم من الخلاف في نزوله لا يصح.
قال ابن العربي: ويروى أنَّه يتزوج امرأة من بني ضبة اسمها راضية ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفن في روضة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفيها موضع قبر، ويقال: إنما بُقِّي له، والمحقق أن نزوله من أشراط الساعة وصح أنَّه الذي يقتل الدجال
فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيضَعَ الْجِزْيَةَ،
ــ
وبدعائه يهلك يأجوج ومأجوج، واختلف كم يلبث في الأرض فقال أبو داود: أربعين سنة، وقال ابن العربي: والأصح أنَّه سبعة أعوام، فإن قلت: بم يعرف النَّاس أنَّه عيسى؟ قلت: بصفاته التي تضمنتها الأحاديث المتواترة (فيكسر الصليب) بالنصب عطفًا على (ينزل) وبالرفع على الاستئناف معناه يكسره حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الملاهي بالكسر وتغيير ما نسبته النصارى إلى شرعها لأنه إنما ينزل ملتزمًا بشريعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وقيل معنى "يكسر الصليب": يبطل أمره من قولهم كسر حجته، والفرق بين الصليب والصنم والوثن أن الصليب كل ما نحت على صورة آدمي وعبد، والصنم كل ما نحت على أي صورة كصورة العجل وعبد، والوثن كل ما عبد من دون الله تعالى سواء نحت أم لا كالشجر والحجر، قال القرطبي: وكسره الصليب يدل على أن شيئًا من ذلك لم يسوغه لهم وأن ذلك لا يقر إذا تمكن من تغييره وإزالته. اهـ (ويقتل الخنزير) بالنصب والرفع أَيضًا، قال النووي: وقتل الخنزير من قبيل إزالة المنكر وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور أنَّه إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر أو غيرها وتمكنا من قتله قتلناه وإبطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم، فقال: يُترك إذا لم يكن فيه ضراوة، قال الأبي: وفيه دليل على أن ما وجد من الخنازير بأرض الكفر أو بيد من أسلم تقتل وقيل: تسرح، وقال ابن عرفة: لا بأس بقتل ما وجد من الخنازير بأرض الإِسلام لأنها مُفسدة (ويضع الجزية) بالوجهين أي يسقط الجزية ولا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلَّا الإِسلام ومن بذل منهم الجزية لم يكفَّ عنه بها بل لا يقبل إلَّا الإِسلام أو القتل قاله الخطابي، قال القاضي: وقد يكون فيض المال هنا من وضع الجزية أي ضربها على جميع الكفرة فإنَّه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها وانقاد له جميع النَّاس إما بالإِسلام وإما بإلقاء يد فيضع عليه الجزية ويضربها وهذا كلام القاضي وليس بمقبول، والصواب ما قدمناه وهو أنَّه لا يقبل إلَّا الإِسلام فعلى هذا قد يقال هذا خلاف حكم الشرع اليوم فإن الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولا يجوز قتله ولا إكراهه على الإِسلام، وجوابه أن هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة بل هو مقيد بما قبل عيسى عليه السلام، وقد أخبرنا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه وليس عيسى عليه السلام هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ، فإن عيسى عليه السلام يحكم
وَيفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ".
293 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الأعلَى بْنُ حمّادٍ، وَأَبُو بَكرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ،
ــ
بشرعنا فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم. اهـ نواوي.
(ويفيض المال) بفتح الياء بالوجهين أَيضًا ولكن الرفع على الاستئناف أولى هنا لأن فيض المال ليس من فعل عيسى عليه السلام أي يكثر المال وتنزل البركات وتكثر الخيرات بسبب العدل وعدم التظالم وإلقاء الأرض أفلاذ كبدها كما جاء في الحديث الآخر وتقل أَيضًا الرغبات لقصر الآمال وعلمهم بقرب الساعة فإن عيسى علم من أعلام الساعة، والله أعلم. اهـ نواوي.
قال القاضي أو لضربه الجزية على الجميع (حتَّى لا يقبله أحد) منك لغنى كل النَّاس حينئذ، قال ابن عرفة: إذا أفضت الحال في المال إلى أن لا يقبله أحد لا تسقط الزكاة، وقيل تسقط لأنها إنما وجبت لإرفاق الفقراء وهم غير موجودين، قال السنوسي فإن قلت لا يظهر لوجوب الزكاة أثر إذ كان لا يقبلها أحد قلت يظهر أثره في تمييز نصيب الزكاة من المال عند الحول وحفظه كالوديعة إلى أن يأتي له مستحق أو يرث الله الأرض ومن عليها وإذا لم يجد الإنسان من يستأجر لعمل، عمل بنفسه فإن عجز وجبت إعانته لأن المواساة كما تجب بالمال تجب بالنفس.
وهذا الحديث -أعني حديث أبي هريرة بهذا اللفظ- شارك المؤلف في روايته أَحْمد (2/ 494) والبخاري (3448) وأبو داود (4324) والتِّرمذيّ (2234).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(293)
- (00)(00)(وحدثناه عبد الأعلى بن حماد) بن نصر الباهليّ مولاهم أبو يحيى البَصْرِيّ المعروف بالنرسي نسبة إلى نرس نهر بالكوفة عليه عدة قرى وثقه أبو حاتم وقال في التقريب لا بأس به وقيل صدوق من كبار العاشرة مات سنة (237) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (و) حدثنا أَيضًا (أبو بكر) عبد الله بن محمَّد (بن أبي شيبة) العبسي مولاهم الكُوفيّ ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (235) روى عنه في (16) بابًا
وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. ح وَحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ؛ قال: حَدَّثَنِي يُونُسُ. ح وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ
ــ
تقريبًا (و) حدثنا أَيضًا (زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النَّسائيّ ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (234) روى عنه في (20) بابًا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه أو تقوية عبد الأعلى بن حماد لأنه مختلف فيه (قالوا) أي قال كل من الثلاثة (حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة) الهلالي مولاهم أبو محمَّد الكُوفيّ ثِقَة حافظ إمام حجة وكان ربما دلس لكن عن الثِّقات من الثامنة مات في رجب سنة (198) روى عنه في (25) بابًا تقريبًا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنيه) أي حَدَّثني هذا الحديث المذكور (حرملة بن يحيى) بن عبد الله التجيبي أبو حفص المصري صدوق من الحادية عشرة مات سنة (244) روى عن ابن وهب فقط في مواضع كثيرة، قال حرملة (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القُرشيّ مولاهم أبو محمَّد المصري ثِقَة حافظ من التاسعة مات سنة (197) روى عنه في (13) بابًا تقريبًا (قال) عبد الله بن وهب (حَدَّثني يونس) بن يزيد الأيلي أبو يزيد الأُموي مولاهم ثِقَة من السابعة مات سنة (159) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا وفائدة هذا التحويل بيان اختلاف صيغة السماع بين هذا السند والسند الأول مع بيان النزول فيه.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حَدَّثَنَا حسن) بن عليّ (الحلواني) أبو علي الهذلي المكيّ ثِقَة من الحادية عشرة مات سنة (242) روى عنه في (8) أبواب تقريبًا (وعبد بن حميد) بن نصر الكسي أبو محمَّد الحافظ ثِقَة من الحادية عشرة مات سنة (249) روى عنه في (12) بابا كلاهما (عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف الزُّهْرِيّ أبو يوسف المدنِيُّ ثِقَة من التاسعة مات سنة (208) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا قال يعقوب (حَدَّثَنَا أبي) إبراهيم بن سعد المدنِيُّ ثِقَة من الثامنة مات سنة (183) روى عنه في (14) بابا.
(عن صالح) بن كيسان الغفاري مولاهم أبي محمَّد المدنِيُّ ثِقَة ثبت من الرابعة مات سنة (140) روى عنه في (5) أبواب تقريبًا، وأتى بحاء التحويل لبيان مخالفته للسندين الأولين في صيغة السماع ولاختلاف مشايخ مشايخه في الكل ولبيان نزوله،
كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَينَةَ: "إِمَامًا مُقْسِطًا وَحَكَمًا عَدْلًا".
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ: "حَكَمًا عَادِلًا" وَلَمْ يَذْكُرْ "إِمَامًا مُقْسِطًا". وَفِي حَدِيثِ صَالِحٍ "حَكَمًا مُقْسِطًا" كَمَا قَال اللَّيثُ. وَفِي حَدِيثِهِ، مِنَ الزِّيَادَةِ "وَحَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيرًا
ــ
والضمير في قوله (كلهم) عائد إلى ما قبل حاء التحويلات كما هو الاصطلاح له أي كل من سفيان في السند الأول ويونس في السند الثاني، وصالح في السند الثالث رووا (عن) محمَّد بن مسلم بن شهاب (الزُّهْرِيّ) المدنِيُّ ثِقَة متقن من رؤوس الطَّبقة الرابعة مات سنة (125) والجار والمجرور في قوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابع الذي هو ليث بن سعد أي كل هؤلاء الثلاثة رووا عن الزُّهْرِيّ بهذا الإسناد يعني عن ابن المسيّب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما روى ليث بن سعد عن الزُّهْرِيّ إلَّا فيما سيستثني وهذه الأسانيد الثلاثة الأول منها من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كُوفِيّ وبصري أو كُوفِيّ ونسائي، والثاني منها من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، والثالث منها من سباعياته رجاله ستة منهم مدنيون وواحد مكّيّ أو كسي، وغرضه بسوق كل من الثلاثة الأسانيد بيان متابعة سفيان بن عيينة ويونس بن يزيد وصالح بن كيسان لليث بن سعد في رواية هذا الحديث عن الزُّهْرِيّ، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه مع بيان محل المخالفة فيما استثنى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(و) لكن (في رواية ابن عيينة: إمامًا) قال الأبي: الأظهر أنَّه إمام طاعة خليفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته لا إمام صلاة (مقسطًا) أي عادلًا في خلافته لا جائرًا (وحكمًا عدلًا) أي حاكمًا عادلًا في حكمه وقضائه بين النَّاس لا ظالمًا رائشًا مائلًا عن الحق (وفي رواية يونس) بن يزيد (حكمًا عادلًا، ولم يذكر) يونس في روايته (إمامًا مقسطًا) كما ذكره ابن عيينة (وفي حديث صالح) بن كيسان وروايته (حكمًا مقسطًا كما قال الليث، وفي حديثه) أي في حديث صالح بن كيسان (من الزيادة) على غيره (وحتى تكون السجدة الواحدة) أي ثواب الركعة الواحدة (خيرًا) أي أفضل وأكثر
مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] الآيةَ
ــ
(من) ثواب التصدق بـ (الدنيا وما فيها) أي وما في الدنيا والأرض من الأموال والمعادن والخزائن بأسرها، والجملة معطوفة على قوله "حتَّى لا يقبله أحد" في كونه غاية لفيض المال، قال النووي: فمعناه -والله أعلم- أن النَّاس تكثر رغبتهم في الصلاة وسائر الطاعات لقصر آمالهم وعلمهم بقرب القيامة وقلة رغبتهم في الدنيا لعدم الحاجة إليها وهذا هو الظاهر من معنى الحديث، وقال القاضي عياض: معناه أن أجرها خير لمصليها من صدقته بالدنيا وما فيها لفيض المال حينئذ ولهذا لا يوجد من يقبله ولهوانه وقلة الشح به وقلة الحاجة إليه للنفقة في الجهاد لوضع الحرب أوزارها حينئذ وتكون السجدة الواحدة بعينها أو عبارة عن الصلاة، وأهل الحجاز يسمون الركعة سجدة ومنه الحديث "صلينا مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعدها"(ثم) بعد رواية هذا الحديث (يقول أبو هريرة) استشهادًا لهذا الحديث (اقرؤوا) أيها المسلمون (إن شئتم) مصداق هذا الحديث قوله تعالى ({وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ}) أي وما من أهل الكتاب أحد يكون في زمن عيسى عليه السلام حين نزوله إلَّا آمن بعيسى ({قَبْلَ مَوْتِهِ}) أي قبل موت عيسى عليه السلام وعلم أنَّه عبد الله ورسوله وابن أمته وتكون الملة واحدة إسلامية، وفي هذا دلالة ظاهرة على أن مذهب أبي هريرة في الآية عود الضمير في موته على عيسى عليه السلام وهذا مذهب جماعة من المفسرين، قال النووي: وذهب كثيرون أو الأكثرون إلى أن الضمير في موته يعود على الكتابي، والمعنى وما من أهل الكتاب أحد يحضره الموت مهما كذب به إلَّا آمن عند موته قبل خروج روحه بعيسى عليه السلام وأنه عبد الله وابن أمته ولكن لا ينفعه هذا الإيمان لأنه في حضرة الموت وحالة النزع وتلك الحالة لا حكم لما يفعل أو يقال فيها فلا يصح فيها إسلام ولا كفر ولا وصية ولا بيع ولا عتق ولا غير ذلك من الأقوال لقول الله تعالى {وَلَيسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَال إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} ، وهذا المذهب أظهر فإن الأول يخص الكتابي بزمن عيسى وظاهر الكتاب عمومه لكل كتابي في زمن عيسى وقبل نزوله ويؤيد هذا المذهب قراءة من قرأ (قبل موتهم)،
294 -
(00)(00) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيثٌ عَنْ سَعِيدٍ، بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّهُ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاللهِ، لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخَنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ
ــ
وقيل إن الهاء في (به) يعود على نبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم والهاء في موته تعود على الكتابي والمعنى عليه وما أحد من أهل الكتاب إلَّا آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلم أنَّه عبده ورسوله حقًّا قبل موت ذلك الكتابي والله سبحانه وتعالى أعلم ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(294)
- (00)(00)(حدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثَّقَفيّ مولاهم أبو رجاء البغلاني ثِقَة من العاشرة مات سنة (240) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا، قال قتيبة (حدثنا ليث) بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري ثِقَة ثبت فقيه، قال ابن بكير: هو أفقه من مالك من السابعة مات سنة (175) روى عنه في (15) بابًا تقريبًا (عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدنِيُّ ثِقَة من الثالثة مات سنة (125) روى عنه في (10) أبواب تقريبًا (عن عطاء بن ميناء) بكسر الميم بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم نون ثم أَلف ممدودة هذا هو المشهور وقال صاحب المطالع يمد ويقصر نظير زكرياء اهـ. نووي. مولى ابن أبي ذباب المدنِيُّ أو البَصْرِيّ روى عن أبي هريرة في الإيمان والصلاة والبيوع والدعاء والرحمة، ويروي عنه (ع) وسعيد بن أبي سعيد المقبري وأيوب بن موسى في الصلاة وعمرو بن دينار والحارث بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذباب، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: صدوق من الثالثة (عن أبي هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر الدوسي المدنِيُّ وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد مصري وواحد بغلاني؛ وغرضه بسوقه بيان متابعة عطاء بن ميناء لسعيد بن المسيّب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة للرواية الأولى (أنَّه) أي أن أَبا هريرة (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله) أي أقسمت بالإله الذي لا إله غيره (لينزلن) من السماء عيسى (ابن مريم) في آخر الزمان، حالة كونه (حكمًا) بسنتي بين أمتي (عادلًا) في حكمه بينهم والفاء في قوله (فليكسرن الصليب) حرف عطف وتعقيب على قوله "لينزلن" وقوله (وليقتلن الخنزير) معطوف على قوله "فليكسرن الصليب"(وليضعن) أي ليسقطن
الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى مَالِ اللهِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ"
ــ
(الجزية) فلا يقبلها بل لا يقبل إلَّا الإِسلام (ولتتركن القلاص) بكسر القاف جمع قلوص بفتحها وهي من الإبل كالفتاة من النساء والحدث من الرجال وهو نظير قوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4)} أي يزهد النَّاس فيها ولا يرغبون في اقتنائها لكثرة الأموال وقلة الآمال وعدم الحاجة والفقر والفاقة والعلم بقرب القيامة، وهذه الجملة معطوفة على جملة قوله "لينزلن"(فلا يسعى عليها) بضم الياء على صيغة المجهول أي لا يعتنى بها ولا يهتم بشأنها بل يتساهل أهلها فيها ولا يعتنون بها وهذا هو المعنى الظاهر، وقال القاضي عياض وصاحب المطالع معنى (لا يسعى عليها) أي لا يبعث إليها ساع ولا تطلب زكاتها إذ لا يوجد من يقبلها وهذا تأويل غير صحيح لعدم سقوط الزكاة بغنى النَّاس كما قدمنا والصواب التأويل الأول كما قال النووي، وإنما خصت القلاص بالذكر لكونها أشرف الإبل التي هي أنفس الأموال عند العرب، وجملة قوله "فلا يسعى عليها" معطوفة مفرعة على جملة "لتتركن"، وجملة قوله (ولتذهبن الشحناء) معطوفة على جملة "ينزلن" أو "تتركن" أي ولترفعن الشحناء أي العداوة الظاهرة بين النَّاس حتَّى بين الحيوانات المؤذية فيما بينها أنفسها وفيما بينها وبين النَّاس، وفي حديث أبي داود "ويضع الله الأمانة في الأرض فلا يبقى بين اثنين عداوة، فترتع الأسود والنمور مع الإبل والبقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الغلمان بالحيات لا يضر بعضها بعضًا"، (والتباغض) أي العداوة الباطنة من البغض وهو ضد الحب (والتحاسد) من الحسد وهو أن يتمنى زوال نعمة الله على المسلم وهو مذموم من الكبائر بخلاف الغبطة وهي أن تتمنى أن يكون لك مثلها من غير أن تزول عنه ويسمى أَيضًا بالتنافس (وليَدعُونَّ) بفتح الياء وضم العين وتشديد النُّون وفاعله ضمير عيسى عليه السلام، أي وليدعون عيسى عليه السلام النَّاس (إلى مال الله فلا يقبله) أي فلا يقبل المال من عيسى عليه السلام (أحد) من النَّاس لغنى النَّاس وعدم المحتاجين. اهـ من "المرقاة" لملا علي. وفي نسخة (وليدعون) بضم الياء وفتح العين وضم الواو وتشديد النُّون على صيغة المبني للمجهول والواو لجماعة الغائبين نائب فاعل أي وليدعى النَّاس إلى المال فلا يقبله أحد والداعي إما عيسى عليه السلام وإما غيره من أرباب الأموال، وإنما لا يقبله أحد لما قدمنا من كثرة الأموال وقصر الآمال وعدم الحاجة وقلة الرغبة فيه للعلم بقرب الساعة لأن عيسى علم من أعلام الساعة.
295 -
(00)(00) أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، مَوْلَى أبي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
وفي حديث التِّرْمِذِيّ الطويل "إن الله إذا أهلك بدعائه يأجوج ومأجوج وأرسل طيرًا كالبخت تنقل جثثهم إلى البحر وطهر الأرض منهم بماء ينزله من السماء يقال للأرض أخرجي بركتك فحينئذ يأكل من الرمانة العصابة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتَّى يكون الفئام من النَّاس تكفيهم اللقحة الواحدة من البقر وإن الفخذ لتكفيهم اللقحة من الغنم فبينما هم كذلك إذ هبت ريح يقبض الله بها كل مؤمن ويبقى شرار النَّاس يتهارجون وعليهم تقوم الساعة"، و (الفخذ): قبيلة الرَّجل الأدنون.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(295)
- (00)(00)(أخبرني حرملة بن يحيى) التجيبي أبو حفص المصري صدوق من الحادية عشرة مات سنة (244) قال حرملة (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القُرشيّ مولاهم أبو محمَّد المصري ثِقَة حافظ من التاسعة مات سنة (197) روى عنه في (13) بابًا تقريبًا، قال ابن وهب (أخبرني يونس) بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد الأُموي ثِقَة إلَّا أن في روايته عن الزُّهْرِيّ وهمًا قليلًا وفي غير الزُّهْرِيّ خطأ من كبار السابعة مات سنة (159) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا (عن) محمَّد بن مسلم (بن شهاب) الزُّهْرِيّ أبي بكر المدنِيُّ ثِقَة متقن من الرابعة مات سنة (125) روى عنه في (23) بابًا تقريبًا (قال) ابن شهاب (أخبرني نافع) بن عباس بموحدة ومهملة أو ابن عياش بتحتانية ومعجمة الأقرع المدنِيُّ (مولى أبي قتادة الأَنْصَارِيّ) قيل له ذلك للزومه له وكان مولى عقيلة بنت طالق الغفارية أبو محمَّد الغفاري مولاهم روى عن أبي هريرة في الإيمان وأبي قتادة في الحج والجهاد ويروي عنه (ع) والزهري وصالح بن كيسان وسالم أبو النضر وعمر بن كثير بن أفلح وغيرهم، وثقه النَّسائيّ، وقال في التقريب: ثِقَة من الثالثة (أن أَبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة نافع لسعيد بن المسيّب في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما فيه من المخالفة للرواية السابقة فلا اعتراض عليه
"كَيفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ، وَإمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟ "
ــ
متنًا وسندًا، و (كيف) في قوله (كيف أنتم) للاستفهام التعجبي من حسن الحال حينئذ لا من شدة الأمر، وهو في محل الرفع خبر مقدم و (أنتم) مبتدأ مؤخر أي ما أحسن حالكم أيتها الأمة (إذا نزل) من السماء عيسى (ابن مريم فيكم) أي في الأرض بينكم (وإمامكم) أي والحال أن إمامكم الذي يصلي بكم (منكم) أيتها الأمة لا عيسى ابن مريم بل يصلي عيسى خلف إمامكم تكرمة لهذه الأمة، حين يقول أميركم لعيسي: تعال فصل بنا، فيقول عيسى: لا بل أَنْتَ صل بنا، فيصلي عيسى وراء إمام المسلمين إبقاء لشريعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واتباعًا. له وإخزاء للنصارى وإقامة للحجة عليهم، والمعنى ما أحسن حالكم وقت نزول عيسى فيكم فإنكم تكونون على حالة حسنة في الدين والدنيا مستقيمين في الدين مبسوطين في الدنيا كما هو مبين في حديث جابر الآتي.
قال القاضي عياض: قوله (وإمامكم منكم) وفي الحديث الآخر "فأمكم منكم"، فسّره في الكتاب ابن أبي ذئب فقال: فأمكم بكتاب الله وسنة نبيكم، وهذا كلام حسن لأن عيسى ليس يأتي لأهل الأرض رسولًا ولا نبيًّا مبعوثًا ولا بشريعة جديدة لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وشريعته ناسخة لجميع الشرائع راسخة إلى يوم القيامة وإنما يحكم عيسى بها، وأما قوله (إمامكم منكم) فهو مفسر أَيضًا في الحديث من رواية جابر في الأم، حيث قال:"فينزل عيسى فيقول أميرهم: تعال فصل بنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة من الله لهذه الأمة" وقوله (حكمًا مقسطًا وإمامًا عادلًا) دليل أَيضًا على أنَّه لم يأت بشرع محدث ولا أرسل بملة جديدة ولا جاء نبيًّا مبعوثًا. اهـ
قال الأبي: قال ابن العربي: وقيل يعني بـ (منكم) أي من قريش، وقيل يعني الإِمام المهدي الآتي في آخر الزمان الذي صح فيه حديث التِّرْمِذِيّ من طريق ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذهب الدنيا حتَّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي واسم أَبيه اسم أبي"، ومن طريق أبي هريرة: "لو لم يبق من الدنيا إلَّا يوم لطوله الله حتَّى يلي
…
" وفي أبي داود عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف" فالأجلى الذي انحسر شعر مقدم رأسه والأقنى من به احديداب في الأنف، وفيه أَيضًا عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة يعمل في النَّاس بسنة نبيهم ويلقي الإِسلام بجرانه إلى الأرض يلبث سبع سنين ثم يموت ويصلي عليه
296 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ، قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ
ــ
المسلمون"، قال ابن العربي: وما قيل إنه المهدي بن أبي جعفر المنصور لا يصح فإنه وإن وافق اسمه اسمه واسم أَبيه اسم أَبيه فليس من ولد فاطمة وإنما هو المهدي الآتي في آخر الزمان. اهـ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(296)
- (00)(00)(وحدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون البغدادي أبو عبد الله المؤدب صدوق ربما وهم من العاشرة مات سنة (235) روى عنه في أحد عشر بابًا تقريبًا، قال ابن حاتم (حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزُّهْرِيّ أبو يوسف المدنِيُّ ثِقَة من التاسعة مات سنة (208) روى عنه في (4) أبواب تقريبًا قال يعقوب (أخبرنا) محمَّد (ابن أخي ابن شهاب) عبد الله بن مسلم الزُّهْرِيّ المدني صدوق له أوهام من السادسة مات سنة (152) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (عن عمه) محمَّد بن مسلم بن شهاب الزُّهْرِيّ أبي بكر المدنِيُّ من الرابعة (قال) ابن شهاب (أخبرني نافع) بن عباس الغفاري مولاهم (مولى أبي قتادة الأَنْصَارِيّ) السلمي أي ملازمه، واسم أبي قتادة الحارث بن ربعي على المشهور وقيل عَمرو بن ربعي وقيل عون بن ربعي وقيل غير ذلك، روى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وعن معاذ بن جبل وعمر بن الخطاب ويروي عنه (ع) وولداه عبد الله وثابت ومولاه أبو محمَّد نافع بن عباس وأنس بن مالك وجماعة وشهد أحدًا والمشاهد، له مائة وسبعون حديثًا (170) اتفقا على أحد عشر وانفرد (خ) بحديثين و (م) بثمانية (أن أَبا هريرة قال) وهذا السند من سداسياته، رجاله كلهم مدنيون إلَّا محمَّد بن حاتم فإنَّه بغدادي، وغرضه بسوقه بيان متابعة ابن أخي الزُّهْرِيّ يونس بن يزيد في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب، وفائدتها بيان كثرة طرقه وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في لفظة (وأمكم) كما سيأتي قريبًا (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنتم) أي ما أحسن حالكم (إذا نزل) عيسى (ابن مريم فيكم
وَأَمَّكُمْ؟ ".
297 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ،
ــ
وأمكم) وفي بعض النسخ (فأمكم) بالفاء أي صار إمامًا وأميرًا وخليفة لكم وحكم بينكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبهذا التفسير وبما سبق في الرواية السابقة اندفعت المعارضة بين قوله "وإمامكم منكم" أي إمام الصلاة وقوله (وأمكم) أي صار إمامًا وأميرًا لكم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(297)
- (00)(00)(وحدثنا) وفي بعض النسخ (حَدَّثني)(زهير بن حرب) بن شداد الخرشي أبو خيثمة النَّسائيّ ثِقَة ثبت من العاشرة مات سنة (234) روى عنه في (20) بابا، قال زهير (حَدَّثني الوليد بن مسلم) القُرشيّ الأُموي مولى بني أمية أبو العباس الدِّمشقيّ قال ابن سعد: كان ثِقَة كثير الحديث، وقال في التقريب ثِقَة لكنه كثير التدليس والتسوية أي يدلس تدليس التسوية وهو أن يسقط من سنده غير شيخه لكونه ضعيفًا أو صغيرًا ويأتي بلفظ محتمل أنَّه من الثقة الثاني تحسينًا للحديث، قال في التقريب: وهو شر أنواعه من الثامنة مات سنة (195) روى عنه في (6) أبواب قال الوليد (حَدَّثَنَا) محمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القُرشيّ العامري أبو الحارث المدنِي أحد الأئمة الأعلام روى عن الزُّهْرِيّ في الإيمان واللعان والفرائض والهبة وغيرها، والقاسم بن عياش في الصوم، وسعيد المقبري في الحج، ونافع في العتق وغيره، ومهاجر بن مسمار في الجهاد ويروي عنه (ع) والوليد بن مسلم ووكيع ويحيى بن سعيد وابن أبي فديك وابن نمير وابن وهب وشبابة وخلق. وقال أَحْمد: يشبه بابن المسيّب وهو أصلح وأورع وأقوم بالحق من مالك. ولما حج المهدي دخل مسجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال له المسيّب بن زهير: قم؛ هذا أمير المُؤْمنين. فقال ابن أبي ذئب: إنما يقوم النَّاس لرب العالمين. فقال المهدي: دعه، فلقد قامت كل شعرة في رأسي. وقال ابن معين: ثِقَة، وقال يعقوب بن شيبة: ابن أبي ذئب ثِقَة صدوق غير أن روايته عن الزُّهْرِيّ خاصة تكلم فيها بعضهم بالاضطراب، وقال
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"كَيفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ ". فَقُلْتُ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: إِن الأَوْزَاعِيَّ حَدَّثَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أبي هُرَيرَةَ:"وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ" قَال ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: تَدْرِي مَا أَمَّكُمْ مِنْكُمْ؟ قُلْتُ: تُخْبِرُنِي. قَال: "فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ تبارك وتعالى وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم"
ــ
النَّسائيّ: ثِقَة، وقال في التقريب: ثِقَة فقيه فاضل من السابعة مات سنة ثمان وخمسين ومائة (158) روى عنه في ثمانية أبواب كما بينا. (عن) محمَّد بن مسلم (بن شهاب) الزُّهْرِيّ المدنِيُّ ثِقَة من الرابعة (عن نافع) بن عباس الغفاري مولاهم (مولى أبي قتادة) الأَنْصَارِيّ السلمي أي ملازمة أبي محمَّد المدنِيُّ (عن أبي هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر الدوسي المدنِيُّ، وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد دمشقي وواحد نسائي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن أبي ذئب لابن أخي ابن شهاب في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول وكرر متن الحديث لما فيها من المخالفة للرواية الأولى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف أنتم) أي شيء عجيب حسن حالكم (إذا نزل فيكم) عيسى (ابن مريم فأمكم) أي صار إمامًا وأميرًا وخليفة لكم (منكم) أي بكتابٍ من ربكم وسنة نبيكم، قال الوليد بن مسلم (فقلت لابن أبي ذئب) محمَّد بن عبد الرَّحْمَن (إن) عبد الرَّحْمَن بن عمرو بن يحمد (الأوزاعي) نسبة إلى أوزاع قبيلة من حمير أو قرية بدمشق، أَبا عمرو الشَّاميّ ثِقَة فاضل جليل من السابعة مات في الحمام سنة (157) روى عنه في (12) بابا (حَدَّثَنَا عن الزُّهْرِيّ عن نافع عن أبي هريرة) بلفظ (وإمامكم) الذي يصلي بكم (منكم) لا عيسى، إشعارًا بأنه نزل مقررًا لشريعة محمَّد صلى الله عليه وسلم قال الوليد بن مسلم: فـ (قال) لي (ابن أبي ذئب تدري) وتعلم جواب استفهام (ما) معنى (أمكم منكم) قال الوليد بن مسلم (قلت) لابن أبي ذئب: أنا ما أدري جواب هذا الاستفهام! وأنت (تخبرني) أي تخبرني أَنْتَ يَا ابن أبي ذئب جواب هذا الاستفهام (قال) ابن أبي ذئب معنى "أمكم منكم" أي (فأمكم بكتاب ربكم) أي صار إمامًا حاكمًا بينكم بكتاب ربكم وفرقانه الذي أنزله على محمَّد صلى الله عليه وسلم (تبارك) أي تكاثر وتزايد خيره سبحانه (وتعالى) أي ترفع عن كل ما لا يليق به من سمات النقص (و) بـ (سنة نبيكم) محمدٍ صلى الله عليه وسلم أي حديثه وطريقته وشريعته، والله سبحانه وتعالى أعلم.
298 -
(148)(71) حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَحَجَّاجُ بن الشَّاعِرِ". قَالُوا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ (وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ) عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ
ــ
ورواه بهذا اللفظ أَحْمد (2/ 336) والبخاري (3449) ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما فقال:
(298)
- (148)(71)(حَدَّثَنَا الوليد بن شجاع) بن الوليد بن قيس الكندي أبو همام الكُوفيّ روى عن حجاج بن محمَّد في الإيمان، وابن وهب في الجنائز والزكاة والحدود، وأبيه في الحوض، وعلي بن مسهر في الجهاد والأطعمة والفضائل، ويروي عنه (م د ت ق) وأبوه أبو بدر وإبراهيم الحربي وموسى بن هارون وابن أبي الدنيا وغيرهم، وقال ابن معين والنَّسائيّ: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ صدوق يكتب حديثه ولا يحتج به، وذكره ابن حبان في الثِّقات، وقال في التقريب: ثِقَة من العاشرة مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين (243) على الصحيح روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا (و) حدثنا أَيضًا (هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي أبو موسى البزَّاز. الحافظ المعروف بالحمال بالمهملة وثقه الدارقطني، وقال في التقريب ثِقَة من العاشرة مات. سنة (243) وقد ناهز. أي قارب الثمانين (80).
(و) حدثنا أَيضًا (حجاج) بن يوسف بن حجاج المعروف بـ (ابن الشَّاعر) الثَّقَفيّ أبو محمَّد البغدادي ثِقَة حافظ من الحادية عشرة. مات سنة (259) روى عنه في (13) بابا تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالوا) أي. قال كل من الثلاثة (حَدَّثَنَا حجاج) بن محمَّد الأعور الهاشمي مولاهم المصيصي أبو محمَّد البغدادي التِّرْمِذِيّ الأصل نزل بغداد ثم سكن المصيصة ثِقَة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغدادَ قبل موته من التاسعة مات ببغداد سنة (206) مائتين وست روى عنه في (3) أبواب، وأتى بـ (هو) في قوله (وهو ابن محمَّد) إشعارًا بأن هذه النسبة من زيادته كما مر مرارًا (عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) القُرشيّ الأُموي مولاهم أبي خالد المكيّ ثِقَة فقيه وكان يدلس ويرسل من السادسة مات سنة (150) روى عنه في (16) بابًا تقريبًا، (قال) ابن جريج (أخبرني أبو الزُّبير) محمَّد بن مسلم بن تدرس القرشي مولاهم المكي ثِقَة مدلس، وقال في التقريب: صدوق مدلس من الرابعة مات سنة (126) روى عنه في (9) أبواب (أنه) أي أن أَبا الزُّبير المكيّ (سمع جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام الأَنْصَارِيّ السلمي أَبا
يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَال: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَال صَلِّ لَنَا. فَيَقُولُ: لا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ. تَكْرِمَةَ الله
ــ
عبد الرَّحْمَن المدنِي الصحابي ابن الصحابي مات بالمدينة سنة (94) روى عنه في ستة عشر بابًا تقريبًا، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان واثنان بغداديان وواحد مدني، وغزضه بسوقه الاستشهاد بحديثه لحديث أبي هريرة السابق، حالة كون جابر (يقول سمعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال طائفة) أي جماعة (من أمتي) أمة الإجابة، والطائفة هم الجماعة المتعددة من أنواع المُؤْمنين ما بين شجاع وفقيه ومحدث ومفسر ولا يلزم أن يكونوا كما ذكر النواوي مجتمعين في بلد واحد (يقاتلون) أعداءهم الكفار ردًّا لهم (على) دين (الحق) والطريق المستقيم، ويجوز أن يكون الجار والمجرور حالًا من فاعل (يقاتلون) أي حال كونهم على الدين الحق (ظاهرين) أي عالين غالبين على من ناوأهم منتصرين عليهم (إلى) قرب (يوم القيامة) وقد تقدم أنَّه ليس بمعارض لحديث "لا تقوم الساعة حتَّى لا يقال الله الله" لأن المعنى هنا إلى قرب يوم القيامة كما قدرناه في الحل وهذا القرب هو حين تهب الريح المتقدمة الذكر.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فينزل عيسى ابن مريم) من السماء في سحابة وضبابة مطيرة في آخر الليل فيدخل على جماعة مجتمعين في مسجد بيت المقدس، أميرهم المهدي بعد ما أذنوا لصلاة الصبح وأقاموا، وفي العتبية قال مالك: بينا النَّاس قيام يستمعون لإقامة الصلاة فتغشاهم غمامة فإذا عيسى قد نزل. اهـ
(فيقول أميرهم) وهو الإِمام المهدي لعيسى عليه السلام (تعال) أي أقبل إلى موقف الإِمام فـ (صل) إمامًا (لنا فيقول) عيسى عليه السلام (لا) أصلي إمامًا لكم ولكن أصلي خلف إمامكم فـ (إن بعضكم) أيتها الأمة المحمدية خلفاء (على بعض أمراء) عليهم، وجملة (إن) معللة للجملة المنفية المحذوفة مع بقاء النافي، وقوله (تكرمة الله) مصدر سماعي لي (كرَّم) المضعف غير قياسي لأنه إنما يكون قياسًا في المضعف المعتل اللام كزكى تزكية فهو إما منصوب على المفعولية المطلقة بفعله المحذوف والتقدير كرم الله سبحانه وتعالى (هذه الأمة) المحمدية تكريمًا وشرفها تشريفًا فلذلك أبي عيسى عليه
هذِهِ الأُمَّةَ"
ــ
السلام عن الإمامة بهم أو على أنَّه مفعول لأجله للجملة المحذوفة تقديرها فيصلي عيسى وراءهم لأجل تكرمة الله تعالى هذه الأمة، قال ابن العربي: وفي امتناع عيسى عليه السلام من التقدم للإمامة إبقاء لشريعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم واتباع له وإسخان لأعين النصارى وإقامة الحجة عليهم. اهـ عارضة الأحوذي.
ودليل على أنَّه لم يأت بشرع محدث ولا أرسل بملة جديدة ولا جاء نبيًّا مبعوثًا. اهـ من الإكمال. وهذا الحديث -أعني حديث جابر- مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى من أصحاب الأمهات فجملة ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب من الأحاديث اثنان الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال وذكر فيه خمس متابعات والثاني حديث جابر وذكره للاستشهاد.
***