المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌92 - (51) باب: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٤

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌70 - (29) بَابُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌تتمة ما في ثابت بن عياض

- ‌71 - (30) بَابُ: مَنِ اسْتُرْعِيَ رَعِيَّةً فَغَشَّهُمْ .. لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ

- ‌72 - (31) - بَابُ نُزُولِ الأَمَانَةِ وَالإِيمَانِ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، وَرَفْعِهِمَا مِنْ بَعْضِ الْقُلُوبِ، وَعَرْضِ الْفِتَنِ عَلَيهَا

- ‌73 - (32) بَابُ الْفِتَنِ الَّتي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ

- ‌74 - (33) بَابُ: غُرْبَةِ الإِسْلامِ في بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَأَنَّهُ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَينِ

- ‌75 - (34) بَابُ: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلى الْمَدِينَةِ

- ‌76 - (35) بَابُ: ذَهَابِ الإِيمَانِ، وَرَفْعِهِ مِنَ الأرْضِ في آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌77 - (36) بَابُ: جَوَازِ الإِخْفَاءِ بِالإِيمَان وَالأعْمَالِ إِذَا خَافَ مِنْ إِظْهَارِهَا فِتْنَةً

- ‌78 - (37) بَابُ: إِعْطَاءِ مَنْ يُخَافُ عَلَى إيمَانِهِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْجَزْمِ بِإِيمَانِ أَحَدٍ مِنْ غيرِ دَليلٍ قَاطِعٍ عَلَيهِ

- ‌79 - (38) بَابُ: السُّؤالِ عَنْ تَظَاهُرِ الأدِلَّةَ لِطَلَبِ زِيَادَةِ الإيمَانٍ وَطُمَأنينةِ الْقَلْبِ

- ‌80 - (39) - بَابُ: وُجُوبِ الإِيمَانِ بِعُمُومِ رِسَالتِهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ النَّاسِ وَكَونِهِ أَكْثَرَ الأنْبِيَاءِ تبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌81 - (40) بَابُ: الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ مَرَّتَينِ

- ‌82 - (41) - بَابُ: مَا جَاءَ في نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَريمَ حَاكِمًا بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌83 - (42) بَابُ: بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي لا يُقْبَلُ فِيهِ الإِيمَانُ وَلَا الْعَمَلُ الصَّالحُ

- ‌84 - (43) بَابُ: كَيفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌85 - (44) بَابُ: الإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ في الإِسْلَامِ

- ‌86 - (45) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صِغَرِهِ، وَاسْتِخْرَاجِ حَظِّ الشَّيطَانِ مِنْ قَلْبِهِ

- ‌87 - (46) بَابٌ: فِي شَقِّ صَدْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَانِيَةً، وَتَطْهِيرِ قَلْبِهِ وَحَشْوهِ حِكْمَةً وإيمَانًا عِنْدَ الإِسْرَاءِ بِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌88 - (47) بَابُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأنْبِيَاءِ لَيلَةَ الْإِسْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِمْ، وَوَصْفِهِ لَهُمْ، وَصَلاتِهِمْ

- ‌89 - (48) بَابُ: ذِكْرِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَريمَ، وَالْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

- ‌90 - (49) بَابُ: تَجْلِيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى وَكَشْفِهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بَيتَ الْمَقْدِسِ حِينَ كذَّبَتْهُ قُرَيشٌ فِي إِسْرَائِهِ فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهَا بِأَمَارَاتِهَا

- ‌91 - (50) بَابٌ: فِي ذِكْرِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

- ‌92 - (51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

- ‌93 - (52) بَابٌ: فِي ذِكْرِ الاخْتِلافِ هَلْ رَأَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ

- ‌94 - (53) فَصْلٌ فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ"، وَفِي قَوْلهِ: "رَأيتُ نُورًا

- ‌95 - (54) بَابٌ: فِي قَوْلهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ"، وَفِي قَوْلهِ: "حِجَابُهُ النُّورُ

- ‌96 - (55) بَابُ: مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ فِي الآخِرَةِ

- ‌97 - (56) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ رُؤْيَةِ اللهِ سبحانه وتعالى

- ‌98 - (57) بَابُ شَفَاعَةِ الْمَلائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ

- ‌99 - (58) بَابُ: إِخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ

- ‌100 - (59) بَابُ: بَيَانِ كَيفِيَّةِ عَذَابِ مَنْ يُعَذَّبُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَكَيفِيَّةِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَالإِذْنِ بِالشَّفَاعَةِ

الفصل: ‌92 - (51) باب: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته

‌92 - (51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

335 -

(164)(87) وحدّثني أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ (وَهُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ) حَدَّثَنَا الشيبَانِيُّ قَال: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيشٍ

ــ

92 -

(51) بَابُ: رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى صُورَتِهِ

أي هذا باب معقود في بيان الأحاديث الواردة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الأصلية له ستمائة جناح ساد الأفق.

(335)

- (164) - (87)(وحدثني أبو الربيع) سليمان بن داود العتكي (الزهراني) الحافظ البصري ثقة من العاشرة مات في رمضان سنة (234) روى عنه في (7) أبواب تقريبًا، قال أبو الربيع (حدثنا عباد) وأتى بـ (هو) في قوله (وهو ابن العوام) إشارة إلى أن هذه النسبة من زيادته، وهو عباد بن العوام بن عمر بن عبد الله بن المنذر الكلابي مولاهم أبو سهل الواسطي روى عن أبي إسحاق الشيباني في الإيمان والصلاة، وأبي سلمة سعيد بن يزيد في الصلاة، وأبي مالك الأشجعي في الزكاة، ويحيى بن أبي إسحاق في البيوع، وحصين بن عبد الرحمن في الهبة وطائفة، ويروي عنه (ع) وأبو الربيع الزهراني وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وأحمد بن منيع وخلق، وقال في التقريب: ثقة من الثامنة مات سنة (185) خمس وثمانين ومائة وله نحو سبعين سنة روى عنه في خمسة أبواب (5) تقريبًا.

قال عباد بن العوام (حدثنا الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز أبو إسحاق الكوفي ثقة من الخامسة مات سنة (138) روى عنه في (14) بابًا تقريبًا.

(قال) الشيباني (سألت زر) بكسر أوله وتشديد الراء (بن حبيش) مصغرًا ابن حباشة بضم المهملة بعدها موحدة ثم معجمة الأسدي أبا مريم الكوفي مخضرم أدرك الجاهلية، روى عن علي في الإيمان، وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب في الصلاة والصوم، وعمر وعثمان والعباس، ويروي عنه (ع) وأبو إسحاق الشيباني وعبدة بن أبي لبابة وعاصم بن كليب وغيرهم، وقال في التقريب: ثقة جليل مات سنة (83) إحدى أو اثنتين

ص: 243

عَنْ قَوْلِ اللهِ عز وجل: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ؛ "أَن النبِي صلى الله عليه وسلم رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتمِائَةِ جَنَاحٍ"

ــ

أو ثلاث وثمانين وهو ابن (127) مائة وسبع وعشرين سنة، روى عنه في (3) أبواب وليس في مسلم من اسمه زر إلا هذا الثقة (عن) معنى (قول الله عز) أي اتصف بالكمالات (وجل) أي تنزه عن النقائص {فَكَانَ} مقدار مسافة ما بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين جبريل عليه السلام {قَابَ قَوْسَينِ} أي مقدار قوسين عربيين في القرب أي مقدار قرب إحدى قوسين إلى الأخرى، وذَكَر القوس لأن القرآن نزل بلغة العرب والعرب تجعل مساحة الأشياء بالقوس وأصل ذلك أن الحليفين من العرب كانا إذا أرادا عقد الصفاء والحلف والعهد خرجا بقوسيهما فألصقا بينهما يريدان بذلك أنهما متظاهران يحامي كل واحد عن صاحبه، وفي معالم التنزيل: معنى قوله كان بين جبريل ومحمد عليهما السلام مقدار قوسين أنه كان بينهما مقدار ما بين الوتر والقوس كأنه غلب القوس على الوتر وهذا إشارة إلى تأكيد القرب، وقيل معنى {قَابَ قَوْسَينِ} قدر ذراعين ويسمى الذراع قوسًا لأنه يقاس به المذروع أي يقدر فلم يكن قريبًا قرب التصاق ولا بعيدًا بحيث لا يتأتى معه الإفادة والاستفادة وهو الحد المعهود في مجالسة الأحباء المتأدبين، وقيل في الكلام قلب أي وكان مسافة ما بينهما قدر مسافة ما بين قابي قوس لأن لكل قوس قابين وهذا كناية عن شدة الاتصال لأنه ضمه جبريل إلى نفسه حتى سكن عنه الروع، وفي القرطبي: والقاب ما بين المقبض والسية مخففة الياء وهي طرف القوس المنحني، وفي المصباح: سية القوس خفيفة الياء ولامها محذوفة طرفها المنحني ويقال لِسيتِها العليا يدها ولِسيتِها السفلى رجلها.

{أَوْ أَدْنَى} أي بل كان قدر مسافة ما بينهما أقرب من ذلك أي من قاب قوسين على تقديركم أيها المخاطبون كما في قوله {أَوْ يَزِيدُونَ} فأو للشك من جهة العباد، كما أن كلمة لعل كذلك أي للترجي من العباد في مواضع من القرآن فإن التشكيك والترجي لا يصحان على الله تعالى أي لو رآهما راء منكم لقال هو قدر قوسين في القرب أو أدنى أي لالتبس عليه مقدار القرب (قال) زر بن حبيش (أخبرني ابن مسعود) في تفسير ذلك معناه (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل) عليه السلام على صورته الأصلية (له ستمائة جناح) والله أعلم.

ص: 244

336 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} . قَال: "رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام ولَهُ سِتُمِائَةِ جَنَاحٍ"

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الأثر البخاري رواه في التفسير وفي بدء الخلق، والترمذي رواه في التفسير في سورة النجم، والنسائي في الكبرى، وقال الترمذي: حسن صحيح.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في أثر ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:

(336)

- (00)(00)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من العاشرة، قال أبو بكر (حدثنا حفص بن غياث) بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي ثقة فقيه من الثامنة مات سنة (195) روى عنه في (14) بابًا تقريبًا (عن) سليمان بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) أبي إسحاق الكوفي ثقة من الثامنة (عن زر) بن حبيش بن حباشة الأسدي أبي مريم الكوفي ثقة مخضرم (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي، وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة حفص بن غياث لعباد بن العوام في رواية هذا الحديث عن الشيباني، وفائدتها بيان كثرة طرقه.

(قال) عبد الله في تفسير قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ} أي لم يكذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم ولا قلبه {مَا رَأَى} ببصره من صورة جبريل عليه السلام، فما الأولى نافية والثانية موصولة وعائدها محذوف كما قدرناه أي ما قال فؤاده لما رآه لم أعرفك ولو قال ذلك لكان كاذبًا لأنه عرفه بقلبه كما رآه ببصره. اهـ من حدائق الروح والريحان.

(قال) ابن مسعود معناه أنه صلى الله عليه وسلم (رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح) قال النواوي: هذا الذي قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه هو مذهبه في هذه الآية، وذهب الجمهور من المفسرين إلى أن المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى، ثم اختلف هؤلاء فذهب جماعة إلى أنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده دون عينيه، وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينيه، قال الإمام أبو الحسن الواحدي: قال المفسرون هذا

ص: 245

337 -

(00)(00) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيمَانَ الشَّيبَانِيِّ، سَمِعَ زِرَّ بْنَ حُبَيشٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال:{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} . قَال: رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ، لَهُ سِتُّمائَةِ جَنَاحٍ

ــ

إخبار عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل ليلة المعراج، قال ابن عباس وأبو ذر وإبراهيم التيمي: رآه بقلبه، قال: وعلى هذا رأى بقلبه ربه رؤية صحيحة وهو أن الله تعالى جعل بصره في فؤاده أو خلق لفؤاده بصرًا حتى رأى ربه رؤية صحيحة كما يرى بالعين، قال: وقد ذهب جماعة من المفسرين إلى أنه رآه بعينه وهو قول أنس وعكرمة والحسن والربيع، قال المبرد: ومعنى الآية أن الفؤاد رأى شيئًا فصدق فيه، و (ما رأى) في موضع نصب أي ما كذب مرئيَّه، وقرأ ابن عامر {مَا كَذَبَ} بالتشديد، قال المبرد: معناه أنه رأى شيئًا فقبله، وهذا الذي قاله المبرد على أن الرؤية للفؤاد فإن جعلتها للبصر فظاهر أي ما كذب الفؤاد ما رآه البصر هذا آخر كلام الواحدي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في أثر عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:

(337)

- (00)(00)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ (العنبري) نسبة إلى أحد أجداده لأنه من ولد كعب بن العنبر أبو عمرو البصري ثقة من العاشرة، قال عبيد الله (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري أبو المثنى البصري ثقة من التاسعة روى عنه في (10) أبواب تقريبًا، قال معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي أبو بسطام البصري ثقة من السابعة روى عنه في (30) بابًا (عن سليمان الشيباني سمع زر بن حبيش عن عبد الله) بن مسعود، وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وثلاثة بصريون، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة شعبة لعباد بن العوام وحفص بن غياث (قال) عبد الله في تفسير قوله {لَقَدْ رَأَى} محمد في تلك الليلة {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ، قال) ابن مسعود ومن الآيات التي رآها أنه (رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح) والمعنى أي وعزتي وجلالي لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من الآيات التي هي كبراها وعظماها فأري من عجائب الملك والملكوت ما لا يحيط به نطاق العبارة، فقوله من (آيات ربه) حال قدمت على صاحبها، وكلمة (من) للبيان لأنه المناسب لمرام المقام وهو التعظيم والمبالغة ولذا لم تحمل على التبعيض

ص: 246

338 -

(165)(88) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ،

ــ

على أن يكون هو المفعول، ويجوز أن يكون الكبرى صفة للآيات والمفعول محذوف أي شيئًا عظيمًا من آيات ربه أي ولقد رأى الآيات الكبرى من آيات ربه وعجائبه الملكوتية، وقال النواوي: وفي الكبرى قولان للسلف إما أن يكون نعتًا للآيات لأنه يجوز نعت الجمع بالمفرد كقوله {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} أو صفة لمحذوف تقديره رأى من آيات ربه الآية الكبرى. اهـ روى البخاري وابن جرير وابن المنذر في جماعة آخرين عن ابن مسعود أنه قال في الآية رأى رفرفًا أخضر من الجنة سد الأفق أي فجلس عليه وجاوز سدرة المنتهى، والرفرف البساط وهو صورة همته البسيطة العريضة، ورأى في تلك الليلة طوائف الملائكة وسدرة المنتهى وجنة الماوى وما في الجنان لأهل الإيمان وما في النيران لأهل الطغيان والظلم والأنوار وما تعجز عنه الأفكار وتحار فيه الأبصار وعلينا أن لا نحصر ما رآه في شيء بعينه بعد أن أبهمه القرآن إذ هو قد رأى من الآيات الكبرى ما يجل عنه الحصر والاستقصاء.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لأثر عبد الله بن مسعود بأثر أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

(338)

- (165)(88)(حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) العبسي الكوفي ثقة من العاشرة، قال أبو بكر (حدثنا علي بن مسهر) بضم الميم على صيغة اسم الفاعل القرشي أبو الحسن الكوفي قاضي الموصل ثقة من الثامنة له غرائب بعد ما أضر مات سنة (189) روى عنه في (14) بابًا تقريبًا (عن عبد الملك) بن أبي سليمان ميسرة العرزمي بمهملتين ثم زاي معجمة نسبة إلى عرزم إنسان أسود مولى النخع الفزاري مولاهم الكوفي كنيته أبو عبد الله أو أبو محمد روى عن عطاء بن أبي رباح في الإيمان والصلاة والحج، وسعيد بن جبير في الصلاة، وأبي الزبير في الزكاة والدعاء، وسلمة بن كهيل في الزكاة، وعبد الله بن عطاء المكي في الصوم، وأنس بن سيرين في الطلاق، وعبد الله بن كيسان مولى أسماء بنت أبي بكر في اللباس، ومسلم بن يناق في اللباس. ويروي عنه (م عم) وعلي بن مسهر وحفص بن غياث وعبد الرحيم بن سليمان وشعبة والسفيانان وخلق، وثقه ابن معين والنسائي، وقال في التقريب: صدوق له أوهام من

ص: 247

عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}. قَال:"رَأَى جِبْرِيلَ عليه السلام"

ــ

الخامسة مات سنة (145) خمس وأربعين ومائة وضعفه شعبة لأجل حديث رواه عن عطاء عن جابر في الشفعة تفرد به عن عطاء وهو حديث "الجار أحق بشفعة جاره " الحديث، قال شعبة: لو أتى بآخر مثل هذا لرميت بحديثه بالكلية، روى عنه المؤلف في سبعة أبواب تقريبًا كما بيناها (عن عطاء) بن أبي رباح بفتح الراء وبالموحدة، واسم أبي رباح أسلم القرشي مولاهم أبي محمد اليماني الجندي يقال: كان من مولدي الجند ونشأ بمكة وعلم الكتاب بها انتهت فتوى مكة إليه وإلى مجاهد في زمانهما وأكثر ذلك إلى عطاء أحد الفقهاء والأئمة، روى عن أبي هريرة في الإيمان والصلاة، وابن عباس في الإيمان والوضوء والصلاة والحج والدعاء، وابن أبي مليكة في الصلاة، وجابر بن عبد الله في مواضع، وعبيد بن عمير في الصلاة والطلاق والأدب، وصفوان بن يعلى في الصلاة والحج والديات، وعائشة في الصلاة والقدر، وأبي صالح السمان في الصوم، وأبي العباس الشاعر في الصوم، وعروة بن الزبير في الحج وغيرهم، ويروي عنه (ع) وعبد الملك بن أبي سليمان وعمرو بن دينار في الوضوء والصلاة والزكاة، وحبيب بن الشهيد في الصلاة، وابن جريج وحبيب المعلم والزهري وأيوب وجعفر بن محمد وقتادة وسلمة بن كهيل وخلق لا يحصون، وقال في التقريب: ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال من الثالثة مات سنة (114) أربع عشرة ومائة، روى عنه المؤلف في عشرة أبواب تقريبًا كما بيناها (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مكي وواحد مدني، قال في تفسير قوله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} قال) أبو هريرة معنى رآه أي (رأى جبريل عليه السلام) نزلة أخرى والمعنى وعزتي وجلالي لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام في صورته التي خلق عليها حالة كون جبريل نازلًا من السماء {نَزْلَةً أُخْرَى} وذلك أنه رآه في صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى هكذا قاله أكثر العلماء، وقال ابن عباس: رأى ربه سبحانه وتعالى، وعلى هذا معنى نزلة أخرى يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت للنبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة عرجات لمسألة التخفيف من أعداد الصلوات فيكون لكل عرجة نزلة فرأى ربه عز وجل في بعضها.

ص: 248

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعبارة الحدائق قوله {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} الضمير البارز في رآه لجبرائيل، ونزلة منصوب على الظرفية نصب الظرف الذي هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها، والمعنى واللهِ لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام على صورته الحقيقية مرة أخرى من النزول، وذلك أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج عرجات لمسألة التخفيف من أعداد الصلوات المفروضة فيكون لكل عرجة نزلة فرأى جبريل في بعض تلك النزلات والله أعلم. اهـ

وانفرد الإمام مسلم في رواية أثر أبي هريرة هذا والله أعلم، ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى في هذا الباب إلا أثرين: الأول أثر ابن مسعود وذكر فيه متابعتين، والثاني أثر أبي هريرة ولم يذكر فيه متابعة. والله أعلم.

***

ص: 249