الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجاء في
البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة ونجد من عقائد التوحيد:
"ونعتقد أنّ عبادة غير الله شرك أكبر، وأنّ دعاء غير الله من الأموات والغائبين، وحبّه كحب الله، وخوفه ورجائه، ونحو ذلك شرك أكبر، وسواء دعاه دعاء عبادة أو دعاء استعانة في شدة أو رخاء، فإنّ الدعاء هو العبادة، وسواء دعاه لجلب النفع، أو دفع الضر، أو دعاه لطلب الشفاعة، أو ليقربه إلى الله، أو دعاه تقليدًا لآبائه أو أسلافه أو لغيرهم، والأدلة على ذلك في كتاب الله كثيرة جدا، منها: قوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} الآية.
وإنّ اعتقاد أنّ لشيء من الأشياء سلطانًا على ما خرج عن قدرة المخلوقين شرك أكبر، وأنّ مَن عظَّم غير الله مستعينًا به فيما لا يقدر عليه إلا الله كالاستنصار في الحرب بغير قوة الجيوش، والاستشفاء من الأمراض بغير الأدوية التي هدانا الله لها، والاستعانة على السعادة الأخروية أو الدنيوية بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا يكون مشركا شركا أكبر"
(1)
.
وجاء فيه أيضًا: "ونعتقد أنّ الشفاعة ملك لله وحده ولا تكون إلا لمن أذن الله له {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}، ولا يرضى الله إلا عمن اتبع رسله، فنطلبها من الله مالكها، فنقول: اللهم شفّع فينا نبيك مثلاً، ولا نقول: يا رسول الله اشفع لنا، فذلك لم يرد به كتاب ولا سنّة ولا عمل سلف، ولا صدر ممن يوثق به من المسلمين، فنبرأ إلى الله أن نتخذ واسطة تقربنا إلى الله أو تشفع لنا عنده، فنكون ممن قال الله فيهم وقد أقروا بربوبيته وأشركوا بعبادته {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} "
(2)
.
• وقال
الأديب مصطفى المنفلوطي
(المتوفى: 1343): "أي عين يجمل بها أن تستبقي من شؤونها قطرة لا تريقها أمام هذا المنظر المؤثر، منظر أولئك المسلمين وهم ركّع سجّد على أعتاب قبر ميت، ربما كان بينهم من هو خير منه في حياته، فأحرى أن يكون كذلك بعد مماته!
أي قلب يستطيع أن يستقر بين جنبي صاحبه ساعة واحدة فلا يخفق وجدًا أو يطير جزعًا حينما يرى المسلمين أصحاب دين التوحيد أكثر المشركين إشراكًا بالله، وأوسعهم دائرة في تعدد الآلهة وكثرة المعبودات!.
لماذا ينقم المسلمون التثليث من المسيحيين؟! ولماذا يحملون لهم في صدورهم تلك الموجدة وذلك الضغن؟! وعلام يحاربونهم وفيم يقاتلونهم، وهم لم يبلغوا من الشرك بالله مبلغهم، ولم يغرقوا فيه إغراقهم؟!
(1)
)) البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة ونجد من عقائد التوحيد (ص: 6).
أسماء علماء مكة المكرمة الموقعين على هذا البيان: 1 - محمد المرزوقي قاضي مكة المكرمة. 2 - محمد سعيد. 3 - عباس المالكي. 4 - عبد الله بن إبراهيم حمدوه. 5 - أبو بكر بن محمد خوقير. 6 - محمد أمين فوده. 7 - سعد وقاص. 8 - حسين عبد الغني. 9 - محمد جمال المالكي. 10 - حسين مكي الكتبي. 11 - محمد نور محمد فطاني. 12 - محمد عبد الهادي كتبي. 13 - عيسى دهان. 14 - عبد القادر أبو الخير مرداد. 15 - محمد عرابي سجيني. 16 - درويش عجيمي.
(2)
المصدر السابق (ص: 7).
يدين المسيحيون بآلهة ثلاثة، ولكنهم كأنهم يشعرون بغرابة هذا التعدد وبُعده عن العقل، فيجملون فيه يقولون: إنّ الثلاثة في حكم الواحد، أما المسلمون فيدينون بآلاف من الآلهة أكثرها جذوع أشجار وجثث أموات وقطع أحجار من حيث لا يشعرون
كثيرًا ما يُضمر الإنسان في نفسه أمرًا وهو لا يشعر به، وكثيرا ما تشتمل نفسه على عقيدة وهو لا يحس باشتمال نفسه عليها، ولا أرى مثلا لذلك أقرب من المسلمين الذين يلجؤون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور، ويتضرعون إليهم تضرعهم للإله المعبود، فإذا عتب عليهم في ذلك عاتب قالوا: إنا لا نعبدهم وإنما نتوسل بهم إلى الله، كأنهم لا يشعرون أنّ العبادة ما هم فيه، وأنّ أكبر مظهر من مظاهر الإله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين إليه يلتمسون إمداده ومعونته، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الأموات من حيث لا يشعرون"
(1)
.
وقال أيضًا: "والله لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهنائها إلا إذا استرجعوا قبل ذلك ما أضاعوه من عقيدة التوحيد، وإنّ طلوع الشمس من مغربها وانصباب ماء النهر في منبعه أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده ما دام المسلمون يقفون بين يدي الجيلاني كما يقفون بين يدي الله، ويقولون للأول كما يقول للثاني جل جلاله: "أنت المتصرف في الكائنات، وأنت سيد الأرضين والسموات".
إنّ الله أغير على نفسه من أن يُسعد أقوامًا يزدرونه ويحتقرونه ويتخذونه وراءهم ظهريًا، فإذا نزلت بهم جائحة أو ألمت بهم ملمة ذكروا الحجر قبل أن يذكروه، ونادوا الجذع قبل أن ينادوه
…
يا قادة الأمة ورؤساءها، عذرنا العامة في إشراكها وفساد عقائدها، وقلنا: إنًّ العامي أقصر نظرا وأضعف إدراكا من أن يتصور الألوهية إلا إذا رآها ماثلة في النصب والتماثيل والأضرحة والقبور، فما عذركم أنتم وأنتم تتلون كتاب الله، وتقرؤون صفاته ونعوته، وتفهمون معنى قوله تعالى:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} وقوله مخاطبا نبيه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} ، وقوله:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} ؟!
إنكم تقولون في صباحكم ومسائكم وغدوكم ورواحكم: "كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف" فهل تعلمون أنّ السلف الصالح كانوا يجصِّصون قبرا أو يتوسلون بضريح؟!
وهل تعلمون أنّ أحدًا منهم وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر أحد من الصحابة وآل بيته يسأله قضاء حاجة أو تفريج كربة؟!
وهل تعلمون أنّ الرفاعي والدسوقي والجيلاني والبدوي أكرم عند الله وأعظم وسيلة إليه من الأنبياء والمرسلين، والصحابة والتابعين؟!
(1)
النظرات (2/ 17 - 18) دار الآفاق الجديدة.