الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وقال الشيخ
أبو الأعلى المودودي
(المتوفى: 1399) عند تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} : "ليس المراد من الشركاء في هذه الآية الشركاء الذين يدعونهم وينادونهم في الكربات وينذرون لهم في البليات، بل المراد من الشركاء في هذه الآية المطاعون الذين جعلوا أفكارهم وعقائدهم وضوابطهم وطرقهم ومذاهبهم شريعة يطاعون فيها بدون إذن من الله تعالى، فهذا العمل لا شك أنه شرك كما أن السجود لغير الله، ودعاء غير الله شرك"
(1)
.
• وقال
الشيخ غلام الله خان الملقب بشيخ القرآن
(المتوفى: 1400): "لقد تبين من هذه الآيات أن مشركي مكة لم يكونوا يدعون عند نزول الملمات إلا الله عز وجل وحده لا شريك له، ومع ذلك كانوا مشركين؛ لأنهم كانوا يدعون غير الله في غير ذلك الوقت، ولكن مشركي اليوم القبورية، قد سبقوا مشركي مكة وتجاوزوا الحد؛ لأنهم يدعون غير الله حتى وقت نزول الملمات بهم"
(2)
.
• وقال
العلامة محمد علي بافضل
(المتوفى: 1404): "قال الله تعالى في سورة غافر: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، وقال في سورة الأعراف:{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ، وقال في سورة غافر:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} .
فهذا الدليل من كلام الله على كون الدعاء عبادة تختص بالله وحده.
والدليل من قول رسول الله: «الدعاء هو العبادة» ، وقوله:«الدعاء مخ العبادة» أي لبّها الذي هو أفضل شيء فيها.
وكيف لا يكون الدعاء مخ العبادة أو هو العبادة وعنده يشعر الإنسان باللذة التي لا تعادلها لذة، والسرور الذي لا يدانيه سرور، وذلك عندما يتوجه في قضاء حاجاته إلى من بيده ملكوت كل شيء
…
وكيف لا يكون مخّ العبادة وهو محل الخضوع والتذلل والانكسار والرجاء والافتقار إلى من يجيب المضطر إذا دعاه
…
ومن هذا يتبين المنع من دعاء غير الله أو دعائه معه، وإنّ من يُنزل حاجته بعاجز مثله أو يدعوه مع الله سبحانه فقد خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين"
(3)
.
(1)
تفهيم القرآن (4/ 499) ط/ الحجرية بلاهور.
(2)
جواهر القرآن (ص: 37) ط/ الحجرية الباكستانية.
(3)
دعوة الخلف إلى طريقة السلف (ص: 143 - 144).
وقال أيضًا: "ومن الشرك في العبادة: دعاء غير الله عند الشدائد، والالتجاء إلى غير الله في كشف الكربات وقضاء الحاجات، وقد أمر الله بأن تكون وجهة العبد لله وحده لقوله تعالى في سورة الأنعام {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وقوله:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .
فالمفهوم من الآية الأولى أنّ من وجّه وجهه فيما لا يقدر عليه إلا الله إلى غير الله فقد أشرك"
(1)
.
وقال أيضًا: "إنّ دعاء غير الله مع الله أو دونه شرك وضلال، لا توسل واستشفاع، وما قول الداعين غير الله إنه توسل واستشفاع سوى أثارة شبهة تنطلي على من لا علم له بالأدلة القرآنية والنبوية.
أما من فهم الأدلة القاطعة القائلة بأنّ دعاء غير الله شرك وضلال فسوف يلفظ هذا القول
…
وكيف نسمي دعوة غير الله توسل واستشفاع مع أنّ الآيات القاطعة تقول بخلاف ذلك كما ورد ذلك في غير ما آية من كتاب الله.
والصالح مهما بلغ به صلاحه فلا يخول له صلاحه بأن يُدعى من دون الله أو معه، وهذا بعينه فعل أهل الجاهلية الأولى من المشركين، وهو من الشرك الذي تساهل الناس به ووقعوا فيه بعد مضي خير القرون.
فلا يجوز قطعًا أن يُستغاث أو يستعان بغير الله، سواء من الأولياء الغائبين أم من الأموات، لكونه لم يثبت عن الله أو عن رسول الله، أو عن خير القرون بوجه صحيح، وإن وُجد حديث فهو حديث موضوع، أو ضعيف شديد الضعف، أو مؤول لا يسوغ قبوله لمخالفة صريح القرآن
…
ولو أنّ هؤلاء الهاتفين بمن يعتقدون صلاحه عند الشدائد تدبروا آيات الله وما تعطيه من معان حول ما هم فيه لما وقعوا في الشرك، ولعادوا إلى التوحيد الخالص، إذ أنّ المسلم المحتاط لدينه لا يرضى لنفسه الكفر"
(2)
.
(1)
المصدر السابق (ص: 142 - 143).
(2)
المصدر السابق (ص: 150 - 151).
وقال أيضًا: "والأصل في الشرك أن يوجه العبد أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى، أو يعتقد أن لغير الله أثراً فوق ما وهبه الله من الأسباب الظاهرة، أو أنّ لشيء من الأشياء سلطانًا على ما خرج عن قدرة المخلوقين.
ومن أنواعه أن يتخذ من دون الله أندادًا يحبهم كحب الله، وينسب إليهم من التدبير والتصريف ما لا يقدر عليه إلا الله، وأن يلتمس منهم جلب الخير وكشف الضر، ويقف بين أيديهم خاشعًا خاضعًا ذليلاً ضارعًا كما هو مشاهد من ذوي العقائد الزائغة"
(1)
.
وقال أيضًا: "أما الاستغاثة بالأموات وبالغائبين فمما لم يسوغه الشرع، ومما لم يأت عليه دليل لا من كتاب ولا من سنة، ويجب أن نستغيث عند الاضطرار ونلجأ عند الحاجة إلى من يسمع ويرى، ومن هو أقرب إلينا من حبل الوريد، وإلى من بيده ملكوت كل شيء، هذا هو الحق، وذلك هو الصواب.
كيف وقد نُهينا شرعًا عن دعاء غير الله، وعن الالتجاء إلى سواه، وعن الاعتصام بحبل غيره، في غير ما آية
…
وقولُ من يفعل ذلك مع أصحاب القبور: إننا نعتقد أنّ المؤثر هو الله، غير أننا نعتقد فيهم لقربهم من الله، فنفعل ذلك معم كوسطا، فقول هراء باطل، وغرور غرهم به الشيطان، وقولهم هذا مشابه لقول المشركين كما حكي في سورة الزمر:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} ، فدل قولهم هذا على أنهم لا يعتقدون فيهم الضر والنفع وغير ذلك، بل هم يعتقدون أن ذلك لله وحده، وإنما جعلوهم وسطاء فقط. أفيرضى المؤمن التشبه بقوم عصوا الله ورسوله!
فما داموا يعتقدون أن المؤثر هو الله وحد، وأن المدعوين من دونه لا يملكون نفعًا ولا ضرًا، فحري بهم أن يعدلوا عنهم إلى من يملك لهم ما أرادوا، وهو الله وحده لا غيره، فالله غني عن الوسطاء"
(2)
.
وقال أيضًا: "فالله فرض على عباده إفراده بالعبادة بقوله: {أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ اللّهَ} ، وإخلاصها بقوله:{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ} ، وبقوله:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} .
ومن نادى الله ليلاً ونهارًا، سرًا وجهارًا، وخوفًا وطمعًا، ثم نادى معه غيره فقد أشرك في العبادة، فإن الدعاء من العبادة، وقد سماه الله عبادة في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} بعد قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} "
(3)
.
(1)
المصدر السابق (ص: 142).
(2)
المصدر السابق (ص: 190 - 191).
(3)
المصدر السابق (ص: 194).