الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وقال
العلامة محمد سلطان المعصومي الخجندي الحنفي
(المتوفى: 1379): "يا أيها المسلم العاقل الصحيح الإسلام، تدبّر وتفكر هل ثبت أن أحداً من الصحابة رضي الله عنهم نادى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعد مماته من بعيد واستغاث به؟ ولم يثبت عن أحد منهم أنه فعل مثل ذلك، بل قد ورد المنع من ذلك كما سأذكره إن شاء الله تعالى
…
وها أنا أذكر من نصوص المذهب الحنفي من الكتب المعتبرة والفتاوى المشهورة، ففي شرح القدوري: إن من يدعو غائباً أو ميتاً عند غير القبور، وقال: يا سيدي فلان ادع الله تعالى في حاجتي فلانة، زاعماً أنه يعلم الغيب، ويسمع كلامه في كل زمان ومكان، ويشفع له في كل حين وأوان، فهذا شرك صريح، فإنّ علم الغيب من الصفات المختصة بالله تعالى.
وكذا إن قال عند قبر نبي أو صالح: يا سيدي فلان اشف مرضي، واكشف عني كربتي، وغير ذلك، فهو شرك جلي؛ إذ نداء غير الله طالباً بذلك دفع شر أو جلب نفع فيما لا يقدر عليه الغير دعاء، والدعاء عبادة، وعبادة غير الله شرك.
وهذا أعم من أن يعتقد فيهم أنهم مؤثرون بالذات، أو أعطاهم الله تعالى التصرفات في تلك الأمور، أو أنهم أبواب الحاجة إلى الله تعالى، وشفعاؤه، ووسائله.
وفيه اعتقاد علم الغيب لذلك المدعو، وهو شرك، نسأل الله الحفظ والعصمة عن الشرك والكفر والضلال
…
قال العلامة السيد أحمد الطحطاوي في حاشية الدر المختار: "من ظن أن الميت يعلم الغيب أو يتصرف في الأمور دون الله تعالى واعتقد ذلك فقد كفر. واعلم أنّ بيان الأحكام الشرعية مما يجب على العلماء، وليس في ذلك تنقيص الولي، ولو كان حيًا وسئل عن ذلك لأجاب بالحق، وأغضبه نسبة التأثير إليه إلخ".
• وقال
العلامة مفتي الثقلين خير الدين الرملي الحنفي
في فتاويه بعد نقل ما مرّ عن العلامة قاسم الحنفي: "وأنه إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور كفر. قال في البحر: والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر عامدًا كفر عند الكل كما في فتاوى قاضيخان" انتهى.
قال خاتمة المحققين المولوي عبد الحي اللكنوي في فتاويه في نظم البيان قال الشيخ فخر الدين أبو سعيد عثمان بن سليمان الجياني الحنفي ناقلاً عن الفتاوى البزازية وغيرها من كتب الفتاوى: من قال: إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر
…
"
(1)
.
(1)
حكم الله الواحد الصمد في حكم الطالب من الميت المدد (ص: 17 - 21) دار العاصمة، 1414 هـ.
وقال أيضًا بعد أن ضرب عدة أمثلة للاستغاثات التي يأتي بها بعض الناس: "اعلموا أيها المسلمون، يا أيها الحنفيون، هداني الله وإياكم، أنَّ هذه الكلمات كلُّها شرك وكفر وضلال في الدين الإسلامي، والشرع المحمدي، والمذهب الحنفي، بل والمذاهب الأربعة إجماعًا، وقائلها مشرك لا تصحّ صلاته، ولا صيامه، ولا حجّه، ولا إمامته، إلَاّ إذا تاب وآمن وأعلن توبته كما أشهر شركه.
ولا شك أن كون تلك الكلمات شركًا وكفرًا وضلالاً ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين، كما هو مصرّح به في الكتب الحنفية المعتبرة كافة، وكذا معتبرات مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة.
لا شك أنّ نداء الميت سواء كان قريبًا أو بعيدًا ولو نبيًا يستلزم اعتقاد سماع الميت نداء المنادي وخصوصًا البعيد النائي.
وطلب الإمداد منه يستلزم اعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يقدر على التصرف، والدفع والمنع، وخصوصًا إذا كرّر وأكّد النداء والطلب، فإنه لا يبقى للتأويل محل. وذلك كفر صريح وشرك قبيح.
والمتصرف والقادر على كل شيء وعالم الغيب هو الله تعالى وحده لا شريك له، والله سبحانه وتعالى هو الرب وحده، وأما سائر المخلوقات إنسيًا وجنيًا ووليًا ونبيًا فكلهم مخلوق ومربوب ومحتاج إلى تربية الرب الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، فإياه نعبد وإياه نستعين، فالاستعانة من الأموات وأهل القبور
والأرواح - أيًا كان المستعان به ولو نبيًا- من شعائر المشركين من المجوس والبراهمة والبوذيين والصابئة والمنجمين"
(1)
.
وقال أيضًا: "والمسلم لا يطلب حاجته من غير الله، فإن من طلب حاجته من ميت أو غائب فقد فارق الإسلام، وممن صرّح بهذه المسألة من علمائنا الحنفية صاحب الفتاوى البزازية، والعلامة صنع الله الحلبي المكي، وصاحب البحر الرائق، وصاحب الدر المختار، وصاحب ردّ المحتار، والعلامة قاسم بن قطلوبغا، والعلامة بير علي البركوي صاحب الطريقة المحمدية، وأبو سعيد الخادمي، ومولوي عبد الحي اللكنوي في فتاويه كما أسلفته، وغيرهم من المحققين يرحمهم الله تعالى أجمعين وجعلنا من زمرتهم آمين.
وكذا ممن صرّح به من علمائنا الحنفية العلامة السيد أحمد الطحطاوي في حاشيته على الدر المختار، ومنهم العلامة أحمد الرومي الأقحصاري فإنه صرّح في رسالة القبور كما في المفيد
…
(1)
المصدر السابق (ص: 14 - 15).