الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وقال
الحافظ أبو شامة المقدسي الشافعي
(المتوفى:665): "ثم هذه البدع المستقبحة والمحدثات تنقسم قسمين: قسم تعرف العامة والخاصة أنه بدعة إما محرمة وإما مكروهة.
وقسم يظنه معظمهم إلا من عصم عبادات وقربا وطاعات وسننا.
فأما فالقسم الأول فلا نطيل بذكره؛ إذ قد كفينا مؤنة الكلام فيه لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين
…
وبهذه الطرق وأمثالها كان مبادئ ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها.
ومن هذا القسم أيضًا ما قد عمّ الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد وسرح مواضع مخصومة في كل بلد يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحدا ممن اشتهر بالصلاح والولاية فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه ويظنون أنهم متقربون بذلك.
ثم يتجاوزون هذا الى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم فيعظمونها ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لهم، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر، وفي مدينة دمشق صانها الله تعالى من ذلك مواضع متعددة كعوينة الحمى خارج باب توما والعمود المخلق داخل باب الصغير والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق، سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشببها بذات أنواط الواردة في الحديث"
(1)
.
• وقال
أبو عبد الله القرطبي
(المتوفى: 671): "ولا خفاء أنّ الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك"
(2)
.
وقال أيضًا عند تفسيره قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} : "فدل هذا على أن الدعاء هو العبادة. وكذا قال أكثر المفسرين"
(3)
.
وقال أيضًا عند تفسيره لقول الله تعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} : "قوله تعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ} أي إن تستغيثوا بهم في النوائب لا يسمعوا دعاءكم، لأنها جمادات لا تبصر ولا تسمع. {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} إذ ليس كل سامع ناطقا. وقال قتادة: المعنى لو سمعوا لم ينفعوكم. وقيل: أي لو جعلنا لهم عقولا وحياة فسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم، ولما استجابوا لكم على الكفر.
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} أي يجحدون أنكم عبدتموهم، ويتبرؤون منكم.
(1)
الباعث على إنكار البدع (ص: 25 - 26) دار الهدى- القاهرة.
(2)
الجامع لأحكام القرآن (19/ 10) دار الكتب المصرية - القاهرة.
(3)
المصدر السابق (15/ 326).