الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يعتني بقوت أولادِه وأهلِه لمدة سنة:
عن عمر رضي الله عنه: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم» . متفق عليه.
وحث صلى الله عليه وسلم على إغناء الورثة بالمال:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة، فقلت: لي مال، أوصي بمالي كله؟ قال:«لا» قلت: فالشطر؟ قال: «لا» قلت: فالثلث؟ قال: «الثُّلثُ والثُّلثُ كثير، أنْ تدَعَ ورثتَك أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهم عالَةً يتكففون الناس في أيديهم، ومهما أنفقت فهو لك صدقة، حتى اللقمة ترفعها فِيْ فِيِّ امرأتك، ولعل اللهَ يرفعك، ينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون» . متفق عليه.
وحث صلى الله عليه وسلم على النفقة واحتساب الأجر فيها:
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت له صدقة» . متفق عليه.
وأمر بالإحسان إلى البنات، ورتَّب على ذلك أجراً عظيماً:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن عالَ جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو» وضَمَّ أصابِعَه. أخرجه: مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن ابتُلي مِن هذه البنات بشَيءٍ؛ كُنَّ له سترَاً من النار» . متفق عليه.
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ، يحِبُّ أولادَه، ويسعى في مصلحتهم، والعناية بهم، ومن أعظم وجوه العناية: الإنفاق عليهم.
فكان صلى الله عليه وسلم خيرَ أبٍ، وخيرَ زوج، في رعايته وعنايته بآل بيته.
وإن كانت النفقة الواجبة على البنت بعد زواجها، تنتقل إلى زوجها؛ إلا أن الإحسان بالنفقة والهدايا لايقف، فكان يُحسن صلى الله عليه وسلم إلى بناته، ومثل هذا الموضوع يعلمه كل مسلم بيقين؛ لأنه أمر فطري، وشرعي، ولا تتوقف معرفته على المرويات الواردة في ذلك، ومما ورد:
عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّ أُكَيدَر دُوْمَةَ أهدَى إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوبَ حَرِير، فأعطَاه عليَّاً، فقال:«شَقِّقْه خُمُرَاً بَينَ الفَوَاطِمْ» .
(1)
(1)
الفواطم: جمع فاطمة، وهن: زوجته: فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه: فاطمة بنت أسد، وابنة عمه: فاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب، وامرأة أخيه عقيل بن أبي طالب: فاطمة بنت شيبة بن ربيعة. وقيل: فاطمة بنت عتبة بن ربيعة.
فائدة: ذكر اللغوي أحمد بن فارس (ت 395 هـ) الفواطم اللاتي يلينه صلى الله عليه وسلم في القرابة: فاطمة بنت سعد، أم قصي، وفاطمة بنت عمر بن جرول بن مالك أم أسد بن هاشم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، أم علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأمها: فاطمة بنت هَرْم بن رواحة، وفاطمة بنت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم.
في رواية: «بيْنَ النِّسْوَة» .
أخرجه: البخاري، ومسلم ـ واللفظ له ـ.
عند ابن أبي شيبة: قال علي: يا رسول الله: ما أصنعُ بها ألبسُها؟ قال: «لا، إني لا أرضَى لك ما أكرَهُ لِنفسي، ولكِن اجعلْها خُمُراً
(1)
بين الفواطم».
عند أحمد: كسَاني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُلَّةً من حرير، فخرجتُ فيها ليرى الناسُ علي كسوةَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«فرآني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأمرني بنزعهما، فأرسلَ بإحداهما إلى فاطمة، وشق الأخرى بين نسائه» .
عند ابن أبي عاصم، وابن أبي الدنيا، والطحاوي، وابن عبدالبر، وغيرهم: قال علي: فشققتُ منها أربعة خُمر: خماراً لفاطمة بنت أسد بن هاشم ـ وهي أمُّ علي بن أبي طالب ـ؛ وخماراً لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم؛ وخماراً لفاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب؛ وخماراً لفاطمة أخرى، قد نَسِيتُها.
(2)
والقائل: قد نسيتها، هو يزيد بن أبي زياد.
(1)
جمع خمار: وهو ما تغطي به المرأة رأسها. ويُجمَع على: أَخْمِرَةٌ، وخُمْرٌ، وخُمُرٌ.
(2)
عند الطحاوي: أن الهدية من أمير أذربيجان. وعند ابن عبدالبر: أمير أذرعات.
ويُروى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أطعم فاطمةَ وعليَّاً بخيبر من الشعير والتمر ثلاثمئة وسْق، الشعيرُ من ذلك خمسة وثمانون وسْقَاً، لفاطمة من ذلك مئتا وَسْق».
(1)
أخرجه: ابن سعد، والبيهقي، وهو حديث ضعيف من الناحية الحديثية، لكن مما يُقبل في الروايات التاريخية.
ويُروَى أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبدٍ قد وهبَه لها، قال: وعلى فاطمةَ ثوبٌ إذا قنَّعت به رأسها لم يَبْلُغ رِجْلَيها، وإذا غَطَّت به رجْلَيهَا لم يَبْلُغْ رأسَها، فلما رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما تَلْقى قال:«إنَّهُ ليس عليكِ بأسٌ، إنما هو أبوكِ وغُلامُكِ» .
أخرجه: أبو داوود، وغيره، وعند بعضهم: وهَبَ لها غلامين.
والحديثُ صحَّحَهُ بعضُ العلماء، والأقربُ ضَعفُه.
ويُروَى من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر، ومعه غلامان، فقال علي: يا رسولَ الله، أخدمنا. فقال:«خذ أيهما شئت» . قال: خِرْ لي. قال: «خُذْ هذا ولا تضربه؛ فإني قد رأيتُه يصلي مقبلنا من خيبر، وإني قد نهيت عن ضَرب أهل الصلاة» .
وأعطى أبا ذر غلاماً وقال: «استوصِ به مَعروفاً» . فأَعتَقَهُ، فقال له
(1)
الوسق: ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، والصاع قرابة: 2، 5 كغ فالمجموع لفاطمة قرابة 30 ألف كلغ.
النبي صلى الله عليه وسلم: «ما فعَلَ الغلامُ» ؟ قال: يا رسولَ اللهِ، أمرتَني أن أستوصي به مَعرُوفَاً؛ فأعتقتُه.
أخرجه: أحمد، وابنُ أبي شيبة، والبخاري في «الأدب المفرد» ، وحسَّنَهُ بعضُ العلماء، وفيه ضَعف.
أما ما يُروى: لما نزلَتْ هذه الآيةُ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26]«دعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فاطِمةَ، وأعطَاها فَدَك» .
(1)
أخرجه: أبو يعلى، والبزار، وابنُ عدي، والحاكم، وغيرهم، فهو حَدِيثٌ مَكذُوبٌ، حَكَمَ عليه أئمةُ الحَدِيثِ بالوَضْعِ.
(2)
(1)
فدَك = هي المسماة الآن بـ «الحائط» ، تقع شرق خيبر، وشمال شرق المدينة النبوية بـ (216 كلم)، الخارج من المدينة يَمرُّ بِـ: الملوي، ثم المرير، ثم بِدع بن خلف، ثم الحائط. قال عاتق البلادي:(بَلدةٌ عامِرَةٌ، كثيرة النخل، والزرع، والسكان، على ظهر الحرَّة، شرق خيبر، ماؤها إلى وادي الرمة، وتسمى اليوم «الحائط»، فيها إمارة، ومحكمة، ومدارس، وسكانها بنو رشيد، وطريقها إلى «المدينة» على طريق النُّخَيل والصويدرة، ثم المدينة. ولم يعد للسلطان ملك في أرض فدك، ولا لآل البيت، إنما هي مقسَّمةٌ بين السكان كأي قرية أخرى، وليس لدينا عِلمٌ متى صار ذلك، إلا أنه من المؤكد أن ذلك صار عند ضعف الدولة العباسية، فقد اضمحل سلطان الدولة، وتغلَّب الأقوياء على ما يستطيعون التغلب عليه. وهي اليوم في ديار بني رشيد بن هُتَيْم).
(2)
وما يُروى أنه صلى الله عليه وسلم أهدى ابنته فاطمةً جارية تُسمى «فَضَّة النوبية» ، فخَبرٌ مَكذوبٌ.