الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[23] هل لها موقف من بيعة أبي بكر رضي الله عنهما
-؟
لمْ أقِفْ على شَيءٍ في مَوروث أهل السنة والجماعة: حديثاً، وعقيدةً، وتاريخاً، يتعلق بموقف فاطمة من بيعة أبي بكر رضي الله عنهما.
والمرأةُ في الإسلام لا علاقة لها بالأمور السياسية البتة، فاليقينُ أنها وبقية النساء ــ ومنهن أمهاتُ المؤمنين أزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم ــ يتبعن ما اختارَه الرِّجَال مِن أهل الحلِّ والعَقْد.
قال أبو المعالي الجُويني (ت 478 هـ) رحمه الله: (فَلْتَقَعِ الْبِدَايَةُ بِمَحالِّ الإجماع في صِفَةِ أهلِ الاختيارِ، ثم ننعَطفُ على مَواقعِ الاجتهادِ والظنون.
فما نعلمُه قطعاً أنَّ النِّسوةَ لا مَدخلَ لهنَّ في تخيُّرِ الإمام وعَقْدِ الإمامَةِ، فإنهُنَّ ما رُوجِعْنَ قطُّ، ولو استُشِيرَ في هذا الأمرِ امْرأةٌ، لكان أحرى النِّسَاءِ وأجدرُهُنَّ بهذا الأمرِ فاطمةَ عليها السلام، ثم نِسْوةَ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أمهاتِ المؤمنين، ونحنُ بابتداءِ الأذهانِ نعلَمُ أنَّهُ ما كان لهُنَّ في هذا المجال مَخاضٌ في مُنقَرَضِ العُصورِ، ومَكَرِّ الدُّهُور).
وقال أيضاً: (والنسوانُ لازماتٌ خدورَهن، مفوِّضَاتٌ أمورَهن إلى الرجال القوَّامين عليهن، لا يعتَدْنَ ممارسة الأحوال، ولا يبرزْنَ في مُصَادَمَةِ الخُطُوبِ بروزَ الرِّجَال، وهُنَّ قَلِيلاتُ الغَنَاءِ فيما يتعلق بإبرامِ العَزائمِ
والآراء، ولذلك ذهبَ مُعظَمُ العلماءِ إلى أنَّهُنَّ لا يَسْتَقْلِلْنَ بأنْفُسِهِنَّ في التزويج).
قال الباحث: حافظ محمد أنور ــ بعد دراسة طويلة ــ لمسألة المرأة والشورى واختيار الخليفة: (إنَّ المرأةَ لم تشارك في الحياة السياسية، ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد الرسُولِ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين، بل وبعدهم أيضاً فترة طويلة، ولم يكن لها دور في اختيار الخلفاء ومبايعتهم).
فمن شروط أهل الحَلِّ والعَقْدِ: الذكورية، وليس للنساء مَدخل فيه.
هذا، وإنَّ من العَجَبِ العُجَاب ـ غير المستغرَب ـ من الإمامية أن يدَّعُوا إمامَةَ فاطمة! !
(1)
وأعجبُ من ذلك أن يكتُبَ في سيرة فاطمة رضي الله عنها مَن يَنتسب إلى أهلِ السُّنَّة، فتطير الإمامية به فرحاً، ويستدلون بكلامه، وما كتبَ إلا أديبٌ مُنَحازٌ، أو غَيرُ محقِّقٍ، أو صُوفِيٌّ جَاهِلٌ، أو حَاطِبُ لَيلٍ.
(1)
«فاطمة تجليات النبوة والإمامة» لحسن العالي (ص 329)، «أنوار الزهراء» لحسن الأبطحي (ص 44)، أفادتهما: سهى بنت عبدالعزيز العيسى في كتابها الجيِّد: «المرأة في الفكر الشيعي ـ دراسة عقدية نقدية ـ» (ص 265).
فمثلاً: الأديب: عباس العقاد، يتحدث ببيان عجيب في مواضع من كتابه، يذهب إلى ما ذهبَتْ إليه الإمامية، فانظر إليه يقول: (بعضُ الأخبار يفيد ــ إنْ صحَّ وإن لم يصح ــ ومِن هذه الأخبار: خبر الرواة الذين قالوا: إنَّ عليَّاً جامَل فاطمة، فلم يبايع أبا بكر إلا بعد وفاتها.
إنْ صحَّ هذا الخبر أو لم يصح فدلالتُه صحيحة، وهي اعتقاد الناس في ذلك العصر أنَّ القضيةَ قضيةُ الزهراء، وأنَّ الإمامَ يُجامِلُها فلا يُغضِبُها وأنه أحقُّ بالخلافة، وأنَّ الأَولى أنَّ الخلافة تطلبُه لمعرفتِه بحقِّها. ثم جاء العقَّاد بخيالات وتوهُّمَات ــ عفَى اللَّهُ عنا وعنه ــ.
وفي موضع آخر ذكر عن الفاطميين ــ المنتسبين كذباً إلى فاطمة ــ: (بأنهم ثَبَتُوا على حقِّهِم في الخلافة، ووَرِثُوا الثباتَ من عليٍّ وفاطِمَة).
قلت: يريد بثبات علي وفاطمة: أحقية عليٍّ بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم! !
ويذهب في موضع آخر إلى أنَّ فاطمة ترى حقَّ عليٍّ في الخلافة، أو أنَّ قرابةَ الرسُولِ صلى الله عليه وسلم أحقُّ المسلمين بخلافتِه.
قال: وكان هذا رأي طائفةٍ من الصحابة الصالحين، أدهشَهم أن يجري الأمرُ على غير هذا المجرى! !
ويدَّعِي أن لفاطمة رأياً معارضاً لخلافة أبي بكر، وأنها لم تغضب إلا لأجلها، والخلافُ إنما هو على ميراث الخلافة! !
قلت: مَن الإمامي الذي أنبأكَ بهذا؟ !
وننظر في الكتاب الثاني وهو من تأليف الأديبة د. عائشة بنت الشاطئ، إذْ تذكر أنَّ عليَّاً حمَلها فوق دابة، وطافَ بها ليلاً على مجالس الصحابة رضي الله عنهم مجلسِاً مجلسِاً تسألهم تأييد عليٍّ في الخلافة! !
وقالت فاطمة للصحابة بأنَّ اللَّهَ حَسيبُ مَن انتزع الخلافة! !
وذكرَتْ د. بنتُ الشاطئ صراخَ فاطمة من أبي بكر وعمر، ومراضاة أبي بكر وعمر لفاطمة، وبيانُها لهما أنها ساخطةٌ عليهما، وستشكوهما لأبيها صلى الله عليه وسلم إذا لقيَتْه! !
وهكذا في كتاب محمد حسين هيكل، وعَددٍ من الكُتَّاب المتأخرين في مصر خاصة، يلوكون هذه القضايا دون مستند، وهي كَذِبٌ فجٌّ صُرَاحٌ ــ واللهُ المستَعانُ على ما يَصفُون ويَفتَرون ــ.