الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[17] من مناقبها وخصائصها
.
قال المزي (ت 742 هـ) رحمه الله: (ومناقبها، وفضائلها كثيرةٌ جدَاً رضي الله عنها وأرضاها).
قال الذهبي (ت 748 هـ) رحمه الله: (وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّها ويكرِمُها ويُسِرُّ إليها.
(1)
ومناقبها غزيرة.
وكانت صابرةً، ديِّنةً، خَيِّرةً، صيِّنَةً، قانِعَةً، شاكِرَةً للهِ).
من مناقبها وخصائصها:
أنها مِن أول الناس إسلاماً، فقد اتفق العلماء على أنَّ أولَ الناس إسلاماً: أمُّ المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
(1)
كان تمييز النبي صلى الله عليه وسلم، وإسراره لها، بعد وفاة أخواتها، وانفرادها.
قال الزرقاني (ت 1122 هـ) رحمه الله: (ولم يُذكر بناتُه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا شَكَّ في تمسُّكِهِنَّ قبل البعثة بهديِه وسيرتِه، وقد روى ابنُ إسحاق عن عائشة: لما أكرمَ الله نبيَّه بالنبوَّةِ، أسلَمَتْ خديجةُ وبناتُه.
وقال الزرقاني: والحاصلُ أنه لا يحتاجُ للنصِّ على سبقهن للإسلام؛ لأنه معلوم هذا إلخ.
وذكر السفَّاريني (ت 1188 هـ) رحمه الله أنه لما أكرمَ الله نَبِيَّه بالنُّبُوَّةِ، آمنَتْ به خديجةُ، وبناتُه، فصَدَّقْنَه، وشَهِدْنَ أنَّ ما جاءَ بِهِ الحقُّ، ودِنَّ بِدِيْنِه.
قلت: هل يمكن أن يُقال: بأنَّ أوَّل مَن أسلَم خديجةُ، ثم بناتُ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قبل أبي بكر وعلي؟ فيَكُنَّ أولَ مَن أسلم مطلقاً بعد خديجة رضي الله عنهم؟
وهل يمكن أن يقال ــ أيضاً ــ: أوَّلُ مَن أسلَمَ من البنات مطلقاً، كما أنَّ عليَّاً أول من أسلم من الصبيان؟
وإسلامُهُنَّ تبعاً لوالديهنَّ؛ لأن زينب ـ أكبر البنات ـ عمرها أوَّل البعثة عشر سنوات، وفاطمة رضي الله عنها ـ أصغرهن ـ كان عمرها أول البعثة خمس سنوات ــ على القول الراجح ـ، فَلِمَ لا يُذكَرْنَ بأنهن أول مَن أسلم بعد خديجة؟ !
لم أجدْ مَن تطرَّق لهذا غير الزرقاني، ثم السفاريني، وهو قَولٌ قَويٌّ فيما يظهَرُ لي ــ واللَّهُ تعالى أعلَمُ ــ.
وقد يُقال: بأنَّ البحثَ فيمَن أسلَم ممَّن دعاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأما بناتُه فهُنَّ تبعٌ له خاصة أنهن كلهن ــ أو عدا زينب ــ دون البلوغ.
لكن سياق الحديث عند مَن بحث في المسألة: عَمَّنْ دخل في الإسلام أولاً، لا فرق بين مَن دخل تبعاً كبناته، ومولاه، وعليٍّ ـ على الصحيح
(1)
ـ، ومَن دعاه فاستجاب كأبي بكر، وغيره.
على كُلٍّ، هذه المسألة لا ينبني عليها حُكْم، ولا عَمَل ـ والعِلْمُ عندَ اللَّهِ تعالى ـ.
ومن مناقبها: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جلَّلها بكِسَائه مع ابنَيْها الحَسن والحُسين، وزَوْجِها عليٍّ رضي الله عنهم، وقرأَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (سورة الأحزاب، آية 33) وقال: «اللهم هؤلاء أهلُ بيتي، وأهلُ بيتي أحقُّ» .
ومن مناقبها: شَبَهُهَا بأبِيْهَا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حَديثِهَا، ومِشْيَتِهَا، وصِدْقِ لَهْجَتِهَا، وغَيْرِ ذَلك رضي الله عنها.
من خصائصها: أنها سيِّدة نساء هذه الأمة = سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران، وقد بُشِّرَتْ بالجنة، وكذا زوجُها، وابنَاها، وأمُّها رضي الله عنهم.
(1)
قال ابن حجر: (ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح). وقيل: أسلم وهو ابن ثمان سنين، وقيل: تسع، وقيل: عشر، وقيل: أربع/خمس/ست/ثمان عشرة.
ومن خصائصها: أنها أطولُ آلِ البيت ملازمةً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم أجدْ مَن ذكر هذه المعلومة ــ والحمدُ للَّهِ على فَضْلِه ــ.
ومما ساعدها في ملازمتها: أنها مُنذ ولادتها رضي الله عنها وهي مع والدها، وكانت آخر أخواتها زواجاً، وكان بيتها بعد زواجها ملاصقاً بيتَ والدها صلى الله عليه وسلم = بيت عائشة رضي الله عنهما.
وقد بقيت معه حياتَه كلها، بخلاف بقية بناته، فقد متن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد شَهِدَتْ مَراحِلَ الدَّعْوة الإسلامية كلَّها من بدئها إلى وفاةِ النبي صلى الله عليه وسلم. فلَها رضي الله عنها مُلازَمَةٌ خاصةٌ لأبيها، ولها حُضُورٌ لكثير من مَشاهِدِه، مع بِرِّها، ومُناصَرَتِهَا وذَبِّهَا عنْهُ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
ففي العهد المكي، أزالَتْ عن ظهر والدها الأذى الذي وضَعَهُ كُفَّارُ قُريش، وكانت رضي الله عنها تُعِينُه صلى الله عليه وسلم.
وفي غزوة أُحُد (3 هـ)، داوَتْ جِراحَه، وأوقفَتِ الدمَ الذي يسيل على وجهِهِ الشريف - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
وكانت رضي الله عنها معه في «عمرة القضاء» (7 هـ) ـ كما في «صحيح البخاري» ــ في حديث تنَازُعِ عليٍّ وجعفرٍ في ابنة حمزة.
وكانت معه ــ أيضاً ــ في «فتح مكة» (8 هـ)، وقد سترته لما أراد الاغتسال بعد الفتح مباشرة.
وكذا كانت معه في حجة الوداع (10 هـ) رضي الله عنها.
وقد نَوَّه بذكرها في مَواطن:
في مكة على الصفا: يافاطمة سليني من مالي، لا أغني عنك من اللَّه شيئاً، وفي خُطبتِه: لو أن فاطمة بنت محمد سرقَتْ لقطعتُ يدها.
وفي خُطْبته ـ لما أراد عليٌّ أن يتزوَّج عليها ـ: فاطمةُ بَضعَةٌ مِنِّي، يُريبني ما يُريبُها.
ومن خصائصها:
أن عقِب النبي صلى الله عليه وسلم انحصر في ولدها، فمِنْهَا امتدادُ ذريته صلى الله عليه وسلم مِن بَعده، وأن المهدي المنتظر ــ عند أهل السنة والجماعة ـ من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما.
ومن ذلك: إسرار النبي صلى الله عليه وسلم لها بقُرْبِ أجَلِهِ، وأنَّها أوَّلُ أهلِهِ لحاقاً به.
وقد حَفِظَتْ لأبيها السِّرَّ الذي استودَعها إياه، فلم تُخبِرْ به أحدَاً، مع تشوُّفِ نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلى معرفته، وكُنَّ حاضرات كلُّهُنَّ وقتَ الإسرار، وشاهدوا أمرَاً غريباً من بُكائها ثم ضَحِكها في وقت قريب.