الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثَمَّةَ أحاديثُ كثيرةٌ في الزيارة، منها الصحيح ومنها دون ذلك، وكثرة الزيارة بينهما مع الإطعام، لا تحتاج إلى مرويات؛ لليقين بها.
رُوي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ فاطمة عليها السلام جاءت بكِسرة خُبْزٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«ما هذه الكسرة يا فاطمة» ؟ قالت: قُرصٌ خبَزتُه، فَلَمْ تَطِبْ نفْسِي حتَّى أتيتُكَ بهذهِ الكِسْرَةِ، فقال:«أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام» .
رواه: ابنُ سعد ـ واللفظ له ـ، وأحمد، وغيرهم، وهو حديث ضعيف.
*
زيارته صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها
-.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَرجتُ مع رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من النهار، لا يُكلِّمُني ولا أكلِّمُه، حتى جاء سُوقَ بني قَينُقَاع، ثم انصرفَ، حتى أتى خِبَاء
(1)
فاطمة فقال: «أثَمَّ لُكَعُ؟ أثَمَّ لُكَعُ» ؟
(2)
يعني حسَناً فظنَنَّا أنه إنما تحْبِسُهُ أمُّه لأن تغسِلَه وتُلبِسَه سِخَاباً
(3)
، فلم يلبَث أنْ جاء يَسعى، حتى اعتنقَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اللهمَّ إني أُحِبُّه، فأَحِبَّه، وأحبِبْ مَنْ يُحِبُّه» .
متفق عليه ــ واللفظ لمسلم ــ.
(1)
أي منزلها، وحجرتها.
(2)
المراد به هنا: الصغير، سمَّاه لُكَعاً لِصِباه وصِغَره.
(3)
خيط يُنظم فيه خرَز، للصبيان والجواري.
في لفظ للبخاري: كنتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سُوق من أسواق المدينة، فانصرفَ فانصرفتُ، فقال:«أينَ لُكَعُ؟ ـ ثلاثاً ـ ادْع الحسنَ بنَ علي» . فقام الحسن بنُ علي يمشي وفي عنقه السخاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده هكذا، فقال الحسن بيده هكذا، فالتزمه فقال:«اللهم إني أحبُّه فأحبَّه، وأحبَّ من يحبُّه» .
وقال أبو هريرة: فما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من الحسنِ بنِ علي، بعدما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما قال.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَه وفاطمةَ عليها السلام بنتَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:«ألا تُصلُّون» ؟
فقال علي: فقلت: يا رسولَ اللَّهِ، إنما أنفسنا بيد اللهِ، فإذا شاءَ أن يبعثَنا بعَثَنا، فانصرفَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين قال له ذلك، ولم يرجع إليه شيئاً، ثم سمِعَهُ وهو مُدبِر، يضربُ فخذَه وهو يقول:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (سورة الكهف، آية 54). أخرجه: البخاري ومسلم.
وعند أحمد، والنسائي، وأبي يعلى ـ بإسناد حَسَنٍ ـ: دخل عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعلَى فاطمةَ من الليل، فأيقظَنا للصلاة، قال: ثم رجَعَ إلى بيتِه، فَصلَّى هوياً
(1)
من الليل، قال: فلم يسمعْ لنا حِسَّاً، قال:
(1)
الهَوي بالفتح: الحين الطويل من الزمان. وقيل: هو مختص بالليل. وهَوِيٌّ، كَغَنِيٍّ ويُضَمُّ، وتَهْواءٌ من اللَّيْلِ: ساعَةٌ.
فرجع إلينا، فأيقظنا وقال:«قُومَا فصَلِّيا» . قال: فجلستُ وأنا أعركُ عيني، وأقول: إنَّا واللهِ ما نُصلِّي إلا ما كُتِبَ لنا، إنما أنفسنا بيدِ اللَّهِ، فإذا شاء أنْ يبعثَنا بعثَنَا. قال: فولَّى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يقول، ويَضرِب بيده على فخذه:«ما نصلي إلا ما كُتِبَ لنا، مَا نُصَلِّي إلا ما كُتِبَ لنا! ! وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدَلاً» .
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم معتنياً بأولاده، مع محبته لهم، ومن مظاهر العناية: زيارتهم، وتفقد أحوالهم، وهذا يدل أيضاً على بشرية النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، لمحبته ورعايته أولاده، ويدل على كمال خُلُقه، فلم تكن النبوةُ ومهمامُّها، وما يواجهُه من الأذى والمصائب حائلةً دون رعايته لأولاده، وزيارتهم، وتفقدهم، وفي هذا الموضع ما يخص فاطمة رضي الله عنها، وكما قلتُ من قبل: لم يكن يخصها بشَيءٍ من الزيارة والاحتفاء في حياة أخواتها، فهو إمام العادلين - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.
إن تفرد فاطمة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم بموت أخواتها كلها، يدعو والدَها النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى تكرار الزيارة والإيناس، خاصةً مع قُرْب بيتها، فهو مجاور لبيت عائشة رضي الله عنها من جهة الشمال ــ كما سبق بيانه ــ.
ومما يدلُّ على عِنايته صلى الله عليه وسلم وزيارتِه ابنتَه فاطمةَ في بيتها ـ زيادةً على ماسبق ـ أحاديثُ كثيرة، دالَّةٌ على ذلك، منها: حديثُ