الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: ما يترتب على ما شرعت النية لأجله وهو التمييز: اشتراط التعرض
للفرضية، وفي وجوبها في الوضوء والغسل والصلاة والزكاة والخطة، وجهان، والأصح اشتراطها في الغسل دودن الوضوء، لأن الغسل قد يكون عادة، والوضوء لا يكون إلا عبادة.
الرابع: اشتراط الأداء والقضاء، وفيهما في الصلاة أوجه:
أحدها: الاشتراط،
والثاني: تشترط نية القضاء دون الأدء،
والثالث: إن كان عليه فائتة اشترط في المؤداة نية الأداء، وإلا فلا،
والرابع: وهو الأصح: لا يشترطان مطلقًا.
* * *
عملية التقعيد
ما الذي يتم في ذهن المجتهد والفقيه حتى تتم عملية التقعيد؟
فالقاعدة في قضية كلية مُنْطقَة على جميع جزئياته، ومن هنا، فإن التقعيد سعي إلى إدراك الكل، وعلى ذلك فهو انتقال من مستوى إلى مستوى أعلى منه، في تدرج الفرد، والنوع، والجنس المنطقيين، وهذا ما يمكن أن نسميه بالتجريد.
وعملية التجريد هذه محاولة:
1 -
لبيان المشترك في الكثرة المبحوثة
2 -
وفيما يتم إسقاط المشخصات.
3 -
ويتم أيضًا مراعاة الفروق وبين ما ظاهره التشابه.
4 -
وكذلك مراعاة ما يدخل في القاعدة من فروع مع استثنائه، حيث تعد هذه الفروع عند إغفالها، أو إغفال موجب امشثنائها معطلة لعملية التقعيد.
5 -
كما تراعى الجوامع، وهو الجمع بين ظاهره الافتراق لنفس السبب.
* * *
القواعد الفقهية والتجريد الذهني
وفي محاولة لبيان عملية التجريد على قاعدة " الميسور لا يسقط بالمعسور " وهي المأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم:
" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
والتي يقول عنها السيوطي في الأشباه والنظائر:
" وبها رد أصحابنا على أبي حنيفة قوله: إن العريان يصلي قاعدًا،
فقالوا: إذا لم يتيسر ستر العورة فلم يسقط القيام المفروض ".
أقول - في محاولة لبيان التجريد هذه -: أورد فروعًا من تلك القاعدة، وأبين كيف توصل الفقيه منها إلى التقعيد والصياغة المذكورة، ثم ألحق بها، أو شغلها ذلك التشغيل
البديع فمن فروعها:
1 -
إذا كان مقطوع بعض الأطراف يجب غسل الباقي جزمًا.
2 -
القادر على بعض السترة يستر به القدر الممكن جزمًا.
3 -
القادر على بعض الفاتحة هل يأتي بها، خلاف.
4 -
لو انتهى في الكفارة إلى الإطعام فلم يجد إلا طعام ثلاثين مسكينًا، فالأصح وجوب إطعامهم، وقطع به الإمام.
فإذا قمنا بتحليل الفرع الأول إلى عناصر تُمَكِّن من عملية التجريد لوجدنا أن الفرع يتحدث عن بتر بعض الأطراف التي يجب غسلها، وهنا يمكن أن تتصور عملية الغسل، وترى فيها:
1 -
محلًّا
2 -
أداء
3 -
فعلًا.
فالمحل: هو العضو المغسول، والأداة: هي الماء، والفعل: هو الغسل، وترى أن المحل قد ذهب بعضه وبقى بعضه في حين لم يتعرض الفعل، ولا الأداة إلى النقصان، فانتقالنا في التحليل من اليد إلى الطرف، وهو كلي بالنسبة لليد، ثم من الطرف إلى المحل وهو كلي له من ناحية.
وتصورنا لعناصر العملية التي ينتمي إليها الفرع من ناحية أخرى يمثل عملية
التجريد التي إذا أكملناها بإسقاط المشخصات في الطرف الأول لتبقى لنا أن الباقي حكمه الفعل.
وإذا تأملنا في الفرع الثاني: نجد لدينا أداة، وهي السترة لمحل العورة، وفعل وهو الستر، وأن الخلل والنقص هنا حدث في الأداة، وليس في المحل كما حدث في الفرع
ومع عملية التجريد بالسعي لإدارك الكلي، وإسقاط المشخصات تخرج بأن الباقي من الأداة (السترة) حكمه الفعل (الستر به) ، وهو عين ما توصلنا إليه في الفرع الأول.
وإذا تأملنا الثالث: نجد أن الصورة تتكون أيضًا من فعلْ وهو القراءة، ومحل: وهو: اللسان، وأداة: وهي حروف الفاتحة.
وتجد أن ما يعيق الإتمام هنا قد يكون راجعًا إلى خلل في الفعل حيث لا يقدر لأي عارض عن القراءة، أو راجعًا إلى المحل بوجود آفة في اللسان، أو الأداة بخلل في تحصيل حروف الفاتحة لعدم حفظ، أو فهم، أو استرجاع.
وترى الحكم عند وجود أي من هذه الأنواع من الخلل أنه يأتي بما يستطيع، أي أن الباقي حكمه الفعل.
والفرع الرابع: يحلل إلى: محل: وهو: ستون مسكينًا، وأداة: وهي الطعام، وفعل: وهو الإطعام، وقد يكون الخلل راجع إلى المحل حيث لا يوجد إلا ثلاثون، أو الأداة حيث لا يملك أو لم يجد إلا ما يطعم الثلاثين، أو الفعل وهو عدم القدرة على توصيل الطعام إلا إلى الثلاثين، وترى الحكم في كل ذلك إنما هو أن الباقي حكمه الفعل.
وعلى ما تقدم يمكن جمع هذه الفروع كلها تحت قاعدة واحدة مؤداها أن الباقي من المحل أو الأداة أو الفعل حكمه الإيقاع.
ثم يأتي دور الصياغة، وهي: تحويل ذلك إلى عبارة تشتمل على محسنات بلاغية، أو بديعية، وهي ما أسماها العلماء بعملية الترقيق والتنميق.
فالترقيق: صوغ المعنى بعبارة بليغة.
والتنميق: إدخال المحسنات البديعية ليسهل انتشارها وحفظها، وترى هنا (الميسور لا يسقط بالمعسور) عبارة وجيزة، وبها سجع بين الميسور والمعسور، وفيها مقابلة وطباق بينهما.
* * *