المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فهم التراث إلا أن هذا التراث الذي بين أيدينا في الحقيقة - المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية

[علي جمعة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأولماهية التراث الإسلامي

- ‌توثيق التراث

- ‌فهم التراث

- ‌الفصل الثانيمن مداخل التراث

- ‌مذهب الشافعية

- ‌أسس المذهب الشافعي:

- ‌قول الشافعي إذا صح الحديت فهو مذهبي:

- ‌أقوال الإمام:

- ‌‌‌مسألة:

- ‌مسألة:

- ‌مسألة:

- ‌مسألة:

- ‌طريقتا المذهب، وطبقات الأصحاب:

- ‌سلسلة المذهب الشافعي:

- ‌طبقات الخراسانيين:

- ‌كتب الخراسانيين:

- ‌طبقات العراقيين:

- ‌كتب العراقيين:

- ‌فقه الطريقتين والجمع بينهما:

- ‌أعلام الشافعية:

- ‌الكتب المعتمدة في مذهب الشافعية:

- ‌تسلسل كتب المذهب:

- ‌اصطلاحات الشافعية:

- ‌اصطلاح الإمام النووي في المنهاج:

- ‌مصطلحات أخرى:

- ‌ما لا نص فيه عند الشافعية:

- ‌الفصل الثالثمذهب الحنفية

- ‌ ترجمة الإمام أبي حنيفة

- ‌إسناد الإمام أبي حنيفة في الفقه:

- ‌ترجمة الإمام أب يوسف القاضي:

- ‌شيوخه:

- ‌منزلته وطرفًا من أخباره:

- ‌ترجمة الإمام محمد بن الحسن:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌منزلته وطرفًا من أخباره:

- ‌كتب محمد بن الحسن ومصنفاته:

- ‌ترجمة الإمام زفر:

- ‌مكانة الأصحاب الثلاثة في المذهب الحنفي:

- ‌المذهب الحنفي والشورى الجماعية:

- ‌أسس المذهب الحنفي:

- ‌طبقات علماء الحنفية:

- ‌أعلام الحنفية:

- ‌مراتب مسائل المذهب الحنفي:

- ‌كتب المذهب الحنفي المعتمدة:

- ‌ما صح مدركه من النوادر:

- ‌المرتبة الثالثة من كتب المذهب: الفتاوى:

- ‌المتون أو المختصرات المعتمدة:

- ‌ المتون كالنصوص

- ‌الروايات الغريبة:

- ‌ترتيب الكتب للمُقَلدِّ الحنفي:

- ‌كتب الحنفية غير المعتبرة:

- ‌من اصطلاحات السادة الحنفية:

- ‌كلمات الترجيح:

- ‌الفصل الرابعمذهب المالكية

- ‌ترجمة الإمام مالك:

- ‌أسس المذهب المالكي:

- ‌رواة المذهب المالكي:

- ‌وأهم تلاميذ الإمام مالك الذين تفقهوا عليه:

- ‌سلسلة المذهب المالكي:

- ‌أعلام المالكية:

- ‌تسلسل كتب المذهب المالكي:

- ‌من اصطلاحات المالكية:

- ‌طرق المذهب المالكي:

- ‌الأسماء المبهمة في مختصر ابن الحاجب:

- ‌الفصل الخامسمذهبب الحنابلة

- ‌ترجمة الإمام أحمد:

- ‌مصنفاته:

- ‌رواة المذهب:

- ‌ومن أجوبته ومسائله المجموعة:

- ‌أسس المذهب الحنبلى:

- ‌أقوال الإمام أحمد:

- ‌أشهر المجتهدين في المذهب:

- ‌ألقاب العلماء عند الحنابلة:

- ‌شيخ الإسلام:

- ‌أعلام الحنابلة:

- ‌ومن اصطلاحات الحنابلة:

- ‌من كتب الحنابلة

- ‌اصطلاح ابن مفلح في الفروع:

- ‌اختلاف روايات الإمام أحمد:

- ‌التخريج على أقوال الإمام:

- ‌إطلاق الخلاف:

- ‌الصحيح:

- ‌المقدم عند الاختلاف في التصحيح:

- ‌اختلاف الترجيح:

- ‌أسانيدنا إلى المذاهب الأربعةمن طريق ثبت الشيخ الأمير

- ‌سندنا إلى المذهب الشافعي:

- ‌سندنا إلى المذهب الحنفي ويتضمن سند الموطأ برواية محمد بن الحسن

- ‌سندنا إلى المذهب المالكي:

- ‌سندنا إلى مذهب الإمام أحمد - ويتضمن السند بالمسند المشهور

- ‌الفصل السادسالنحت الخطي

- ‌ويؤخذ من هذا أحكام النحت الخطي:

- ‌أولًا: النحت الخطي في كتب الحديث

- ‌ثانيا: النحت عند الشافعية

- ‌ثالثًا: النحت الخطي عند الحنفية

- ‌اختصارات الحنفية

- ‌رابعًا: النحت في مصنفات الكاتبين عامة

- ‌الفصل السابعمصادر الشريعة الإسلامية

- ‌المصدر الأول للشريعة: القرآن

- ‌أنواع أحكام القرآن:

- ‌المصدر الثاني للشريعة: السُّنَّهَ النبوية

- ‌أنواع الأحكام التي جاءت بها السُّنَّة:

- ‌المصدر الثالث من مصادر الشريعة الإسلاميهَ: الإجماع

- ‌أهمية الإجماع في الوقت الحاضر:

- ‌المصدر الرابع من مصادر الشريعة الإسلامية: القياس

- ‌الأدلة المختلف فيها:

- ‌نظريات أصول الفقه:

- ‌النطرية الأولى: نظرية الحجية:

- ‌النظرية الثانية: نظرية الإثبات:

- ‌النظرية الثالثة: نظرية الفَهْم:

- ‌النظرية الرابعة: القطعية والظنية:

- ‌نظرية الإلحاق:

- ‌نظرية الاستدلال:

- ‌نظرية الإفتاء:

- ‌الفصل الثامنمقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌تمهيد:

- ‌مدخل حول ترتيبات الكليات الخمس

- ‌منطقية الترتيب:

- ‌نماذج لثمرة هذا الترتيب:

- ‌الإسلام دين وحضارة

- ‌بعض الاعتراضات الواردة على هذا الترتيب والرد عليها:

- ‌الفصل التاسعالقواعد والنظريات الفقهية

- ‌التقعيد الفقهي:

- ‌معنى القاعدة لغة واصطلاحًا:

- ‌القواعد الفقهية - مدخل تاريخي:

- ‌الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي

- ‌الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية

- ‌خصائص القواعد الفقهية

- ‌القواعد الفقهية العامة والنظريات الفقهية

- ‌الفرق بين القاعدة الفقهية والنظرية الفقهية

- ‌القواعد الفقهية الأساسية

- ‌القاعدة الأولى: الضرر يزال:

- ‌القاعدة الثانية: العادة محكَّمة:

- ‌القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير:

- ‌القاعدة الرابعة: اليقين لا يزال بالشك:

- ‌القاعدة الخامسة: الأمور بمقاصدها:

- ‌عملية التقعيد

- ‌القواعد الفقهية والتجريد الذهني

- ‌القواعد الفقهية والفروع المستثناة

- ‌كتب القواعد الفقهية

- ‌الفصل العاشرتاريخ التشريع

- ‌الدور الأول:

- ‌طريقتهم في التعرف على الأحكام

- ‌ظهور مدرسة اهل الحديث ومدرسة أهل الرأي

- ‌التدوين في هذا الدور:

- ‌الدور الثاني - عصر المجتهدين

- ‌الدور الثالث - عصر التقليد

- ‌الدور الرابع - العصر الحديث

- ‌التقنين في هذا الدور:

- ‌النهضة الفقهية الحديثة

الفصل: ‌ ‌فهم التراث إلا أن هذا التراث الذي بين أيدينا في الحقيقة

‌فهم التراث

إلا أن هذا التراث الذي بين أيدينا في الحقيقة لا بد علينا أن نفهمه، وكثير من الناس يرفضون التراث رفضًا تامًا، وهذا الرفض رفض وجداني فقط؛ لأنه لم يفهم التراث أصلًا، حتى يرفض ما فيه.

وكثير من الناس يقبلون التراث قبولًا تامًّا، وهذا أيضًا قبول وجداني، لأنه لم يفهم ما فيه أيضًا، نعم هو خير من الأول الذي رفض، لأنه ينتمي إلى آبائه الصالحين، وإلى سلفه الأماجد.

لكن لا بد علينا أن نفهم التراث، والتراث مكتوب في إطار طرائق معينة،

ونظريات، وأفكار، وأساليب ما في التفكير والتحليل، فله ما يشبه

"الشفرة "، هذه "الشفرة " نريد أن نلقي شيئًا من الضوء عليها.

ولقد تنبه كثير من العلماء إلى هذا، أو إلى شيء منه، مثل الشيخ طنطاوي جوهري رحمه الله فألف كتابه الماتع " بهجة العلوم "، محاولًا أن يلقي الضوء على تلك التصورات الكلية التي كانت في أذهان السلف الصالح.

هذه التصورات نجدها في مقدمات علم الكلام، نجدها في علم لم يعد يدرس اسمه " الحكمة العالية "، وموضوعه الوجود والعدم، نجد مثل هذه التصورات عند التأمل والتدبر في عباراتهم، نجدها في النطق الصوري العربي، نجدها مشتتة.

وألف عبد القادر بن بدران كتابًا أسماه المدخل، يحاول فيه أن يلقي الضوء على جانب آخر من هذه الشفرة التي كتب بها التراث.

كما اهتم الأتراك كثيرًا بمثل ذلك حتى يفهموا، فعلماء الدولة العثمانية، وهي ناطقة بالتركية أرادوا أن يفهموا بعمق حتى يساهموا في البناء الفقهي، فكانت مؤلفاتهم تشتمل على كثير من حل تلك الشفرة.

ص: 17

ولقد تأملت كثيرًا في هذه القضية حتى أرى ما الحائل الذي يحول بيننا وبين نص تراثي مكتوب، فوجدت أن الأمر لا يخلو من أحد أمور خمسة:

1 -

أن يكون القارئ المعاصر قد فقد التصور الكلي الذي كان شائعًا عند الكاتبين للتراث عبر الزمان والمكان، وعلى ذلك من الممكن أن نقول: إنه ينبغي علينا - حتى نفهم التراث فهمًا دقيقًا واعيًا - أن ندرك أولًا التصورات الكلية التي كانت قائمة في أذهانهم، وحاكمة على كتاباتهم حتى شاعت هذه التصورات، وكأنها مسلَّمات.

فعندما نفقد هذه التصورات، أو لا نستوعبها، أو لا نستحضرها حين قراءتنا للتراث، فإن خيرًا كثيرًا يفوتنا، وإن فَهْمًا دقيقًا يعوزنا.

2 -

أيضًا فقد يفقد القارئ المعاصر النظريات الكلية التي حكمت الذهن العلمي عندما أنشأ تلك العلوم، أو تعامل وتفاعل معها، أو دوَّنها، أو انقسم فيها إلى مدارس

وإلخ.

هذه النظريات الكلية عادة وغالبًا لا نجدها مستورة في الكتب التي بين أيدينا بطريقة شاملة، بل نجد عناصر مشتتة في الكتب، وموزعة على الأعصار المختلفة، وموزعة أيضًا بين المذاهب المتعددة، وبين الأشخاص، والعلماء، والفقهاء الذين قاموا بإنتاج كل ذلك،

ومنذ خمسين سنة والعلماء المسلمون يحاولون تجميع وصياغة تلك النظريات

الكلية في بعض العلوم خاصة الفقه واللغة، ويحاولون أن يستنبطوا تلك النظريات وأن يكتبوا رسائل علمية (ماجستير ودكتوراه) فيها، ولقد قطعوا شوطًا كبيرًا، فكتبوا في نظرية الملكية، وفي نظرية المال، وفي نظرية الحق، وفي نظرية العقد، وفي نظرية الضمان، وفي نظرية المسئولية وهكذا، كتبوا عن هذا كثيرًا، لكن الأمر لم يسر في

كل العلوم سيرته في الفقه، كما أنه لم يسر أيضًا بصورة منتظمة، وعلى درجة واحدة من الإتقان، ومن العمق، فأصبح عندنا نظريات استطعنا أن ندرك فيها عمق التفكير الفقهي الموررث، وهناك نظريات ما زالت في بداياتها من ناحية الصياغة والشمول.

فنظرية العقد في الفقه الإسلامي مثلًا، نضجت بما فيه الكفاية، لأنا نستعملها

كمفتاح نستطع به أن ندرك كثيرًا من العقود الإسلامية، فهمًا، أو إنشاء، - في حين أن الشخصية الاعتبارية وأحكامها ما زالت في بداية الطريق.

3 -

الأمر الثالث الذي يجعل الإنسان غير قادر على أن يتصل الاتصال المرجو

ص: 18

بالتراث هو قضية المصطلحات، فلكل عصر ولكل مذهب ولكل علم مصطلحاته الدقيقة، التي إذا ما فقدها القارئ المعاصر، أو طالب العلم، أو الباحث فإنه لا يدرك كثيرًا مما أمامه، ويقف هذا حجر عثرة دون الفَهْم العميق، أو الفهم المتأني.

4 -

أما الأمر الرابع فهو قضية فقد العلوم الخادمة، فكل علم من هذه العلوم كان يعتمد على بنية فكرية، هي عبارة عما حصله العالم من درس في مختلف العلوم الأخرى، فالذي كتب في الفقه درس قبله المنطق، ودرس علم الكلام، ودرس ما كانوا يسمونه بعلم الوضع، ودرس النحو، ودرس البلاغة، ودرس علوم العربية،

ودرس الأصول، ودرس علومًا كثيرة أخرى، كوّنت نسيجه الفكري، وكوَّنت بنيته الذهنية، فجلس وهو يتكلم في الفقه يتكلم بهذه الأداة التي تولَّدت عنده في ذهنه من دروسه المختلفة، نحن الآن عندما نريد أن نعادل شهادات الكليات، فإننا نطلع على كمِّ

الدراسة، وكم الساعات، وكم المعلومات التي تلقاها طالب معين في جامعة بعينها، حتى نرى ما إذا كان مساويًا لما تلقاه الآخر في جامعة أخرى.

إن كمَّ الساعات التي كان يتلقاها الفقيه قديمًا كان يشتمل على علومٍ كثيرةٍ، قد تغيب عنا، وعن كثير من المطلعين اليوم.

كل هذا أَثَّر في إنشاء العبارة، وفي الأداء، وفي الصياغة، وفي كتابة العلوم بصورة عامة.

ولهذا لما كتب الفقه رأيناه وكأنه مُسْتَبطِن للمنطق، ومُسْتَبطِن لما عليه علماء الكلام من مفاهيم، ومُسْتَثطِن أيضًا لما عليه علماء الحكمة العالية وعلماء الأصول.

وهكذا في كل فن، وفي كل علم عندما كان صاحبه يصوغه، فإنه يصوغه متأثرًا بما قد تلقاه من درس في حياته العلمية، فكانت العلوم بعضها يخدم بعضًا، وتكون نسيجًا وبنيةً فكريةً واحدةً ومتسقةً في نفس الوقت.

وفهم هذا الجانب أمرُ أساس حتى نفهم بدقة كلام الأقدمين، وحتى نستطيع بعد ذلك أن نكمل المسيرة، ونبني كما بنوا.

5 -

أما الأمر الخامس فهو قضية الصياغة اللغوية والمنطقية، والتي تحتم علينا أن

ندرك فلسفة اللغة وعلاقتها بما في الأذهان، وبما في الأعيان.

هذه الصياغات لا بد علينا أن نقف عندها كثيرًا، وأن نعيها بطريقة أساسية، حتى تصبح مفتاحًا لنا لقراءة التراث كله بكافة تشعباته، وبكافة أنواعه.

هذه هي الأمور الخمسة التي ينبغي أن تُعالجَ بشيء من التفصيل، ولا أدعى أن هذه

ص: 19

الأمور الخمس هي فقط التي نحتاجها لفك شفرة التراث، لكنها هي أهم المحاور على كل حال، كما أنني أريد أن أبين أن الاتصال بالتراث على درجات ومستويات مختلفة.

ونحن الآن في المستوى الأول منه، ولكننا إذا أردنا أن نتقدم خطوة إلى الأمام، أو أن ننتقل نقلة نوعية، فإننا ينبغي علينا أن نعالج هذه الموضوعات بمستوى آخر غير الذي سنعالجه في هذه العجالة.

فالمستويات منها ما هو مبتدئ، ومنها ما هو متوسط، ومنها ما هو منتهي.

* * *

ص: 20